سلوا قلبي غداة سلا و ثابا لعل على الجمال له عتابا
ويسأل في الحوادث ذو صواب فهل ترك الجمال له صوابا
و كنت إذا سألت القلب يوما تولى الدمع عن قلبي الجوابا
ولي بين الضلوع دم و لحم هما الواهي الذي ثكل الشبابا
تسرب في الدموع فقلت ولى وصفق في الضلوع فقلت ثابا
ولو خلقت قلوب من حديد لما حملت كما حمل العذابا
وأحباب سقيت بهم سلافا وكان الوصل من قصر حبابا
ونادمنا الشباب على بساط من اللذات مختلفا شرابا
وكل بساط عيش سوف يطوى وإن طال الزمان به و طابا
كأن القلب بعدهم غريب إذا عادته ذكرى الأهل ذابا
ولا ينبيك عن خلق اليالي كمن فقد الأحبة و الصحابا
أخا الدنيا أرى دنياك أفعى تبدل كل آونة إهابا
وأن الرقط أيقض هاجعات وأترع في ظلال السلم نابا
ومن عجب تشيب عاشقيها وتفنيهم و ما برحت كعابا
ومن يغتر بالدنيا فأني لبست بها فأبليت الثيابا
لها ضحك القيان إلى غبي ولي ضحك اللبيب إذا تغابا
جنيت بروضها وردا و شوكا وذقت بكأسها شهدا و صابا
فلم أر غير حكم الله حكما ولم أر غير باب الله بابا
ولا عظمت في الأشياء إلا صحيح العلم و الأدب البابا
ولا كرمت إلا وجه حر يقلد قومه المن الرغابا
ولم أر مثل جمع المال داء ولا مثل البخيل به مصابا
فلا تقتلك شهوته و زنها كما تزن الطعام أو الشرابا
وخذ لبنيك و الأيام ذخرا وأعط الله حصته احتسابا
فلو طالعت أحداث اليالي وجدت الفقر أقربها انتيابا
وأن البر خير في حياة وأبقى بعد صاحبه ثوابا
وأن الشر يصدع فاعليه ولم أر خيِّرا بالشر آبا
فرفقا بالبنين إذا لليالي على الأعقاب أوقعت العقابا
ولم يتقلدوا شكر اليتامى ولا ادَّرعوا الدعاء المستجابا
عجبت لمعشر صلوا وصاموا عواهر خشية و تقى كذابا
وتلفيهم حيال المال صما إذا داعي الزكاة بهم أهابا
لقد كتموا نصيب الله منه كأن الله لم يحص النصابا
ومن يعدل بحب الله شيئا كحب المال ضل هوى وخابا
فرب صغير قوم علموه سما وحمى المسومة العرابا
و كان لقومه نفعا و فخرا ولو تركوه كان أذا و عابا
فعلم ما استطعت لعل جيلا سيحدث العجب العجابا
ولا ترهق شباب الحي يأسا فإن اليأس يخترم الشبابا
يريد الخالق الرزق اشتراكا وإن يك خص أقواما و حابى
فما حرم المجد جنى يديه ولا نسي الشقي و لا المصابا
و لولا البخل لم يهلك فريق على الأقدار تلقاهم غضابا
تعبت بأهله لوما وقبلي دعاة البر قد سئموا الخطابا
و لو أني خطبت على جماد فجرت به الينابيع العذابا
ألم ترى للهواء جرى فأفضى إلى الأكواخ و اخترق القبابا
وأن الشمس في الآفاق تغشى حمى كسرى كما تغشى اليبابا
وسوى الله بينكم المنايا وسدكم مع الرسل الترابا
وأرسل عائلا منكم يتيما دنا من ذي الجلال فكان قابا
نبي البر بينه سبيلا وسن خلاله و هدى الشعابا
أبا الزهراء قد جاوزتُ قدري بمدحك بيد أن لي انتسابا
فما عرف البلاغة ذو بيان إذا لم يتخذك له كتابا