مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة التاسعة والعشرون : تابع الإشارات الربانية في الآية 108 - 113 من سورة الصف :-
يقول الحق عز وجل :-
﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ﴿١٠٨﴾سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴿١٠٩﴾كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿١١٠﴾إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١١﴾وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) >>
تكريم الله عز وجل لإبراهيم عليه السلام لا يُعد ولا يُحد ..
فإن الله عز وجل جعل لإبراهيم الأولية في أشياء لا تعد ولا تحد، في الملة الحنيفية والشريعة الإسلامية،
فإبراهيم أول من اختتن، وختن أبناءه وذريته، وإبراهيم أول من قلَّم أظفاره، وإبراهيم أول من نبت الشيب في رأسه، فقال :-
{ يَا رَبِّ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: وَقَارًا يَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: رَبِّ، زِدْنِي وَقَارًا } - شعب الإيمان للبيهقي
وإبراهيم عليه السلام أول من يُكتسى يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم :-
{ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ } - البخاري ومسلم
وحتى يتضح المعنى:-
.. كلمة أول نأخذها دائماً بعد الحبيب صلى الله عليه وسلم، فإبراهيم أول من يُكسى بعد رسول الله ،
جعل الله عز وجل النبوة في ذريته ، مع أنه عندما قال الله عز وجل له :-
<< وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ >> (124البقرة) - لا شأن لنا بالظالمين،
وقال الله تعالى :-
<< وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113الصافات) >>
لكن جعل الله أنبياء بني اسرائيل كلهم من إبنه إسحاق، فإسحاق منه يعقوب، وكلهم منه، مع أن إبراهيم كان له حوالي خمسة عشر ولد غير إسحاق من زوجات أخريات تزوج بهن في فلسطين،
لكن النبوة كانت في إسحاق، وجعل الله عز وجل خيار الأنبياء في الدنيا والآخرة وخاتمهم من ذرية إسماعيل وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
:: وكثير من المفسرين ومدَّعو العلم يجعلون الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل، بالاعتماد على الروايات الإسرائيلية التي نقلوها بغير تمحيص،
وسورة الصافات واضحة وضوح لا لبس فيه :
<<( .. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) ) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) >>
.. بعد قصة الذبيح بشَّره بإسحاق نبياً من الصالحين،
ثم أن الذبح تم في موضع البيت الحرام، وأين إسحاق من موضع البيت لحرام؟!! وإسحاق كان في فلسطين
قال رجل للنبي :
{ يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ } - الحاكم في المستدرك
والرسول لا يهادن في خطأ، فلو كان هذا غير صحيح لقال له: لا تقل ذلك، لكنه إبن الذبيح إسماعيل، وإبن الذبيح عبد الله، عندما أراد أبوه أن يذبحه وافتداه بمائة جمل، فالذبيح على القول الصحيح هو سيدنا إسماعيل ..
.
جعل الله عز وجل على يد إبراهيم خليل الرحمن بناء بيت الله الحرام، ووضحه له وبيَّنه له:
<< وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ -(26الحج) >>
وجعل على يد ذريته بناء بيت المقدس، حيث الذي بناه أول مرة هو سيدنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
جعل الله له لسان صدق في الآخرين:
<< وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) الشعراء >>
فلا نُصلي صلاة إلا ونصلي ونُسلم على سيدنا محمد وعلى سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم ؛ لأنه طلب من الله أن يكون له لسان صدق مع الأمة الصادقة في الآخرين.
وجعل الله عز وجل إبراهيم أول من نسَّك مناسك الحج، فلم يكن قبل ذلك حج، كان هناك طواف:
<< رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) - البقرة >> ،، فأراهم المناسك.
وجعل الله عز وجل مناسك الحج تذكرة دائمة للمؤمنين بأفعال إبراهيم وزوجه وإبنه، يطوفوا بالبيت الذي بناه إبراهيم وإسماعيل، ويسعوا في الموضع الذي سعت فيه هاجر زوجة إبراهيم، ويشربوا من النبع الذي أنبعه الله لإسماعيل، ويقفوا على الموضع الذي عرَّف الله فيه إبراهيم على عرفات مناسك الحج،
قال له جبريل: عرفت،
قال: نعم، ويرمون الجمرات في الموضع الذي رمى فيه إبراهيم إبليس عندما أراد أن يصده عن تنفيذ أمر الله ..
فالحج كله تذكرة بخليل الله إبراهيم، وزوجه هاجر، وإبنه إسماعيل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
مقامات سيدنا إبراهيم في القرآن لا تتناهى ، ونحن ذكرناها عداً وشرحها يحتاج إلى وقت طويل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة التاسعة والعشرون : تابع الإشارات الربانية في الآية 108 - 113 من سورة الصف :-
يقول الحق عز وجل :-
﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ﴿١٠٨﴾سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴿١٠٩﴾كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿١١٠﴾إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١١﴾وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) >>
تكريم الله عز وجل لإبراهيم عليه السلام لا يُعد ولا يُحد ..
فإن الله عز وجل جعل لإبراهيم الأولية في أشياء لا تعد ولا تحد، في الملة الحنيفية والشريعة الإسلامية،
فإبراهيم أول من اختتن، وختن أبناءه وذريته، وإبراهيم أول من قلَّم أظفاره، وإبراهيم أول من نبت الشيب في رأسه، فقال :-
{ يَا رَبِّ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: وَقَارًا يَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: رَبِّ، زِدْنِي وَقَارًا } - شعب الإيمان للبيهقي
وإبراهيم عليه السلام أول من يُكتسى يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم :-
{ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ } - البخاري ومسلم
وحتى يتضح المعنى:-
.. كلمة أول نأخذها دائماً بعد الحبيب صلى الله عليه وسلم، فإبراهيم أول من يُكسى بعد رسول الله ،
جعل الله عز وجل النبوة في ذريته ، مع أنه عندما قال الله عز وجل له :-
<< وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ >> (124البقرة) - لا شأن لنا بالظالمين،
وقال الله تعالى :-
<< وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113الصافات) >>
لكن جعل الله أنبياء بني اسرائيل كلهم من إبنه إسحاق، فإسحاق منه يعقوب، وكلهم منه، مع أن إبراهيم كان له حوالي خمسة عشر ولد غير إسحاق من زوجات أخريات تزوج بهن في فلسطين،
لكن النبوة كانت في إسحاق، وجعل الله عز وجل خيار الأنبياء في الدنيا والآخرة وخاتمهم من ذرية إسماعيل وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
:: وكثير من المفسرين ومدَّعو العلم يجعلون الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل، بالاعتماد على الروايات الإسرائيلية التي نقلوها بغير تمحيص،
وسورة الصافات واضحة وضوح لا لبس فيه :
<<( .. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) ) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) >>
.. بعد قصة الذبيح بشَّره بإسحاق نبياً من الصالحين،
ثم أن الذبح تم في موضع البيت الحرام، وأين إسحاق من موضع البيت لحرام؟!! وإسحاق كان في فلسطين
قال رجل للنبي :
{ يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ } - الحاكم في المستدرك
والرسول لا يهادن في خطأ، فلو كان هذا غير صحيح لقال له: لا تقل ذلك، لكنه إبن الذبيح إسماعيل، وإبن الذبيح عبد الله، عندما أراد أبوه أن يذبحه وافتداه بمائة جمل، فالذبيح على القول الصحيح هو سيدنا إسماعيل ..
.
جعل الله عز وجل على يد إبراهيم خليل الرحمن بناء بيت الله الحرام، ووضحه له وبيَّنه له:
<< وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ -(26الحج) >>
وجعل على يد ذريته بناء بيت المقدس، حيث الذي بناه أول مرة هو سيدنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
جعل الله له لسان صدق في الآخرين:
<< وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) الشعراء >>
فلا نُصلي صلاة إلا ونصلي ونُسلم على سيدنا محمد وعلى سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم ؛ لأنه طلب من الله أن يكون له لسان صدق مع الأمة الصادقة في الآخرين.
وجعل الله عز وجل إبراهيم أول من نسَّك مناسك الحج، فلم يكن قبل ذلك حج، كان هناك طواف:
<< رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) - البقرة >> ،، فأراهم المناسك.
وجعل الله عز وجل مناسك الحج تذكرة دائمة للمؤمنين بأفعال إبراهيم وزوجه وإبنه، يطوفوا بالبيت الذي بناه إبراهيم وإسماعيل، ويسعوا في الموضع الذي سعت فيه هاجر زوجة إبراهيم، ويشربوا من النبع الذي أنبعه الله لإسماعيل، ويقفوا على الموضع الذي عرَّف الله فيه إبراهيم على عرفات مناسك الحج،
قال له جبريل: عرفت،
قال: نعم، ويرمون الجمرات في الموضع الذي رمى فيه إبراهيم إبليس عندما أراد أن يصده عن تنفيذ أمر الله ..
فالحج كله تذكرة بخليل الله إبراهيم، وزوجه هاجر، وإبنه إسماعيل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
مقامات سيدنا إبراهيم في القرآن لا تتناهى ، ونحن ذكرناها عداً وشرحها يحتاج إلى وقت طويل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم