مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة التاسعة عشر : الإشارات الربانية حول الآيات( 5 ، 6 ) من سورة الأنفال ج1 :-
يقول الحق عز وجل :- << كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5)
يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ(6) >>
(( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) ))
.. بدأ الله الحديث بداية ربانية ليعلمنا أن هذا السيد السند العظيم لم يكن يتحرَّك من قِبَل نفسه وإنما حركاته وسكناته كلها بأمر ربه ،
وأذكِّركم بمبدأ ينبني عليه فلاح المريدين مع العارفين ، يقولون فيه :- (كن له كما يريد لا كما تريد)
:: كن للعارف كما يريد منك وليس كما تريد أنت ؛ لأنك تريد نفسك وهي تتحكم فيك، وأهوائك تتحكم فيك،
لكن هو ينطقه الله بالحق والصدق، ولا يريد منك نفعاً ولا يخشى منك ضرَّاً وإنما يريد نفعك أنت في الدنيا والآخرة، وحريصٌ عليك.
إذا وضع المريد هذه العقيدة في فؤاده صحَّ نتاجه، وبانت ثماره، وظهرت أنواره، وعَلا شأنه بين الناس،
لكن إذا مشى وأصرَّ على حظه وهواه فلن ينال مناه، وسيخيب سعيه في دنياه، ولن يصل لما يريد عند الله وعند حبيب الله ومصطفاه،
ولذلك فهذه هي العقيدة التي ثبَّتناها في القلوب في تعاملنا مع أحباب الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم .
إذاً لم يخرج من قِبل نفسه، من الذي أخرجه؟
--------------------------((((( ربه )))))------------------------------
بماذا؟
>>>> (((( بِالْحَقِّ )))
.. لم يخرج لهوىً في نفسه ولا ميلٍ في حظه، ولا لشيء في طبعه، وإنما الذي أخرجه هو مولاه، وهو عبدٌ يُحركه الله كما يريد،
كما قال سيدي عبد الكريم الجيلي متحدثاً عن أهل هذا المقام :-
أنا آلةٌ والله جلَّ الفاعل
أنا قلمٌ والاقتدار أصابع
<< وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ >>
.. أثبت الله لهم الإيمان حتى لا يسمح لأحدٍ من المؤمنين أن يخوض بنفسه في شأنهم، أو يستنزل من قدرهم، أو يحاول أن يسيئ إليهم لأنهم من المؤمنين.
كارهون لهذا الخروج، عندما علموا أن القافلة قد فاتت وأن الأمر أمر الحرب، فقد سمع أبو سفيان بخروج النبي فسلك طريقاً غير طريق بدر وهو طريق البحر واسمه (سيف البحر) وجاء برجلٍ من قبيلة غُفَّار واسمه ضمضم الغفاري، وآجره أي ( أعطاه أجرة ) على أن يذهب إلى مكة مسرعاً ويخبر أهلها لينقذوا القافلة.
<< يُجَادِلُونَكَ >>
.. عندما علم بعضٌ ممن حول النبي بانفلات التجارة كرهوا البقاء، وقالوا: يا رسول الله لقد خرجنا للسيطرة والهيمنة على التجارة، ولم نخرج للقتال، وما دامت التجارة قد ذهبت فلنرجع إلى المدينة، وأخذوا يسوقون الحجج،
وهذا أمر طُلاب زهرة الحياة الدنيا في كل زمان ومكان، يسوقون الحجج ويقدمون البراهين ويحاولون أن يُثبتوا أنهم على الصواب ؛ لأن هدفهم الذي في قلوبهم - وصحيح أنهم مؤمنون - لكنهم يريدون زهرة الحياة الدنيا، ويزعمون أن هذا لا ينتقص من أجرهم أو مقامهم عند الله في الآخرة .
<< يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ >>
.. لأن الله وعده إحدى الطائفتين، والطائفة قد مشت وبقيت الحرب، وهل هناك جدالٌ بعد ذلك،
---------------> فالجدال هنا بالنفس والهوى والباطل.
وقد وصفهم الله عز وجل فقال :-
<< كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ >>
.. كأنك تجرُّهم كما يجرُّون الذبائح للمجازر وما شابه ذلك .
يتبع بمشيئة الله الجزء الثاني
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة التاسعة عشر : الإشارات الربانية حول الآيات( 5 ، 6 ) من سورة الأنفال ج1 :-
يقول الحق عز وجل :- << كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5)
يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ(6) >>
(( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) ))
.. بدأ الله الحديث بداية ربانية ليعلمنا أن هذا السيد السند العظيم لم يكن يتحرَّك من قِبَل نفسه وإنما حركاته وسكناته كلها بأمر ربه ،
وأذكِّركم بمبدأ ينبني عليه فلاح المريدين مع العارفين ، يقولون فيه :- (كن له كما يريد لا كما تريد)
:: كن للعارف كما يريد منك وليس كما تريد أنت ؛ لأنك تريد نفسك وهي تتحكم فيك، وأهوائك تتحكم فيك،
لكن هو ينطقه الله بالحق والصدق، ولا يريد منك نفعاً ولا يخشى منك ضرَّاً وإنما يريد نفعك أنت في الدنيا والآخرة، وحريصٌ عليك.
إذا وضع المريد هذه العقيدة في فؤاده صحَّ نتاجه، وبانت ثماره، وظهرت أنواره، وعَلا شأنه بين الناس،
لكن إذا مشى وأصرَّ على حظه وهواه فلن ينال مناه، وسيخيب سعيه في دنياه، ولن يصل لما يريد عند الله وعند حبيب الله ومصطفاه،
ولذلك فهذه هي العقيدة التي ثبَّتناها في القلوب في تعاملنا مع أحباب الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم .
إذاً لم يخرج من قِبل نفسه، من الذي أخرجه؟
--------------------------((((( ربه )))))------------------------------
بماذا؟
>>>> (((( بِالْحَقِّ )))
.. لم يخرج لهوىً في نفسه ولا ميلٍ في حظه، ولا لشيء في طبعه، وإنما الذي أخرجه هو مولاه، وهو عبدٌ يُحركه الله كما يريد،
كما قال سيدي عبد الكريم الجيلي متحدثاً عن أهل هذا المقام :-
أنا آلةٌ والله جلَّ الفاعل
أنا قلمٌ والاقتدار أصابع
<< وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ >>
.. أثبت الله لهم الإيمان حتى لا يسمح لأحدٍ من المؤمنين أن يخوض بنفسه في شأنهم، أو يستنزل من قدرهم، أو يحاول أن يسيئ إليهم لأنهم من المؤمنين.
كارهون لهذا الخروج، عندما علموا أن القافلة قد فاتت وأن الأمر أمر الحرب، فقد سمع أبو سفيان بخروج النبي فسلك طريقاً غير طريق بدر وهو طريق البحر واسمه (سيف البحر) وجاء برجلٍ من قبيلة غُفَّار واسمه ضمضم الغفاري، وآجره أي ( أعطاه أجرة ) على أن يذهب إلى مكة مسرعاً ويخبر أهلها لينقذوا القافلة.
<< يُجَادِلُونَكَ >>
.. عندما علم بعضٌ ممن حول النبي بانفلات التجارة كرهوا البقاء، وقالوا: يا رسول الله لقد خرجنا للسيطرة والهيمنة على التجارة، ولم نخرج للقتال، وما دامت التجارة قد ذهبت فلنرجع إلى المدينة، وأخذوا يسوقون الحجج،
وهذا أمر طُلاب زهرة الحياة الدنيا في كل زمان ومكان، يسوقون الحجج ويقدمون البراهين ويحاولون أن يُثبتوا أنهم على الصواب ؛ لأن هدفهم الذي في قلوبهم - وصحيح أنهم مؤمنون - لكنهم يريدون زهرة الحياة الدنيا، ويزعمون أن هذا لا ينتقص من أجرهم أو مقامهم عند الله في الآخرة .
<< يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ >>
.. لأن الله وعده إحدى الطائفتين، والطائفة قد مشت وبقيت الحرب، وهل هناك جدالٌ بعد ذلك،
---------------> فالجدال هنا بالنفس والهوى والباطل.
وقد وصفهم الله عز وجل فقال :-
<< كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ >>
.. كأنك تجرُّهم كما يجرُّون الذبائح للمجازر وما شابه ذلك .
يتبع بمشيئة الله الجزء الثاني