{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ
وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}،
أمرنا الله في هذه الآيات بعدة آداب: أن الإنسان لا يتقدم على أمر، ولا يُقدم على أمر
إلا بعد أن يُقَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتأسى به
ويقتدي به في فعله صلوات ربّي وتسليماته عليه، لأننا مأمورون أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل الأعمال، فلا بد أن نرى فعله ثم نتابعه في هذا الفعل،
أو نسمع قوله ثم ننفذه ليكون هذا العمل صحيحاً ومقبولاً عند الله،
وأمر المؤمنين في كل زمان ومكان بعدم رفع الصوت
في مجالس النبي صلى الله عليه وسلم إن كان حياً،
أو المجالس التي يُسمع فيها شرع النبي، وعلم النبي، وسُنَّة النبي بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم، ومجالس العلم لا بد وأن يكون فيها السكينة والحلم ولا يجوز فيها رفع الصوت،
ولا ينبغى لمسلم أن يتحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يتحدّث عن شخص عادي،
بل لا بد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون معه التعظيم والتبجيل والتوقير لرسول الله: {وَتُوَقِّرُوهُ} والتوقير يعني أن نُعظمَّه، كان العرب الآتين من البادية ينادون رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسمه: يا محمد، فقال لهم الله:
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً}
قولوا: يا نبي الله، يا رسول الله، يا صفّى الله، ولا تدعوه بإسمه مثله مثلكم، لأن معه النبوة، ويكون معه التوقير والتعظيم لنبي الله صلى الله عليه وسلم، وأمرنا الله عندما نسمع إسم النبي أن نصلّي عليه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}،
وقد قال صلى الله عليه وسلم: {الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ} {1}،
عندما يسمع الإنسان إسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أى زمان ومكان فلا بد وأن يصحبه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيضاً أمرنا الله مع حضرته أن نطيعه في كل ما أمر به: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}،
لأنه لم يأمرنا بشيء من عنده وإنما عن وحىٍ أنزله عليه ربه:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}،
وأمرنا الله أن نقتدي به في كل حياتنا، في العبادات والأخلاق والمعاملات،
وحتى في العادات كالمشى والأكل والشرب في كل شئونه نقتدي به لقول الله لنا:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}،
كذلك ينبغى لكل مسلم أن يعلم علم اليقين أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل النبيين
وخير المرسلين، وأنه هو الأول عند الله في النبيين والمرسلين،
ويُفضله على كل من سواه من أنبياء الله ورسل الله، وهذا تفضيل الله.
{1} سنن الترمذي والنسائي والبيهقي عن علي بن أبي طالب