إشارات المحققين في الصيام
===========================
السؤال : يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه ((الصيام جهادٌ بالجسم، ومخالفة للنفس، وسياحة بالعقل، ومشاهدةٌ بالروح)) أرجو من فضيلتكم التوضيح، وهل هذا الأمر في رمضان فقط؟
هذا السؤال أجبناه بالتفصيل في كتابنا (الصيام شريعة وحقيقة)، والحقيقة أن الصالحون ليس عندهم رمضان واحد فقط، وإنما الدهر عندهم كله رمضان،
وصيامهم لله الذي ينبغي أن يقوموا به يكون صيام الأبد، ولكن مع خلاف واحد وهو أنهم يأكلون ويشربون وقد يجامعون في غير رمضان، لكنهم صائمون بجميع أنواع الصيام.
الصيام جهاد بالجسم أي جهاد في تحمل الجوع، وتحمل العطش، وتحمل آثار شهوة النكاح، من الفجر إلى غروب الشمس، وهذا الصيام العام لجميع العوام.
والصيام مخالفة للنفس، لأن النفس دائمًا تأمر الإنسان بالفحشاء والمنكر، كماقال الله عز وجل:
( إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ) (53يوسف)
وصيام الإنسان السالك في طريق الله هو مخالفة النفس في كل ما تأمره به:
وخالف النفس والشيطان واعصهما
أما صيام العقل هو سياحة العقل، فيصوم العقل أولًا عن التفكير الدنئ، كالتفكير في الذنوب، أو التفكير في العيوب، أو التفكير في التفريق بين الأحبة، أو التفكير في المكر والدهاء للمسلمين، أو التفكير ما لا يحمد عقباه للموحدين، وإنما يتفكر في آلاء الله في الكائنات، وفي آيات الله في نفسه:
( سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ ) (53فصلت).
وهذه عبادة تُسمى عبادة التفكر، وهذه العبادة مستمرة مع الإنسان ما بقي الإنسان حيًا إلى أن يلقى الرحمن .
فإذا أحسن الإنسان التفكر والتذكر، أكرمه الله(عز وجل ) بالحياة الإيمانية، فأصبح ذاكرًا ذكرًا نورانيًا لرب البرية، يذكر الله عن مشاهدات،
ويذكر الله عن مواجهات، وتأتي المشاهدات له من عالم الروح، والروح تشهد ما في الملكوت الأعلى وما في الجنات وما في عوالم الله التي لا تُحصى، ويدخل في
قول الله: ( وَكَذَٰلِكَ نُرِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِينَ ٧٥)(الأنعام).
إذًا الصائم الحق هو الذي يصوم عن مخالفة النفس طوال عمره، ويصوم عن الأفكار الدنية طوال حياته، ويسوح بفكره في كل شيء ينظر إليه ويتأمل فيه، حتى إلى طعامه وإلى شرابه:
(فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ ٢٤ ) (عبس).
ثم بعد ذلك ينقله الله بالمنح الإلهية إلى مشاهدة الأنوار الربانية، ثم إلى التجليات الإلهية، مع أنه يأكل ويشرب، وهذا هو صيام العارفين الذين يصومونه طول العام، ويكونوا طوال العام داخلين في
قول الله: (وَٱلصَّٰٓئِمِينَ وَٱلصَّٰٓئِمَٰتِ )(35الأحزاب)
نسأل الله تبارك وتعالى أن نكون منهم أجمعين.
============================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله
===========================
===========================
السؤال : يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه ((الصيام جهادٌ بالجسم، ومخالفة للنفس، وسياحة بالعقل، ومشاهدةٌ بالروح)) أرجو من فضيلتكم التوضيح، وهل هذا الأمر في رمضان فقط؟
هذا السؤال أجبناه بالتفصيل في كتابنا (الصيام شريعة وحقيقة)، والحقيقة أن الصالحون ليس عندهم رمضان واحد فقط، وإنما الدهر عندهم كله رمضان،
وصيامهم لله الذي ينبغي أن يقوموا به يكون صيام الأبد، ولكن مع خلاف واحد وهو أنهم يأكلون ويشربون وقد يجامعون في غير رمضان، لكنهم صائمون بجميع أنواع الصيام.
الصيام جهاد بالجسم أي جهاد في تحمل الجوع، وتحمل العطش، وتحمل آثار شهوة النكاح، من الفجر إلى غروب الشمس، وهذا الصيام العام لجميع العوام.
والصيام مخالفة للنفس، لأن النفس دائمًا تأمر الإنسان بالفحشاء والمنكر، كماقال الله عز وجل:
( إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ) (53يوسف)
وصيام الإنسان السالك في طريق الله هو مخالفة النفس في كل ما تأمره به:
وخالف النفس والشيطان واعصهما
أما صيام العقل هو سياحة العقل، فيصوم العقل أولًا عن التفكير الدنئ، كالتفكير في الذنوب، أو التفكير في العيوب، أو التفكير في التفريق بين الأحبة، أو التفكير في المكر والدهاء للمسلمين، أو التفكير ما لا يحمد عقباه للموحدين، وإنما يتفكر في آلاء الله في الكائنات، وفي آيات الله في نفسه:
( سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ ) (53فصلت).
وهذه عبادة تُسمى عبادة التفكر، وهذه العبادة مستمرة مع الإنسان ما بقي الإنسان حيًا إلى أن يلقى الرحمن .
فإذا أحسن الإنسان التفكر والتذكر، أكرمه الله(عز وجل ) بالحياة الإيمانية، فأصبح ذاكرًا ذكرًا نورانيًا لرب البرية، يذكر الله عن مشاهدات،
ويذكر الله عن مواجهات، وتأتي المشاهدات له من عالم الروح، والروح تشهد ما في الملكوت الأعلى وما في الجنات وما في عوالم الله التي لا تُحصى، ويدخل في
قول الله: ( وَكَذَٰلِكَ نُرِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِينَ ٧٥)(الأنعام).
إذًا الصائم الحق هو الذي يصوم عن مخالفة النفس طوال عمره، ويصوم عن الأفكار الدنية طوال حياته، ويسوح بفكره في كل شيء ينظر إليه ويتأمل فيه، حتى إلى طعامه وإلى شرابه:
(فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ ٢٤ ) (عبس).
ثم بعد ذلك ينقله الله بالمنح الإلهية إلى مشاهدة الأنوار الربانية، ثم إلى التجليات الإلهية، مع أنه يأكل ويشرب، وهذا هو صيام العارفين الذين يصومونه طول العام، ويكونوا طوال العام داخلين في
قول الله: (وَٱلصَّٰٓئِمِينَ وَٱلصَّٰٓئِمَٰتِ )(35الأحزاب)
نسأل الله تبارك وتعالى أن نكون منهم أجمعين.
============================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله
===========================