🟨🟧🟥 حقيقة السالك 🟥🟧🟨
🟧
سؤال: متى يُسمى الإنسان فى طريق الله عز وجل سالكاً؟
هل إذا واظب على مجالس الذكر والصلوات بمفردها يُعد سالكاً؟ أم هل إذا واظب على الأوراد وأدَّاها فى جماعة أو على انفراد يُعد سالكاً؟ أم إذا واظب على الإتصال بالشيخ صباحاً ومساء أو فى كل يوم مرة أو فى كل أسبوع مرة واكتفى بذلك يُعد سالكاً؟ أم إذا سمع بعض العلوم وحفظ هذه العلوم أو راقت له فى ميادين الفهوم وأخذ يتكلم منها وعنها مع كل من يجالسه أو يقابله يُعد سالكاً؟
الجواب: لا هذا ولا ذاك إذا اكتفى به المرء يُعد سالكاً، لكى يقف المرء على أول عتبة من عتبات السلوك إلى ملك الملوك عز وجل لابد أن تحل معرفة الله عز وجل فى قلبه، إذا حلت معرفة الله عز وجل فى قلبه، هنا يُعد هذا المرء سالكاً على التحقيق على قَدَم الصِديق، ولذلك يقول إمامنا أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه : (المعرفة أول فريضة ولا فريضة قبلها) أول فريضة تفرض على المرء هى معرفة الله، وفيها قال بعض الحكماء:
من عرف الله فلم تُغنه ★ معرفة الله فذاك الشقى
هناك عالم فى أحكام الله، درس الفقه وتبحر فيه، وهذا ليس عارفاً بل عالماً أو خزانة علم إن شئت الدقة فى القول، وهناك عالماً بالله، والعالم بالله هو الذى يعلم أسماءه وصفاته وكمالات ذاته ونعوت حضرته وأوصاف قدرته جل وعلا، فالمعرفة أن يعرف لا بعقله ولا بفكره ولا بنفسه، ولكن أن يعرف بقلبه أوصاف المعلوم، ويتيقن من عظيم قدرته وجمال حكمته وجلال جبروت عزته، فتحدث له خشية فى قلبه تجعله يراقب الرقيب فى كل نفَس يتنفسه وفى كل حركة يتحركها وفى كل كلمة يتقولها وفى كل سكَنة يسكنها، إذا راقب الله وأصبح فى قلبه خشية لجلال وقدرة الله جل فى علاه، هنا يكون قد بدأ السير والسلوك إلى الله جل فى علاه، يقول إمامنا أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه عن العلم فى بعض من مواجيده:
العلم يجعلنى أخشى من الرب
أراقب الله بالأعضاء والقلب
إن لم أكن أخشى من ربى فمن جهلى
وإن علمت علوم الكشف والغيب
وإن تحصلت من علم ومن فقه
مثل الجبال الرواسى لم يزل حجبى
العلم معراج أهل الحب والحسنى
مهواة أهل الجفا والبعد والريب
ويقول لمن يظن أنه بالعلوم وبالفهوم ساد القوم وصار لهم إمام، وصار له مكانة فى وهمه وظنه عند الملك العلام:
أتظن أنك بالعلوم تُقَرب
وبفهم أسرار بها تتحبب
خانتك نفسك فانتبه من غيِّها
واعلم يقيناً أن علمك منصب
فإذا أضاء القلب لاح جماله
بجميع أعضائى وتلك مواهب
العلم علم الخشية والخوف من الله عز وجل ، عندما مات عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه نعاه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه فقال: مات تسعة أعشار العلم، فقيل له كيف تقول ذلك وبيننا أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وكلهم علماء؟!
قال: لا أقصد العلم الذى تظنون ولكن أقصد علم الورع، فعمر كان معه تسعة أعشار علم الورع، والورع يقول فيه الحبيب صلي الله عليه وسلم: { كُنْ وَرِعاً، تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ } (١)
ليس أعبد الناس الذى يقوم الليل ويصوم النهار ويتلو القرآن فقط، لكن أعبد الناس هو الذى يتورع عن الشبهات، ويقف عند الشبهات، ولا تمتد يده إليها خوفاً من رفيع الدرجات عز وجل ، فهو علم القوم الذى به بداية السلوك إلى ملك الملوك عز وجل .
علامات الورع أن يحس العبد بقلبه أن قلبه قريب من ربه وأنه يراه، أو أن الله عز وجل يطلع على جميع ظواهره وخفاياه، وأن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية فى باطن العبد، فيراقب الله حق مراقبته، والمراقبة بداية السلوك إلى الله، وإليها الإشارة بالإحسان: { مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ. فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»} (٢)
بدء السلوك إلى الله أن تشاهد الإحسان، فمشاهد الإحسان هى البداية!.
_______________________________
(١) سنن ابن ماجة عن أبي هريرة.
(٢) صحيح البخارى ومسلم عن أبي هريرة
========================
أسئــلــة الطريـق إلى الله من كتـــاب
الأجوبة الربانية فى الأسئلة الصوفية
لفضيـة الشيـخ / فوزى محمد أبو زيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله
🟧
سؤال: متى يُسمى الإنسان فى طريق الله عز وجل سالكاً؟
هل إذا واظب على مجالس الذكر والصلوات بمفردها يُعد سالكاً؟ أم هل إذا واظب على الأوراد وأدَّاها فى جماعة أو على انفراد يُعد سالكاً؟ أم إذا واظب على الإتصال بالشيخ صباحاً ومساء أو فى كل يوم مرة أو فى كل أسبوع مرة واكتفى بذلك يُعد سالكاً؟ أم إذا سمع بعض العلوم وحفظ هذه العلوم أو راقت له فى ميادين الفهوم وأخذ يتكلم منها وعنها مع كل من يجالسه أو يقابله يُعد سالكاً؟
الجواب: لا هذا ولا ذاك إذا اكتفى به المرء يُعد سالكاً، لكى يقف المرء على أول عتبة من عتبات السلوك إلى ملك الملوك عز وجل لابد أن تحل معرفة الله عز وجل فى قلبه، إذا حلت معرفة الله عز وجل فى قلبه، هنا يُعد هذا المرء سالكاً على التحقيق على قَدَم الصِديق، ولذلك يقول إمامنا أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه : (المعرفة أول فريضة ولا فريضة قبلها) أول فريضة تفرض على المرء هى معرفة الله، وفيها قال بعض الحكماء:
من عرف الله فلم تُغنه ★ معرفة الله فذاك الشقى
هناك عالم فى أحكام الله، درس الفقه وتبحر فيه، وهذا ليس عارفاً بل عالماً أو خزانة علم إن شئت الدقة فى القول، وهناك عالماً بالله، والعالم بالله هو الذى يعلم أسماءه وصفاته وكمالات ذاته ونعوت حضرته وأوصاف قدرته جل وعلا، فالمعرفة أن يعرف لا بعقله ولا بفكره ولا بنفسه، ولكن أن يعرف بقلبه أوصاف المعلوم، ويتيقن من عظيم قدرته وجمال حكمته وجلال جبروت عزته، فتحدث له خشية فى قلبه تجعله يراقب الرقيب فى كل نفَس يتنفسه وفى كل حركة يتحركها وفى كل كلمة يتقولها وفى كل سكَنة يسكنها، إذا راقب الله وأصبح فى قلبه خشية لجلال وقدرة الله جل فى علاه، هنا يكون قد بدأ السير والسلوك إلى الله جل فى علاه، يقول إمامنا أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه عن العلم فى بعض من مواجيده:
العلم يجعلنى أخشى من الرب
أراقب الله بالأعضاء والقلب
إن لم أكن أخشى من ربى فمن جهلى
وإن علمت علوم الكشف والغيب
وإن تحصلت من علم ومن فقه
مثل الجبال الرواسى لم يزل حجبى
العلم معراج أهل الحب والحسنى
مهواة أهل الجفا والبعد والريب
ويقول لمن يظن أنه بالعلوم وبالفهوم ساد القوم وصار لهم إمام، وصار له مكانة فى وهمه وظنه عند الملك العلام:
أتظن أنك بالعلوم تُقَرب
وبفهم أسرار بها تتحبب
خانتك نفسك فانتبه من غيِّها
واعلم يقيناً أن علمك منصب
فإذا أضاء القلب لاح جماله
بجميع أعضائى وتلك مواهب
العلم علم الخشية والخوف من الله عز وجل ، عندما مات عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه نعاه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه فقال: مات تسعة أعشار العلم، فقيل له كيف تقول ذلك وبيننا أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وكلهم علماء؟!
قال: لا أقصد العلم الذى تظنون ولكن أقصد علم الورع، فعمر كان معه تسعة أعشار علم الورع، والورع يقول فيه الحبيب صلي الله عليه وسلم: { كُنْ وَرِعاً، تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ } (١)
ليس أعبد الناس الذى يقوم الليل ويصوم النهار ويتلو القرآن فقط، لكن أعبد الناس هو الذى يتورع عن الشبهات، ويقف عند الشبهات، ولا تمتد يده إليها خوفاً من رفيع الدرجات عز وجل ، فهو علم القوم الذى به بداية السلوك إلى ملك الملوك عز وجل .
علامات الورع أن يحس العبد بقلبه أن قلبه قريب من ربه وأنه يراه، أو أن الله عز وجل يطلع على جميع ظواهره وخفاياه، وأن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية فى باطن العبد، فيراقب الله حق مراقبته، والمراقبة بداية السلوك إلى الله، وإليها الإشارة بالإحسان: { مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ. فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»} (٢)
بدء السلوك إلى الله أن تشاهد الإحسان، فمشاهد الإحسان هى البداية!.
_______________________________
(١) سنن ابن ماجة عن أبي هريرة.
(٢) صحيح البخارى ومسلم عن أبي هريرة
========================
أسئــلــة الطريـق إلى الله من كتـــاب
الأجوبة الربانية فى الأسئلة الصوفية
لفضيـة الشيـخ / فوزى محمد أبو زيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله