أوصاف رسول الله صل الله عليه وسلم الظاهرة
النبي صل الله عليه وسلم له وصف جسماني، وله وصف معنوي، وله صفاء قلبي، وله سبح روحي، وله تنزل قدسي، وكل ذلك من أوصافه صلوات ربي وتسليماته عليه، ونبدأ من ذلك بما تيسر من وصفه صل الله عليه وسلم الحسي الجسدي، مع أنه رُوي أن أغلب أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم مع كثرة شخوصهم بين يديه، وجلوسهم دائماً وأبداً مستمعين إليه، إلا أنهم كانوا لا يستطيعون أن يُثبتوا أبصارهم في وجهه الشريف وينظروا إليه.
وناهيك في هذا المقام حتى الأبطال والصناديد والقادة في ميادين القتال الشداد، ومنهم عمرو بن العاص رضي الله عنه، فعندما حضرته المنية أخذ يبكي خوفاً من سوء الخاتمة، فقال له ابنه عبد الله وكان من العابدين: يا أبتاه مم تخاف؟! يكفيك أنك صحبت النبي صل الله عليه وسلم وتمتعت بصحبته وشهدت جمال وجهه، فقال رضي الله عنه: هيهات هيهات، قد مات النبي صل الله عليه وسلم وما استطعت أن أنظر إليه وأثبت بصري في وجهه حياءاً منه!!.
وكان صل الله عليه وسلم كما رُوي عنه يُضرب به المثل في الحياء، فكان يُقال في شأنه:
{ كَانَ النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا }
أي كالبنت البكر في سترها، وحرصها على أن لا يطلع أحد على أي شأن من شئونها!!.وكان حياءه من الله عظيماً، لقد كان صل الله عليه وسلم لا يستطيع أن يرفع نظره إلى السماء، إن كان في مشيه أو في جلوسه أو في صلاة حياءاً من الله جل وعلا.
وكان في حديثه مع الخلق كما رُوي عن حضرته لا يستطيع أن يُثبت بصره في وجه مُحدثه وهو يُحدثه من شدة أدبه وحياءه صلوات ربي وتسليماته عليه، وقد قال له الصديق الأعظم سيدنا أبو بكر رضي الله عنه متعجباً من هذه الأحوال العالية: يا رسول الله لقد طفت العرب، وذهبت إلى الفرس، وذهبت إلى الروم فلم أر مثل أدبك، فمَن الذي أدبك؟ فقال صل الله عليه وسلم:
{ أدَّبَنِي رَبِّي فأَحْسَن تَأدِيِبي }