"النسب الإلهي "
نسب به يقبل عليك , ونسب به تقبل عليه ,
فإذا تجمل بهما الإنسان كان مع الله وكان الله معه ,
وصار محبوبا لله مرادا لذاته ,
وأي شرف أعظم وأكمل من اتصال نسب العبد بالله تعالي ؟.
النسب الذي يقبل به عليك :
النسب الذي يقبل به عليك إقبال إمداد وإحسان ووداد وامتنان وشفقة ورحمة ورأفة ,
حتي يمنحك منه ما تشاء , أو يكون لك عنده ما تشاء ,
هو تحققك بحقيقتك , وانكشاف معانيك لك حتي لا تنسي من أنت نفسا ولا طرفة ,
فتكون بهذا الانكشاف دائم الاضطرار والتوكل عليه ,
والتفويض لجنابه العلي , والفقر لذاته الأحدية ,
فإذا تحققت بهذا النسب الذي هو حقيقتك ,
أقبل عليك بمعاني الربوبية , وقابلك بواسع الإحسان والعطية ,
فكنت ممتع بالجنة العاجلة التي يعجلها لأوليائه ,
لأنك باتصالك بنسبه العلي استحققت الولاية الخاصة ,
وخصصت بالكرامة والعناية ,
وهذا النسب الإلهي إذا انكشف لك فأدم شكر الله عليه ,
وأدم صلته بما به يكون متصلا , وبره بما به يكون دائما ,
فإن المتحققين به قليلون , والمتجملون به أفراد لله مرادون , والتفصيل سهل فهمه عليك .
النسب الذي تقبل به عليه سبحانه :
النسب الذي تقبل به عليه سبحانه , لا يتحقق إلا بعد أن تصل النسب الأول به سبحانه ,
فإذا تجملت بنسبه الذي يقبل به عليك ؛
سهل عليك أن تتحلي بنسبه الذي تقبل به عليه سبحانه ,
وهو التخلق بأخلاقه الإلهية في المضايق التي تدفعك بقوة إلي التخلق بأخلاقك الحيوانية ,
أو الأخلاق الإبليسية ,
عند ذلك تجاهد نفسك في ذات الله , وتتخلق بخلقه الكريم عند مقتضي ذلك ,
مقبلا به عليه سبحانه , لإنه سبحانه يحب صفاته , ويحب أخلاقه ,
خصوصا إذا ظهرت في شخص يمكنه أن ينفذ مراده السيئ , وموجب خلقه القبيح ,
بدون أن يحصل له من ذلك مضره ,
فيكون تخلقه بخلق ربه في هذا الموطن رفرف أعلي للدخول علي حضرته العلية
بدون حاجب ولا مانع ,
ولم يترق مقرب علي سلم أقرب من هذا النسب ,
فإن نفسا واحدا يتنفسه الرجل متخلقا بخلق من أخلاقه سبحانه وتعالي بمقتضاه ,
يكشف عنه جميع الحجب حتي يتشرف بالمواجهة والشهود .
والتخلق باخلاق الله تعالي لا يتحقق إلا عند مقتضياتها مع الزهد والورع والإخلاص والصدق , حتي تحصل المشابهة في تخلقه , فيكون عفوه عند قدرته , وإحسانه ولو إلي المسيء , وصلته ولو للقاطعين , وإكرامه ولو للمهين , والتفصيل يعلمه أولوا الألباب والمثل والشواهد لا تخفي ,
وقد سبق تفصيل لبعضها .
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبوالعزائم