مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الثانية والعشرون : الإشارات الربانية حول الآيات ( 12 ، 17 ) من سورة الأنفال ج 4 :-
يقول الحق عز وجل :-
<< إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) >>
ويقول عز وجل :- << فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) >>
أيَّد الله المؤمنين بالملائكة :-
<< إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ >>
وهذا هو السلاح المعنوي لجيش النبي ؛ تثبيت المؤمنين إما عن طريق القلوب فيلهمون القلوب بالثبات والسكينة والطمأنينة،
وإما يظهرون لبعضهم فيرونهم عياناً بياناً فيعرفون أن الله يؤيدهم ويمدهم بمدده، هذا وارد وهذا وارد.
ثم بيَّن الله عز وجل أول سلاحٍ إلهيٍ فعَّال مع المؤمنين لحضرة النبي إلى يوم الدين :-
<< سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ >>
.. هذا السلاح لا يخرج إلا من الحضرة الإلهية، وليس في الإمكانيات البشرية التكنولوجية صُنع هذا السلاح، وهو الرعب،
والرعب يصل إلى ما قال فيه حضرة النبي :-
{ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ } - البخاري ومسلم .
>>>> ثم بيَّن الله عز وجل وهو العليم الحكيم للمؤمنين الكيفية السديدة للقتال، تدريبٌ من الله لجيش الله :-
<فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) >
وصل الأمر إلى أن الله يُعلِّم جنده الكيفية السديدة للقتال ، يُعلِّمهم سلاح القنص في هذا الزمن، فيضربون الضرب المؤثر، إما فوق العُنق ليقطع الرقبة، وإما في اليد التي تمسك بالسيف فيسقط منها السيف ويستطيع قتله بعد ذلك.
ورغم ذلك كله لا ننسى أن هذه الواقعة والغزوة تبين العبقرية النبوية في القيادة الحربية ، فقد أمسكوا بغلامين وجاءوا بهما لحضرة النبي، فقال لهما :-
{ كَمِ الْقَوْمُ؟ قَالا: كَثِيرٌ. قَالَ: مَا عِدَّتُهُمْ؟ قَالا: لا نَدْرِي. قَالَ: كَمْ يَنْحَرُونَ كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالا: يَوْمًا تِسْعًا وَيَوْمًا عَشْرًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْقَوْمُ مَا بَيْنَ التِّسْعِ مِائَةٍ وَالأَلْفِ } - تاريخ الطبري ، ودلائل النبوة .
عبقرية نبوية، يعرف أن الجمل يأكله مائة ، فعرف عددهم .
وشرع النبي بعد ذلك في خُطة القتال، فاختاروا مكاناً عالياً وأمرهم أن ينصبوا عليه قُبة القيادة ليطلع على المكان كله، وأوقف حُراسَّاً أشداء عند هذه القبة ؛ لأن قتل القائد قد يؤدِّي إلى الهزيمة بسبب خفض الروح المعنوية للجُند،
وصفَّ الجيش صفوفاً ونظَّمه، ولذلك كان أول جيشٍ منظم في الجزيرة العربية، وقريشاً كانت تعتاد الهمجية، يعتمدون على الكثرة فقط،
لكن هذا جيش منظمٌ، فيه ميمنة، وميسرة، وقلب، ومقدمة، ومؤخرة، وساقة، وصنَّاع يصنعون الطعام، وقومٌ يقدمون الماء، وقومٌ نصبوا خيمة لعلاج الجرحى وأعدُّوا المواد التي يعالجون بها الجروح.
وبعد أن اكتملت الصفوف ووقف الأعداء أمسك النبي بحفنة من الحصى وألقاها عليهم، يقول أحدهم وهو حكيم بن حزام وكان وقتها في صفوف الكافرين :-
{ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَخَذَ كَفًّا مِنَ الْحَصْبَاءِ فَاسْتَقْبَلَنَا بِهِ، فَرَمَانَا بِهَا، وَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، فَانْهَزَمْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } - المعجم الكبير للطبراني .
ثم انظر إلى الأدب الرباني لأصحاب النبي عندما انتهت المعركة ورجعوا كان كل رجلٍ يتحدث بما فعل فيقول: أنا اليوم فعلت كذا وكذا، وأنا قتلت فلاناً وفعلت كذا وكذا،
فنزع الله منهم نزعة الأنانية وهو الشعور بالذاتية منهم ؛ لأن المؤمن لا يرى لنفسه فعلاً ولكن يرى توفيق الله ، فقال الله لهم:-
<< فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ >>
::: لا ينبغي للمؤمن أن يقف عند نفسه، وينسب الفضل لنفسه، وإنما ينسب الفضل للموفق المعين صاحب الحول والطول والقوة والفضل وهو الله .
ولذلك متى يكون الرجل صوفياً؟
الصالحون يقولون--------------> إذا ترك ياء النسب !!
.. يعني لا تسمع في كلامه مِني أو لي أو عليَّ،
لكن ماذا يقول؟
----------> يقول: من الله، وبالله، وبتوفيق الله، وبحول الله، وبمعونة الله، فينسب الفضل كله لمولاه، وينسى الأنانية التي هي سبب كل المشاكل، وسبب كل التأخر عن مقامات الصالحين والمقربين في هذه الحياة ...
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الثانية والعشرون : الإشارات الربانية حول الآيات ( 12 ، 17 ) من سورة الأنفال ج 4 :-
يقول الحق عز وجل :-
<< إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) >>
ويقول عز وجل :- << فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) >>
أيَّد الله المؤمنين بالملائكة :-
<< إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ >>
وهذا هو السلاح المعنوي لجيش النبي ؛ تثبيت المؤمنين إما عن طريق القلوب فيلهمون القلوب بالثبات والسكينة والطمأنينة،
وإما يظهرون لبعضهم فيرونهم عياناً بياناً فيعرفون أن الله يؤيدهم ويمدهم بمدده، هذا وارد وهذا وارد.
ثم بيَّن الله عز وجل أول سلاحٍ إلهيٍ فعَّال مع المؤمنين لحضرة النبي إلى يوم الدين :-
<< سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ >>
.. هذا السلاح لا يخرج إلا من الحضرة الإلهية، وليس في الإمكانيات البشرية التكنولوجية صُنع هذا السلاح، وهو الرعب،
والرعب يصل إلى ما قال فيه حضرة النبي :-
{ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ } - البخاري ومسلم .
>>>> ثم بيَّن الله عز وجل وهو العليم الحكيم للمؤمنين الكيفية السديدة للقتال، تدريبٌ من الله لجيش الله :-
<فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) >
وصل الأمر إلى أن الله يُعلِّم جنده الكيفية السديدة للقتال ، يُعلِّمهم سلاح القنص في هذا الزمن، فيضربون الضرب المؤثر، إما فوق العُنق ليقطع الرقبة، وإما في اليد التي تمسك بالسيف فيسقط منها السيف ويستطيع قتله بعد ذلك.
ورغم ذلك كله لا ننسى أن هذه الواقعة والغزوة تبين العبقرية النبوية في القيادة الحربية ، فقد أمسكوا بغلامين وجاءوا بهما لحضرة النبي، فقال لهما :-
{ كَمِ الْقَوْمُ؟ قَالا: كَثِيرٌ. قَالَ: مَا عِدَّتُهُمْ؟ قَالا: لا نَدْرِي. قَالَ: كَمْ يَنْحَرُونَ كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالا: يَوْمًا تِسْعًا وَيَوْمًا عَشْرًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْقَوْمُ مَا بَيْنَ التِّسْعِ مِائَةٍ وَالأَلْفِ } - تاريخ الطبري ، ودلائل النبوة .
عبقرية نبوية، يعرف أن الجمل يأكله مائة ، فعرف عددهم .
وشرع النبي بعد ذلك في خُطة القتال، فاختاروا مكاناً عالياً وأمرهم أن ينصبوا عليه قُبة القيادة ليطلع على المكان كله، وأوقف حُراسَّاً أشداء عند هذه القبة ؛ لأن قتل القائد قد يؤدِّي إلى الهزيمة بسبب خفض الروح المعنوية للجُند،
وصفَّ الجيش صفوفاً ونظَّمه، ولذلك كان أول جيشٍ منظم في الجزيرة العربية، وقريشاً كانت تعتاد الهمجية، يعتمدون على الكثرة فقط،
لكن هذا جيش منظمٌ، فيه ميمنة، وميسرة، وقلب، ومقدمة، ومؤخرة، وساقة، وصنَّاع يصنعون الطعام، وقومٌ يقدمون الماء، وقومٌ نصبوا خيمة لعلاج الجرحى وأعدُّوا المواد التي يعالجون بها الجروح.
وبعد أن اكتملت الصفوف ووقف الأعداء أمسك النبي بحفنة من الحصى وألقاها عليهم، يقول أحدهم وهو حكيم بن حزام وكان وقتها في صفوف الكافرين :-
{ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَخَذَ كَفًّا مِنَ الْحَصْبَاءِ فَاسْتَقْبَلَنَا بِهِ، فَرَمَانَا بِهَا، وَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، فَانْهَزَمْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } - المعجم الكبير للطبراني .
ثم انظر إلى الأدب الرباني لأصحاب النبي عندما انتهت المعركة ورجعوا كان كل رجلٍ يتحدث بما فعل فيقول: أنا اليوم فعلت كذا وكذا، وأنا قتلت فلاناً وفعلت كذا وكذا،
فنزع الله منهم نزعة الأنانية وهو الشعور بالذاتية منهم ؛ لأن المؤمن لا يرى لنفسه فعلاً ولكن يرى توفيق الله ، فقال الله لهم:-
<< فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ >>
::: لا ينبغي للمؤمن أن يقف عند نفسه، وينسب الفضل لنفسه، وإنما ينسب الفضل للموفق المعين صاحب الحول والطول والقوة والفضل وهو الله .
ولذلك متى يكون الرجل صوفياً؟
الصالحون يقولون--------------> إذا ترك ياء النسب !!
.. يعني لا تسمع في كلامه مِني أو لي أو عليَّ،
لكن ماذا يقول؟
----------> يقول: من الله، وبالله، وبتوفيق الله، وبحول الله، وبمعونة الله، فينسب الفضل كله لمولاه، وينسى الأنانية التي هي سبب كل المشاكل، وسبب كل التأخر عن مقامات الصالحين والمقربين في هذه الحياة ...
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم