يقول ابن قيم الجوزية في مدارج السالكين "ج2 ص457": "" و العلم اللدني ثمرة العبودية والمتابعة والصدق مع الله والإخلاص له وبذل الجهد في تلقي العلم من مشكاة رسوله وكمال الانقياد له فيفتح له من فهم الكتاب والسنة بأمر يخصه به كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد سئل هل خصكم رسول الله بشيء دون الناس فقال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه فهذا هو العلم اللدني الحقيقي"". ابن القيم والمقامات والأحوال : قال ابن القيم في مدارج السالكين "ج1 ص 135" ولارباب السلوك اختلاف كثير في عدد المقامات وترتيبها , كل يصف منازل سيره وحال سلوكه , ولهم اختلاف في بعض منازل السير : هل هي من قسم الاحوال ؟ والفريق بينهما : أن المقامات كسبية والاحوال وهبية . ومنهم من يقول : الاحوال من نتائج المقامات , والمقامات نتائج الاعمال , فكل من كان اصلح عملا كان اعلى مقاما وكل من كان اعلى مقاما كان اعظم حالا .
الفراسة عند الصوفية : قال ابن القيم في مدارج السالكين "ج2 ص483"
"الفراسة سببها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل , والحالي والعاطل , والصادق والكاذب . وحقيقتها : أنها خاطر يهجم على القلب ينفي مضاده , يثب على القلب كوثوب الأسد على الفريسة , لكن الفريسة فعلية بمعنى مفعولة . وبناء الفراسة كبناء الولاية والامارة والسياسة . وهذه "الفراسة" على حسب قوة الايمان , فمن كان أقوى إيمانا فهو أحد فراسه . قال أبو سعيد الخذار : من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق , وتكون مواد علمه مع الحق بلاسهو ولاغفلة , بل حكم حق جرى على لسان عبده . وقال الواسطي : الفراسة شعاشع أنوار لمعت في القلوب , وتمكن معرفة جملة السرائر في الغيوب من غيب الي غيب , حتى يشهد الأشياء من حيث أشهده الحق إياها فيتكلم عن ضمير الخلق . وقال الداراني : الفراسة مكاشفة النفس ومعاينة الغيب , وهي من مقامات الايمان . وسئل بعضهم عن الفراسة ؟ فقال : أرواح تتقلب في الملكوت , فتشرف على معاني الغيوب , فتنطق عن أسرار الخلق نطق مشاهدة لاتطق ظن وحسبان . وكان الجنيد يوما يتكلم على الناس , فوقف عليه شاب نصراني متنكراً , فقال : أيها الشيخ مامعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله" , فأطرق الجنيد , ثم رفع رأسه اليه وقال : فقد حان وقت اسلامك ,فأسلم الغلام . وكان إياس بن معاوية من ظاعظم الناس فراسة , وله الوقائع المشهورة , وكذلك الشافعي رحمه الله , وقيل إن له فيها تآليف "اه.