[frame="13 10"][size=5]ربما يتسائل بعض المسلمين لسماعهم كلام بعض المشككين: لماذا أمر الله عزَّ وجلَّ حبيبه ومصطفاة أن ينتقل من البيت الحرام بمكة وهو أول بيت أوجده في كون الله وأعلى حرم جعله الله لعبادته في هذه الحياة إلى بيت المقدس قِبْلَة الأنبياء والمرسلين السابقين؟
وهذا كلام لا مِرْية ولا شك فيه لأن الذي أخبر بذلك هو الله في كتابه الذي لا يتغير ولا يتبدل بحفظ الله عزَّ وجلَّ له، حيث قال جلّ شأنه وتبارك اسمه ولا إله غيره:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }(1الإسراء).
كان إسراؤه صلَّى الله عليه وسلَّم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى لحكم تعالت عن العدّ، وتناهت عن الإحصاء والحدّ، لا يحصيها في جملتها إلا الواحد الأحد، الفرد الصمد، لكن لابد لنا من ذكر بعضها تأنيساً للقلوب وتثقيفاً للعقول وتطميناً لنا أجمعين، لنعلم أن الله عزَّ وجلَّ أعلم بما ينفعنا ويصلحنا أجمعين في الدين والدنيا والآخرة:
فمن جُملة ذلك أن هذا كان إعلاناً لجميع البشرية بحضور جميع الأنبياء والمرسلين أن هذا الدين المتين الذي أنزله الله عزَّ وجلَّ على أمير الأنبياء والمرسلين، هو امتداد لرسالات السماء ووحي الله لعباده من الأنبياء والمرسلين، وهم جميعاً يدعون إلى مكارم الأخلاق، وتوحيد حضرة الخلاق
وليس بينهم في الحقيقة خلاف ولا شقاق، وإنما الخلاف والشقاق جاء من دخول الأهواء في قلوب بعض العلماء، أو دخول شهوات الدنيا في بعض القائمين على الديانات بعد رسل السماء، لكنهم جميعاً كما قال فيهم صلوات الله وسلامه عليه:
{ الأنْبياءُ إِخْوةٌ مِنْ عَلاَّتٍ وَأُمَّهاتُهُمْ شَتَّى }(1)
فكلهم جاءوا بدعوة واحدة، وبمكارم طيبة صافية وهي مكارم الأخلاق، وتوحيد حضرة الخلاق عزَّ وجلَّ.
ولما كان كل رسول يُرسل إلى قومه خاصة، فقد كان الله يخصه بالتعليمات التي تناسب زمانه وقومه وعصره، فلما جاءت الرسالة الخاتمة الصالحة لكل الأزمان ولكل الأمكنة ولكل القدرات البشرية في شتى مناحي هذه الأرض، أكمل الله رسالته، وأسبغ نعمته وأتم ديانته، فظهر فيها تمام مكارم الأخلاق لقوله صلوات الله وسلامه عليه:
{ إِنَّـمَا بُعِثْتُ لأُتَـمِّـمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ}(2).
فكل نبي جاء بخلق أو أخلاق تناسب زمانه، ولما جاء صاحب الكمال انتهى إليه جميع الصفات، وجميع الجمال، وجميع الكمالات، فكان كما قال الله عزَّ وجلَّ في شأنه:
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(4القلم)
، فجعله الله عزَّ وجلَّ وارثاً لنبوات السابقين أجمعين.
وكان من ذلك أيضاً إعلام الله عزَّ وجلَّ للخلق أجمعين أنه لا عصبية بين أصحاب الديانات السماوية، ولا يجب أن يكون بينهم تشاحن ولا تطاحن ولا نزاعات، ولا إحن ولا فتن ولا حروب، لأن الله جعلهم جميعاً يؤمنون بالله رباً وبالإسلام ديناً، وإن كانوا وصفوا دينهم بشئ غير الإسلام فإن ذلك ليس بصحيح، ونص على ذلك كتاب الملك العلام عزَّ وجلَّ ، فجعل الله عزَّ وجلَّ العصبية منتهية وبذلك قال صلَّى الله عليه وسلَّم:
{لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ}(3)
وبعد ظهور الإسلام زالت العصبية الدينية، فمن باب أولى أن تزول العصبيات الخلافية بين الجماعات والفرق الإسلامية، فليس في الإسلام مسلم سُنّي ومسلم بدعي ومسلم شيعي ومسلم وهابي ومسلم صوفي، وإنما هم جميعاً مسلمون:
{مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ } (78الحج)
، وكلمة مسلم لا يجب أن تحيطها بهالة قبلها ولا بوصف زائف بعدها، وإنما نأتنس جميعاً بالإسلام، ولا شئ يعلو على كلام الملك العلام عزَّ وجلَّ. فكل من فجَّر نزاعاً بين المسلمين وبعضهم، أو بين المسلمين وغيرهم من أهل الديانات السماوية، فهو بعيد عن روح الدين، بعيد عن نهج سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه
(1) مسند الإمام أحمد، صحيح مسلم.
( 2 )عن أبي هريرة، مالك في الموطأ والطبراني عن حديث جابر وأحمد من حديث معاذ بن جبل.
(3) عن جبير بن مطعم في سنن أبي داود، الفتح الكبير رواه أبو داود.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B1%D8%AC%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85/
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية شهر رجب والاسراء والمعراج} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=-JBPjvApcRs
[/frame][/size]
وهذا كلام لا مِرْية ولا شك فيه لأن الذي أخبر بذلك هو الله في كتابه الذي لا يتغير ولا يتبدل بحفظ الله عزَّ وجلَّ له، حيث قال جلّ شأنه وتبارك اسمه ولا إله غيره:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }(1الإسراء).
كان إسراؤه صلَّى الله عليه وسلَّم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى لحكم تعالت عن العدّ، وتناهت عن الإحصاء والحدّ، لا يحصيها في جملتها إلا الواحد الأحد، الفرد الصمد، لكن لابد لنا من ذكر بعضها تأنيساً للقلوب وتثقيفاً للعقول وتطميناً لنا أجمعين، لنعلم أن الله عزَّ وجلَّ أعلم بما ينفعنا ويصلحنا أجمعين في الدين والدنيا والآخرة:
فمن جُملة ذلك أن هذا كان إعلاناً لجميع البشرية بحضور جميع الأنبياء والمرسلين أن هذا الدين المتين الذي أنزله الله عزَّ وجلَّ على أمير الأنبياء والمرسلين، هو امتداد لرسالات السماء ووحي الله لعباده من الأنبياء والمرسلين، وهم جميعاً يدعون إلى مكارم الأخلاق، وتوحيد حضرة الخلاق
وليس بينهم في الحقيقة خلاف ولا شقاق، وإنما الخلاف والشقاق جاء من دخول الأهواء في قلوب بعض العلماء، أو دخول شهوات الدنيا في بعض القائمين على الديانات بعد رسل السماء، لكنهم جميعاً كما قال فيهم صلوات الله وسلامه عليه:
{ الأنْبياءُ إِخْوةٌ مِنْ عَلاَّتٍ وَأُمَّهاتُهُمْ شَتَّى }(1)
فكلهم جاءوا بدعوة واحدة، وبمكارم طيبة صافية وهي مكارم الأخلاق، وتوحيد حضرة الخلاق عزَّ وجلَّ.
ولما كان كل رسول يُرسل إلى قومه خاصة، فقد كان الله يخصه بالتعليمات التي تناسب زمانه وقومه وعصره، فلما جاءت الرسالة الخاتمة الصالحة لكل الأزمان ولكل الأمكنة ولكل القدرات البشرية في شتى مناحي هذه الأرض، أكمل الله رسالته، وأسبغ نعمته وأتم ديانته، فظهر فيها تمام مكارم الأخلاق لقوله صلوات الله وسلامه عليه:
{ إِنَّـمَا بُعِثْتُ لأُتَـمِّـمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ}(2).
فكل نبي جاء بخلق أو أخلاق تناسب زمانه، ولما جاء صاحب الكمال انتهى إليه جميع الصفات، وجميع الجمال، وجميع الكمالات، فكان كما قال الله عزَّ وجلَّ في شأنه:
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(4القلم)
، فجعله الله عزَّ وجلَّ وارثاً لنبوات السابقين أجمعين.
وكان من ذلك أيضاً إعلام الله عزَّ وجلَّ للخلق أجمعين أنه لا عصبية بين أصحاب الديانات السماوية، ولا يجب أن يكون بينهم تشاحن ولا تطاحن ولا نزاعات، ولا إحن ولا فتن ولا حروب، لأن الله جعلهم جميعاً يؤمنون بالله رباً وبالإسلام ديناً، وإن كانوا وصفوا دينهم بشئ غير الإسلام فإن ذلك ليس بصحيح، ونص على ذلك كتاب الملك العلام عزَّ وجلَّ ، فجعل الله عزَّ وجلَّ العصبية منتهية وبذلك قال صلَّى الله عليه وسلَّم:
{لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ}(3)
وبعد ظهور الإسلام زالت العصبية الدينية، فمن باب أولى أن تزول العصبيات الخلافية بين الجماعات والفرق الإسلامية، فليس في الإسلام مسلم سُنّي ومسلم بدعي ومسلم شيعي ومسلم وهابي ومسلم صوفي، وإنما هم جميعاً مسلمون:
{مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ } (78الحج)
، وكلمة مسلم لا يجب أن تحيطها بهالة قبلها ولا بوصف زائف بعدها، وإنما نأتنس جميعاً بالإسلام، ولا شئ يعلو على كلام الملك العلام عزَّ وجلَّ. فكل من فجَّر نزاعاً بين المسلمين وبعضهم، أو بين المسلمين وغيرهم من أهل الديانات السماوية، فهو بعيد عن روح الدين، بعيد عن نهج سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه
(1) مسند الإمام أحمد، صحيح مسلم.
( 2 )عن أبي هريرة، مالك في الموطأ والطبراني عن حديث جابر وأحمد من حديث معاذ بن جبل.
(3) عن جبير بن مطعم في سنن أبي داود، الفتح الكبير رواه أبو داود.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B1%D8%AC%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85/
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية شهر رجب والاسراء والمعراج} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=-JBPjvApcRs
[/frame][/size]