سلسلة تفسير آيات المناسبات
مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الحادية عشر:< تابع آيات تحويل القبلة - ج 4>
الجزء الرابع من الآيتين :- 149 ، 150
<< وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)
<< وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ >>
يعني حتى لو سافرت لأي مكان :-
فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ >>
تأكيداً على أن هذا هو الحق حتى لا نشك لحظة في أمر الله جل في علاه :-
<< وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ >>
>>> ولذلك إذا سافر الإنسان يتحرَّى أن يتجه إلى القبلة، ويحاول قدر استطاعته أن يتجه إلى القبلة، ليس له عذرٌ في ذلك إلا إذا لم يستطع تبين الأمر بياناً شافياً ..
:: وحتى لا تظن الأمة أن هذا الأمر للنبي كرر الله الأمر وقال :-
<< وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ >>
يعني اصرف وجهك :-
(( شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ ))
يعني تجاه المسجد الحرام، وقال لنا:
<< وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ >> :-
يعني اصرفوا وجوهكم تجاه المسجد الحرام ... !!
كرر الله هذا الأمر ثلاث مرات، لماذا؟
.. تأكيداً لهذا الأمر وأنه من عند الله، وبعض السادة الأجلاء قالوا: قال صلى الله عليه وسلم :
{ الْبَيْتُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الْحَرَمِ، وَالْحَرَمُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الأَرْضِ فِي مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا مِنْ أُمَّتِي } - سنن البيهقي .
- فإذا كنت في المسجد الحرام فيكون الإتجاه إلى الكعبة نفسها.
- وإذا كنت في مكة يكون الإتجاه للمسجد وليس للكعبة.
- وإذا كنت في أى موضع في الأرض يكون الإتجاه إلى مكة حتى يذكر الحالات التي يكون فيها الناس للإتجاه إلى الصلاة في كل أنحاء الدنيا.
لماذا شرفتنا يا رب بهذا الأمر، وأمرتنا به؟
لعدة حكم إلهية ذكرتها ختام هذه الآية القرآنية:-
أولاً:
<< لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ >>
حتى لا يكون لأحدٍ حُجة ويقول أن ذلك من عند النبي، أو أن ذلك رغبة منكم في الرجوع إلى قبلة إبراهيم، وإنما أكَّد الله هذا الأمر ثلاث مرات.
<< إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ >> :-
وليس لنا شأنٌ بالظالمين لأنهم يقولون ويهزأون بما يريدون به تحويل الحق باطلاً والباطل حقاً.
ثانياً :-
<< فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي >> :-
حتى تصلوا إلى مقام الخشية، فأساس العلاقة بين المؤمن وربه هي خشية الله، ومن وصل إلى مقام خشية الله فذلك الذي في المقام الأعظم عند الله:
<< إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ .. ﴿٢٨﴾>> فاطر
والخشية هي حقيقة الخوف في القلب، وفي باطن القلب من الله ...
فهذا العالم بالله
<< وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ >> - (46الرحمن)
الذي يخشى الله ولا يخشى الخلق فهذا المقام الأعلى!
فقد يخشى الإنسان الله، لكنه يراقب الخلق ويخاف من ملاماتهم وهذا مقام!!
لكن المقام الأعلى أن يخشى الله ولا يخشى أحداً إلا الله:
<< الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا >> - (39الأحزاب)
ثالثاً: تمام النعمة:-
<< وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ >>
فإن الله أتم على المؤمنين النعمة بأن أتمَّ عليهم الدين، واكتملت شرائع الله في دين سيد الأولين والآخرين، وجعل الله كل ما يريده من خلقه من الأولين والآخرين مجملاً ومفصلاً فيما أتى به سيد الأولين والآخرين :-
<< الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا >> - (3المائدة).
فدين الإسلام هو دين الكمال:
لأن الأرض حدث فيها اكتمال للعقول واكتمال للأجسام واكتمال للقلوب وللنفوس فأنزل الله الكمالات الإلهية التي يرجوها من البشرية على يد خير البرية ...
وهدى الله هذه الأمة وهو مسك الختام :-
(( وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ))
.. ولعلكم تهتدون إلى مالم يهتدي إليه غيركم من الأمم!!
فقد أرادوا أن يهتدوا إلى الحق ولكن الله عز وجل لدهائهم ومكرهم وحيلهم صرفهم عنه وهدى هذه الأمة إلى الحق المبين.
نسأل الله أن يُتم علينا نعمته، وأن يتنزل علينا بسكينته، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الحادية عشر:< تابع آيات تحويل القبلة - ج 4>
الجزء الرابع من الآيتين :- 149 ، 150
<< وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)
<< وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ >>
يعني حتى لو سافرت لأي مكان :-
فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ >>
تأكيداً على أن هذا هو الحق حتى لا نشك لحظة في أمر الله جل في علاه :-
<< وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ >>
>>> ولذلك إذا سافر الإنسان يتحرَّى أن يتجه إلى القبلة، ويحاول قدر استطاعته أن يتجه إلى القبلة، ليس له عذرٌ في ذلك إلا إذا لم يستطع تبين الأمر بياناً شافياً ..
:: وحتى لا تظن الأمة أن هذا الأمر للنبي كرر الله الأمر وقال :-
<< وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ >>
يعني اصرف وجهك :-
(( شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ ))
يعني تجاه المسجد الحرام، وقال لنا:
<< وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ >> :-
يعني اصرفوا وجوهكم تجاه المسجد الحرام ... !!
كرر الله هذا الأمر ثلاث مرات، لماذا؟
.. تأكيداً لهذا الأمر وأنه من عند الله، وبعض السادة الأجلاء قالوا: قال صلى الله عليه وسلم :
{ الْبَيْتُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الْحَرَمِ، وَالْحَرَمُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الأَرْضِ فِي مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا مِنْ أُمَّتِي } - سنن البيهقي .
- فإذا كنت في المسجد الحرام فيكون الإتجاه إلى الكعبة نفسها.
- وإذا كنت في مكة يكون الإتجاه للمسجد وليس للكعبة.
- وإذا كنت في أى موضع في الأرض يكون الإتجاه إلى مكة حتى يذكر الحالات التي يكون فيها الناس للإتجاه إلى الصلاة في كل أنحاء الدنيا.
لماذا شرفتنا يا رب بهذا الأمر، وأمرتنا به؟
لعدة حكم إلهية ذكرتها ختام هذه الآية القرآنية:-
أولاً:
<< لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ >>
حتى لا يكون لأحدٍ حُجة ويقول أن ذلك من عند النبي، أو أن ذلك رغبة منكم في الرجوع إلى قبلة إبراهيم، وإنما أكَّد الله هذا الأمر ثلاث مرات.
<< إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ >> :-
وليس لنا شأنٌ بالظالمين لأنهم يقولون ويهزأون بما يريدون به تحويل الحق باطلاً والباطل حقاً.
ثانياً :-
<< فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي >> :-
حتى تصلوا إلى مقام الخشية، فأساس العلاقة بين المؤمن وربه هي خشية الله، ومن وصل إلى مقام خشية الله فذلك الذي في المقام الأعظم عند الله:
<< إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ .. ﴿٢٨﴾>> فاطر
والخشية هي حقيقة الخوف في القلب، وفي باطن القلب من الله ...
فهذا العالم بالله
<< وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ >> - (46الرحمن)
الذي يخشى الله ولا يخشى الخلق فهذا المقام الأعلى!
فقد يخشى الإنسان الله، لكنه يراقب الخلق ويخاف من ملاماتهم وهذا مقام!!
لكن المقام الأعلى أن يخشى الله ولا يخشى أحداً إلا الله:
<< الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا >> - (39الأحزاب)
ثالثاً: تمام النعمة:-
<< وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ >>
فإن الله أتم على المؤمنين النعمة بأن أتمَّ عليهم الدين، واكتملت شرائع الله في دين سيد الأولين والآخرين، وجعل الله كل ما يريده من خلقه من الأولين والآخرين مجملاً ومفصلاً فيما أتى به سيد الأولين والآخرين :-
<< الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا >> - (3المائدة).
فدين الإسلام هو دين الكمال:
لأن الأرض حدث فيها اكتمال للعقول واكتمال للأجسام واكتمال للقلوب وللنفوس فأنزل الله الكمالات الإلهية التي يرجوها من البشرية على يد خير البرية ...
وهدى الله هذه الأمة وهو مسك الختام :-
(( وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ))
.. ولعلكم تهتدون إلى مالم يهتدي إليه غيركم من الأمم!!
فقد أرادوا أن يهتدوا إلى الحق ولكن الله عز وجل لدهائهم ومكرهم وحيلهم صرفهم عنه وهدى هذه الأمة إلى الحق المبين.
نسأل الله أن يُتم علينا نعمته، وأن يتنزل علينا بسكينته، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه