مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الثالثة والعشرون : تابع الإشارات الربانية حول الآية ( 1 ) من سورة الفتح ج 2:-
يقول الحق عز وجل :-
<< إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) >>
من يريد الفتح فعليه أولاً :-
أن تكون بدايته هي أن يتشبَّه بأصحاب رسول الله في حبهم لحبيب الله ومصطفاه ،
الحب الذي جعلهم يُفدُّونه بأنفسهم وأموالهم وآبائهم وأمهاتهم،
والحب الذي حدث والذي أدهش الكافرين من أهل مكة عندما أراد النبي أن يرسل رجلاً إلى أهل مكة ممن معه ليخبرهم أنه جاء قاصداً أداء العمرة والطواف بالبيت ولا يريد حرباً،
.. فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ وَعُظَمَاءَ قُرَيْشٍ فَبَلَّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَرْسَلَهُ بِهِ، فَقَالُوا لِعُثْمَانَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ بِهِ،
فَقَالَ :-
" مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ "
.. قَالَ: فَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْشٌ عِنْدَهَا، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُسْلِمِينَ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ } - مسند أحمد .
.. هو الحب، لا يطوف حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً، وبعد أن أُشيع بأن عثمان قد قُتل ،
قالوا: لن نرجع حتى يرجع عثمان أو ندخل مكة لنأخذ بثأره،
ثم دعا النبي للبيعة، فبايعوه بيعة الرضوان تحت الشجرة المباركة، ووضع النبي يده اليُمنى في أيديهم، ووضع يده اليُسرى ،
وقال :-
هذه عن عثمان، وهي البيعة التي مدحها الله وأثنى عليها :-
<< لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) - (الفتح) >>
والمغانم الظاهرة كانت لخيبر ووعدهم بها ، والمغانم الباطنة كالمعارف واللطائف والعلوم الإلهية والأنوار الربانية لا حصر لها وهي مستمرة إلى يوم الدين ..
فلا بد للمريد أن يُوطِّن أولاً نفسه على حب النبي صلى الله عليه وسلم ، وحب الصفيِّ الذي أقامه حضرة النبي وجعله عبداً وفياً يأخذ بأيدي إخوانه المؤمنين على نهج سيد الأولين والآخرين .
ثانياً: (((( جهاد النفس )))) ، فإذا وطَّن العزم على ذلك الحب يبدأ فوراً الجهاد:
الحب مبدأنا والوجه قبلتنا
والمصطفى قدوتي فاعلم مراقينا
.. بأن يتعرَّف على ما في نفسه من حقائق إلهية، منها العنادية، ومنها الإبليسية، ومنها الحيوانية، ونوازعها وخواطرها وشُغلها وأهوائها، ويسعى لإتمام الصُلح بين هؤلاء كصُلح الحديبية.
والإمام أبو العزائم أشار إلى هذا الصُلح في كتاب إسمه (محكمة الصُلح الكُبرى):
ومحكمة الصلح الكبرى بين الحقائق التي في الجسم،
والجسم لن يمشي على الطريق القويم والمستقيم إلى الله إلا إذا اصطلحت الحقائق التي بداخلك، وكلها سلَّمت للنفس الملكوتية، والنفس الملكوتية ستجرُّها إلى الحضرة المحمدية، ثم إلى العوالم العلية ،
ثم إلى الذات الإلهية.
لكن طالما النفوس الأخرى تعمل بهواها، فما تبنيه النفس الملكوتية في سَنَة، فالنفس الإبليسية ستهُدُّه في سِنَة، فلحظة غرور تهدم عمل شهور .
يعبد الله عز وجل شهوراً طوالاً فيغترُّ بهذه العبادة، فأين تذهب هذه العبادة؟
.. ستنتهي، بل ستجعله يهوي إلى مكانٍ سحيقٍ ؛ لأنه نسي أصله وفصله ومقام العبودية الذي ينبغي أن يُقبل به على الله .
يتبع >>> الجزء الثالث من تفسير سورة الفتح
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الثالثة والعشرون : تابع الإشارات الربانية حول الآية ( 1 ) من سورة الفتح ج 2:-
يقول الحق عز وجل :-
<< إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) >>
من يريد الفتح فعليه أولاً :-
أن تكون بدايته هي أن يتشبَّه بأصحاب رسول الله في حبهم لحبيب الله ومصطفاه ،
الحب الذي جعلهم يُفدُّونه بأنفسهم وأموالهم وآبائهم وأمهاتهم،
والحب الذي حدث والذي أدهش الكافرين من أهل مكة عندما أراد النبي أن يرسل رجلاً إلى أهل مكة ممن معه ليخبرهم أنه جاء قاصداً أداء العمرة والطواف بالبيت ولا يريد حرباً،
.. فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ وَعُظَمَاءَ قُرَيْشٍ فَبَلَّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَرْسَلَهُ بِهِ، فَقَالُوا لِعُثْمَانَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ بِهِ،
فَقَالَ :-
" مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ "
.. قَالَ: فَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْشٌ عِنْدَهَا، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُسْلِمِينَ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ } - مسند أحمد .
.. هو الحب، لا يطوف حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً، وبعد أن أُشيع بأن عثمان قد قُتل ،
قالوا: لن نرجع حتى يرجع عثمان أو ندخل مكة لنأخذ بثأره،
ثم دعا النبي للبيعة، فبايعوه بيعة الرضوان تحت الشجرة المباركة، ووضع النبي يده اليُمنى في أيديهم، ووضع يده اليُسرى ،
وقال :-
هذه عن عثمان، وهي البيعة التي مدحها الله وأثنى عليها :-
<< لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) - (الفتح) >>
والمغانم الظاهرة كانت لخيبر ووعدهم بها ، والمغانم الباطنة كالمعارف واللطائف والعلوم الإلهية والأنوار الربانية لا حصر لها وهي مستمرة إلى يوم الدين ..
فلا بد للمريد أن يُوطِّن أولاً نفسه على حب النبي صلى الله عليه وسلم ، وحب الصفيِّ الذي أقامه حضرة النبي وجعله عبداً وفياً يأخذ بأيدي إخوانه المؤمنين على نهج سيد الأولين والآخرين .
ثانياً: (((( جهاد النفس )))) ، فإذا وطَّن العزم على ذلك الحب يبدأ فوراً الجهاد:
الحب مبدأنا والوجه قبلتنا
والمصطفى قدوتي فاعلم مراقينا
.. بأن يتعرَّف على ما في نفسه من حقائق إلهية، منها العنادية، ومنها الإبليسية، ومنها الحيوانية، ونوازعها وخواطرها وشُغلها وأهوائها، ويسعى لإتمام الصُلح بين هؤلاء كصُلح الحديبية.
والإمام أبو العزائم أشار إلى هذا الصُلح في كتاب إسمه (محكمة الصُلح الكُبرى):
ومحكمة الصلح الكبرى بين الحقائق التي في الجسم،
والجسم لن يمشي على الطريق القويم والمستقيم إلى الله إلا إذا اصطلحت الحقائق التي بداخلك، وكلها سلَّمت للنفس الملكوتية، والنفس الملكوتية ستجرُّها إلى الحضرة المحمدية، ثم إلى العوالم العلية ،
ثم إلى الذات الإلهية.
لكن طالما النفوس الأخرى تعمل بهواها، فما تبنيه النفس الملكوتية في سَنَة، فالنفس الإبليسية ستهُدُّه في سِنَة، فلحظة غرور تهدم عمل شهور .
يعبد الله عز وجل شهوراً طوالاً فيغترُّ بهذه العبادة، فأين تذهب هذه العبادة؟
.. ستنتهي، بل ستجعله يهوي إلى مكانٍ سحيقٍ ؛ لأنه نسي أصله وفصله ومقام العبودية الذي ينبغي أن يُقبل به على الله .
يتبع >>> الجزء الثالث من تفسير سورة الفتح