الرئيسية
الإنابة في الصلاة =====================
السؤال: قرأت فتوى تقول بجواز أن يقضي الانسان ما فات الميت من صلاة، فيصلي الابن أو الابنة أو أي شخص نيابة عن أبيه أو أمه كما في أمر الصيام والحج والزكاة، وكذلك يجوز أن ينيب من لم يستطع الصلاة من يصلي عنه الصلوات المفروضة، فهل هذه الفتوى صحيحة؟🟢 كان يوجود لدينا علم في الأزمنة والعصور البعيدة ولا تزال آثاره موجودة بيننا إلى الآن، هذا العلم يسمى (علم المصاطب) ومعذرة في استخدام هذا المصطلح،
ولمن لم يعرف معنى المصاطب فهي جمع لكلمة عامة تسمى مصطبة وهو بناء يشبه الرصيف كان يُبنى أمام بيوتنا في الماضي وكانوا يجلسون عليه في أوقات فراغهم للمسامرة .
🟢 بل ووصل الأمر بالناس في ذلك الزمان أنهم كانوا يجلسون على هذه المصاطب ويفتون في الدين، ويدَّعون أن هذا الكلام في الدين سليم وصحيح، وهذا الكلام وهذه الأنواع من الفتوى في الدين كان يصدقه كثير من الناس وخاصة كبار السن، فلا يوجد شيء أبدًا في الإسلام يسمى كفارة الصلاة.
فالإنابة تجوز في أداء فريضة الحج لمن حج عن نفسه أولًا، فله أن يحج عن غيره، والإنابة تجوز في أداء فريضة الصيام وإن كان الأئمة فضَّلوا الفدية، لأن الميت محبوس بما عليه من صيام فإذا أردنا أن نفك حبسه سريعًا، فعلينا أن نخرج الفدية عن الأيام التي فاتته من صيام شهر رمضان مرة واحدة، عندها نكون قد انتهينا منه وفُكَّ حبسه في الحال، أما إذا صمنا عنه كما قال الحديث:
{ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ }[1]
فيظل محبوسًا حتى ننهي عنه الأيام التي قد أفطر فيها ويفك رقبته، وإذا كان عليه زكاة لا بد أن نخرجها عنه. لكن عليه أيام لم يصلي فيها، فهل يجوز أن يصلي أحد نيابة عن أحد؟🟢 لا، ولو كان الأمر يجوز لقام كل واحد من الأثرياء الكبار باستئجار عشرة أشخاص يصلون عنه كل يوم، ويدفع لهم الأموال التي يطلبونها مقابل ذلك، أو يصلون عن فلان أو فلان، لكن الصلاة هي الفريضة الوحيدة التي لا يجوز فيها الإنابة.
كان في الماضي منذ زمن ليس ببعيد رأينا جماعة من الناس يحفظون بعض سور القرآن الكريم وكانوا يسمون أنفسهم (فقهاء)، وهم ليسوا فقهاء ولا غيره، فكانوا يخرجون للقبور ويقرأون القرآن على الأموات ويأخذون من أهل الأموات أجرًا على هذه القراءة، فرجل من أهل بلدتنا ذات مرة ذهب إليهم وقال لهم: تعالوا اقرأوا لأمي حتى تدخل الجنة، فقالوا له: هل تريد الجنة الكبيرة أم الجنة الصغيرة؟! فقال لهم: ما ثمن الكبيرة؟! وما ثمن الصغيرة؟!.🟢 فهذه أمور من العجائب والغرائب التي كانت تحدث على المصاطب، لكن لا يوجد أثر في الدين يسمح للمسلم أن يؤدي الصلاة عن غيره التي تركها.
يجوز أن أُصلي نافلة وأهب ثوابها لأبي أو أمي أو لغيري من المسلمين، لأنني عندما أحج عنهما أصلي أيضًا ركعتين سُنَّة الطواف عنهما، وكذلك ركعتي سُنَّة الإحرام، لكن لا يجوز لأحد من المسلمين أن يؤدي فريضة الصلاة عن أي من المسلمين: ( كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ ٣٨ )(المدثر).
كل ما أملكه عن المتوفي وعليه فرائض أن نكثر من التصدق عنه عسى الله عزوجل أن يتجاوز عنه، لأن الله يعفو لمن يشاء ويغفر لمن يشاء، قال صلي الله عليه وسلم { إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ تَعَالَى، وَإِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ }[2] فنحن نقدم هذه الصدقات من باب التقرب إلى الله بها عن فلان، عسى أن يغفر الله له، لأن هذا أمر لله سبحانه وتعالي. فالصلاة لا يجوز لأحد أن يؤدي الصلاة عن فرد توفى وعليه صلوات لله، لا يجوز للابن عن أبيه ولا للأب عن ابنه، ولا للأخ عن أخيه، ولا للزوج عن زوجته، ولا للزوجة عن زوجها، فكل واحد مسؤول عن نفسه شخصيًا في الصلاة. أنا مسؤول عن ابني حتى يبلغ، وبعد ذلك يصبح مسؤولًا عن نفسه، وأُحاسَب لو قصرت معه في فترة ما قبل البلوغ ولم أُعوده على الصلاة لأن الصلاة عادة، فكوني أُشرف عليه يجب أن أحثه على الصلاة، فأقول له: هيا بنا نصلي الصبح، هيا بنا نصلي الظهر، هيا بنا نصلي الجمعة، وأظل معه هكذا على الدوام حتى يعتاد على الصلاة، وهو بعد ذلك لن يستطيع ترك الصلاة.
فإذا تركته على هواه حتى يصل لسن البلوغ والرشد وأخذتني الشفقة والرحمة الكاذبة به وتركته دون أن أعوده على الصلاة، ثم أقول له: صل، فسيتركني ويعرض عني، وأنا الذي سأُحاسب وليس هو، وهذه رحمة كاذبة، لأنني لو شفوق وعطوف عليه فالأولى أن أنقذه من جهنم: ( قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا ) (6التحريم).لكن لا يجوز أن يصلي عني أو أُصلي عنه الفرائض، لكن يجوز بالنسبة
_______________
[1]
البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها[2]
مسند زيد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه============================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام 
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد 
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله 