تحويل القبلة دروس وعبر
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد
****************
الحمد لله رب العالمين يقبل على كل عبد أقبل عليه عز وجل وناجاه فيغفر للمستغفرين ويلبي الدعاء للطالبين ويحقق الآمال للراجين لأنه عز وجل على كل شيء قدير
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من توكل عليه كفاه ومن استند عليه قواه ومن استغنى به أغناه ومن استنصر به نصره على كل من عاداه
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أحبه الله عز وجل حباً يتعدى جميع الأوصاف والحدود فجعل له من القدر العظيم والجاه الكريم ما لم يصل إليه نبي ولا رسول ولا مَلَك ولا أحد من خلق الله.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد سدرة منتهى علوم الخلائق والسبب الذي أوصلتَ به الهداية لكل محبوب صامت أو ناطق صلى الله عليه وآله الأطهار وصحابته الأخيار وكل من مشى على هديه إلي يوم الدين وعلينا معهم أجمعين آمين يا رب العالمين
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
ونحن في هذه الأيام المباركة ذكرى تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلي بيت الله الحرام وحدث ذلك مع الحبيب المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم السلام في يوم الخامس عشر من شهر شعبان بعد الهجرة من مكة إلى المدينة بحوالي ستة عشر شهراً
وعندما فرضت الصلاة في مكة قبل الهجرة بعام كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف أمام الكعبة وخلفها في نفس الاتجاه المسجد الأقصى فلم يكون هناك مشكلة لأنه يتجه للقبلتين في وقت واحد فلما أمره ربه عز وجل أن يهاجر إلي المدينة المنورة وأمره أن يتجه في صلاته إلي بيت المقدس قبلة الأنبياء والمرسلين السابقين وتأليفاً لأهل الكتاب لعلهم يعملون بوصية أنبيائهم فيتّبعوه وينصروه
فكان صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يتجه إلي بيت المقدس والكعبة في آن واحد فاتجه إلي بيت المقدس لكنه كان يحن بقلبه إلي الكعبة قبلة أبيه إبراهيم ويريد أن يتجه إليها
وكان صلى الله عليه وسلم من شدة أدبه مع ربه لا يطلب بلسانه ولا يسأل الله بأقواله ولكنه يعرض حاله على الله وهو يعلم علم اليقين أنه يطلع عليه ويراه فلما كان الخامس عشر من شهر شعبان وكان في صلاة الظهر أو العصر على اختلاف الروايات وكان مدعوا إلي وليمة في قبيلة بني غنم وهي قبيلة من الأنصار وأذن للصلاة واصطف المسلمون خلفه وبدأ بهم الصلاة وصلى الركعة الأولي والثانية تجاه بيت المقدس فأوحي إليه في الصلاة
"قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ" [البقرة : 144]
فألتفت النبي صلى الله عليه وسلم عند القيام إلي الركعة الثالثة تجاه البيت الحرام قبلة إبراهيم وقبلتنا جماعة المسلمين أجمعين.
هذا الحدث كم فيه من عبر لأولي الألباب وكم فيه من دروس لمن فقه الكتاب وكم فيه من آيات بينات لمن يعامل مولاه عز وجل لا بالبراهين ولا بالأدلة ولكن باسترسال القلوب نحو الحبيب المحبوب عز وجل
ماذا لنا أجمعين جماعة المسلمين نتعلمه من هذا الدرس الكريم ؟
أكتفي بدرس واحد ليتنا نعمل به فيصلح حالنا الواحد عز وجل وهو خير درس نتعلمه من الحبيب صلوات ربي وتسليماته عليه
هذا الدرس الكريم كأن الله عز وجل يقول لنا من أراد أن تقضي جميع حوائجه
ومن أراد أن يدعو فيستجيب له الله الدعاء
ومن أراد كل أمر يرتجيه حقق الله عز وجل له فيه الرجاء
ومن أراد أن يكون الله معه عونه ومدده فينصره على جميع الأعداء
ومن أراد أن يغنيه الله عز وجل بفضله فلا يمد يده بالعطاء إلا إلي خالق الأرض والسماء
ومن أراد أن يشفيه الله عز وجل من كل داء
ومن أراد أن يستر الله أهله وأولاده في الدنيا ولا يفضحهم يوم العرض والجزاء
من أراد أي أمر يحقق له فورا
عليه أن يجعل قلبه لمولاه ولا يجعل في القلب أحداً سواه يطهر القلب لله ويجعله خالصاً لمولاه فلا يملأ القلب إلا بحب الله وحب حبيب الله ومصطفاه وحب المؤمنين الصادقين من عباد الله لا يضع فيه شاغلا من الشواغل الكونية تزاحم حب الحضرة الإلهية فلا يدخل في قلبه حب الأموال لتكون شريكة حاش لله ذو الجلال والإكرام ولا يكون همه كله في الأولاد أو في الزوجة أو في الجاه أو المنصب وينشغل به عن الله لأن الله نهانا عن ذلك فقال لنا أجمعين في كتاب الله
"أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ "[الأنفال : 28]
إذا حجبوكم عن الله أو جعلوكم تقصروا في طاعة الله أو جعلوكم تنشغلوا بهم عن الإقبال على حضرة الله جل في علاه
فمن جعل قلبه كله لله ولم يشغله إلا بمولاه توالى الله عز وجل كل أموره الظاهرة والباطنة وأغناه وكفاه
قام الله عز وجل بذاته بأمر أولاده وجعلهم في خير حال
نَمّى الله عز وجل بذاته الكريمة أمواله وجعله من الأغنياء بالله الذين لا يمدون يدا إلا لمساعدة الفقراء من خلق الله
أغناه الله عز وجل بجاهه فلم يجعله يَذل أو يُذل لأحد من خلق الله كان في وقاية الله وحمايته فلا يستطيع أحد أن ينتصر عليه ممن عاده لأنه مع الله ومن كان مع الله عز وجل كان معه وتولي الله جميع أموره ولو بغير سؤال
لا يحتاج إلي سؤال ولا دعاء مع أنه سبحانه أمرنا بالدعاء فذلك تصديق لشرع الله وعمل بسنة حبيب الله ومصطفاه
إلا أن صاحب هذا القلب يعطيه الله عز وجل بلا سؤال لأن الله عز وجل تعهد بذلك وقام بذلك لحبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم
ولذلك لو نظرنا إلي أنبياء الله في كتاب الله ونبينا صلوات ربي وتسليماته عليه نجد الله عز وجل لا يعطي الأنبياء إلا بعد السؤال لكنه يعطي حضرة النبي ما يرتجيه من غير السؤال
يقول موسى عليه السلام لربه
" قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي [طه 25 : 27]
ويقول الله لحبيبه
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح : 1]
بغير طلب ولا سؤال
ويقول موسي
وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى [طه : 84]
ويقول الله لحبيبه
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى : 5]
ويقول إبراهيم سائلا مولاه
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء 87: 89]
ويقول الله للحبيب ويدخلنا بحمده وفضله معه امة الحبيب
يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ [التحريم : 8]
وهكذا عهْد الله مع حبيبه ومصطفاه أعطاه مثلما أعطى الأنبياء والمرسلين أجمعين بلا طلب ولا سؤال لأنه كان قلبه خالصا لله وقد عبر عن ذلك كتاب الله فقال على لسان حضرته صلوات ربي وتسليماته عليه
قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام 162: 163]
ولذا أعطاه الله عز وجل إجابة الدعاء بغير طلب فلم يطلب من مولاه أن يعطيه الله عز وجل تحويل القبلة بل كان يولي وجهه إلي الله " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء [البقرة : 144]
ولم يقل ترديد لسانك بالدعاء وإنما كان قلبه هو الذي يتوجه إلي الله قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء [البقرة : 144]
واسمع معي بإذن قلبك فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا [البقرة : 144] ولم يقل الله وهو العلي القدير فلنولينك قبلة نرضاها ولكن هذه الآية تعبر عن قيمة الحبيب وقدره الوافي عند حضرة رب العالمين عز وجل فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا [البقرة : 144]
أي القبلة التي تريدها أعطيناها لك
فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة : 144]
ولذلك كانت السيدة عائشة من شدة ملاحظتها لأحوال النبي مع ربه تقول والله يا رسول الله إني لأرى ربك يسارع في هواك ( صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها)
فما يهوى أمرا إلا حققه له الله ولا يريد طلبا إلا وسعى في تحقيقه مولاه جل في علاه لأنه صلى الله عليه وسلم جعل قلبه لله
ما أولانا جماعة المؤمنين بهذا الدرس العظيم إن ما حاق بنا من مشاكل في بيوتنا ومن مشاكل في مجتمعاتنا ومن مشاكل في أوطاننا ومن تآلب الكفار والمشركين واليهود وغيرهم علينا وعلى أهل ديننا كل ذلك حصل لانصراف المؤمنين عن الله وتوليهم إلى الحياة الدنيا وانشغالهم بها عن حضرة الله عز وجل وقد تحدث عن ذلك حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما يحدث بيننا الآن فقال صلى الله عليه وسلم موضحا ذلك بأجلى بيان
" يوشك أن تداعى عليكم الأمم( تجتمع ) من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها قال قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ قال أنتم يومئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن قال قلنا وما الوهن قال حب الحياة وكراهية الموت " ( رواه احمد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم)
فكأن الذي أصابنا وأصاب أفرادنا وأسرنا ومجتمعاتنا ومجتمعات المسلمين أجمعين نتيجة الانشغال بالدنيا الزائد عن الحد ونسيان الناس أنهم يوما سيموتون وبين يدي الله سيحاسبون وفي حنايا التراب سيرقدون ولا ينفعهم إلا ما كانوا يعملون
وإذا انشغلنا بالدنيا كما ننشغل بها الآن هل نستطيع أن نحقق آمالنا فيها لا والله لأن الله عز وجل آلى على نفسه ألا يعطي الدنيا للمؤمنين الصادقين إلا لتكون خادمة لهم في كل وقت وحين واسمع إلى الأثر الذي يقول " يا دنيا من خدمني فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه"
فمن خدم الله وأقام نفسه طائعا لمولاه خدمته الدنيا وسُخرت له بأمر الله جل في علاه أما من سَخر نفسه للدنيا فإنه يجرى وراءها وتجري من أمامه فلا يلحق بها ولا ينال منها إلا ما قدر له ويظل طوال عمره مهموما مغموما ويخرج من الدنيا ولم يحظ برضا الله ولم يدخل في معية حبيب الله ومصطفاه
قال صلى الله عليه وسلم
" أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا دَارُ الْتِوَاءٍ ، لا دَارُ اسْتِوَاءٍ ، وَمَنْزِلُ تَرَحٍ ، لا مَنْزِلُ فَرَحٍ ، فَمَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَفْرَحْ لِرَجَاءٍ ، وَلَمْ يَحْزَنْ لِشَقَاءٍ ، أَلا وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا دَارَ بَلْوَى ، وَالآخِرَةَ دَارَ عُقْبَى ، فَجَعَلَ بَلْوَى الدُّنْيَا لِثَوَابِ الآخِرَةِ سَبَبًا ، وَثَوَابَ الآخِرَةِ مِنْ بَلْوَى الدُّنْيَا عِوَضًا ، فَيَأْخُذُ لِيُعْطِيَ ، وَيَبْتَلِي لِيَجْزِيَ ، وَإِنَّهَا لَسَرِيعَةُ الذَّهَابِ ، وَشِيكَةُ الانْقِلابِ ، فَاحْذَرُوا حَلاوَةَ رَضَاعِهَا لِمَرَارَةِ فِطَامِهَا ، وَاهْجُرُوا لَذِيذَ عَاجِلِهَا ، لِكَرِيهِ آجِلِهَا ، وَلا تَسْعُوا فِي عُمْرَانِ دَارٍ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ خَرَابَهَا ، وَلا تُوَاصِلُوهَا وَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ مِنْكُمُ اجْتِنَابَهَا ، فَتَكُونُوا لِسَخَطِهِ مُتَعَرِّضِينَ ، وَلِعُقُوبَتِهِ مُسْتَحِقِّينَ "(الديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما)
أو كما قال
🤲 ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين العلي القدير الذي هو بالإجابة جدير وهو على كل شيء قدير
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يتنزل في ليلة النصف من شعبان لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر فأغفر له ألا من داع فأستجيب له ألا من مريض فأشفيه ألا من سائل فأعطيه ألا من كذا ، ألا من كذا حتى مطلع الفجر ،
واشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه أوصانا بإحياء ليلة النصف من شعبان بين يدي الله وصيام نهارها طلبا لمرضاة الله فقال صلى الله عليه وسلم:-
" إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله يتجلى في هذه الليلة لعباده فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن أو زان أو شارب خمر أو عاق لوالديه أو مصرّ على معصية " (ابن ماجة عن على رضي الله عنه )
اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المحبوب سيدنا محمد الذي أخبرنا عن عطايا علام الغيوب فقال :
" إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها فعسى أن تصيبكم نفحة لن تشقوا بعدها أبدا " (رواه الطبراني في الكبير عن محمد بن مسلمة الأنصاري)
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
درس صغير نتعلمه في هذه الحادثة من أصحاب البشير النذير صلى الله عليه وسلم
وما أحوج المؤمنين في هذا العصر إلى هذا الدرس
كان المؤمنون ولا يزالون إذا سمعوا من يقول قال الله أو قال رسول الله قالوا كما قال الله "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا"( البقرة 285)
وأصبحنا في هذا الزمان زمن سوء تقول لأحدهم يقول الله
يقول لك أنا أريد كذا وأنا أشتهي كذا وأنا رأيي كذا فأصبح العباد لهم آراء مع رب العباد وأصبح المؤمنون لا يرتضون بسنة الحبيب ويخرج كل واحد منهم برأي يخالف هدي الحبيب وللأسف يرى انه مصيب وهذا ما نعاني منه جماعة المؤمنين
لكن انظر إلى أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم ورضوان الله تبارك وتعالى عليهم أجمعين صلّى النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد بني غنم صلاة الظهر أو العصر والتي جاء فيها الأمر من السماء أن يتجه إلى بيت المقدس لكن أهل مسجد قباء لم يبلغهم الخبر فأحد الحاضرين مع النبي الأمين كان ذاهبا إلى هناك في صلاة الفجر وهم يصلون وقال لهم وهم يصلون يا قوم لقد أُمر النبي بالصلاة تجاه بيت الله الحرام فوراً وهم في الصلاة استمعوا وأطاعوا وأداروا صفوفهم واتجهوا جميعا إلى قبلة إبراهيم برأي سمعوه من رجل من عوام المسلمين لم يجادلوه لأنهم كانوا في الصلاة ولم ينتظروا أن يتحققوا من قوله ويقولوا لعله يكذب لعله ليس بصادق لأنهم كانوا صادقين ويتعاملون جميعا بالصدق ولذا قال فيهم رب العالمين
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ( التوبة 119)
هكذا كان الأمر عندما كان مجتمعنا يسلّم للعلماء الأجلاء أهل الخشية من رب العالمين كان العالم عندما يقول قولا يخشى أن يخالف هدي الله أو يأتي بقول يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جميع الحضور يثقون في قوله ويسارعون إلى فعله لأنهم يعلمون أن في ذلك الخير لهم وللمؤمنين أجمعين وقد سمعوا الله عز وجل يقول في ذلك
" وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (68)" (النساء)
أما اليوم فوجدنا معظم الناس متعالمين إذا أمرهم العالم بأمر يقولون من أين أتيت به وفي أي كتاب وجدته وما سنده ، وأريد أن أراه بعيني أصبحنا لا يصدق بعضنا بعضا فتفرق المسلمون وأصبحوا بعد الجميع متفرقين وبعد الجماعة شراذم وأفاكين وهذه داهية عظمى نسأل الله عز وجل أن يرفعها من بين المسلمين .... ثم الدعاء
*************************
وللمزيد من الخطب متابعة
صفحة الخطب الإلهامية
او
الدخول على موقع فضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد
****************
الحمد لله رب العالمين يقبل على كل عبد أقبل عليه عز وجل وناجاه فيغفر للمستغفرين ويلبي الدعاء للطالبين ويحقق الآمال للراجين لأنه عز وجل على كل شيء قدير
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من توكل عليه كفاه ومن استند عليه قواه ومن استغنى به أغناه ومن استنصر به نصره على كل من عاداه
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أحبه الله عز وجل حباً يتعدى جميع الأوصاف والحدود فجعل له من القدر العظيم والجاه الكريم ما لم يصل إليه نبي ولا رسول ولا مَلَك ولا أحد من خلق الله.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد سدرة منتهى علوم الخلائق والسبب الذي أوصلتَ به الهداية لكل محبوب صامت أو ناطق صلى الله عليه وآله الأطهار وصحابته الأخيار وكل من مشى على هديه إلي يوم الدين وعلينا معهم أجمعين آمين يا رب العالمين
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
ونحن في هذه الأيام المباركة ذكرى تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلي بيت الله الحرام وحدث ذلك مع الحبيب المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم السلام في يوم الخامس عشر من شهر شعبان بعد الهجرة من مكة إلى المدينة بحوالي ستة عشر شهراً
وعندما فرضت الصلاة في مكة قبل الهجرة بعام كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف أمام الكعبة وخلفها في نفس الاتجاه المسجد الأقصى فلم يكون هناك مشكلة لأنه يتجه للقبلتين في وقت واحد فلما أمره ربه عز وجل أن يهاجر إلي المدينة المنورة وأمره أن يتجه في صلاته إلي بيت المقدس قبلة الأنبياء والمرسلين السابقين وتأليفاً لأهل الكتاب لعلهم يعملون بوصية أنبيائهم فيتّبعوه وينصروه
فكان صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يتجه إلي بيت المقدس والكعبة في آن واحد فاتجه إلي بيت المقدس لكنه كان يحن بقلبه إلي الكعبة قبلة أبيه إبراهيم ويريد أن يتجه إليها
وكان صلى الله عليه وسلم من شدة أدبه مع ربه لا يطلب بلسانه ولا يسأل الله بأقواله ولكنه يعرض حاله على الله وهو يعلم علم اليقين أنه يطلع عليه ويراه فلما كان الخامس عشر من شهر شعبان وكان في صلاة الظهر أو العصر على اختلاف الروايات وكان مدعوا إلي وليمة في قبيلة بني غنم وهي قبيلة من الأنصار وأذن للصلاة واصطف المسلمون خلفه وبدأ بهم الصلاة وصلى الركعة الأولي والثانية تجاه بيت المقدس فأوحي إليه في الصلاة
"قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ" [البقرة : 144]
فألتفت النبي صلى الله عليه وسلم عند القيام إلي الركعة الثالثة تجاه البيت الحرام قبلة إبراهيم وقبلتنا جماعة المسلمين أجمعين.
هذا الحدث كم فيه من عبر لأولي الألباب وكم فيه من دروس لمن فقه الكتاب وكم فيه من آيات بينات لمن يعامل مولاه عز وجل لا بالبراهين ولا بالأدلة ولكن باسترسال القلوب نحو الحبيب المحبوب عز وجل
ماذا لنا أجمعين جماعة المسلمين نتعلمه من هذا الدرس الكريم ؟
أكتفي بدرس واحد ليتنا نعمل به فيصلح حالنا الواحد عز وجل وهو خير درس نتعلمه من الحبيب صلوات ربي وتسليماته عليه
هذا الدرس الكريم كأن الله عز وجل يقول لنا من أراد أن تقضي جميع حوائجه
ومن أراد أن يدعو فيستجيب له الله الدعاء
ومن أراد كل أمر يرتجيه حقق الله عز وجل له فيه الرجاء
ومن أراد أن يكون الله معه عونه ومدده فينصره على جميع الأعداء
ومن أراد أن يغنيه الله عز وجل بفضله فلا يمد يده بالعطاء إلا إلي خالق الأرض والسماء
ومن أراد أن يشفيه الله عز وجل من كل داء
ومن أراد أن يستر الله أهله وأولاده في الدنيا ولا يفضحهم يوم العرض والجزاء
من أراد أي أمر يحقق له فورا
عليه أن يجعل قلبه لمولاه ولا يجعل في القلب أحداً سواه يطهر القلب لله ويجعله خالصاً لمولاه فلا يملأ القلب إلا بحب الله وحب حبيب الله ومصطفاه وحب المؤمنين الصادقين من عباد الله لا يضع فيه شاغلا من الشواغل الكونية تزاحم حب الحضرة الإلهية فلا يدخل في قلبه حب الأموال لتكون شريكة حاش لله ذو الجلال والإكرام ولا يكون همه كله في الأولاد أو في الزوجة أو في الجاه أو المنصب وينشغل به عن الله لأن الله نهانا عن ذلك فقال لنا أجمعين في كتاب الله
"أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ "[الأنفال : 28]
إذا حجبوكم عن الله أو جعلوكم تقصروا في طاعة الله أو جعلوكم تنشغلوا بهم عن الإقبال على حضرة الله جل في علاه
فمن جعل قلبه كله لله ولم يشغله إلا بمولاه توالى الله عز وجل كل أموره الظاهرة والباطنة وأغناه وكفاه
قام الله عز وجل بذاته بأمر أولاده وجعلهم في خير حال
نَمّى الله عز وجل بذاته الكريمة أمواله وجعله من الأغنياء بالله الذين لا يمدون يدا إلا لمساعدة الفقراء من خلق الله
أغناه الله عز وجل بجاهه فلم يجعله يَذل أو يُذل لأحد من خلق الله كان في وقاية الله وحمايته فلا يستطيع أحد أن ينتصر عليه ممن عاده لأنه مع الله ومن كان مع الله عز وجل كان معه وتولي الله جميع أموره ولو بغير سؤال
لا يحتاج إلي سؤال ولا دعاء مع أنه سبحانه أمرنا بالدعاء فذلك تصديق لشرع الله وعمل بسنة حبيب الله ومصطفاه
إلا أن صاحب هذا القلب يعطيه الله عز وجل بلا سؤال لأن الله عز وجل تعهد بذلك وقام بذلك لحبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم
ولذلك لو نظرنا إلي أنبياء الله في كتاب الله ونبينا صلوات ربي وتسليماته عليه نجد الله عز وجل لا يعطي الأنبياء إلا بعد السؤال لكنه يعطي حضرة النبي ما يرتجيه من غير السؤال
يقول موسى عليه السلام لربه
" قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي [طه 25 : 27]
ويقول الله لحبيبه
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح : 1]
بغير طلب ولا سؤال
ويقول موسي
وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى [طه : 84]
ويقول الله لحبيبه
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى : 5]
ويقول إبراهيم سائلا مولاه
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء 87: 89]
ويقول الله للحبيب ويدخلنا بحمده وفضله معه امة الحبيب
يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ [التحريم : 8]
وهكذا عهْد الله مع حبيبه ومصطفاه أعطاه مثلما أعطى الأنبياء والمرسلين أجمعين بلا طلب ولا سؤال لأنه كان قلبه خالصا لله وقد عبر عن ذلك كتاب الله فقال على لسان حضرته صلوات ربي وتسليماته عليه
قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام 162: 163]
ولذا أعطاه الله عز وجل إجابة الدعاء بغير طلب فلم يطلب من مولاه أن يعطيه الله عز وجل تحويل القبلة بل كان يولي وجهه إلي الله " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء [البقرة : 144]
ولم يقل ترديد لسانك بالدعاء وإنما كان قلبه هو الذي يتوجه إلي الله قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء [البقرة : 144]
واسمع معي بإذن قلبك فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا [البقرة : 144] ولم يقل الله وهو العلي القدير فلنولينك قبلة نرضاها ولكن هذه الآية تعبر عن قيمة الحبيب وقدره الوافي عند حضرة رب العالمين عز وجل فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا [البقرة : 144]
أي القبلة التي تريدها أعطيناها لك
فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة : 144]
ولذلك كانت السيدة عائشة من شدة ملاحظتها لأحوال النبي مع ربه تقول والله يا رسول الله إني لأرى ربك يسارع في هواك ( صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها)
فما يهوى أمرا إلا حققه له الله ولا يريد طلبا إلا وسعى في تحقيقه مولاه جل في علاه لأنه صلى الله عليه وسلم جعل قلبه لله
ما أولانا جماعة المؤمنين بهذا الدرس العظيم إن ما حاق بنا من مشاكل في بيوتنا ومن مشاكل في مجتمعاتنا ومن مشاكل في أوطاننا ومن تآلب الكفار والمشركين واليهود وغيرهم علينا وعلى أهل ديننا كل ذلك حصل لانصراف المؤمنين عن الله وتوليهم إلى الحياة الدنيا وانشغالهم بها عن حضرة الله عز وجل وقد تحدث عن ذلك حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما يحدث بيننا الآن فقال صلى الله عليه وسلم موضحا ذلك بأجلى بيان
" يوشك أن تداعى عليكم الأمم( تجتمع ) من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها قال قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ قال أنتم يومئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن قال قلنا وما الوهن قال حب الحياة وكراهية الموت " ( رواه احمد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم)
فكأن الذي أصابنا وأصاب أفرادنا وأسرنا ومجتمعاتنا ومجتمعات المسلمين أجمعين نتيجة الانشغال بالدنيا الزائد عن الحد ونسيان الناس أنهم يوما سيموتون وبين يدي الله سيحاسبون وفي حنايا التراب سيرقدون ولا ينفعهم إلا ما كانوا يعملون
وإذا انشغلنا بالدنيا كما ننشغل بها الآن هل نستطيع أن نحقق آمالنا فيها لا والله لأن الله عز وجل آلى على نفسه ألا يعطي الدنيا للمؤمنين الصادقين إلا لتكون خادمة لهم في كل وقت وحين واسمع إلى الأثر الذي يقول " يا دنيا من خدمني فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه"
فمن خدم الله وأقام نفسه طائعا لمولاه خدمته الدنيا وسُخرت له بأمر الله جل في علاه أما من سَخر نفسه للدنيا فإنه يجرى وراءها وتجري من أمامه فلا يلحق بها ولا ينال منها إلا ما قدر له ويظل طوال عمره مهموما مغموما ويخرج من الدنيا ولم يحظ برضا الله ولم يدخل في معية حبيب الله ومصطفاه
قال صلى الله عليه وسلم
" أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا دَارُ الْتِوَاءٍ ، لا دَارُ اسْتِوَاءٍ ، وَمَنْزِلُ تَرَحٍ ، لا مَنْزِلُ فَرَحٍ ، فَمَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَفْرَحْ لِرَجَاءٍ ، وَلَمْ يَحْزَنْ لِشَقَاءٍ ، أَلا وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا دَارَ بَلْوَى ، وَالآخِرَةَ دَارَ عُقْبَى ، فَجَعَلَ بَلْوَى الدُّنْيَا لِثَوَابِ الآخِرَةِ سَبَبًا ، وَثَوَابَ الآخِرَةِ مِنْ بَلْوَى الدُّنْيَا عِوَضًا ، فَيَأْخُذُ لِيُعْطِيَ ، وَيَبْتَلِي لِيَجْزِيَ ، وَإِنَّهَا لَسَرِيعَةُ الذَّهَابِ ، وَشِيكَةُ الانْقِلابِ ، فَاحْذَرُوا حَلاوَةَ رَضَاعِهَا لِمَرَارَةِ فِطَامِهَا ، وَاهْجُرُوا لَذِيذَ عَاجِلِهَا ، لِكَرِيهِ آجِلِهَا ، وَلا تَسْعُوا فِي عُمْرَانِ دَارٍ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ خَرَابَهَا ، وَلا تُوَاصِلُوهَا وَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ مِنْكُمُ اجْتِنَابَهَا ، فَتَكُونُوا لِسَخَطِهِ مُتَعَرِّضِينَ ، وَلِعُقُوبَتِهِ مُسْتَحِقِّينَ "(الديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما)
أو كما قال
🤲 ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين العلي القدير الذي هو بالإجابة جدير وهو على كل شيء قدير
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يتنزل في ليلة النصف من شعبان لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر فأغفر له ألا من داع فأستجيب له ألا من مريض فأشفيه ألا من سائل فأعطيه ألا من كذا ، ألا من كذا حتى مطلع الفجر ،
واشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه أوصانا بإحياء ليلة النصف من شعبان بين يدي الله وصيام نهارها طلبا لمرضاة الله فقال صلى الله عليه وسلم:-
" إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله يتجلى في هذه الليلة لعباده فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن أو زان أو شارب خمر أو عاق لوالديه أو مصرّ على معصية " (ابن ماجة عن على رضي الله عنه )
اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المحبوب سيدنا محمد الذي أخبرنا عن عطايا علام الغيوب فقال :
" إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها فعسى أن تصيبكم نفحة لن تشقوا بعدها أبدا " (رواه الطبراني في الكبير عن محمد بن مسلمة الأنصاري)
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
درس صغير نتعلمه في هذه الحادثة من أصحاب البشير النذير صلى الله عليه وسلم
وما أحوج المؤمنين في هذا العصر إلى هذا الدرس
كان المؤمنون ولا يزالون إذا سمعوا من يقول قال الله أو قال رسول الله قالوا كما قال الله "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا"( البقرة 285)
وأصبحنا في هذا الزمان زمن سوء تقول لأحدهم يقول الله
يقول لك أنا أريد كذا وأنا أشتهي كذا وأنا رأيي كذا فأصبح العباد لهم آراء مع رب العباد وأصبح المؤمنون لا يرتضون بسنة الحبيب ويخرج كل واحد منهم برأي يخالف هدي الحبيب وللأسف يرى انه مصيب وهذا ما نعاني منه جماعة المؤمنين
لكن انظر إلى أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم ورضوان الله تبارك وتعالى عليهم أجمعين صلّى النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد بني غنم صلاة الظهر أو العصر والتي جاء فيها الأمر من السماء أن يتجه إلى بيت المقدس لكن أهل مسجد قباء لم يبلغهم الخبر فأحد الحاضرين مع النبي الأمين كان ذاهبا إلى هناك في صلاة الفجر وهم يصلون وقال لهم وهم يصلون يا قوم لقد أُمر النبي بالصلاة تجاه بيت الله الحرام فوراً وهم في الصلاة استمعوا وأطاعوا وأداروا صفوفهم واتجهوا جميعا إلى قبلة إبراهيم برأي سمعوه من رجل من عوام المسلمين لم يجادلوه لأنهم كانوا في الصلاة ولم ينتظروا أن يتحققوا من قوله ويقولوا لعله يكذب لعله ليس بصادق لأنهم كانوا صادقين ويتعاملون جميعا بالصدق ولذا قال فيهم رب العالمين
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ( التوبة 119)
هكذا كان الأمر عندما كان مجتمعنا يسلّم للعلماء الأجلاء أهل الخشية من رب العالمين كان العالم عندما يقول قولا يخشى أن يخالف هدي الله أو يأتي بقول يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جميع الحضور يثقون في قوله ويسارعون إلى فعله لأنهم يعلمون أن في ذلك الخير لهم وللمؤمنين أجمعين وقد سمعوا الله عز وجل يقول في ذلك
" وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (68)" (النساء)
أما اليوم فوجدنا معظم الناس متعالمين إذا أمرهم العالم بأمر يقولون من أين أتيت به وفي أي كتاب وجدته وما سنده ، وأريد أن أراه بعيني أصبحنا لا يصدق بعضنا بعضا فتفرق المسلمون وأصبحوا بعد الجميع متفرقين وبعد الجماعة شراذم وأفاكين وهذه داهية عظمى نسأل الله عز وجل أن يرفعها من بين المسلمين .... ثم الدعاء
*************************
وللمزيد من الخطب متابعة
صفحة الخطب الإلهامية
او
الدخول على موقع فضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد