ديننا أيها الأحبة هو دين المحبة، فليس للبغضاء طريق في الإسلام، وليست للكراهية طريق بين المؤمنين، وإنما أسس هذا الدين على الحُبِّ لله، والحُبِّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والحب لكل مَن آمن بالله عزَّ وجلّ.
وحتى لو كان هذا الذي آمن بالله، أخطأ في حقِّ نفسه، أو أساء في حقِّ ربِّه، أو ارتكب مُحَرَّماً، فإني لا أكرهه في ذاته
لأن هذا ينافي دين الله ولكني أكره هذا الخلق الذي اتصف به، وهذا العمل الذي قام به، فإذا تركه فهو أخي وحبيبي في الله ورسوله.
وقد قيل لأبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه: إن أخاك فلان وقع في إثم عظيم، فهل تبغضه؟ قال: لا، وإنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي. ثم قال لهم ناصحاً: أرأيتم لو أن أخاً لكم وقع في بئر، ماذا كنتم فاعلين؟ قالوا: نأخذ بيده. قال: كذلك أخاكم إذا وقع في ذنب تأخذوا بيديه، لتنقذوه من إبليس وجنوده إلى حزب الله، وإلى دين الله، وإلى أنصار الله عزَّ وجلّ.
وقد قال في ذلك رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان ،لم يقل الصلاة، ولم يقل الزكاة، ولا الصيام، ولا الحج مع أهميتهم البالغة عند الله عزَّ وجلّ،
ولكنه قال: { أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ في الله عزَّ وجلّ}(1)
إن الحب لله وفي الله هو المرهم الذي يداوي العاصي من المؤمنين، وهو الشفاء الذي يشفي به الله صدور الموحدين، وهو الترياق الذي به يدخل كل مؤمن إلى رضوان رب العالمين.
مَنْ الذين يدخلون جنتك يا ربّ؟ ومن الذين ينالون رضوانك يوم القيامة يا ربّ؟ استمع إليه وهو يحدِّد صفاتهم، ويبين سماتهم فيقول:
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } (47-الحجر).
الذين انتزع الغل والحقد والحسد، والبغضاء والكراهية، من قلوبهم لعباد الله المؤمنين. هو يكره اليهود، ويبغض الجاحدين، ويحقد على الكافرين، لكن لا يجب على مؤمن أن يتصف بهذه الصفات بالنسبة للمؤمنين، وإلاَّ كان عملُه كلُّه حتى لو ملأ البرَّ والبحر عبادة حابطاً هالكاً يوم لقاء رب العالمين عزَّ وجلّ.
فالإسلام هو الحُبُّ لأن الله عندما مدح الأنصار، لم يمدحهم بالصلاة، ولا بالزكاة، ولا حتى بالشجاعة في ميدان القتال في سبيل الله، وإنما أول صفة مدحهم بها وعليها الله:
{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ }(9-الحشر)،
الحب، ولذا أكد عليها النبي الكريم فقال:
{ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرا أَوْ لِيَسْكُتْ }(2)
تلك آداب الإسلام وتلك تعاليم نبي الإسلام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
فإن أبا بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه، عندما بيَّن الله فضْلَه وبيَّن النَّبِيُّ منزلته ومكانته عند الله، أخذ يتحدث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بينهم عن سرِّ حصوله على هذه المنزلة، وسرِّ عُلُوِّه إلى هذه المكانة، فبعضهم قال: لقيامه الليل، وبعضهم قال: لإكثاره من صيام النهار، وبعضهم قال: لإكثاره من تلاوة القرآن، وبعضهم قال: لتبتله بين يدي الواحد القهار
فخرج عليهم النَّبِيُّ المختار وهم على ذلك فقال:
{ ما فضلكم أبو بكر بكثير الصلاة، ولا بكثير الصيام، ولكن بشئ وَقَـرَ في صدره }(3).
وما هو؟هو الحُبُّ لله، والحُبُّ لرسول الله، والحُبُّ لعباد الله المؤمنين. حتى أنه عند انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى، وقد اختاره لإمامة الصلاة، وقال لامرأة جاءت إليه في قضية، ثم رجعت وقالت: إذا رجعتُ ولم أجدك فإلى مَنْ اتَّجه؟ قال: إلى أبي بكر وأشار إليه إشارات صريحة.
لكنه لشدة الحُبِّ في قلبه كان يتدافع الإمامة ويقدِّم عمر ويقول: عمر أولى مني، ثم يقدم أبا عبيدة ويقول: أبو عبيدة أحقُّ بهذا الأمر مني. ويريد أن يعطيها لإخوانه حتى يظلُّوا أحبَّاء فيما بينهم، أوفياء لبعضهم، لا تنفك المحبَّة عن صدورهم
لأنه يعلم أن المحبَّة هي أساس الصفاء في مجتمع المؤمنين، وهي أساس النقاء في علاقات المؤمنين، وهي أساس قبول الأعمال عند رب العالمين عزَّ وجلّ.
قال صلى الله عليه وسلم: { ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لله، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُود فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ }(4)
(1)رواه أحمد والبيهقي عن البراء بن عامر والطيالسي، الطبراني في الكبير عن ابن عباس.
(2)رواه أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة.
(3)أخرجه البخاري في كتاب الإيمان أبو يعلى في مسنده، أحمد في مسنده والداري في سننه عن أنس.
(4)رواه البخارى ومسلم عن أنس
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية الهجرة ويوم عاشوراء} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=9o5DhMel7GA
وحتى لو كان هذا الذي آمن بالله، أخطأ في حقِّ نفسه، أو أساء في حقِّ ربِّه، أو ارتكب مُحَرَّماً، فإني لا أكرهه في ذاته
لأن هذا ينافي دين الله ولكني أكره هذا الخلق الذي اتصف به، وهذا العمل الذي قام به، فإذا تركه فهو أخي وحبيبي في الله ورسوله.
وقد قيل لأبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه: إن أخاك فلان وقع في إثم عظيم، فهل تبغضه؟ قال: لا، وإنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي. ثم قال لهم ناصحاً: أرأيتم لو أن أخاً لكم وقع في بئر، ماذا كنتم فاعلين؟ قالوا: نأخذ بيده. قال: كذلك أخاكم إذا وقع في ذنب تأخذوا بيديه، لتنقذوه من إبليس وجنوده إلى حزب الله، وإلى دين الله، وإلى أنصار الله عزَّ وجلّ.
وقد قال في ذلك رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان ،لم يقل الصلاة، ولم يقل الزكاة، ولا الصيام، ولا الحج مع أهميتهم البالغة عند الله عزَّ وجلّ،
ولكنه قال: { أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ في الله عزَّ وجلّ}(1)
إن الحب لله وفي الله هو المرهم الذي يداوي العاصي من المؤمنين، وهو الشفاء الذي يشفي به الله صدور الموحدين، وهو الترياق الذي به يدخل كل مؤمن إلى رضوان رب العالمين.
مَنْ الذين يدخلون جنتك يا ربّ؟ ومن الذين ينالون رضوانك يوم القيامة يا ربّ؟ استمع إليه وهو يحدِّد صفاتهم، ويبين سماتهم فيقول:
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } (47-الحجر).
الذين انتزع الغل والحقد والحسد، والبغضاء والكراهية، من قلوبهم لعباد الله المؤمنين. هو يكره اليهود، ويبغض الجاحدين، ويحقد على الكافرين، لكن لا يجب على مؤمن أن يتصف بهذه الصفات بالنسبة للمؤمنين، وإلاَّ كان عملُه كلُّه حتى لو ملأ البرَّ والبحر عبادة حابطاً هالكاً يوم لقاء رب العالمين عزَّ وجلّ.
فالإسلام هو الحُبُّ لأن الله عندما مدح الأنصار، لم يمدحهم بالصلاة، ولا بالزكاة، ولا حتى بالشجاعة في ميدان القتال في سبيل الله، وإنما أول صفة مدحهم بها وعليها الله:
{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ }(9-الحشر)،
الحب، ولذا أكد عليها النبي الكريم فقال:
{ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرا أَوْ لِيَسْكُتْ }(2)
تلك آداب الإسلام وتلك تعاليم نبي الإسلام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
فإن أبا بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه، عندما بيَّن الله فضْلَه وبيَّن النَّبِيُّ منزلته ومكانته عند الله، أخذ يتحدث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بينهم عن سرِّ حصوله على هذه المنزلة، وسرِّ عُلُوِّه إلى هذه المكانة، فبعضهم قال: لقيامه الليل، وبعضهم قال: لإكثاره من صيام النهار، وبعضهم قال: لإكثاره من تلاوة القرآن، وبعضهم قال: لتبتله بين يدي الواحد القهار
فخرج عليهم النَّبِيُّ المختار وهم على ذلك فقال:
{ ما فضلكم أبو بكر بكثير الصلاة، ولا بكثير الصيام، ولكن بشئ وَقَـرَ في صدره }(3).
وما هو؟هو الحُبُّ لله، والحُبُّ لرسول الله، والحُبُّ لعباد الله المؤمنين. حتى أنه عند انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى، وقد اختاره لإمامة الصلاة، وقال لامرأة جاءت إليه في قضية، ثم رجعت وقالت: إذا رجعتُ ولم أجدك فإلى مَنْ اتَّجه؟ قال: إلى أبي بكر وأشار إليه إشارات صريحة.
لكنه لشدة الحُبِّ في قلبه كان يتدافع الإمامة ويقدِّم عمر ويقول: عمر أولى مني، ثم يقدم أبا عبيدة ويقول: أبو عبيدة أحقُّ بهذا الأمر مني. ويريد أن يعطيها لإخوانه حتى يظلُّوا أحبَّاء فيما بينهم، أوفياء لبعضهم، لا تنفك المحبَّة عن صدورهم
لأنه يعلم أن المحبَّة هي أساس الصفاء في مجتمع المؤمنين، وهي أساس النقاء في علاقات المؤمنين، وهي أساس قبول الأعمال عند رب العالمين عزَّ وجلّ.
قال صلى الله عليه وسلم: { ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لله، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُود فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ }(4)
(1)رواه أحمد والبيهقي عن البراء بن عامر والطيالسي، الطبراني في الكبير عن ابن عباس.
(2)رواه أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة.
(3)أخرجه البخاري في كتاب الإيمان أبو يعلى في مسنده، أحمد في مسنده والداري في سننه عن أنس.
(4)رواه البخارى ومسلم عن أنس
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية الهجرة ويوم عاشوراء} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=9o5DhMel7GA