قال الصادق صلَّى الله عليه وسلَّم :( أَخْلِصْ دِينَكَ يَكْفِكَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَمَلِ )(1)
أي لا نريد منك العمل الكثير، لأن المهم هو الإخلاص.
والإخلاص يعني: لا يريد إلا الله، ولا يقصد سواه، ولا يبغي شيئاً غير رضاه، ولا يطلب في الدنيا والآخرة إلا وجهه عزَّ وجلَّ.
ومثل هذا يفتح الله عزَّ وجلَّ له باب الذوق، وإذا فتح الله له باب الذوق، حباه من فضله بالتوفيق، أي يصبح كما نقول في الدنيا مَرْزُوق
فهناك من يعمل عملية واحدة في الدنيا ويكسب مائتا ألف جنيه، وهناك من يعمل ليل نهار ثم يخسر ويستدين كذلك نفس الموضوع فالمرزوق يحبوه الله بالتوفيق، وأعزُّ بضاعة في معرض الذات الإلهية، هي بضاعة التوفيق، ولذلك لم يذكرها الله في القرآن إلا مرَّة واحدة وعلى لسان نبي
( وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )(88 سورة هود)
فنحن جميعاً متحاجون إلى التوفيق .
ومن الممكن أن تأتي على الإنسان لحظة بالتوفيق تختصر له الطريق، ويصبح على قدم الصديق، وإنسان آخر يظل ألف عام يجاهد، ومكتوب أمامه لن تشـاهد، لعدم التوفيق، والعلة أن هناك جزءً في قلبه جاحد؛ لأنه يرى في نفسه أنه هو الذي يعمل فالعبرة إذن يا إخواني بالتوفيق.
فقد كان سيدنا عمر رَضِيَ الله عنه يمسك بالسيف، ويذهب ليقتل به رسول الله، ثم رجع بعدها، واسمه معزُّ الإسلام الفاروق أخذ وسام الفاروقية فعندما ذهب ليقتل رسول الله، جاءته لحظة العناية، ولحظة العناية ألبسته الولاية:
{ ملك الملوك إذا وهب لا تسألن عن السبب }
أهل الحكمة يقولون ذلك، ولكننا نقول أن السبب هو حسن الأدب، وعلينا أن نصلح هذا البيت بأن نقول:
{ ملك الملوك إذا وهب، فالسبب حسن الأدب }
فالموضوع كله يا إخواني يستلزم العناية.والعناية هي التوفيق، والتوفيق بالصدق، وإياك أن تلعب بك نفسك وتقول أن هذا الطريق به منافع، وعلي أن أستغلَّ ذلك، وآخذ هذه المنفعة بذلك، كل ما ستحصل عليه من الدنيا والآخرة هي هذه المنفعة.
وقد جاء للإمام أبو العزائم رَضِيَ الله عنه وأرضاه رجلٌ في المنيا، وكان يبيع العيش على دراجة، وقال للإمام: أُدعُ لي يا سيدنا الشيخ، فقال: ماذا تريد قال: أريد من الله أن يكثر عندي المال، ويصبح عندي كذا وكذا.
فـدعا له، ثم قال: أرحتني يا بني، فسأل الإمام من حوله: كيف أراحك يا سيدنا؟، قال: أخذ ما يريد، لكن من يريد الله؟، فإنني أحمله هنا وهناك إلى أن يصل إلى مناه.
ومن يريدون المصالح والمنافع كثيرون، فعندما يتكلم الله عنهم في القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالى جلَّ شأنه يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ) (215سورة البقرة)
( قُلْ )، ومن " يسأل " هنا: كثير( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) (222 سورة البقرة)
الجماعة الذين يريدون أن يعرفوا الشريعة، (قُلْ ) وهم كثير
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ ) (1 سورة الأنفال)
يريدون الغنائم وهي كثيرة ،أيضاً : (قُلْ )وعندما جاء الذين يسألون عن الله ؟ ، قال له
( وَإِذَا سَأَلَكَ )إذن عدد محدود للغاية(وَإِذَا سَأَلَكَ )
أي لا بد وأن يسألوه هو، وبنفسه، ولم يقل: وإذا سأل عبادي عني، لا، ولكن
( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ )(186سورة البقرة)
إذن السؤال هنا للقلَّة، فمن يسأل عن الله هنا قلة قليلة
( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ )(24 سورة ص)
وهؤلاء القليل لا يبغون دنيا ولا آخرة ،ومن جملة هؤلاء القليل الذين عرفناهم شيخنا الشيخ محمد علي سلامة رَضِيَ الله عنه وأرضاه، كان رجلاً لا يريد أن يعرفه أحد، وكان يقول لي:
{ يا بني، نحن مثل الجندي المجهول }أي لا يعرف أحد ماذا عمل؟
لأن الله هو الذي يرى،ولا يطلب من الدنيا والآخرة غير رضاء الله عزَّ وجلَّ
(1)رواه ابنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي الإخْلاَصِ عن معاذ ? .جامع الأحاديث والمراسيل والفتح الكبير.
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C5%D4%D1%C7%DE%C7%CA%20%C7%E1%C5%D3%D1%C7%C1-%20%CC2&id=18&cat=4
[URL="http://www.fawzyabuzeid.com/downbook.php?ft=pdf&fn=Book_eshrakat_alesraa_V2.pdf&id=18"][SIZE="5"]منقول من كتاب {إشراقات الإسراء الجزء الثاني}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً[/URL]
https://www.youtube.com/watch?v=WibfX6ihSeo
[/size]