

كل ما تحدث عنه المتحدثون من البدء إلى الختام إنما هو تعبير عن شوقهم وغرامهم للمصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ...
لأنه صلوات الله وسلامه عليه مدحه الله بآيات واضحة وجلية وبيِّنة في القرآن، لم يتكلم عنه بأسلوب الغَيْبَةِ، بل تكلم عنه بأسلوب فصيح وواضح للكُلّ، مثل هذه الآية التي سمعناها حيث يقول لنا والَّذين من قبلنا والَّذين من بعدنا:


هل جاء لأبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ ومعاصريهم فقط؟كلاَّ، ولكن كما جاء لهم جاء لنا:


فقد جاء لنا مثلما جاء لأصحابه صلوات الله وسلامه عليه. فقد جاء لأصحابه بالصورة المحمدية وجاء لنا بالصورة الأحمديه الروحانية، التي تلقَّى منها الأنبياء والرسل السابقون.
الصورة المحمدية ....التي نحتفي بها في هذه الليلة لذكرى وجودها وظهورها في عالم الأكوان ..
لكن الصورة الأحمديه:
بَرَزَتْ قبل خلق الأكوان، وأعدَّها الله عز وجل قبل أن يكون هناك زمان أو مكان، وكانت هذه الصورة تطوف حول قدس الحنَّان المنَّان قبل خلق العرش، وقبل خلق الكرسي، وقبل خلق القلم، وقبل خلق الخلق، قال صلي الله عليه وسلم :


ومنذ هذه البداية كانت الصورة الأحمديه ... ولذلك لما جاء سيدنا عيسى يخبر قومه عنه أخبرهم بما رأى وبما عاين، وبالصورة التي كان يتلقى منها، وهي صورة رسول الله صلي الله عليه وسلم الروحانية النورانية، وقال فيها كما أخبر عنه الله:


فـ (أحمد) بالصورة الروحانية وبالصورة النورانية التي يتنعم بها المقربون ويتنعم بها الصالحون، كما نعِّم بها النبيون والمرسلون قبل بروز الصورة المحمدية التي في عالم الأكوان. والصورة التي تكون للكُلِّ، ويتمتع بها الكل في وقت واحد، ومنهاج واحد، وفي حضرة الواحد هي الصورة المحمودية:


فالكلُّ يحمده، يعني: يشكره. لماذا؟ لمعرفة الفضل الذي تفضل علينا به الله ببركته، والفضل الذي ساقه إلينا الله بعنايته، والفضل الذي غمرنا به ببركته. فالكل سيكون من البدء إلى الختام يشكر الله عز وجل على رسول الله ، صلي الله عليه وسلم وهذا هو المقام المحمود الذي يغبطه بشأنه الأولون والآخرون على ما خصَّهم به وببركته الله إلى يوم القيامة.






أبداً على فلك العُلا لا تَغْرُب
هذه الصورة التي تسمع الصلوات التي نصليها عليه، وهي التي تسمع السلام الذي نلقيه في كل تشهد عليه، لأننا نقول له: (السلام عليك)، ولم نقل السلام على النبيِّ، ولكن نقول: (السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته)، والسلام سنة والرَّد فرض،


فلابد أن يرد صلوات الله وسلامه عليه - السلام على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة يلقي عليه السلام. كيف؟




والعنت: يعني المشقة، فكل مشقة نتعرض لها يتأسف هو عليها، ويحزن لأجلها.
إذا كان صلي الله عليه وسلم يتأسف على أحوال الكافرين، فكلما يزيد عنادهم وكلما يزيد كفرهم، يحزن عليهم حتى قال له الله اتركهم فقل تعالى فى


فما بالك بمشاعره وأحاسيسه نحو إخوانه المؤمنين؟
(1)صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
(2)أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه فى مجموع فتاوى بن تيمية





