ما الفرق بين عُروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وبين رفع سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء؟
------------
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عُرج به إلى السماء كما قلنا ليؤدِّي رسالة إلى أهل السماء، ولتُفرض عليه فريضة لنا جماعة المؤمنين من أهل الأرض وهي الصلاة. فأُرسل إلى السماوات العُلى والمعراج لمهمَّة عليَّة، مهمة لأهل الملأ الأعلى ومهمة لأهل الأرض.
لكن سيدنا عيسى عندما همَّ اليهود بقتله، ودبَّروا أن يمسكوا به ويقتلوه، فنجَّاه الله عزَّ وجلَّ من كيدهم فألقى شبهَه على من أبلغ عنه، وهذه كانت حكمة إلهية، أنه ذهب ليُبلغ عنه اليهود فألقى الله شبهه عليه، ورفع الله عيسى لينجِّيه من مكرهم وكيدهم، وقتلوا يهوذا - الذي أبلغ عنه - على أنه عيسى: (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ) (158النساء)، ورفعه الله إليه إلى السماء، ثم نام في السماء نومةً طويلة: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) (55آل عمران) إلى أن يأتي آخر الزمان.
ومن علامات قُرب الساعة أن يستيقظ من هذه النومة ثم يهبط إلى الأرض ليكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويدعو إلى النبي على منهج النبي المحمدي صلى الله عليه وسلم وينزل في بلاد الشام عندما تبدأ الحرب الأخيرة بين المسلمين وبين اليهود، ويدخل مع المسلمين بيت المقدس عندما يفتح الله عزَّ وجلَّ عليهم هذا البيت المبارك ليحرروه، ويُصلي خلف إمام المسلمين صلاة الظهر في بيت المقدس.
ويعيش على الأرض بعد ذلك أربعين عاماً يتزَّوج فيها ويُنجب فيها، ويكون مؤيِّداً للرسالة المحمدية فيها ليتحقق قول الله عزَّ وجلَّ: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (33التوبة)
قد يقول البعض: كيف يموت هذه المدة الطويلة؟
ضرب الله لنا مثلاً في القرآن بأهل الكهف عندما توفاهم الله ثلاثمائة سنة شمسية، وثلاث مائة سنة وتسعة قمرية، وضرب الله لنا مثلاً بالعُزير عندما ذهب إلى بيت المقدس بعد أن خرَّبها بُختُنصَّر ملك الفُرس وقال: (أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) (259البقرة)
فضرب الله لنا هذه الأمثلة لنعلم أن الذي أمات هذا مائة عام، وأن الذي أمات هؤلاء ثلاثمائة عام - لا يُعجزه أن يُنيم سيدنا عيسى عليه السلام ما شاء عزَّ وجلَّ من الأعوام، لأن قدرته صالحة لكل شيء، والله على كل شيء قدير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AA%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%AC
منقول من كتاب {تجليات المعراج} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً