نحن في حاجة إلى صحوة أخلاقية، فالحمد لله كلنا يؤدي العبادات، لكن نحتاج إلى صحوة أخلاقية تطابق فيها أخلاقنا أخلاق كتاب الله وأخلاق حبيب الله ومصطفاه، حتى نكون محسنين إلى هذا الدين،
ونحسن عرضه على العالم أجمع.
فإننا نعرض الإسلام على غيرنا بأخلاقنا، وليس بصلاتنا وصيامنا وعباداتنا،
فصلاتنا وصيامنا وعباداتنا بيننا وبين الله، لكن الخلق ينظرون إلينا الآن،
فقد تفرق جمعنا وقد أخذنا نسب في بعضنا، ونشتم كبارنا ولا نرحم صغارنا،
والكل يتوعد أخيه، والكل يجهز السلاح، ويستعد للضغط على الزناد ليميت أخيه،
وكأن هذا جهاد لليهود، وكأن هذا جهاد للكافرين،
أصبح الجهاد بين المسلمين والمسلمين، بين المؤمنين والمؤمنين،
لا أتصور كيف لقلب خالط بشاشة الإيمان تطاوعه يده أن يمسك سكينا فيضرب به أهل الإيمان، أو يدوس على زناد فيقتل رجلا يصلي لرب العالمين،
بحجة أنه على خلاف فيما بينه وبينه؟!!!
أي خلاف هذا؟!! خلاف سياسي؟!! خلاف حتى ولو كان شرعي؟!!
يجب أن تحتكم إلى من فوقك من الفقهاء،
وتذهبا سوياً إلى من هو أعلى منكما من العلماء ...
لكن ما هكذا أمرنا الله ولا طلب منا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال صلى الله عليه وسلم في المؤمن إذا ساب أخاه ورد عليه:
{ الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ، يَتَهَاذَيَانِ وَيَتَكَاذَبَانِ }
(مسند الإمام أحمد عن عياض بن حمار)
وقال في المؤمنين إذا رفع أحدهما السلاح على أخيه:
{ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ }(سنن الترمذي والبيهقي)
لا ينبغي حتى لمسلم أن يقول كلمة لأخيه المؤمن يؤذيه بها، أو يعيبه بين الخلق بها،
فقد قال صلى الله عليه وسلم:
{ مَنْ أَشَاعَ عَلَى امْرِئٍ مُسْلِمٍ كَلِمَةَ بَاطِلٍ لِيُشِينَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا،
كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُذِيبَهُ بِهَا مِنَ النَّارِ حَتَّى يَأْتِيَ بِنَفَاذِهَا }
(البخاري ومسلم وسنن أبي داود)
لأنه بقول كلمة يعلم علم اليقين أن أخاه بريء منها،
ولكنها تهمة فاشية دفعته إليها النفس الإبليسية من أجل أن يسيء إلى أخيه بين الخلق، أو يشنع عليه بين الناس!!!
بئس هذه الصفات وبئس هذه الأخلاق، فإن المؤمنين يقول فيهم سيد الأولين والآخرين:
{مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِإِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى }
(صحيح مسلم عن النعمان بن بشير)
نريد أن ترجع بيننا الألفة والمودة، أن تمتلئ قلوبنا بالحب لجميع الأحبة،
أن تكون نياتنا كلها خالصة ومخلصة لله عزَّ وجلَّ،
حتى يزيح الله عنا هذه الغمة، ويجمع شملنا، ولا يشمت الكافرين واليهود ومن عاونهم فينا، ويجعلنا في خير حال.
آمين أمين يارب العالمين ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-----------------------------------------
من كتاب: (أمراض الأمة وبصيرة النيــوة)
لفضيلة الشيخ/ فوزى محمد أبوزيد - رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله - مصر