لم جعل الله رفيقاً لرسول الله في رحلة الإسراء والمعراج، مع أن الله قادرٌ على أن يوصِّله بلا رفيقٍ ولا دليل؟
------------
هنا حِكمٌ جمَّة لا نستطيع حصرها ولا ذكرها كلها!!. أول هذه الحكم: أن الله عزَّ وجلَّ يوضِّح لنا جماعة المؤمنين أن السفر إلى الله عزَّ وجلَّ وطاعته وعبادته والتوجه إليه لا يستطيعه إنسان بمفرده بدون رفيق يأخذ بيده ويعينه على بلوغ هذا الطريق.
فسيدنا موسى عندما كلَّفه الله بالرسالة، دعا الله فقال: (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي) (25: 28طه). وبعد ذلك: (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي. هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (29: 32طه).
ففي أى سفرٍ حتى ولو كان في الأسفار الدنيوية قيل: ((خذ الرفيق قبل الطريق))، أنا أنام هو يحرسني، وهو ينام أنا أحرسه، أنا أريد أن أقضي حاجتي أترك شنطتي وهو يحرسها، أو أريد أن أترك المحمول فأجعله معه يحفظه حتى أقضي حاجتي، فلابد من الرفيق قبل الطريق، ولو حدث لي أمرٌ ملم، سيتصل بالجهات وبالأهل ويعرفهم، فما بالكم بالسفر إلى الله عزَّ وجلَّ؟! والقواطع فيه كثيرة وأعظمها الشيطان الرجيم. فهذا كان تنبيهاً بأول أمر للمؤمنين أن السفر الدنيوي يحتاج إلى رفيق عالمٌ بالطريق، والسفر إلى الله والعمل الصالح الموصل إلي الله يحتاج أيضاً إلى عالمٍ علَّمه الله عزَّ وجلَّ ما به يصِّح اجتياز هذا الطريق.
الأمر الثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الله تشريفه وتكريمه، فلو بعث له وحده، فلن يدري به أحد، ولكن قيَّض الله له الأمين جبريل، فذهب الأمين جبريل يمشي معه ليعرِّف به، فعرَّفه بالأنبياء والمرسلين في بيت المقدس، وسيدنا رسول الله كان حييَّاً شديد الحياء، فمن الذي سيصلي بهم؟ فلا يستطيع من نفسه أن يتقدَّم على أحد، فأمسك سيدنا جبريل بيده وقال له: ((يا رسول الله، تقدَّم صلَّ بهم فأنت لهم الإمام))، لكن رسول الله لم يكن ليفعل هذا من نفسه لأنه كان شديد الحياء.
فأرسل الله معه جبريل لتكريمه ومعه البراق، فمن الذي يمسك بزمام البراق؟!!، ومن الذي يربط البراق حتى يدخل إلى بيت المقدس ليُصلي؟!!، لابد وأن يكون معه خادم، والخادم كان يمسك بزمام البراق ويمشي أمامه.ولما ذهب إلى بيت المقدس ذهب لصخرة ووضع فيها أصبعه فخرم الصخرة وربط فيها البراق، من الذى ربطه؟ سيدنا جبريل، لأن النبى مشغول عن ذلك، لأنه ضيفٌ عظيمٌ على الله فلابد وأن يبعث له بخادم، فسيدنا جبريل لم يتولى إرشاده ولكن كان يتولى خدمته صلوات ربي وتسليماته عليه على عادة الملوك الكرام، فملك الملوك أرسله معه ليقوم بخدمته، وليُعرِّف الناس به صلى الله عليه وسلم.
أيضاً سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهي خصوصية له - كان قلبه مُعلقاً بالله بالكلية، ولذلك لما عُرج به إلى السماوات، والسماوات متزينة، والملائكة متجمعين ومتجملين، فلم ينظر إلى هذا ولا إلى ذاك: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) (17النجم)، فكيف يدخل هنا أو هناك؟ فالذي كان ينبهه فى هذا الوقت جبريل لأنه مشغولٌ بالجليل الأعظم عزَّ وجلَّ، فكان جبريل منبهاً له ليتوقف عند المحطات التي رسمها له الله عزَّ وجلَّ إن كان في عالم الملك أوفى عالم الملكوت، لأنه كان مشغولاً بالكلية بالله.
ففي عالم الملك وعند المدينة قال له: هنا موضع هجرتك، وهو مشغول عن ذلك في هذا الوقت لأنه يريد الله، هنا قبر أخيك موسى فانزل فصلِّ، وهنا وُلد عيسى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مشغولاً في هذا الوقت إلا بالله، فكان جبريل عليه السلام هو الذي ينبهه لتنفيذ الخطة الإلهية التي رسمها له الله في الإسراء والمعراج.
وأيضاً في السماوات نفس الكيفية، حتى وصل إلي سدرة المنتهى وقال له: هنا انتهت مهمتي، حتى نعرف كلنا ونعلم علم اليقين أن جبريل لم يكن أعلم من النبي، لأنه لم يكن يمشي أمامه، بل جاء لهذا المكان ووقف والذي أكمل المسيرة هو النبي، فهو الأعلم منه لأنه مشى، فقال له: أنا لو تقدمت قدر أنملة - طرف الأصبع - لاحترقت، وأنت لو تقدمت لاخترقت: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ) (164الصافات)، فأنت لك الحظوة الكبرى، ولك مقام قاب قوسين أو أدنى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AA%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%AC
منقول من كتاب {تجليات المعراج} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
[/frame]------------
هنا حِكمٌ جمَّة لا نستطيع حصرها ولا ذكرها كلها!!. أول هذه الحكم: أن الله عزَّ وجلَّ يوضِّح لنا جماعة المؤمنين أن السفر إلى الله عزَّ وجلَّ وطاعته وعبادته والتوجه إليه لا يستطيعه إنسان بمفرده بدون رفيق يأخذ بيده ويعينه على بلوغ هذا الطريق.
فسيدنا موسى عندما كلَّفه الله بالرسالة، دعا الله فقال: (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي) (25: 28طه). وبعد ذلك: (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي. هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (29: 32طه).
ففي أى سفرٍ حتى ولو كان في الأسفار الدنيوية قيل: ((خذ الرفيق قبل الطريق))، أنا أنام هو يحرسني، وهو ينام أنا أحرسه، أنا أريد أن أقضي حاجتي أترك شنطتي وهو يحرسها، أو أريد أن أترك المحمول فأجعله معه يحفظه حتى أقضي حاجتي، فلابد من الرفيق قبل الطريق، ولو حدث لي أمرٌ ملم، سيتصل بالجهات وبالأهل ويعرفهم، فما بالكم بالسفر إلى الله عزَّ وجلَّ؟! والقواطع فيه كثيرة وأعظمها الشيطان الرجيم. فهذا كان تنبيهاً بأول أمر للمؤمنين أن السفر الدنيوي يحتاج إلى رفيق عالمٌ بالطريق، والسفر إلى الله والعمل الصالح الموصل إلي الله يحتاج أيضاً إلى عالمٍ علَّمه الله عزَّ وجلَّ ما به يصِّح اجتياز هذا الطريق.
الأمر الثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الله تشريفه وتكريمه، فلو بعث له وحده، فلن يدري به أحد، ولكن قيَّض الله له الأمين جبريل، فذهب الأمين جبريل يمشي معه ليعرِّف به، فعرَّفه بالأنبياء والمرسلين في بيت المقدس، وسيدنا رسول الله كان حييَّاً شديد الحياء، فمن الذي سيصلي بهم؟ فلا يستطيع من نفسه أن يتقدَّم على أحد، فأمسك سيدنا جبريل بيده وقال له: ((يا رسول الله، تقدَّم صلَّ بهم فأنت لهم الإمام))، لكن رسول الله لم يكن ليفعل هذا من نفسه لأنه كان شديد الحياء.
فأرسل الله معه جبريل لتكريمه ومعه البراق، فمن الذي يمسك بزمام البراق؟!!، ومن الذي يربط البراق حتى يدخل إلى بيت المقدس ليُصلي؟!!، لابد وأن يكون معه خادم، والخادم كان يمسك بزمام البراق ويمشي أمامه.ولما ذهب إلى بيت المقدس ذهب لصخرة ووضع فيها أصبعه فخرم الصخرة وربط فيها البراق، من الذى ربطه؟ سيدنا جبريل، لأن النبى مشغول عن ذلك، لأنه ضيفٌ عظيمٌ على الله فلابد وأن يبعث له بخادم، فسيدنا جبريل لم يتولى إرشاده ولكن كان يتولى خدمته صلوات ربي وتسليماته عليه على عادة الملوك الكرام، فملك الملوك أرسله معه ليقوم بخدمته، وليُعرِّف الناس به صلى الله عليه وسلم.
أيضاً سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهي خصوصية له - كان قلبه مُعلقاً بالله بالكلية، ولذلك لما عُرج به إلى السماوات، والسماوات متزينة، والملائكة متجمعين ومتجملين، فلم ينظر إلى هذا ولا إلى ذاك: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) (17النجم)، فكيف يدخل هنا أو هناك؟ فالذي كان ينبهه فى هذا الوقت جبريل لأنه مشغولٌ بالجليل الأعظم عزَّ وجلَّ، فكان جبريل منبهاً له ليتوقف عند المحطات التي رسمها له الله عزَّ وجلَّ إن كان في عالم الملك أوفى عالم الملكوت، لأنه كان مشغولاً بالكلية بالله.
ففي عالم الملك وعند المدينة قال له: هنا موضع هجرتك، وهو مشغول عن ذلك في هذا الوقت لأنه يريد الله، هنا قبر أخيك موسى فانزل فصلِّ، وهنا وُلد عيسى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مشغولاً في هذا الوقت إلا بالله، فكان جبريل عليه السلام هو الذي ينبهه لتنفيذ الخطة الإلهية التي رسمها له الله في الإسراء والمعراج.
وأيضاً في السماوات نفس الكيفية، حتى وصل إلي سدرة المنتهى وقال له: هنا انتهت مهمتي، حتى نعرف كلنا ونعلم علم اليقين أن جبريل لم يكن أعلم من النبي، لأنه لم يكن يمشي أمامه، بل جاء لهذا المكان ووقف والذي أكمل المسيرة هو النبي، فهو الأعلم منه لأنه مشى، فقال له: أنا لو تقدمت قدر أنملة - طرف الأصبع - لاحترقت، وأنت لو تقدمت لاخترقت: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ) (164الصافات)، فأنت لك الحظوة الكبرى، ولك مقام قاب قوسين أو أدنى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AA%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%AC
منقول من كتاب {تجليات المعراج} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً