ورد أن سيدنا يونس عليه السلام عندما ابتلعه الحوت وكان في بطنه، والحوت في قاع البحار والمحيطات، ناجى الله فماذا قال لحضرة الله؟
كأنه في قاب قوسين أو أدنى وهو في حال المناجاة لأنه يقول:
[size=24]{لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (87الأنبياء).[/size]
ما الدليل على ذلك؟
ردَّ الله عليه حيث قال عزَّ وجلَّ:
{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ } (88الأنبياء)،
استجاب له وهو في بطن الحوت ليعلمنا عزَّ وجلَّ أنه ليس بينك وبينه مسافات، ولا يفصله عنك حدود ولا حواجز ولا جهات، وإنما الذي بينك وبين الله هو الذنوب والعيوب التي تُغطي على صفحة القلب فإذا أزلت الذنوب بالتوبة النصوح وأزلت العيوب بكثرة الذكر لله.
كشف الله عزَّ وجلَّ حجاب قلبك فكنت من أهل الحضرة العلية فتناجي الله وتسمع تلبية الله لندائك وأنت في المناجاة أو وأنت في الصلاة.
ولذا في ذلك يقول صلَّى الله عليه وسلَّم:{ إن العبد إذا أذنب ذنباً كان نكتة سوداء على قلبه فإذا توالت الذنوب فذاك الران ( يعني الغطاء أو الستار)
ثم تلى قول الله عزَّ وجلَّ :
{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ. كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } (14-15المطففين) }(1).
إذاً من أين الحجاب؟
من العيوب والذنوب يا أحباب، وذلك كما أنبأ الله في الكتاب، فإذا محوت الذنوب بالتوبة والندم والاستغفار، وأزلت العيوب بكثرة الذكر لله في الليل وفي النهار، ورفعت الحجب والأستار كلما قلت يا ربّ، لباك
وفي هذا يقول سيدي جعفر الصادق رضي الله عنهُ : { كلما احتجت إلى شئ قلت: يا ربَّ عبدك جعفر يحتاج إلى كذا. فما استتم كلامي إلا وأجد هذا الشئ بجواري}.
وقال الإمام علي رضي الله عنهُ وكرم الله وجهه عندما سألوه: كيف حالك مع الله؟ قال: { إذا دعوت أجابني، وإذا طلبت أعطاني، وإذا سكتُّ افتتحني بالكلام }.
فكانت حكمة الصلاة لنعلم أن الله معنا، فالصلاة تليفون محمول لا تدفع له الرسوم وليس له وقت معلوم، تخاطب به في أي زمان ومكان الحي القيوم، وتجده أقرب إليك من كل شئ. نجدة إلهية لمن يستغيث بها في كل بلية.
قال قوم يا رسول الله:
{ أربُّنا قريبٌ فنناجيه؟ أم بعيدٌ فنناديه؟ }(2)
فنزل في الحال تلكس إلهي من الواحد المتعال:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }(186البقرة).
(1) عن أبي هريرة رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
(2)منازل السالكين بين إياك نهبد و إياك نستعين، محموع فتاوى ابن تيمية