نحتفي هذه الأيام ونفرح بذكرى ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نستطيع في هذا الوقت أن نُبيِّن الجوانب التي أضاء بها حياتنا، ورفع بها شأن مجتمعاتنا، ورَقَّى بها كل أحوال البشرية جمعاء، ولكننا وإخواننا في البشرية أجمعين يحق لنا أن نتباهى ونفتخر في هذا الوقت بهذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
لقد كان مَنْ قبله من أهل الديانات السماوية، أو المذاهب الإنسانية يُجْبرون إتباع الديانات على ترك العادات الاجتماعية الكريمة والإقبال على العبادات، والتشدُّد في مجال هذه المجاهدات، وكلما تشدَّد الإنسان في الجهاد في العبادة، وبَعُد عن مُتع الدنيا وطيباتها، كانت له المنزلة العظيمة في هذه الديانات وهذه المسائل،
حتى جاء النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فلم يجعل عبادتنا لله في صوامع، أو أماكن بعيدة عن المدينة، ولم يدعُنا إلى الانسلاخ من الحياة البشرية، أو ترك الطيبات التي أوجدها الله لنا في دار الدنيا، بل نزَّل عليه لنا قول الله عز وجل:
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (32الأعراف).
فلم يُحرِّم علينا شيئاً إلا إذا كان فيه ضَرر مُحقَّق لنا، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة والعلوم العصرية هذا الشأن فإذا التفتنا إلى عبادته صلى الله عليه وسلم نجدها كما تحقَّق في زماننا دعوة للرُّقي والسمو لأعضاء جسم الإنسان.
لقد أثبتت الأبحاث الطبِّية الحديثة أن الوضوء للإنسان، وما يتمُّ من غسل الجوارح في اليوم خمس مرات بالماء، فيه وقاية من كثير من الأمراض أثبتها أحد الباحثين بجامعة الإسكندرية وحصل بها على درجة الماجستير، فأثبت علمياً أن الوضوء يقي من أمراض البرد والزكام، ويقي الإنسان من الإصابة بالجذام، ويحفظه من سرطان الجلد وكثير من الأمراض، يحمي الله عز وجل الإنسان منها إذا غسل أعضاء الوضوء بالماء خمس مرات في اليوم.
ثم هو صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نجتمع يوم الجمعة من كل أسبوع على الأقل، ويأمر أن نُجهِّز أنفسنا عند الذِّهاب لبيت الله، بأن نغتسل ونًلْبس أحسن ما عندنا من الثياب، ونضع العطر والطيب حتى ندخل بيت الله متجمّلين، ولا نُؤْذي إخواننا من الإنس أو الملائكة بالروائح التي لا تُرْضي أذواقهم ومشامِّهم
ويأمرنا أن نغسل الأسنان عند كل وضوء بالسواك، وأنتم تعلمون جميعاً أن معظم أمراض الجسم تأتي عن طريق الأسنان، فانظر إلى هذه الحكمة العظيمة التي جاء بها النَّبي العدنان صلوات الله وسلامه عليه، فقد كان أول إنسان في الوجود جعل لنفسه حقيبة يحملها في السفر، ماذا كان فيها؟
استمعوا إلى وصف السيدة عائشة لما بها حيث قالت رضي عنها:
{ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُفارق في سفره أربعة أشياء: سِوَاكه لغسل أسنانه، وطِيبه ليضعه على جسده، ومِرْآته ليُصْلح فيها هيئته وقارورة زيت ليضع منها على شعره }(1)
وفى معنى الحديث كان صلى الله عليه وسلم عندما تأتيه الوفود يأمر بإدخالهم إلى غُرْفة الاستقبال، ثم ينظر في المرآة ليُصْلح شأنه فقالت له السيدة عائشة رضي الله عنها:
{ أنت تفعل هذا يا رسول الله. قال: نعم، إن الله عز وجل يُحبّ أن أخرج مُتزِّيناً لإخواني }
ولما كَثُر الوفود، وأقبل عليه الملوك من كل بقاع الأرض، أمر بشراء حُلَّة ثمينة يلبسها في الجمعة وفي الأعياد وعند استقبال الملوك، وقد ورد أنه اشتراها بخمسة وعشرين جملاً، حتى تناسب هذا المقام، لأن ديننا دين الجمال، ودين النظافة، ودين الكمال في كل شئ لأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وأكمله لخلقه، وأمر الجميع أن يُؤْمنوا به ويتَّبعوه بعد نزوله عليه صلوات الله وسلامه عليه.
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر نساء المسلمين أن يكْنِسْن بُيوتهن ويَقُمْن برشِّها بالماء، ويقول لهن:
{ نظِّفْن أفنية بيوتكن، ورُشُّوها بالماء، ولا تجعلوها كبيوت اليهود }(2)
وأما خِصال الفطرة التي يُغيِّر بعضها رائحة الإنسان فقد أوصانا بالاعتداد بها.
وقال في ذلك سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه:
{ أَنَّهُ وَقَّتَ لَهُمْ في كُلِّ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً تَقْلِيمَ الأَظْفَار وَأَخْذِ الشَّارِبِ وَحَلْقَ الْعَانَةِ }(3)
وذلك حتى يكون الإنسان المؤمن في أكمل صورة، وأبهى منظر يحبه الله عز وجل من عباده. وهو بعد ذلك لم يُحرِّمْ علينا طعاماً إلا إذا كان فيه ضرر لنا، ولا شراب إلا إذا كان فيه سوء لنا، ولا فِرَاشاً إلا إذا كان فيه شئ لا يرضاه ديننا ووضع في ذلك قانوناً شاملاً خارقاً قال فيه صلى الله عليه وسلم:
{ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ وَلاَ مَخَيَلَةٌ } (4)
وفي روايةأخرى:
{كُلْ واشْرب والبس ما أخطأتك خصلتان: السَّرف والمخيلة}(5)
يعني كُلْ ما شئت مما أباحه الله، وألْبس ما شئت ما لم يَنْه عنه الله، واجلس على ما شئت ممَّا لم يمْنعه الله، على ألاَّ تقصد بذلك المُبَاهاة أو الخُيَلاء ولا يكون في عملك إسراف لأن الله عز وجل لا يُحب المسرفين، وإنما المبذِّرون عنده كما قال في شأنهم:
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (27الإسراء).
فالرجل المؤمن يلبس كل شئ إلا الذهب والحرير، لأن الله عز وجل أباحهما للنساء وحرَّمهما على الرجال، وكان ذلك لحكمة عالية ظهرت في زماننا وهي أن أرصدة الدول تُقاس بالذهب فلو لبسه الرجال واستخدمناه آنية في بيوتنا لنفد رصيد الأمم من هذا المعدن الثمين لكنه صلى الله عليه وسلم وضع لكل حقيقة ما يُناسبها في دنيا الناس، فأباح لنا كل المشروبات إلا الخمر والحشيش وما يشابهما، لأنهما يُغيرَّان العقول، ويجعلان المرء يفعل أفعالاً لا تليق بإنسانيته وآدميته.
وأباح لنا في بيوتنا أن نفعل ما شئنا في غير إسراف ولا خُيلاء ولا رياء، على أننا مطالبون جميعاً بشئ واحد، أن نتحرَّى ألاَّ نُصيب في أمر من هذه الأمور شيئاً نهى عنه الدين، أو شيئاً حرَّمه سيِّد الأولين والآخرين، ثم بعد ذلك نشكر الله على تلك النِّعم ونحمده على تلك الخيرات، ونستزيده من هذا العطاء وهو كما قال سبحانه:
(لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (7إبراهيم).
فلا يجب علينا أن نُلْقي الطعام في صناديق القمامة والفقراء حولنا من إخواننا المسلمين في حاجة إليه.
ولا يجب علينا أن نترك الملابس حتي تأكلها العِتَّة في حجرات نومنا ونحرم منها إخواننا الذي يُعانون من بَرْد الشِّتاء في البلاد الباردة.
ولا نَبْتع المُقْتنيات الكثيرة في بيوتنا حتى أنَّ بعضنا يخزن العتاد في غُرف خاصة لأنه يجد سعة في شقته بل نعطيها لشاب غير مقتدر على الزواج فنُعينه بها على ذلك، فإن الإنسان المسلم يأخذ الضروريات، ولا يستكثر من المباحات، لأن ذلك يكون عليه ندم وحسرات يوم يلقى الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم:
{ لَيْسَ لابنِ آدَمَ حَقٌ فِي سِوَى هذِهِ الخِصَالِ: بَيْتٍ يَسْكُنُهُ، وَ ثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وَجِلْفِ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ }(6)
{ ما فَوْقَ الإزَارِ، وَظِلِّ لْحَائِطِ، وَحَرِّ المَاءِ فَضْلٌ يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ يُسْأَلُ عَنْهُ } (7)
(1)رواه الطبراني والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها.
(2)رواه البزَّار في مسنده بلفظ: (إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا إفناءكم وساحاتكم، ولا تشَّبهوا باليهود يجمعون الأقباء "القاذورات" في دورهم).
(3)سنن الترمذي.
(4)جامع المساني والملااسيل عن ابن عمرو، وورد فى كثير غيرها
(5)رواه أحمد والنسائي وابن ماجة
(6)سنن الترمذي عن عثمان بن عفان، جلف االخبز أى الخبز الغليظ أو بدون إدام.
(7)الترغيب والترهيب ، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A/
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية المولد النبوي الشريف} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=fSJ7I-0OnsU
لقد كان مَنْ قبله من أهل الديانات السماوية، أو المذاهب الإنسانية يُجْبرون إتباع الديانات على ترك العادات الاجتماعية الكريمة والإقبال على العبادات، والتشدُّد في مجال هذه المجاهدات، وكلما تشدَّد الإنسان في الجهاد في العبادة، وبَعُد عن مُتع الدنيا وطيباتها، كانت له المنزلة العظيمة في هذه الديانات وهذه المسائل،
حتى جاء النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فلم يجعل عبادتنا لله في صوامع، أو أماكن بعيدة عن المدينة، ولم يدعُنا إلى الانسلاخ من الحياة البشرية، أو ترك الطيبات التي أوجدها الله لنا في دار الدنيا، بل نزَّل عليه لنا قول الله عز وجل:
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (32الأعراف).
فلم يُحرِّم علينا شيئاً إلا إذا كان فيه ضَرر مُحقَّق لنا، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة والعلوم العصرية هذا الشأن فإذا التفتنا إلى عبادته صلى الله عليه وسلم نجدها كما تحقَّق في زماننا دعوة للرُّقي والسمو لأعضاء جسم الإنسان.
لقد أثبتت الأبحاث الطبِّية الحديثة أن الوضوء للإنسان، وما يتمُّ من غسل الجوارح في اليوم خمس مرات بالماء، فيه وقاية من كثير من الأمراض أثبتها أحد الباحثين بجامعة الإسكندرية وحصل بها على درجة الماجستير، فأثبت علمياً أن الوضوء يقي من أمراض البرد والزكام، ويقي الإنسان من الإصابة بالجذام، ويحفظه من سرطان الجلد وكثير من الأمراض، يحمي الله عز وجل الإنسان منها إذا غسل أعضاء الوضوء بالماء خمس مرات في اليوم.
ثم هو صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نجتمع يوم الجمعة من كل أسبوع على الأقل، ويأمر أن نُجهِّز أنفسنا عند الذِّهاب لبيت الله، بأن نغتسل ونًلْبس أحسن ما عندنا من الثياب، ونضع العطر والطيب حتى ندخل بيت الله متجمّلين، ولا نُؤْذي إخواننا من الإنس أو الملائكة بالروائح التي لا تُرْضي أذواقهم ومشامِّهم
ويأمرنا أن نغسل الأسنان عند كل وضوء بالسواك، وأنتم تعلمون جميعاً أن معظم أمراض الجسم تأتي عن طريق الأسنان، فانظر إلى هذه الحكمة العظيمة التي جاء بها النَّبي العدنان صلوات الله وسلامه عليه، فقد كان أول إنسان في الوجود جعل لنفسه حقيبة يحملها في السفر، ماذا كان فيها؟
استمعوا إلى وصف السيدة عائشة لما بها حيث قالت رضي عنها:
{ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُفارق في سفره أربعة أشياء: سِوَاكه لغسل أسنانه، وطِيبه ليضعه على جسده، ومِرْآته ليُصْلح فيها هيئته وقارورة زيت ليضع منها على شعره }(1)
وفى معنى الحديث كان صلى الله عليه وسلم عندما تأتيه الوفود يأمر بإدخالهم إلى غُرْفة الاستقبال، ثم ينظر في المرآة ليُصْلح شأنه فقالت له السيدة عائشة رضي الله عنها:
{ أنت تفعل هذا يا رسول الله. قال: نعم، إن الله عز وجل يُحبّ أن أخرج مُتزِّيناً لإخواني }
ولما كَثُر الوفود، وأقبل عليه الملوك من كل بقاع الأرض، أمر بشراء حُلَّة ثمينة يلبسها في الجمعة وفي الأعياد وعند استقبال الملوك، وقد ورد أنه اشتراها بخمسة وعشرين جملاً، حتى تناسب هذا المقام، لأن ديننا دين الجمال، ودين النظافة، ودين الكمال في كل شئ لأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وأكمله لخلقه، وأمر الجميع أن يُؤْمنوا به ويتَّبعوه بعد نزوله عليه صلوات الله وسلامه عليه.
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر نساء المسلمين أن يكْنِسْن بُيوتهن ويَقُمْن برشِّها بالماء، ويقول لهن:
{ نظِّفْن أفنية بيوتكن، ورُشُّوها بالماء، ولا تجعلوها كبيوت اليهود }(2)
وأما خِصال الفطرة التي يُغيِّر بعضها رائحة الإنسان فقد أوصانا بالاعتداد بها.
وقال في ذلك سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه:
{ أَنَّهُ وَقَّتَ لَهُمْ في كُلِّ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً تَقْلِيمَ الأَظْفَار وَأَخْذِ الشَّارِبِ وَحَلْقَ الْعَانَةِ }(3)
وذلك حتى يكون الإنسان المؤمن في أكمل صورة، وأبهى منظر يحبه الله عز وجل من عباده. وهو بعد ذلك لم يُحرِّمْ علينا طعاماً إلا إذا كان فيه ضرر لنا، ولا شراب إلا إذا كان فيه سوء لنا، ولا فِرَاشاً إلا إذا كان فيه شئ لا يرضاه ديننا ووضع في ذلك قانوناً شاملاً خارقاً قال فيه صلى الله عليه وسلم:
{ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ وَلاَ مَخَيَلَةٌ } (4)
وفي روايةأخرى:
{كُلْ واشْرب والبس ما أخطأتك خصلتان: السَّرف والمخيلة}(5)
يعني كُلْ ما شئت مما أباحه الله، وألْبس ما شئت ما لم يَنْه عنه الله، واجلس على ما شئت ممَّا لم يمْنعه الله، على ألاَّ تقصد بذلك المُبَاهاة أو الخُيَلاء ولا يكون في عملك إسراف لأن الله عز وجل لا يُحب المسرفين، وإنما المبذِّرون عنده كما قال في شأنهم:
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (27الإسراء).
فالرجل المؤمن يلبس كل شئ إلا الذهب والحرير، لأن الله عز وجل أباحهما للنساء وحرَّمهما على الرجال، وكان ذلك لحكمة عالية ظهرت في زماننا وهي أن أرصدة الدول تُقاس بالذهب فلو لبسه الرجال واستخدمناه آنية في بيوتنا لنفد رصيد الأمم من هذا المعدن الثمين لكنه صلى الله عليه وسلم وضع لكل حقيقة ما يُناسبها في دنيا الناس، فأباح لنا كل المشروبات إلا الخمر والحشيش وما يشابهما، لأنهما يُغيرَّان العقول، ويجعلان المرء يفعل أفعالاً لا تليق بإنسانيته وآدميته.
وأباح لنا في بيوتنا أن نفعل ما شئنا في غير إسراف ولا خُيلاء ولا رياء، على أننا مطالبون جميعاً بشئ واحد، أن نتحرَّى ألاَّ نُصيب في أمر من هذه الأمور شيئاً نهى عنه الدين، أو شيئاً حرَّمه سيِّد الأولين والآخرين، ثم بعد ذلك نشكر الله على تلك النِّعم ونحمده على تلك الخيرات، ونستزيده من هذا العطاء وهو كما قال سبحانه:
(لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (7إبراهيم).
فلا يجب علينا أن نُلْقي الطعام في صناديق القمامة والفقراء حولنا من إخواننا المسلمين في حاجة إليه.
ولا يجب علينا أن نترك الملابس حتي تأكلها العِتَّة في حجرات نومنا ونحرم منها إخواننا الذي يُعانون من بَرْد الشِّتاء في البلاد الباردة.
ولا نَبْتع المُقْتنيات الكثيرة في بيوتنا حتى أنَّ بعضنا يخزن العتاد في غُرف خاصة لأنه يجد سعة في شقته بل نعطيها لشاب غير مقتدر على الزواج فنُعينه بها على ذلك، فإن الإنسان المسلم يأخذ الضروريات، ولا يستكثر من المباحات، لأن ذلك يكون عليه ندم وحسرات يوم يلقى الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم:
{ لَيْسَ لابنِ آدَمَ حَقٌ فِي سِوَى هذِهِ الخِصَالِ: بَيْتٍ يَسْكُنُهُ، وَ ثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وَجِلْفِ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ }(6)
{ ما فَوْقَ الإزَارِ، وَظِلِّ لْحَائِطِ، وَحَرِّ المَاءِ فَضْلٌ يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ يُسْأَلُ عَنْهُ } (7)
(1)رواه الطبراني والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها.
(2)رواه البزَّار في مسنده بلفظ: (إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا إفناءكم وساحاتكم، ولا تشَّبهوا باليهود يجمعون الأقباء "القاذورات" في دورهم).
(3)سنن الترمذي.
(4)جامع المساني والملااسيل عن ابن عمرو، وورد فى كثير غيرها
(5)رواه أحمد والنسائي وابن ماجة
(6)سنن الترمذي عن عثمان بن عفان، جلف االخبز أى الخبز الغليظ أو بدون إدام.
(7)الترغيب والترهيب ، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A/
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية المولد النبوي الشريف} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=fSJ7I-0OnsU