المؤمن في نهاية العام وبداية عام جديد، لابد له من وقفة مع نفسه، يقلّب صفحات العام الماضي أمام عينيه، فما وجد فيها من عملٍ حسن شكر الله عزَّ وجلَّ عليه، وسأله أن يزيده منه، وما وجد فيه من عمل فيه إثم أو وزر، أو غفلة أو جهالة سواء كان عن قصد أو عن غير قصد - تاب إلى الله عزَّ وجلَّ منه، وسأله أن يسعه بواسع مغفرته، وشامل رحمته عزَّ وجلَّ.
ولذلك كان دأب السلف الصالح ،رضي الله عنهم أن يجعلوا اليوم الأخير من العام كلًّه للتوبة والاستغفار مما مضى من الذنوب والآثام، فلا تَكِلُّ ألسنتُهُم من الاستغفار، وتقف أفئدتهم وقلوبهم على باب التواب الغفار، تسأله بقلوب منكسرة وأبدان خاشعة غفران ما مضى، والعفو عما سلف، ويضرعون إليه أن يوفقهم فيما بقى من الأوقات والأيام والأنفاس.
وكانوا يحرصون أن تكون نهاية العام خيراً، وبدايته خيراً، فتطوى صحف العام الماضي بالأعمال الصالحة. فيجعلون الليلة الختامية للعام مع الله ،في كتاب الله، أو في عبادة واردة في كتاب الله، أو مأثورة عن سيدنا رسول الله
أو على الأقل يغلقون ألسنتهم في هذه الليلة عن الخنا والفجور، وقول الزور، واللغو فضلاً عن الغِيبَةِ والنَّمِيمَة، وما شابه ذلك
لقوله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا}(1)
فإذا ختم العام بخير لعل الله يأتي على ما فيه من ذنوب وسيئات فيمحوها، بل ربما يبدِّلُها كما قال عزَّ شأنه - بحسنات:
( فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ((70-الفرقان).
وقد قال صلى الله عليه وسلم حديثاً عظيماً، وأصلاً كريماً، وعملاً سهلاً يسيراً على كل مؤمن، فقال صلى الله عليه وسلم : { إذا قال العبد المؤمن: لا إله إلا الله ذهبت إلى صحيفته فَمَحَتْ كل سيئة تقابلها حتى تجد حسنة تقف بجوارها }(2)
يعنى: ما بينها وبين العمل الصالح المسجل في صحيفتك تمحوه، أي أن: لا إله إلا الله تمحو ما قبلها من الخطايا. ويفتتحون هذا العام بالصيام
لقوله صلى الله عليه وسلم: { أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللّهِ الْمُحَرَّمُ }(3)
ولا شك أن العمل الذي بدايته الصيام عمل ناجح وصالح على الدوام، لما ورد في الأثر
{ إذا أحب الله عبداً وفقه لأفضل الأعمال في أفضل الأوقات }.
وكان بعضهم يفتتح في هذا اليوم القرآن الكريم ولا يتركه حتى يأتي على نهايته
. ومن كان يعلم من نفسه العجز كان يقرأ في صبيحة ذلك اليوم بسم الله الرحمن الرحيم مائة وأربع عشرة مرة يعني بعدد سور القرآن الكريم ويكثر من قراءة سورة الإخلاص، لأنه ورد في الحديث الشريف: ( أنها ثلث القرآن ).
وكان كثير منهم يصلي في هذه الليلة أو هذا اليوم صلاة التسابيح، لوصية رسول الله
صلى الله عليه وسلم لعمه العباس في شأنها حيث قال له صلى الله عليه وسلم:
{ يَا عَبَّاسُ يَاعَمَّاهُ أَلاَ أُعْطِيكَ؟ أَلاَ أَمْنَحُكَ؟ أَلاَ أَحْبُوكَ؟ أَلاَ أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ إذا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ الله لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ خَطْأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ سِرَّهُ وَعَلاَنِيَتَهُ عَشْرَ خُصَالٍ أَنْ تُصَلِّي أَربَعَ رَكَعَاتٍ ثم وصفها له وقال له في نهايتها: إنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيهَا في كلِّ يَوْمٍ فَافْعَلْ، فإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فإِنْ لَمْ تَفْعَل فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً } فكانوا يبدأون العام بهذه الصلاة طلباً لمغفرة الله، ورجاءاً فيما عند الله عزَّ وجلّ.
(1)رواه ابن حبان في صحيحه والبخاري والطبراني في الكبير، والدار قطنى في السنن عن سهل ابن سعد.
(2)رواه أبو يعلى في مسنده عن أنس.
(3)رواه أحمد وأبو داود في سننه والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة.
(4)رواه ابن ماجة في سننه والبيهقي في سننه، السيوطي في الكبير، وأبو داود في سننه والحاكم والترمذي عن ابن عباس.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية الهجرة ويوم عاشوراء} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد[url=<br /><font size=1 color=#000000 face=times new roman]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً[/url]
https://www.youtube.com/watch?v=Bk7ILz_19c0
ولذلك كان دأب السلف الصالح ،رضي الله عنهم أن يجعلوا اليوم الأخير من العام كلًّه للتوبة والاستغفار مما مضى من الذنوب والآثام، فلا تَكِلُّ ألسنتُهُم من الاستغفار، وتقف أفئدتهم وقلوبهم على باب التواب الغفار، تسأله بقلوب منكسرة وأبدان خاشعة غفران ما مضى، والعفو عما سلف، ويضرعون إليه أن يوفقهم فيما بقى من الأوقات والأيام والأنفاس.
وكانوا يحرصون أن تكون نهاية العام خيراً، وبدايته خيراً، فتطوى صحف العام الماضي بالأعمال الصالحة. فيجعلون الليلة الختامية للعام مع الله ،في كتاب الله، أو في عبادة واردة في كتاب الله، أو مأثورة عن سيدنا رسول الله
أو على الأقل يغلقون ألسنتهم في هذه الليلة عن الخنا والفجور، وقول الزور، واللغو فضلاً عن الغِيبَةِ والنَّمِيمَة، وما شابه ذلك
لقوله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا}(1)
فإذا ختم العام بخير لعل الله يأتي على ما فيه من ذنوب وسيئات فيمحوها، بل ربما يبدِّلُها كما قال عزَّ شأنه - بحسنات:
( فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ((70-الفرقان).
وقد قال صلى الله عليه وسلم حديثاً عظيماً، وأصلاً كريماً، وعملاً سهلاً يسيراً على كل مؤمن، فقال صلى الله عليه وسلم : { إذا قال العبد المؤمن: لا إله إلا الله ذهبت إلى صحيفته فَمَحَتْ كل سيئة تقابلها حتى تجد حسنة تقف بجوارها }(2)
يعنى: ما بينها وبين العمل الصالح المسجل في صحيفتك تمحوه، أي أن: لا إله إلا الله تمحو ما قبلها من الخطايا. ويفتتحون هذا العام بالصيام
لقوله صلى الله عليه وسلم: { أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللّهِ الْمُحَرَّمُ }(3)
ولا شك أن العمل الذي بدايته الصيام عمل ناجح وصالح على الدوام، لما ورد في الأثر
{ إذا أحب الله عبداً وفقه لأفضل الأعمال في أفضل الأوقات }.
وكان بعضهم يفتتح في هذا اليوم القرآن الكريم ولا يتركه حتى يأتي على نهايته
. ومن كان يعلم من نفسه العجز كان يقرأ في صبيحة ذلك اليوم بسم الله الرحمن الرحيم مائة وأربع عشرة مرة يعني بعدد سور القرآن الكريم ويكثر من قراءة سورة الإخلاص، لأنه ورد في الحديث الشريف: ( أنها ثلث القرآن ).
وكان كثير منهم يصلي في هذه الليلة أو هذا اليوم صلاة التسابيح، لوصية رسول الله
صلى الله عليه وسلم لعمه العباس في شأنها حيث قال له صلى الله عليه وسلم:
{ يَا عَبَّاسُ يَاعَمَّاهُ أَلاَ أُعْطِيكَ؟ أَلاَ أَمْنَحُكَ؟ أَلاَ أَحْبُوكَ؟ أَلاَ أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ إذا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ الله لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ خَطْأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ سِرَّهُ وَعَلاَنِيَتَهُ عَشْرَ خُصَالٍ أَنْ تُصَلِّي أَربَعَ رَكَعَاتٍ ثم وصفها له وقال له في نهايتها: إنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيهَا في كلِّ يَوْمٍ فَافْعَلْ، فإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فإِنْ لَمْ تَفْعَل فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً } فكانوا يبدأون العام بهذه الصلاة طلباً لمغفرة الله، ورجاءاً فيما عند الله عزَّ وجلّ.
(1)رواه ابن حبان في صحيحه والبخاري والطبراني في الكبير، والدار قطنى في السنن عن سهل ابن سعد.
(2)رواه أبو يعلى في مسنده عن أنس.
(3)رواه أحمد وأبو داود في سننه والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة.
(4)رواه ابن ماجة في سننه والبيهقي في سننه، السيوطي في الكبير، وأبو داود في سننه والحاكم والترمذي عن ابن عباس.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية الهجرة ويوم عاشوراء} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد[url=<br /><font size=1 color=#000000 face=times new roman]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً[/url]
https://www.youtube.com/watch?v=Bk7ILz_19c0