إن لله عزوجل رجالاً لم تشغلهم الدنيا بزهرتها، ولم تحجبهم الآخرة بزينتها عن مطلوبهم ومرادهم ومقصدهم الأعظم .. وهو رضوان الله عزوجل، وفيهم يقول الله عزوجل فى [28 الكهف] :
(يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )
وعنهم يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه :
وجنة الخلد لو ظهرت بطلعتها *** لفارقت حسنها بالزهد همتهم
هؤلاء الرجال لما كان مقصدهم الله، وكانوا يرددون فى كل توجه لحضرته جلَّ فى علاه ... إلهي أنت مقصودى .... ورضاك مطلوبى .... ووجهك محبوبى
فإن الله عزوجل أعدَّ لهم من العطاءات الإلهية، والفتوحات الوهبية، والمنح الربانية، ما لا يستطيع أن يدركه إلا أهل الخصوصية.
فهؤلاء القوم !!! كيف يصلون إلى مطلوبهم؟ وما الجهاد الذى يوصلهم إلى رضاء محبوبهم؟ وما ألوان التكريم وأنواع العطاءات التى يخصهم بها الله ؟
هذا بعض ما قمنا بالحديث عنه فى هذا الكتاب الخاص بأهل الإختصاص، وأبحنا فيه ما تستطيع أن تدركه العقول ...؛ مؤيداً بالنقول ... ؛ لأن علوم القوم الخاصة ... يقول فيها الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
علمنا فوق العقول مكانة *** كيف لا وهو الضيا الغيب الصراح
خصنا بالفضل فيه ربنا *** ذاك سرٌ غامض كيف يباح
والفتى المجذوب بالحب له ***آية إن ذاق خمر الحب صاح
وهو محمول العناية إن يبح *** بالحقائق ما على الفانى جناح
فقد جعلناه كتاباً .... يبين الوسيلة لنيل المطلوب ... ويوضح الغايات التى يتفضل الله عزوجل بها علي العبد المحبوب.
أسأل الله عزوجل أن ينفع به كل عبد تطهر من العيوب ... وأخلص فى سره وعلانيته فى طلب علام الغيوب ... ، وجعل الصدق رفيقه وسلاحه لنيل المطلوب ...
وصلي الله على سيدنا محمد باب الرضا والفضل .. وأس كل فضل موهوب ... وآله وصحبه وسلم والتابعين بإحسان إلى يوم الدين ..آمين آمين يارب العالمين.
كان الفراغ منه يوم عرفة الأغر ... الموافق للتاسع من ذى الحجة 1429هـ، السابع من ديسمبر 2008م