السعادة والصفاء



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

السعادة والصفاء

السعادة والصفاء

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
السعادة والصفاء

سر الوصول إلى السعادة والصفاء والسلام النفسي ،أسراروأنوار القلوب التى صفت وأشرقت بعلوم الإلهام وأشرفت على سماوات القرب وفاضت بعلوم لدنية ومعارف علوية وأسرار سماوية



    عرض الأعمال على رسول الله بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1890
    تاريخ التسجيل : 29/04/2015
    العمر : 57

    عرض الأعمال على رسول الله بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى  Empty عرض الأعمال على رسول الله بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء ديسمبر 01, 2015 3:59 pm

    حديث : (( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت لكم )) .
    قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده (كشف الأستار: 1/397 ):
    حدثنا يوسف بن موسى ، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن سفيان عن عبد الله بن السائب ، عن زاذان ، عن عبد الله عن النبي (ص) قال :
    (( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شرٍ استغفرت لكم )) .
    قال الحافظ العراقي في (طرح التثريب ) ( 3 / 297) : إسناده جيد.
    وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد) (9/24) : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح . اهـ .
    وصححه السيوطي في الخصائص (2 / 281 ) ، وفي تخريج الشفا وهو كما قال .
    ولشيخنا العلامة المحقق السيد عبد الله بن الصديق الغماري الحسني
    رحمه الله تعالى، ونور مرقده في هذا الحديث جزء مفيد مطبوع، اسمه "نهاية الآمال ، في شرح وتصحيح حديث عرض الأعمال" .
    ورجال السند ثقات .
    وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ثقة أيضاً احتج به مسلم، وسيأتي تفصيل الكلام عليه إن شاء الله تعالى .
    وللحديث طرق أخرى غير ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه ، فجاء عن أنس رضي الله عنه، وعن بكر بن عبد الله المزني مرسلاً، وهو غاية في الصحة .
    وعن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام معضلاً .
    أما مرسل بكر بن عبد الله المزني فله عنه طريقان صحيحان ، ثالث ضعيف .
    أما الصحيحان فأخرجهما القاضي إسماعيل في فضل الصلاة على النبي (ص ) ( ص38 ، 39 ) .
    وقد قال ابن عبد الهادي في الصارم بعد ذكره أحد الإسنادين (ص217): هذا إسناد صحيح إلى بكر المزني(1)، وبكر من ثقات التابعين وأئمتهم . اهـ .
    والثالث الضعيف هو ما رواه الحارث بن أسامة في مسنده : حدثنا


    (1) فهذا المرسل بمفرده حجة عند كثير من الأئمة كأبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد ، وغيرهم .

    الحسن بن قتيبة، ثنا جسر بن فرقد ، عن بكر بن عبد الله المزني به مرفوعاً وانظر المطالب العالية (4 / 23 ) .
    قلت : الحسن بن قتيبة ، وشيخه ضعيفان .
    وأما حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ، فقال أبوطاهر المخلص في فوائده (من الاكتفاء بتخريج أحاديث الشفاء (1) ص17): حدثنا يحيى بن محمد ابن صاعد ، ثنا يحيى بن خذام بالبصرة ، ثنا محمد بن عبد الله بن زياد أبو سلمة الأنصاري ، ثنا مالك بن دينار عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( ص ) :
    (( حياتي خير لكم – ثلاث مرات – ووفات خير لكم _ ثلاث مرات _ فسكت القوم ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأبي أنت وأمي كيف يكون هذا ؟ قلت : حياتي خير لكم ثلاث مرات ، ثم قلت : موتي خير لكم ثلاث مرات . قال : حياتي خير لك ينزل علي الوحي من السماء فأخبركم بما يحل لكم وما يحرم عليكم ، وموتي خير لكم ثلاث مرات تعرض علي أعمالكم كل خميس ، فما كان من حسن حمدت الله عليه وما كان من ذنبٍ استوهبت لكم ذنوبكم )) .
    قلت : أبو سلمة الأنصاري كذبه ابن طاهر ، وتركه غيره .

    (1) هو لحافظ العصر السيد أحمد بن الصديق الغماري ، وصل فيه إلى قريب ربع الكتاب ، وهو أوسع تخريج لأحاديث الشفاء وقد شرغت في اختصار الاكتفاء ثم اكماله يسر الله تعالى إتمامه ، ورزقنا الشفا بحب المصطفى ( ص ) وآله المستكملين الشرفا ، وسلم تسليماً كثيرا .
    وله طريق آخر عن أنس أسقط منه ، رواه ابن عدي (3/945 ) ، والحارث ابن أبي أسامة ( كما في المغني : 4/148 ) وفيه خراش بن عبد الله .
    وأما حديث محمد بن علي بن الحسين بن أبي جعفر عليهم السلام فقال الحافظ السيد أحمد بن الصديق رحمه الله تعالى في (الاكتفاء في تخريج أحاديث الشفا) (ص 18) :
    رواه أبو جعفر الطوسي في أمياله من طريق إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري، حدثني محمد بن عبد الحميد وعبد الله بن الصلت عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، قال إبراهيم حدثني عبد الله بن حماد ، عن سدير، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله (ص) وهو في نفر من أصحابه: (إن مقامي بين أظهركم خير لكم ، وإن مفالاقتي إياكم خير لكم)، فقام إليه جابر بن عبد الله، فقال: يا رسول الله أما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا، فكيف تكون مفارقتك إيانا خيراً لنا ، فقال: (أما مقامي بين أظهركم خير لكم فلأن الله عز وجل يقول: { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون }، يعني : تعذيبهم بالسيف ، وأما مفارقتي إياكم ، فهو خير لكم لأن أعمالكم تعرض علي كل اثنين وخميس فما كان من حسن حمدت الله تعالى وما كان من سيئة استغفرت لكم )) . وهذا غير صحيح بل ملفق مركب محرف ، أخرجه إبراهيم الأحمري المذكور في مصنفاته وهو ضعيف ، كما ذكره الطوسي في فهرسته فقال: كان ضعيفاً في حديثه متهماً في دينه ، وهكذا قال من قبله النجاشي وغيره . انتهى من كتاب (( الاكتفاء في تخريج أحاديث الشفاء )) للسيد أحمد بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى .
    وما تقدم فيه غنية .
    والحاصل أن الحديث صحيح بلا ريب .
    فإذا وقفت على قول الحفظ العراقي في تخريج الإحياء (4 / 148 ) إذ يقول :
    أخرجه البزار من حديث عبد الله بن مسعود ، ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد ، وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين ، والنسائي ، فقد ضعفه كثيرون ، ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديث أنس بنحوه بإسنادٍ ضعيف . اهـ .
    فلا تتهيب مخالفته لأمور :
    الأول : إن صاحبه وقائله – الحافظ العراقي- قد جود إسناد البزار في طرح التثريب (3/297) ، وكلامه في طرح التثريب مقدم على كلامه في تخريج أحاديث الإحياء ، فالأول آخر كتبه و الثاني كتبه وهو دون العشرين، قال تقي الدين ابن فهد في لحظ الألحاظ (ص228): ولع ( أي الحافظ العراقي ) بتخريج أحاديث الإحياء ، وله من العمر قريب من العشرين سنة . اهـ .
    الثاني : إن كلام الحافظ العراقي يقتضي تحسينه للحديث لأنه ذكر طريقين للحديثين ، فإن سلم ضعفهما ،فالحديث حسن بهما كما هو مقرر .
    الثالث : إن الحديث حسن عند العراقي لزاماً ، وبيانه أنه تكلم على طريقين للحديث هما : طريق ابن مسعود ، وطريق أنس . ولم يتكلم على مرسل بكر بن عبد الله المزني وهو مرسل غاية في الصحة ولو وقف عليه لما ترك الكلام عليه .
    فبالنظر إلى ما ذكره العراقي وما فاته يقوى الحديث ويحكم بقبوله والله أعلم
    ***********
    فصـل
    وكعادة الألباني في مثل هذه الأحاديث سعى لتضعيف هذا الحديث فاتبع سبيلاً لم يسبق إليه، وتلاعب تلاعباً يعاب عليه .
    أما تضعيفه للحديث فاتبع سبيلاً لم يسبف إليه كما صرح هو بذلك في ضعيفته (2/405) ، فإنه أضاف للحديث حديثاً آخر رواه جمع من الثقات ، وجعل حديث ( حياتي خير لكم …) زيادة على الحديث الأول انفرد بها عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد فحكم على الحديث الثاني بالشذوذ لمخالفة عبد المجيد للثقات الذين رووا الحديث الأول .. !!!
    وذلك أن الحافظ البزار قال في مسنده : حدثنا يوسف بن موسى ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله عن النبي (ص)قال: (إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام) . قال: وقال رسول الله (ص): (حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم … ) الحديث .
    فالحديث الأول : رواه عن سفيان جمع من الثقات .
    والحديث الثاني : انفرد به عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، فلما جعلهما الألباني حديثاً واحداً حكم على الثاني بالشذوذ ، ولم يعده حديثاً مستقلاً بل زيادة ، وهذا خطأ بين ! .
    ذلك أن المدقق لا بد وأن يعلم أن هذين حديثين بسندٍ واحدٍ أخرجهما البزار كما ترى سعيا للاختصار ، وعدم تكرار الاسناد ، وهو ما يكثر حدوثه في كتب الحديث، حيث يذكرون سنداً واحدً لعدة متون، وهو ظاهر لا يحتاج لشرح وبيان، وقد أصاب الحافظ السيوطي فجعل في جامعيه الصغير والكبير الحديث الأول في مكان. والحديث الثاني في مكان آخر وهذا من شفوف نظره، وثاقب فهمه، رحمه الله تعالى ، والله أعلم .
    *****************
    فصـل
    ولكي تروق للألباني دعوته صرح بأن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد متكلم فيه من قبل حفظه ، وهو وإن وثقه بعضهم لكن ضعفه آخرون وبين بعضهم السبب (كذا) في ضعيفته (2/404)، فكلامه يرشح بضعف الرجل .
    ولأن الرجل ثقة ، ومن رجل الصحيح فقد رأيت أن هذا مقام الذب عنه وبيان ثقته .
    فقد وثقه بن معين ، واحمد وأبو داود ، والنسائي ، وابن شاهين ، والخليلي .
    ورجل يوثقه هؤلاء ، ويكثر مسلم من الاحتجاج به في صحيحه يكون قد جاوز القنطر ، ويكون ما جاء فيه من الجرح مردوداً عند التأمل والنظر الصحيح الموافق لقواعد الحديث .
    فمن تكلم فيه فلأسباب :
    1- بسبب مذهبه ، فإنه كان مرجئاً، وهذا لا يضر في الرواية كما هو مقرر في محله ، وقد قال الحافظ الذهبي في الميزان بعد ذكر عبد المجيد بن عبد العزيز في جماعة من الثقات المرجئين ما نصه:لإرجاء مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي التحامل عليه به . اهـ .
    2- كونه أخطأ في أحاديث ، فإنه روى حديث الأعمال بالنيات من طريق مالك ، عن يزيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري به مرفوعاً .
    هكذا أخرجه أبو نعيم في الحلية (6 / 342 ) والققضاعي في مسند الشهاب ( فتح الوهاب 1/16 ) ، وأبو يعلى الخليلي في الإرشاد
    ( 1/233 ) .
    والمحفوظ هو عن مالك عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة . عن عمر بع مرفوعاً هكذا أخرجه الجماعة .
    ولذا عد هذا الحديث مما أخطأ فيه عبد المجيد فكان ماذا ؟ فمن ذا الذي ما غلط في حديث بل في أحاديث ؟
    فإذا وقفت على ترجم ة ابن عدي لعبد المجيد بن أبي رواد في الكامل (5 /1982) . فتذكر قول الذهبي في الموقظة ( ص 78 ) :
    وليس من حد الثقة أنه لا يغلط ، ولا يخطئ ، فمن الذي يسلم من ذلك ؟ ير المعصوم الذي لا يقر على خطأ ؟
    وقد نبه الذهبي على هذا المعنى عدة مرات في ميزان الاعتدال .
    والحاصل أن وجود بعض الوهم في حديث عبد المجيد بن أبي رواد لا يخرجه من حد الثقة ، لا سيما وأنه كان حافظاً مكثراً وكثيراً ما يقع من الكثرين مثل ذلك .
    وقد وصفه الذهبي بالحفظ والصدق فقال في النبلاء (9/434 ) : العالم القدوة الحافظ الصادق . اهـ .
    3- من تكلم فيه بجرح غير مفسر كقول أبي حاتم الرازي – وتشدده معروف ومشهور–(لا يحتج به ، يعتبر به)(1) ، وكقول ابن سعد: ( كان


    (1) ولا أدري كيف جعل الألباني هذا القول بعد أن نسبه على سبيل الوهم – للنسائي – من الجرح المفسر ؟؟

    كثير الحديث مرجئاً ضعيفاً ) ، وكقول أبي أحمد الحاكم : ( ليس بالمتين عندهم ) ، وكقول بي عبد الله الحاكم : (( هو ممن سكتوا عنه )) .
    فهذا فضلاً عن كونه من الجرح الخفيف الذي لم يسلم منه إلا الطبقة الأولى من الثقات ، فهو من الجرح الغير مفسر الذي ينبغي رده في مقابل توثيق ابن معين ، وأحمد ، وأبي داود ، والنسائي ، ويرهم .
    4- من تكلم فيه بجرح فيه مبالغة وتشدد مردود ، وهو ابن حبان حيث قال في المجروحين (2/161) : منكر الحديث جداً ، يقلب الأخبار، ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك . اهـ .
    وقد نبه الحافظ في التقريب ( ص361 ) على إفراط ابن حبان بمقولة الترك(1) .
    وكيف يكون الرجل مستحقاً للترك ويغيب ذلك عمن حدث عنه ووثقه كأحمد وابن معين .
    وبن حبان يبالغ جداً في الجرح حتى قال عنه الذهبي في الميزان (1/274): ابن حبان ربما قصب الثقة حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه . اهـ .

    (1) وإن تعجب فعجب من الألباني، فالحافظ نبه في التقريب ( ص 361 ) على إفراط ابن حبان فقال : صدوق يخطئ وكان مرجئاً ، أفرط ابن حبان فقال : متروك . اهـ .
    فاقتصر الألباني في ضعيفته (2/404 ) على قول الحافظ : ((صدوق يخطئ)) ، ولم يذكر تعقب الحافظ على ابن حبان ، وما فعل هذا إلا ليوهم القراء أأن الرجل متروك وكلام ابن حبان مقبول غير متعقب ، نعوذ بالله تعلى من اتباع الهوى وشره .
    وكأن مستند ابن حبان في المبالة في جرحه لعبد المجيد بن أبي رواد ما رواه في المجروحين ( 2 /161) من طريق عبد المجيد عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس قال: (القدرية كفر، والشيعة هلكة، والحرورية بدعة، وما نعلم الحق إلا في المرجئة )) .
    قال الدار قطني في (( الفراد )) : تفرد به عبد المجيد ، وزاد الحافظ في التهذيب (6/383) : وبقية رجاله ثقات . اهـ .
    قلت: ما قال الدار قطني والحافظ حق لا مرية فيه، ولا يعني هذا اتهام عبد المجيد، فالصواب، وهو الحق أيضاً الذي لا مرية فيه اتهام من دلسه ابن جريج ، فإنه كان مدلساً سيء التدليس .
    قال الدار قطني: تجنب تليس ابن جريج، فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح . اهـ .
    وقال الإمام أحمد بن حنبل : بعض هذه الاحاديث التي كان يرسلها ابن جريح أحاديث موضوعة ، كان ابن جريح لا يبالي من أين يأخذها . اهـ هكذا في الميزان ( 2/659 ) .
    وبذا تعلم ما في جرح ابن حبان من النظر، وتعصب الجناية في هذا الإسناد فيمن دلسه ابن جريج، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
    والحاصل أن الرجل كما قال معاصروه أحمد ، وابن معين : ثقة ، ومن تكلم فيه فكلامه مردود لا ينتبه إليه .

    ومن أجل هذا اعتمده مسلم في صحيحه وأخرج له في أصوله .
    ولهذا قال الحافظ الذهبي في "منتكلم فيه وهو موثق " ( ص124 ): ثقة مرجئ داعية ، غمزه ابن حبان .اهـ .
    فكلام الذهبي يصرح بتوثيق الرجل ،وأن بدعته وكلام ابن حبان لا يؤثران في ثقته ، وإن كان لهما تأثير لما صرح بتوثيقه فتنبه ، والله أعلم بالصواب .
    ************
    فصـل
    أما كونه ( أي الألباني ) تلاعب تلاعباً يعاب عليه فبيانه من وجهين :
    الأول : قال في ضعيفته (2/405) : فلعل هذا الحديث الذي رواه عبد المجيد موصولاً عن ابن مسعود أصله هذا المرسل عن بكر ، أخطأ فيه عبد المجيد فوصله عن ابن مسعود ملحقاً إياه بحديثه الأول . اهـ .
    قلت : هذا ظن ، والظن ليس بكذب فقط ، ولكنه أكذب الحديث ، ويلزم من هذا الظن الفاسد رد المسند –الذي فيه راوٍ تكلم فيه- للمرسل الذي جاء من وجه أقوى، فلا يصح بذلك مرسل إلا بشق الأنفس ، وفيه إهدار لشطر من السنة ، ولم أجد من سبق الألباني لهذه الخرافة .
    الثاني : فإنه قد تقرر أن الحديث المرسل يتقوى بأمور ، منها إذا ورد

    هذا المرسل من طريق آخر موصول ضعيف تقوى المرسل به، وصار من باب الحسن لغيره ، وبه تقوم الحجة ويلزم العمل به ، وإذا كان الموصول الذي فيه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد من قسم الضعيف كما ارتآه الألباني دفعاً بالصدر،فإن المرسل الصحيح إذا ضم إليه صار من قسم الحسن المقبول الذي يجب العمل به اتفاقاً .
    ولم أجد مبرراً عند الألباني يبعده عن اتباع القواعد الحديثية هنا إلا التعنت، واتباع الهوى في رد مثل هذه الأحاديث .
    وأزيد هنا بخصوص هذا الحديث رده على نفسه واتباعه لما تقرر من قبول المرسل بالشروط المبسوطة في محلها قوله في رده على الشيخ إسماعيل الأنصاري(1) ما نصه :
    المرسل الصحيح إسناده حجة وحده عند جمهور الفقهاء ، قال الحافظ بن كثير : (( والاحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما وهو يحكى عن أحمد في رواية )) .
    وأما مذهب الشافعي فشرطه في الاحتجاج به معروف ، وهو أن يجئ من وجه آخر ولو مرسلاً .. فهذا الحديث المرسل صحيح حجة عند المذاهب الأربعة وغيرهم من أئمة أصول الحديث والفقه ، وبذلك يظهر لكل منصف أن القول بسقوط الاستدلال بهذا الحديث لمجرد وروده


    (1) كتاب الشيباني : (1/134 – 135 )
    مرسلاً(1) هو الساقط . اهـ .
    قلت : بل يظهر لكل منصف أن هوى الرجل أوقعه في التناقض والرد على نفسه والكيل بمكياين … !
    غفر الله لنا وله ، وسلك بنا سبل السلام(2) .


    (1) ثم حديث عرض الأعمال أولى بالقبول من هذا المرسل الذي تقوى بموصول ، فالموصول في الرد على الأنصاري ، فيه ليث بن أبي سليم حاله معروف في الضعف ، وموصولنا فيه عبد المجيد ابن عبد العزيز بن أبي رواد وقد تقدم توثيقه ، وأنه من رجال مسلم ، فيكون قد جاوز القنطرة . والله أعلم .
    (2) وقفت على بحث كتب للحصول على شهادة الماجستير باسم "الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية " لجيلان بن خضر العروسي ، تعرض فيه للكلام عن أحاديث التوسل وبخاصة حديث عرض الأعمال ، ولم يجاوز كلام الألباني ، بل لم يحسن التصرف فيه ، وهي كغيرها من رسائل أهل الدراسات العليا في العقيدة بالذات تفتقر إلى الصدق لأمور :
    1- الطالب مقيد بمنهج في التفكير يعادي أئمة الإسلام وعلمائه ، وهو عندهم ما بين مشرك أو مبتدع أو كما يقولون : نسأل الله أن يكونوا ماتوا على غير ذلك ، أو تاب الإمام الفلاني مما عنده من بدع ! ولا يستطيع الطالب أن يخالف هذا المنهج وإلا طرد ( إرهاب فكري ) .
    2- الطالب يريد أن ينتهي من البحث ليتفرغ لما بعده حتى إذا نال "الدكتوراه " أصبح عالماً يشار إليه بالبنان ،وفتحت الجامعات والمراكز العليا أبوابها له، وغفل على أنه ما صعد إلى هذه المنزلة إلا بنهش لحم علماء الأمة.
    3- الأمر الأشد إيلاماً أن بعض الطلبة – خاصة الوافدين – يكونوا أكثر شراسة من يرهم ، وجلهم لا يعتقدون ما يكتبون ، ولكن حب الدنيا ، والسعي نحو دريهمات معدودة ، وعرض زائل يدفعهم إلى التزلف والنفاق رغبة في التسلق .
    4- زد على ما تقدم السرقات ، والنقل ، والتدليس ـ وشهو حب الظهور ، والتبجح بالمخالفة والاستدراك على المتقدمين .
    ولسنا في حاجة لضرب الأمثلة ، فالأمر شائع ومشهور ،وهذا لا يمنع من الإشادة بنوادر البحوث التي تشهد بكفاءة وجدارة أصحابها .

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 3:09 pm