الصلاة في بيت الله فيها السكينة وفيها الطمأنينة، وفيها الصفاء وفيها الطهارة وفيها النقاء، لأنه لا يشغلنا بشئ في بيت الله عن الله عزَّ وجلَّ،
حتى أن الإسلام منع الزينة التي تشغل المؤمن عن الصلاة، إذا كان هناك بالمسجد زينة لو نظر إليها المصلي شغلته، يطالبنا الإسلام أن نُزيلها ونمحوها حتى لا يكون هناك شئ يشغله عن الصلة بالله عزَّ وجلَّ، فإذا قال الله أكبر ورفع يديه جعل الدنيا خلف ظهره وأقبل بكله على ربِّه عزَّ وجلَّ يناجيه بكلامه ويتملّق إليه بإنعامه، فيقبل عليه الله عزَّ وجلَّ بعطائه وفضله وإكرامه. هذا فضلاً عن أن الجماعة إذا وصلت أربعين رجلاً كما ورد فى الأثر:
{ لا تخلو من رجل صالح يتقبل الله عزَّ وجلَّ صلاته، ويقبل صلاة الجميع من أجله}.
الصلاة في جماعة صلاة مقبولة إن شاء الله، لأن الجماعة لا تخلو من قلب طاهر يُقبل عليه الله فيقبل صلاته ويقبل صلاة الجميع من أجله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم:
{ وَالَّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلَى رِجَالٍ فأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُـيُوتَهُمْ }(1)
لأنهم منعوا أنفسهم من هذا الخير ومن هذا البر الذي أراده الله عزَّ وجلَّ لهم.
وعن البراءِ بنِ عازَبٍ: { أَنَّ ابنَ أُمِّ مكتومٍ وكانَ ضريرَ البَصَرِ-
أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمفَشَكا إِليهِ، وآلهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ في صَلاةِ العِشَاءِ والفَجْرِ وقال: إِنَّ بينِي وبينَكَ المَسِيلُ، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم: هَلْ تَسْمَعُ الآذانَ؟ قالَ: نَعَمْ، مرةً أَو مرتينِ، فلَمْ يرخِّصْ لَهُ في ذَلِك }(2)
وعلى هذا لا يوجد في زماننا من له عذر يبيح له أن يصلي في بيته إلا المريض الذي منعه الطبيب من الحركة، أو الإنسان الذي له عذر للخروج في صلاة الفجر. عذر قاهر يقرره الأطباء والشرع. أما المؤمن فلابد أن يتوضأ ويصلي فقد قال صلى الله عليه وسلَّم ما معناه:
{وما يدريك لعلني لا أبلغه}،
ونحن يكون المرء في عمله وهناك مصلى في عمله ويؤجل الصلاة حتى يرجع إلى منزله. من الذي ضمن له الرجوع؟ ومن الذي يضمن له أن يصلي الظهر حاضراً؟
فإذا خرج متأخراً وتلهف على الطعام وأذّن العصر يصلي قضاءاً، ولا يندم على ما فاته من أداء الفريضة في وقتها.
وهذا يا إخواني عمل شنيع شنّع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، لقد كان الرجل منهم الذي تفوته تكبيرة الإحرام مع الإمام يصاب بألم شديد في جسمه، ووجع في كل أرجاء بدنه ويمرض، ويعودونه لمدة ثلاثة أيام لما فاته من الخير في أداء تكبيرة الإحرام واللحوق بالجماعة من أولها، والذي كانت تفوته الجماعة الأولى كان يمرض أسبوعاً يعودونه ليخففون عنه، فما بالكم بالذين يصلون الفرض بعد انتهاء وقته؟، في شأنهم قال تعالى
{فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (3، 4الماعون)،
أي الذين يتساهلون في أداء الصلاة في وقتها، هؤلاء لهم نصيب من الويل في الدنيا من الأمراض ومن الهموم ومن الغموم ومن المشاكل التي تحدث لهم ويعجزون عن حلها، ولا رافع ولا دافع لهم إلا الله عزَّ وجلَّ.
فيحق لنا جماعة المسلمين أن نحيي هذه الليالي بأعياد متصلة، أعياد للصلاة، فليلة الإسراء والمعراج هي عيد نزول الصلاة، هي عيد حدوث بركة الصلاة، هي عيد أكرمنا الله عزَّ وجلَّ فيه بالشفاء من كل أمراض العصر بالصلاة. فحافظوا عليها لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم:
{مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلاَةِ كَانَتْ لَهُ نُوراً وَبُرْهَاناً وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلاَ بُرْهَانٌ وَلاَ نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَي بْنِ خَلَفٍ}(3)
وورد فى الأثر: { إذا رأيتم يهود الأمة فلا تسلموا عليهم!. قالوا: ومن هم يهود الأمة؟ قيل: المرجئة! الذين يمرون على المساجد ويستمعون إلى الآذان ولا يؤدّون الصلاة }، وقال صلى الله عليه وسلَّم: { الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ}(4)
[size=9](1)صحيح البخارى عن أبى هريرة[/size]
[size=9](2)رواه الطبراني في الأوسط[/size]
[size=9](3)رواه الطبراني عن أبي الدرداء وعن حنظلة في الكاتب في مسند الإمام أحمد.[/size]
[size=9](4)رواه أحمد والترمذي عن عبدلله بن [/size]
ر