s MS]
سؤال : ما توجيه فضيلتكم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه :{ إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة }[6].
الجواب : هذا الحديث الشريف، إنما ذكره لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام ليبين لنا بدعة الضلالة، وبدعة الضلالة هي التي يضل بها صاحبها عن طريق الله ورسوله، ويتخبط بها في ظلمات الغي، والانحراف عن الجادة، ويهوى بها في مزالق الشر والفساد. وبدعة الضلالة هي التي خالفت أحكام الشرع الشريف وآدابه، وخرجت على سنة الإسلام، وليس لها أصل ولا سند بل ولا شبهة في دين الله، وهى مردودة على صاحبها ولا تقبل منه، ويحاسب صاحبها وأتباعه على هذه البدعة بقدر ما أخلت بنظام الفرد والجماعة في الإسلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد}.[7]
وذلك مثل ابتداعات الفرق الضالة التي غيرت في معالم العبادات والمعاملات – التي شرعها الله ورسوله – حسب أهوائهم وشهواتهم، أو الفرق التي تسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تسب آل بيته الشريف، أو التي تبيح ما حرمه الله ورسوله، أو تحرم ما أحله الله ورسوله، أو الفرق التي تطعن في أئمة المسلمين وأوليائهم وعلمائهم، أو الفرق التي تحدث الشقاق والتفرقة بين المسلمين وتبلبل أفكارهم وتضرب بعضهم ببعض، أو الفرق التي تخرج على رؤساء المسلمين وحكامهم بدون حق، أو الفرق التي تتعصب لبعض المذاهب والآراء وتشيع الجدل والمراء والخصومة حول ذلك، أو الفرق التي تتبع الآيات المتشابهة في القرآن والكلمات المتشابهة في السنة، وتحاول تطويع هذا المتشابه لأغراضهم وأهوائهم المنحرفة، ويشيعون بذلك الفتن بين المسلمين .
كل هذه الفرق إنما ابتدعت في الإسلام وفى الأمة، بدعة الضلالة التي يضلون بها أنفسهم وغيرهم، وهم في النار إن لم يتوبوا ويرجعوا عنها، وهؤلاء جميعا يجب جهادهم باللسان والبيان والإقناع، فإن لم يرجعوا وجب على الحاكم الأخذ على أيديهم.
وليست هذه البدع كالبدعة الحسنة التي تبين للمسلمين وتشرع له ما يحتاجون إليه من أمور في هذه الحياة لم تكن موجودة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو التي تدعو إلى طاعة أو فضيلة أو قربة إلى الله عزَّ وجلَّ، أو مكرمة من المكرمات، فإن ذلك كله له أصل من دين الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام : {من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجرهم شئ}[8].
فقول سيدنا رسول الله في الحديث {فإن كل محدثة بدعة} ينطبق عل كل أمر حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان من أمور الدنيا أو الدين. ولكن المراد هو ما يحدث في الدين خاصة، لأن أمور الدنيا تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: {أنتم أعلم بأمور دنياكم}[9]، فجميع المخترعات والآلات التي انتفع بها الإنسان في عمارة الحياة الدنيا وتيسير أمورها، مادامت لم تكن محرمة أو يدخلها شئ محرم، فذلك لا شئ فيه، وإنما الكلام في الأمور التي تستحدث في الدين، وذلك ما أشرنا إليه في هذه الرسالة
ولما قال صلى الله عليه وسلم: {وكل بدعة ضلالة}، تبين لنا أن المراد بالبدعة ما استجد في الدين وليس في الدنيا، ومعنى {وكل بدعة ضلالة} أي كل بدعة سيئة في الدين ويزيغ بها صاحبها ومن اتبعه عن تعاليم الدين الحنيف. فتلك هي بدعة الضلالة التي توقع الناس في ظلمات المخالفة والبعد عن الحق والصواب . والضال هو الذي لا يهتدي إلى الصواب والخير والرشاد، قال تعالى: ﴿وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا﴾ [17الكهف]. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى عن شرار الناس يا رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وقد انصب التحذير في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: {إياكم ومحدثات الأمور} – على الأمر الذي ابتدع في الدين وليس من الدين في شئ، وهو بدعة الضلالة التي بينا بعضا من أنواعها فيما سبق .
وبدع الضلالة لم تكن متساوية في الخطورة والضرر، ولكنها تتفاوت بحسب ما يترتب عليها من الشر الذي يلحق الفرد والمجتمع، ومن الإساءة إلى دين الله والخروج عليه. وبهذا البيان نفهم هذا الحديث الشريف الذي حذرنا به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأضرار والأوزار التي تصيبنا في الدنيا والآخرة من بدع الضلالة التي تجر الشقاء والبلاء على الأمة.
هذا وإني أذكر لك يا أخي السائل ـ هداني الله وإياك إلى سبيل السعادة ـ نص هذا الحديث الشريف حتى تتم الفائدة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار}[10].
وإن في هذا الحديث الشريف غرائب من المعاني، وعجائب من الحقائق!! فإن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده. وشرط الخليفة أن يكون رشيدا مهديا، وذلك ينطبق على أبى بكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم، وعلى كل خليفة جاء من بعدهم وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته، أو خلفه المسلمون عليهم واختاروه إماما لهم .
وقد يكون هذا الخليفة ظاهرا مشهورا، وهو الذي تكون بيده السلطة الزمنية وتدبير أمر الأمة الإسلامية على نهج رسول الله والصحابة من بعده، وقد يكون هذا الخليفة باطنا مستورا، يعنى مقام من الله ورسوله لبيان كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم للمسلمين، وليجدد الله به هذا الدين، وليست بيده السلطة الزمنية وأمر الحكم، وكلاهما رشيد ومهدي.
والرشيد هو الذي بلغ رشده، وليس عليه قيم أو وصى غير الله ورسوله، فقد بلغ من العقل والوعي والفهم والفقه في دين الله مبلغا أقرب إلى مقام النبوة، غير أنه لا يوحى إليه، ولكنه يتلقى فقهه من قلبه المستنير بنور الله ورسوله، المستمد من الله ورسوله، الملهم من الله الحكمة وفصل الخطاب، فلم يكن أحد في الأمة أفقه منه لدين الله وكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والرشد هو إدراك حقائق الأمور والأشياء ولبها، ومعرفتها على ما هي عليه في الواقع ونفس الأمر . قال تعالى حاكياً عن سيدنا موسى عليه السلام في طلبه من الخضر عليه السلام أثناء صحبته له: ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [66الكهف]. ولم يقل (هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت علما)، إذ أن الرشد هو المطلوب من تحصيل العلم، وهو بلوغ الإنسان مبلغ الكمال النفسي، وذلك إنما يكون بالتسليم والخضوع للعبد الذي آتاه الله العلم الحقيقي، ليكشف به الغطاء عن الحقائق، حتى تزكو النفوس، وتشرق عليها أنوار الملك القدوس.
والشرط الثاني: أن يكون الخليفة مهدياً، وهو العبد الذي هداه الله بهذا العلم إلى معرفة الله ورسوله، ومعرفة نفسه، ومعرفة حكم كل شئ، وبيان كل أمر، وكشف كل غموض ولبس عن المشكلات التي تواجه الناس في زمانه. وهذا الخليفة من المهديين، الذين يهدى الله بهم عباده إليه، ويوصلهم به إليه. قال تعالى: ﴿ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [90الأنعام]. وقال الإمام على رضي الله عنه: ( اللهم لا تخل الأرض من قائم لك بحجة إما ظاهرا مشهورا، وإما باطنا مستورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته ).
وصلى الله على سيدنا محمد نور الدنيا والآخرة، وعلى آله وأصحابه مصابيح الظلام وأنجم الهدى المضيئة في أفقه صلى الله عليه وسلم .. آمين والحمد لله رب العالمين[/font] .
]color=#FF9933][6] رواه بن ماجة والترمذي وأحمد وأبو داود من حديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه.
[7] متفق عليه روته السيدة عائشة رضي الله عنها.
[8] مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أحمد، الدارمي عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه
[9] رواه مسلم عن عائشة وأنس رضي الله عنهما ورواه أحمد بصيغة أخرى.
[10]الترمذي وأبو داود وابن ماجة وغيرهم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه.
——————————————————————————————
من كتاب: (مصابيح على طريق الإيمان – جـ1)
لفضيلة الشيخ محمد على سلامة
مدير أوقاف بور سعيد الأسبق
سؤال : ما توجيه فضيلتكم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه :{ إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة }[6].
الجواب : هذا الحديث الشريف، إنما ذكره لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام ليبين لنا بدعة الضلالة، وبدعة الضلالة هي التي يضل بها صاحبها عن طريق الله ورسوله، ويتخبط بها في ظلمات الغي، والانحراف عن الجادة، ويهوى بها في مزالق الشر والفساد. وبدعة الضلالة هي التي خالفت أحكام الشرع الشريف وآدابه، وخرجت على سنة الإسلام، وليس لها أصل ولا سند بل ولا شبهة في دين الله، وهى مردودة على صاحبها ولا تقبل منه، ويحاسب صاحبها وأتباعه على هذه البدعة بقدر ما أخلت بنظام الفرد والجماعة في الإسلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد}.[7]
وذلك مثل ابتداعات الفرق الضالة التي غيرت في معالم العبادات والمعاملات – التي شرعها الله ورسوله – حسب أهوائهم وشهواتهم، أو الفرق التي تسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تسب آل بيته الشريف، أو التي تبيح ما حرمه الله ورسوله، أو تحرم ما أحله الله ورسوله، أو الفرق التي تطعن في أئمة المسلمين وأوليائهم وعلمائهم، أو الفرق التي تحدث الشقاق والتفرقة بين المسلمين وتبلبل أفكارهم وتضرب بعضهم ببعض، أو الفرق التي تخرج على رؤساء المسلمين وحكامهم بدون حق، أو الفرق التي تتعصب لبعض المذاهب والآراء وتشيع الجدل والمراء والخصومة حول ذلك، أو الفرق التي تتبع الآيات المتشابهة في القرآن والكلمات المتشابهة في السنة، وتحاول تطويع هذا المتشابه لأغراضهم وأهوائهم المنحرفة، ويشيعون بذلك الفتن بين المسلمين .
كل هذه الفرق إنما ابتدعت في الإسلام وفى الأمة، بدعة الضلالة التي يضلون بها أنفسهم وغيرهم، وهم في النار إن لم يتوبوا ويرجعوا عنها، وهؤلاء جميعا يجب جهادهم باللسان والبيان والإقناع، فإن لم يرجعوا وجب على الحاكم الأخذ على أيديهم.
وليست هذه البدع كالبدعة الحسنة التي تبين للمسلمين وتشرع له ما يحتاجون إليه من أمور في هذه الحياة لم تكن موجودة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو التي تدعو إلى طاعة أو فضيلة أو قربة إلى الله عزَّ وجلَّ، أو مكرمة من المكرمات، فإن ذلك كله له أصل من دين الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام : {من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجرهم شئ}[8].
فقول سيدنا رسول الله في الحديث {فإن كل محدثة بدعة} ينطبق عل كل أمر حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان من أمور الدنيا أو الدين. ولكن المراد هو ما يحدث في الدين خاصة، لأن أمور الدنيا تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: {أنتم أعلم بأمور دنياكم}[9]، فجميع المخترعات والآلات التي انتفع بها الإنسان في عمارة الحياة الدنيا وتيسير أمورها، مادامت لم تكن محرمة أو يدخلها شئ محرم، فذلك لا شئ فيه، وإنما الكلام في الأمور التي تستحدث في الدين، وذلك ما أشرنا إليه في هذه الرسالة
ولما قال صلى الله عليه وسلم: {وكل بدعة ضلالة}، تبين لنا أن المراد بالبدعة ما استجد في الدين وليس في الدنيا، ومعنى {وكل بدعة ضلالة} أي كل بدعة سيئة في الدين ويزيغ بها صاحبها ومن اتبعه عن تعاليم الدين الحنيف. فتلك هي بدعة الضلالة التي توقع الناس في ظلمات المخالفة والبعد عن الحق والصواب . والضال هو الذي لا يهتدي إلى الصواب والخير والرشاد، قال تعالى: ﴿وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا﴾ [17الكهف]. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى عن شرار الناس يا رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وقد انصب التحذير في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: {إياكم ومحدثات الأمور} – على الأمر الذي ابتدع في الدين وليس من الدين في شئ، وهو بدعة الضلالة التي بينا بعضا من أنواعها فيما سبق .
وبدع الضلالة لم تكن متساوية في الخطورة والضرر، ولكنها تتفاوت بحسب ما يترتب عليها من الشر الذي يلحق الفرد والمجتمع، ومن الإساءة إلى دين الله والخروج عليه. وبهذا البيان نفهم هذا الحديث الشريف الذي حذرنا به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأضرار والأوزار التي تصيبنا في الدنيا والآخرة من بدع الضلالة التي تجر الشقاء والبلاء على الأمة.
هذا وإني أذكر لك يا أخي السائل ـ هداني الله وإياك إلى سبيل السعادة ـ نص هذا الحديث الشريف حتى تتم الفائدة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار}[10].
وإن في هذا الحديث الشريف غرائب من المعاني، وعجائب من الحقائق!! فإن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده. وشرط الخليفة أن يكون رشيدا مهديا، وذلك ينطبق على أبى بكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم، وعلى كل خليفة جاء من بعدهم وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته، أو خلفه المسلمون عليهم واختاروه إماما لهم .
وقد يكون هذا الخليفة ظاهرا مشهورا، وهو الذي تكون بيده السلطة الزمنية وتدبير أمر الأمة الإسلامية على نهج رسول الله والصحابة من بعده، وقد يكون هذا الخليفة باطنا مستورا، يعنى مقام من الله ورسوله لبيان كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم للمسلمين، وليجدد الله به هذا الدين، وليست بيده السلطة الزمنية وأمر الحكم، وكلاهما رشيد ومهدي.
والرشيد هو الذي بلغ رشده، وليس عليه قيم أو وصى غير الله ورسوله، فقد بلغ من العقل والوعي والفهم والفقه في دين الله مبلغا أقرب إلى مقام النبوة، غير أنه لا يوحى إليه، ولكنه يتلقى فقهه من قلبه المستنير بنور الله ورسوله، المستمد من الله ورسوله، الملهم من الله الحكمة وفصل الخطاب، فلم يكن أحد في الأمة أفقه منه لدين الله وكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والرشد هو إدراك حقائق الأمور والأشياء ولبها، ومعرفتها على ما هي عليه في الواقع ونفس الأمر . قال تعالى حاكياً عن سيدنا موسى عليه السلام في طلبه من الخضر عليه السلام أثناء صحبته له: ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [66الكهف]. ولم يقل (هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت علما)، إذ أن الرشد هو المطلوب من تحصيل العلم، وهو بلوغ الإنسان مبلغ الكمال النفسي، وذلك إنما يكون بالتسليم والخضوع للعبد الذي آتاه الله العلم الحقيقي، ليكشف به الغطاء عن الحقائق، حتى تزكو النفوس، وتشرق عليها أنوار الملك القدوس.
والشرط الثاني: أن يكون الخليفة مهدياً، وهو العبد الذي هداه الله بهذا العلم إلى معرفة الله ورسوله، ومعرفة نفسه، ومعرفة حكم كل شئ، وبيان كل أمر، وكشف كل غموض ولبس عن المشكلات التي تواجه الناس في زمانه. وهذا الخليفة من المهديين، الذين يهدى الله بهم عباده إليه، ويوصلهم به إليه. قال تعالى: ﴿ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [90الأنعام]. وقال الإمام على رضي الله عنه: ( اللهم لا تخل الأرض من قائم لك بحجة إما ظاهرا مشهورا، وإما باطنا مستورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته ).
وصلى الله على سيدنا محمد نور الدنيا والآخرة، وعلى آله وأصحابه مصابيح الظلام وأنجم الهدى المضيئة في أفقه صلى الله عليه وسلم .. آمين والحمد لله رب العالمين[/font] .
]color=#FF9933][6] رواه بن ماجة والترمذي وأحمد وأبو داود من حديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه.
[7] متفق عليه روته السيدة عائشة رضي الله عنها.
[8] مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أحمد، الدارمي عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه
[9] رواه مسلم عن عائشة وأنس رضي الله عنهما ورواه أحمد بصيغة أخرى.
[10]الترمذي وأبو داود وابن ماجة وغيرهم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه.
——————————————————————————————
من كتاب: (مصابيح على طريق الإيمان – جـ1)
لفضيلة الشيخ محمد على سلامة
مدير أوقاف بور سعيد الأسبق