سلسلة تفسير آيات المناسبات
مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الثامنة : << الإشارات الإلهية في آيات تحويل القبلة - ج 1 >> - الآيات 142 ، 143
يقول الحق عز وجل :-
<< سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142)
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (143) >>
.. هذه الآيات تعطينا مؤشراً بقيمة القبلة والإتجاه للقبلة، لأن هذا أمرٌ جوهري وأساسي في الديانة الإسلامية،
هناك كثيرٌ من الناس يكون في مكانٍ ما ولا يدري اتجاه القبلة، فيدَّعي أنه يُحسن الظن بالله ويردد الآية:-
<< وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) >> ، ويُصلي وانتهى الأمر، لكن لا بد من الأخذ بالأسباب الشرعية التي وضعتها الشريعة المحمدية للإتجاه إلى القبلة بالوسيلة المرضية ؛ لأن هذا شيء جوهري في هذا الدين.
<< سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ >> ، والسفهاء هم الذين عندهم طيشٌ في العقل، وخفة في الفكر، وحدَّةٌ في الذهن مثل اليهود والكفار وما شابههم.
عندما أُمر النبي أن يتجه إلى قبلة أبيه إبراهيم؛ خاض اليهود وقالوا: لِمَ ترك قبلتنا؟
لو كان يعلم أنها ليست على الحق فلِمَ اتبعها من قبل؟
وضعاف الإيمان والمشركون قالوا: لِمَ رجع إلى قبلتنا؟ ..لأنه يعلم أن ديننا هو الحق، مع أن دينهم هو عبادة الأصنام، ولا بد أنه سيترك ما هو فيه ويرجع إلينا !!
وككل حادثٍ جلل حدث خللٌ بين ضعاف النفوس الذين يتأثرون بالأقوال، حتى رُوي أن هناك بعض من ارتدَّ عن الإيمان بسبب ذلك ..
<< مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ >>
-------> وأجاب الله بإجابة شافية :-
<< قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ >>
ولِمَ ذكر الله المشرق والمغرب؟
.. لأن اليهود كانوا يتجهون إلى المغرب ، والنصارى كانوا يتجهون إلى المشرق، والله عز وجل عَلِيٌّ عن ذلك، فنحن إذا توجهنا بالقالب إلى القبلة إلا أن القلب لا يتوجه إلا لله، فالمهم هو القلب:
<< يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142) >>
هو الذي بيده الهداية، ولذلك قال لنا في ذلك في الحديث الذي ترويه السيدة عائشة رضي الله عنها :-
{ بَيْنَمَا أَنَا قَاعِدَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ جَاءَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَاسْتَأْذَنَ أَحَدُهُمْ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: تَدْرِينَ عَلَى مَا حَسَدُونَا؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ حَسَدُونَا عَلَى الْقِبْلَةِ، الَّتِي هُدِينَا لَهَا، وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى الْجُمُعَةِ، الَّتِي هُدِينَا لَهَا، وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الإِمَامِ آمِينَ } - السنن الكبرى للبيهقي .
هذه الأشياء التي يحسدنا عليها اليهود، وهم يعلمون علم اليقين أن ما وُجِّه إليه سيد الأولين والآخرين هو الحق، وعندهم في كتبهم هذه الأنباء واضحة لا لبس فيها.
<< وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا >> :-
أنتم الأمة صاحبة منزلة الوسطية، لا شرقية ولا غربية وإنما إسلامية قرآنية محمدية ..
<< لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا >>
رفع الله عز وجل شأننا في هذه الآية حتى أنه جعلنا أعلى من مراتب النبيين والمرسلين السابقين،
فقد قال صلي الله عليه وسلم في حديثه الصحيح :-
{ يَجِيءُ النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ الرجل، يَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلانِ، وَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الثَّلاثَةُ، وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلُّ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيُدْعَى قَوْمُهُ، فَيُقَالُ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لا، فَيُقَالُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتُدْعَى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ، فَيُقَالُ: هَلْ بَلَّغَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: وَمَا عِلْمُكُمْ بِذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا بِذَلِكَ، أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا فَصَدَّقْنَاهُ، قَالَ: فَذَلِكُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " } - سنن ابن ماجه
إذاً فنحن شهودٌ على الأمم، والنبي شهيدٌ علينا وعلى الأمم، فأعلى الله مقام هذه الأمة وجعلهم في مقام الشهداء إذاكانوا كمن قال النبي في شأنهم:
{ أُدَبَاءُ حُلَمَاءُ عُقَلاءُ فُقَهَاءُ كَادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ } - أحاديث منتقاه من مشيخة أبي بكر الأنصاري عن سويد بن الحارث رضي الله عنه .
وفي رواية أخرى :-
{ عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ، كَادُوا مِنْ صِدْقِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ } - الأربعين إلي سعد النيسابوري عن سويد .
ثم بيَّن الله تبارك وتعالى حكمة من حكم تحويل القبلة، ولِمَ جعل القبلة أولاً إلى بيت المقدس:-
<< وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ >>
اختباراً وابتلاءاً وامتحاناً !!، وحياة الأنبياء وأتباعهم كلها اختبارٌ وابتلاءٌ وامتحانٌ.
<< وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ >>
الذين هداهم الله يستمعون بقلوبهم ، ولأنهم صدقوا بقلوبهم لربهم ولنبيهم فيقولون: سمعنا وأطعنا، أما أصحاب الخلاف والإختلاف الذين يريدون أن يُحكِّموا عقولهم على الغيب المصون فيُنكرون.
وكيف للغيب أن يُشرق عليه العقل؟!
.. إذا كان الإنسان لا يدري شيئاً عن عقله، فكيف يحكم بعقله على غيب ربه الذي خلق عقله؟!.
دار حديثٌ بين أصحاب النبي :
ما حال صلاة إخواننا الذين ماتوا وكانوا يتجهون إلى بيت المقدس؟ وما حال صلاتنا التي اتجهنا فيها إلى بيت المقدس قبل أن نتوجه إلى الكعبة المباركة،
فقال الله إجابة على هذا السؤال:-
<< وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ >> ----------> اطمئنوا واعلموا علم اليقين أن الذي أمر في البداية وأمر في النهاية هو الله، وما دام الله هو الذي أمر فالعمل مقبولٌ إن شاء الله؛ ما دام العبد يؤديه بإخلاص قصدٍ لوجه الله .
<< إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ >>
لنعلم ونطمئن أنه خاطبنا بأسماء الرأفة والرحمة الإلهية، ودائماً المؤمن عندما يذكر ويتذكر ربه يتذكر أوصاف الرحمة الإلهية.
أوصاف العقاب وأوصاف الجلال للكافرين والجاحدين والمشركين، لكن ليست لنا، وبيَّن النبي هذه الأوصاف،
فعن عمر بن الخطاب قال:
{ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ قُلْنَا: لا وَاللَّهِ،
وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِوَلَدِهَا } - البخاري ومسلم
دائماً المؤمن يتذكر رحمة الله وفضل الله وإكرام الله وعفو الله لأن هذا هو الألْيَق في معاملة الله عز وجل بعباده المؤمنين.
مقتطفات من تفسير آيات كتاب الله
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبوزيد
الحلقة الثامنة : << الإشارات الإلهية في آيات تحويل القبلة - ج 1 >> - الآيات 142 ، 143
يقول الحق عز وجل :-
<< سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142)
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (143) >>
.. هذه الآيات تعطينا مؤشراً بقيمة القبلة والإتجاه للقبلة، لأن هذا أمرٌ جوهري وأساسي في الديانة الإسلامية،
هناك كثيرٌ من الناس يكون في مكانٍ ما ولا يدري اتجاه القبلة، فيدَّعي أنه يُحسن الظن بالله ويردد الآية:-
<< وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) >> ، ويُصلي وانتهى الأمر، لكن لا بد من الأخذ بالأسباب الشرعية التي وضعتها الشريعة المحمدية للإتجاه إلى القبلة بالوسيلة المرضية ؛ لأن هذا شيء جوهري في هذا الدين.
<< سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ >> ، والسفهاء هم الذين عندهم طيشٌ في العقل، وخفة في الفكر، وحدَّةٌ في الذهن مثل اليهود والكفار وما شابههم.
عندما أُمر النبي أن يتجه إلى قبلة أبيه إبراهيم؛ خاض اليهود وقالوا: لِمَ ترك قبلتنا؟
لو كان يعلم أنها ليست على الحق فلِمَ اتبعها من قبل؟
وضعاف الإيمان والمشركون قالوا: لِمَ رجع إلى قبلتنا؟ ..لأنه يعلم أن ديننا هو الحق، مع أن دينهم هو عبادة الأصنام، ولا بد أنه سيترك ما هو فيه ويرجع إلينا !!
وككل حادثٍ جلل حدث خللٌ بين ضعاف النفوس الذين يتأثرون بالأقوال، حتى رُوي أن هناك بعض من ارتدَّ عن الإيمان بسبب ذلك ..
<< مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ >>
-------> وأجاب الله بإجابة شافية :-
<< قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ >>
ولِمَ ذكر الله المشرق والمغرب؟
.. لأن اليهود كانوا يتجهون إلى المغرب ، والنصارى كانوا يتجهون إلى المشرق، والله عز وجل عَلِيٌّ عن ذلك، فنحن إذا توجهنا بالقالب إلى القبلة إلا أن القلب لا يتوجه إلا لله، فالمهم هو القلب:
<< يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142) >>
هو الذي بيده الهداية، ولذلك قال لنا في ذلك في الحديث الذي ترويه السيدة عائشة رضي الله عنها :-
{ بَيْنَمَا أَنَا قَاعِدَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ جَاءَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَاسْتَأْذَنَ أَحَدُهُمْ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: تَدْرِينَ عَلَى مَا حَسَدُونَا؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ حَسَدُونَا عَلَى الْقِبْلَةِ، الَّتِي هُدِينَا لَهَا، وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى الْجُمُعَةِ، الَّتِي هُدِينَا لَهَا، وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الإِمَامِ آمِينَ } - السنن الكبرى للبيهقي .
هذه الأشياء التي يحسدنا عليها اليهود، وهم يعلمون علم اليقين أن ما وُجِّه إليه سيد الأولين والآخرين هو الحق، وعندهم في كتبهم هذه الأنباء واضحة لا لبس فيها.
<< وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا >> :-
أنتم الأمة صاحبة منزلة الوسطية، لا شرقية ولا غربية وإنما إسلامية قرآنية محمدية ..
<< لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا >>
رفع الله عز وجل شأننا في هذه الآية حتى أنه جعلنا أعلى من مراتب النبيين والمرسلين السابقين،
فقد قال صلي الله عليه وسلم في حديثه الصحيح :-
{ يَجِيءُ النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ الرجل، يَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلانِ، وَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الثَّلاثَةُ، وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلُّ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيُدْعَى قَوْمُهُ، فَيُقَالُ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لا، فَيُقَالُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتُدْعَى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ، فَيُقَالُ: هَلْ بَلَّغَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: وَمَا عِلْمُكُمْ بِذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا بِذَلِكَ، أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا فَصَدَّقْنَاهُ، قَالَ: فَذَلِكُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " } - سنن ابن ماجه
إذاً فنحن شهودٌ على الأمم، والنبي شهيدٌ علينا وعلى الأمم، فأعلى الله مقام هذه الأمة وجعلهم في مقام الشهداء إذاكانوا كمن قال النبي في شأنهم:
{ أُدَبَاءُ حُلَمَاءُ عُقَلاءُ فُقَهَاءُ كَادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ } - أحاديث منتقاه من مشيخة أبي بكر الأنصاري عن سويد بن الحارث رضي الله عنه .
وفي رواية أخرى :-
{ عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ، كَادُوا مِنْ صِدْقِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ } - الأربعين إلي سعد النيسابوري عن سويد .
ثم بيَّن الله تبارك وتعالى حكمة من حكم تحويل القبلة، ولِمَ جعل القبلة أولاً إلى بيت المقدس:-
<< وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ >>
اختباراً وابتلاءاً وامتحاناً !!، وحياة الأنبياء وأتباعهم كلها اختبارٌ وابتلاءٌ وامتحانٌ.
<< وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ >>
الذين هداهم الله يستمعون بقلوبهم ، ولأنهم صدقوا بقلوبهم لربهم ولنبيهم فيقولون: سمعنا وأطعنا، أما أصحاب الخلاف والإختلاف الذين يريدون أن يُحكِّموا عقولهم على الغيب المصون فيُنكرون.
وكيف للغيب أن يُشرق عليه العقل؟!
.. إذا كان الإنسان لا يدري شيئاً عن عقله، فكيف يحكم بعقله على غيب ربه الذي خلق عقله؟!.
دار حديثٌ بين أصحاب النبي :
ما حال صلاة إخواننا الذين ماتوا وكانوا يتجهون إلى بيت المقدس؟ وما حال صلاتنا التي اتجهنا فيها إلى بيت المقدس قبل أن نتوجه إلى الكعبة المباركة،
فقال الله إجابة على هذا السؤال:-
<< وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ >> ----------> اطمئنوا واعلموا علم اليقين أن الذي أمر في البداية وأمر في النهاية هو الله، وما دام الله هو الذي أمر فالعمل مقبولٌ إن شاء الله؛ ما دام العبد يؤديه بإخلاص قصدٍ لوجه الله .
<< إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ >>
لنعلم ونطمئن أنه خاطبنا بأسماء الرأفة والرحمة الإلهية، ودائماً المؤمن عندما يذكر ويتذكر ربه يتذكر أوصاف الرحمة الإلهية.
أوصاف العقاب وأوصاف الجلال للكافرين والجاحدين والمشركين، لكن ليست لنا، وبيَّن النبي هذه الأوصاف،
فعن عمر بن الخطاب قال:
{ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ قُلْنَا: لا وَاللَّهِ،
وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِوَلَدِهَا } - البخاري ومسلم
دائماً المؤمن يتذكر رحمة الله وفضل الله وإكرام الله وعفو الله لأن هذا هو الألْيَق في معاملة الله عز وجل بعباده المؤمنين.