صور الحبيب المصطفى
كل ما تحدث عنه المتحدثون من البدء إلى الختام إنما هو تعبير عن شوقهم وغرامهم للمصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ...
لأنه صلوات الله وسلامه عليه مدحه الله بآيات واضحة وجلية وبيِّنة في القرآن، لم يتكلم عنه بأسلوب الغَيْبَةِ، بل تكلم عنه بأسلوب فصيح وواضح للكُلّ، مثل هذه الآية التي سمعناها حيث يقول لنا والَّذين من قبلنا والَّذين من بعدنا:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} (128:التوبة)
هل جاء لأبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ ومعاصريهم فقط؟كلاَّ، ولكن كما جاء لهم جاء لنا:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (128:التوبة):
فقد جاء لنا مثلما جاء لأصحابه صلوات الله وسلامه عليه. فقد جاء لأصحابه بالصورة المحمدية وجاء لنا بالصورة الأحمديه الروحانية، التي تلقَّى منها الأنبياء والرسل السابقون.
الصورة المحمدية ....التي نحتفي بها في هذه الليلة لذكرى وجودها وظهورها في عالم الأكوان ..
لكن الصورة الأحمديه:
بَرَزَتْ قبل خلق الأكوان، وأعدَّها الله عز وجل قبل أن يكون هناك زمان أو مكان، وكانت هذه الصورة تطوف حول قدس الحنَّان المنَّان قبل خلق العرش، وقبل خلق الكرسي، وقبل خلق القلم، وقبل خلق الخلق، قال صلي الله عليه وسلم :
{ إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة }(1)
ومنذ هذه البداية كانت الصورة الأحمديه ... ولذلك لما جاء سيدنا عيسى يخبر قومه عنه أخبرهم بما رأى وبما عاين، وبالصورة التي كان يتلقى منها، وهي صورة رسول الله صلي الله عليه وسلم الروحانية النورانية، وقال فيها كما أخبر عنه الله:
{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (6:الصف)
فـ (أحمد) بالصورة الروحانية وبالصورة النورانية التي يتنعم بها المقربون ويتنعم بها الصالحون، كما نعِّم بها النبيون والمرسلون قبل بروز الصورة المحمدية التي في عالم الأكوان. والصورة التي تكون للكُلِّ، ويتمتع بها الكل في وقت واحد، ومنهاج واحد، وفي حضرة الواحد هي الصورة المحمودية:
{عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (79:الإسراء)
فالكلُّ يحمده، يعني: يشكره. لماذا؟ لمعرفة الفضل الذي تفضل علينا به الله ببركته، والفضل الذي ساقه إلينا الله بعنايته، والفضل الذي غمرنا به ببركته. فالكل سيكون من البدء إلى الختام يشكر الله عز وجل على رسول الله ، صلي الله عليه وسلم وهذا هو المقام المحمود الذي يغبطه بشأنه الأولون والآخرون على ما خصَّهم به وببركته الله إلى يوم القيامة.
فالصورة الأحمديه موجودة يا إخواني لا تغيب ولا تختفي، ولا تنحرف ولا تتحول، ولا تتغير ولا تتبدل، بل دائماً وأبداً أنوارها في ازدياد. هذه الصورة مستمرة إلى يوم الدين،
وفيها يقول سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه وأرضاه:
أفلتْ شموسُ الأولين وشَمْسُنَا
أبداً على فلك العُلا لا تَغْرُب
هذه الصورة التي تسمع الصلوات التي نصليها عليه، وهي التي تسمع السلام الذي نلقيه في كل تشهد عليه، لأننا نقول له: (السلام عليك)، ولم نقل السلام على النبيِّ، ولكن نقول: (السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته)، والسلام سنة والرَّد فرض،
وهو صلي الله عليه وسلم يقول:{ ما من مسلم يُسلم عليَّ إلاَّ رَدَّ الله روحي حتى أرد عليه السلام }(2)
فلابد أن يرد صلوات الله وسلامه عليه - السلام على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة يلقي عليه السلام. كيف؟
من الصورة الأحمديه الكاملة النورانية التي لا تغيب عن أي بقعة من الكون، ولا تنقطع في أي نَفَسٍ من الكون، بل دائماً وأبداً حيَّة، لأنها حيَّة بالله ، وتسمع بالله، وتبصر بالله، وترد بلسان حضرة الله ، هذه الصورة موجودة، وقد أعلن الله لنا بهذه الآيات أنه صلي الله عليه وسلم معنا في كل أحوالنا، في ليلنا وفي نهارنا، في سرَّائنا وفي كوارثنا ومصائبنا وآلامنا، حيث قال فيه:
{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} (128:التوبة)
والعنت: يعني المشقة، فكل مشقة نتعرض لها يتأسف هو عليها، ويحزن لأجلها.
إذا كان صلي الله عليه وسلم يتأسف على أحوال الكافرين، فكلما يزيد عنادهم وكلما يزيد كفرهم، يحزن عليهم حتى قال له الله اتركهم فقل تعالى فى
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}(6:الكهف):
فما بالك بمشاعره وأحاسيسه نحو إخوانه المؤمنين؟
(1)صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
(2)أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه فى مجموع فتاوى بن تيمية
الرحمة المهداة
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد
كل ما تحدث عنه المتحدثون من البدء إلى الختام إنما هو تعبير عن شوقهم وغرامهم للمصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ...
لأنه صلوات الله وسلامه عليه مدحه الله بآيات واضحة وجلية وبيِّنة في القرآن، لم يتكلم عنه بأسلوب الغَيْبَةِ، بل تكلم عنه بأسلوب فصيح وواضح للكُلّ، مثل هذه الآية التي سمعناها حيث يقول لنا والَّذين من قبلنا والَّذين من بعدنا:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} (128:التوبة)
هل جاء لأبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ ومعاصريهم فقط؟كلاَّ، ولكن كما جاء لهم جاء لنا:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (128:التوبة):
فقد جاء لنا مثلما جاء لأصحابه صلوات الله وسلامه عليه. فقد جاء لأصحابه بالصورة المحمدية وجاء لنا بالصورة الأحمديه الروحانية، التي تلقَّى منها الأنبياء والرسل السابقون.
الصورة المحمدية ....التي نحتفي بها في هذه الليلة لذكرى وجودها وظهورها في عالم الأكوان ..
لكن الصورة الأحمديه:
بَرَزَتْ قبل خلق الأكوان، وأعدَّها الله عز وجل قبل أن يكون هناك زمان أو مكان، وكانت هذه الصورة تطوف حول قدس الحنَّان المنَّان قبل خلق العرش، وقبل خلق الكرسي، وقبل خلق القلم، وقبل خلق الخلق، قال صلي الله عليه وسلم :
{ إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة }(1)
ومنذ هذه البداية كانت الصورة الأحمديه ... ولذلك لما جاء سيدنا عيسى يخبر قومه عنه أخبرهم بما رأى وبما عاين، وبالصورة التي كان يتلقى منها، وهي صورة رسول الله صلي الله عليه وسلم الروحانية النورانية، وقال فيها كما أخبر عنه الله:
{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (6:الصف)
فـ (أحمد) بالصورة الروحانية وبالصورة النورانية التي يتنعم بها المقربون ويتنعم بها الصالحون، كما نعِّم بها النبيون والمرسلون قبل بروز الصورة المحمدية التي في عالم الأكوان. والصورة التي تكون للكُلِّ، ويتمتع بها الكل في وقت واحد، ومنهاج واحد، وفي حضرة الواحد هي الصورة المحمودية:
{عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (79:الإسراء)
فالكلُّ يحمده، يعني: يشكره. لماذا؟ لمعرفة الفضل الذي تفضل علينا به الله ببركته، والفضل الذي ساقه إلينا الله بعنايته، والفضل الذي غمرنا به ببركته. فالكل سيكون من البدء إلى الختام يشكر الله عز وجل على رسول الله ، صلي الله عليه وسلم وهذا هو المقام المحمود الذي يغبطه بشأنه الأولون والآخرون على ما خصَّهم به وببركته الله إلى يوم القيامة.
فالصورة الأحمديه موجودة يا إخواني لا تغيب ولا تختفي، ولا تنحرف ولا تتحول، ولا تتغير ولا تتبدل، بل دائماً وأبداً أنوارها في ازدياد. هذه الصورة مستمرة إلى يوم الدين،
وفيها يقول سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه وأرضاه:
أفلتْ شموسُ الأولين وشَمْسُنَا
أبداً على فلك العُلا لا تَغْرُب
هذه الصورة التي تسمع الصلوات التي نصليها عليه، وهي التي تسمع السلام الذي نلقيه في كل تشهد عليه، لأننا نقول له: (السلام عليك)، ولم نقل السلام على النبيِّ، ولكن نقول: (السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته)، والسلام سنة والرَّد فرض،
وهو صلي الله عليه وسلم يقول:{ ما من مسلم يُسلم عليَّ إلاَّ رَدَّ الله روحي حتى أرد عليه السلام }(2)
فلابد أن يرد صلوات الله وسلامه عليه - السلام على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة يلقي عليه السلام. كيف؟
من الصورة الأحمديه الكاملة النورانية التي لا تغيب عن أي بقعة من الكون، ولا تنقطع في أي نَفَسٍ من الكون، بل دائماً وأبداً حيَّة، لأنها حيَّة بالله ، وتسمع بالله، وتبصر بالله، وترد بلسان حضرة الله ، هذه الصورة موجودة، وقد أعلن الله لنا بهذه الآيات أنه صلي الله عليه وسلم معنا في كل أحوالنا، في ليلنا وفي نهارنا، في سرَّائنا وفي كوارثنا ومصائبنا وآلامنا، حيث قال فيه:
{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} (128:التوبة)
والعنت: يعني المشقة، فكل مشقة نتعرض لها يتأسف هو عليها، ويحزن لأجلها.
إذا كان صلي الله عليه وسلم يتأسف على أحوال الكافرين، فكلما يزيد عنادهم وكلما يزيد كفرهم، يحزن عليهم حتى قال له الله اتركهم فقل تعالى فى
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}(6:الكهف):
فما بالك بمشاعره وأحاسيسه نحو إخوانه المؤمنين؟
(1)صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
(2)أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه فى مجموع فتاوى بن تيمية
الرحمة المهداة
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد