إتِّباع الصالحين
==========
لذلك أنا أُريد رجل يعينني على أن أميت نفسي، لكن إذا كنت سعيد من نفسي، وأريد أن أُظهر نفسي، فمن الذي يعينني على هذا الأمر؟!! كثيرٌ من الأحبة في هذا الزمان يريد أن يصل إلى فضل الله بدون جهاد النفس والهوى، فكيف يأتى ذلك؟!!
لا بد أن تجاهد نفسك وتجاهد هواك، كيف؟ بمن تقتدي به، حتى تصل إلى مولاك عز وجل .
وسآخذ نماذج بسيطة، فشيخنا الشيخ محمد علي سلامة رضى الله عنه وأرضاه كان يوصينا وصايا خفيفة، ولكن لا بد للإنسان أن يكبح جماح نفسه وينفذها، قال لي: إياك أن تذهب لأحد وأنت جوعان، فكنت أذهب لأي بلد من بلدان الله،
وأول ما أنزل البلدة أذهب إلى مطعم وآكل، ثم أذهب وأُعطي الدرس، ثم أذهب للبيت الذي فيه اللقاء وأنا شبعان وقانع، فسواء قدموا طعاماً أو لم يقدموا لا يلزمني هذا الأمر.
لأنه قال لي قبل ذلك أيضاً: (( لو دخل رجلٌ دالٌ بالله على الله على بلدة وملأها علماً وحالاً، وخرج منها ولم يعزم أحدٌ من أهل البلدة عليه بكوب شاي، لو تغيَّر ؟! يحتاج إلى أن يرجع إلى اسطبل الدواب!! )).
لأني لست قادماً للطعام والشراب، ولكني ذاهبٌ لأداء رسالتي لله!!
فلو أطعموني أو سقوني فهذا أمر لا يلزمني.
والآن أنزل إلى أي بلد من بلادنا في فندق، وآكل على حسابي، ولكن البعض يدَّعي أنه مريد صادق في الجهاد، وينزل إلى بلد من بلاد الله لمصلحة تخصه، فيتصل بالتليفون على إخوانه من هذه البلدة ويقول لهم أنا هنا، حتى يضيفه هذا مرة، وهذا يضيفه مرة، وهذا يضيفه مرة، فهل هذا مشى على نهج الشيخ أم على هواه؟
على هواه، ومن مشى على هواه لا ينال مناه.
أنا آكل معكم في اللقاءات، وغذائي يكون نصف رغيف وبيضة، أو فول وطعمية، لأن القوة من الله وليست من الطعام، فإن لم تكن الشهوات تحت قدميّ الإنسان فكيف يصل إلى فضل الله وكرم الله وعطاء الله؟!!.
فالذي إذا رأى الطعام الشهي يتحرك لسانه، ويزيد لعابه في فمه، ويظهر عليه الفرح والسرور لرؤية الطعام، فهذا يكون عبد البطنة، وعبد البطنة هل يكون عبداً لله؟ لا، ولذلك قالوا:
(( لا يصير الرجل إماماً للمتقين حتى لا يفرق بين الحجر والذهب ))
هذا مثل هذا، وقد يكون الحجر له منفعة أفضل من الذهب.
هذه أمثلة علَّمها لنا الشيخ، والمفروض أن نتعلمها من مشايخنا، نتعلم العزة وعفة النفس، فأول شيء نتعلمه من الصالحين العزة: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ .} (8المنافقون) المؤمنين الصادقين.
بعد ذلك العفِّة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يُطعم كل من حوله حتى تشبع بطونهم، بينما هو لم يتناول قدر درهم من الطعام، ويتظاهر أنه يأكل ليطعمهم، ما هذا؟!!
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }(9الحشر).
قد ترونها أمور بسيطة، لكن هذه الأمور هي البرهان على حُسن الاقتداء بأحباب الرحمن عز وجل ، فلا بد للإنسان أن يمشي على هذا المنوال.
يكون أحد الأحباب بيننا كأنه مَلَك، وعندما يدخل البيت كأنه شيطان، وكل من في البيت يتوارى خوفاً من سلاطة اللسان!!، ولمن سلاطة اللسان هذه؟!!..
لماذا لا تتشبه بمن قال:
{ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ } (1)
وقال الله فيه: { لَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ} (159آل عمران) فكيف تكون فظاً في التعامل مع من حولك، وغليظ القلب في التعامل مع الذي يليك، ثم تطمع في فضل الله؟!! لا يحدث ذلك!!، لكن لا بد أن تكون صورة على قدرك من شيخك، وشيخك صورة على قدره من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
وأَعجب أحياناً عندما أسمع أحد الأحباب يقول: فلان اليوم كان يلبس جلباباً شكله كذا!، وفلان كان يلبس بدلة شكلها كذا!، فأنا لو سألتوني عن الحاضرين ماذا يلبسون؟ لا أعرف، فأنا لا أرى الصور الظاهرية، ولكن أرى القلوب الباطنية، فما شأني وما يلبسه؟!! المهم ماذا يلبس بالداخل؟
هل يلبس بالباطن الحب والود والخشوع أم غير ذلك؟.
لكن الظاهر لا شأن لنا به، فغاية ما يُبدع أن يلبس الثياب التي صنعها الإنجليز من الصوف، وهل هذا شيء يفتخر به؟!!، ولكن أنا أريد:{ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } (26الأعراف).
لكي يمشي الإنسان في طريق الله
لا بد أن يتواصل مع شيخه، يعني مثلاً: الذي يُحب إنسانة ألا يكون بينهما تواصل، إما عن طريق التليفون، أو عن طريق الخطابات، أو عن طريق المراسلات، ولا يستطيع أن يصبر شهر دون أن يراسلها أو أو يتصل بها، كذلك نفس الأمر، كيف تدَّعي أنك تُحب شيخك وتمشي معه ولا يوجد تواصل ظاهر أو باطن؟!!
.لو وصلت للتواصل الباطني على بركة الله، والتواصل الباطني - والحمد لله - كنا إذا عمل منا أحدٌ عمل خطأ أو ما شابه، يأتيني الشيخ في المنام ويعاتبني:
لماذا عملت كذا؟! .. لأن هذا تواصل.
لكن أنت تواصلك كله ظاهري مع أهل الظاهر، والشيخ نراه ونجلس معه مثلاً كل شهر مرة، وهل هذه المرة تكفي؟! لا، بل لا بد أن يكون هناك تواصل باطني معه.
والمصيبة الأعظم أن الإنسان يلتمس لنفسه الأعذار، لأنه يظن أنه من المقربين والأخيار، ويقول: أظن الشيخ مشغول، وأنا لا أريد أن أشغله، لكن من الذي قال هذا الكلام؟!! لا بد أن يكون هناك تواصل.
فنظل في التواصل الظاهري مؤقتاً حتى يفتح الفتاح، ويأتي التواصل الباطني وتنتهي المهمة، والتواصل الباطني إما مناماً وإما يقظة، لكن لا بد من التواصل.
==================================
من كتاب ( همة المريد الصادق )
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد
==========
لذلك أنا أُريد رجل يعينني على أن أميت نفسي، لكن إذا كنت سعيد من نفسي، وأريد أن أُظهر نفسي، فمن الذي يعينني على هذا الأمر؟!! كثيرٌ من الأحبة في هذا الزمان يريد أن يصل إلى فضل الله بدون جهاد النفس والهوى، فكيف يأتى ذلك؟!!
لا بد أن تجاهد نفسك وتجاهد هواك، كيف؟ بمن تقتدي به، حتى تصل إلى مولاك عز وجل .
وسآخذ نماذج بسيطة، فشيخنا الشيخ محمد علي سلامة رضى الله عنه وأرضاه كان يوصينا وصايا خفيفة، ولكن لا بد للإنسان أن يكبح جماح نفسه وينفذها، قال لي: إياك أن تذهب لأحد وأنت جوعان، فكنت أذهب لأي بلد من بلدان الله،
وأول ما أنزل البلدة أذهب إلى مطعم وآكل، ثم أذهب وأُعطي الدرس، ثم أذهب للبيت الذي فيه اللقاء وأنا شبعان وقانع، فسواء قدموا طعاماً أو لم يقدموا لا يلزمني هذا الأمر.
لأنه قال لي قبل ذلك أيضاً: (( لو دخل رجلٌ دالٌ بالله على الله على بلدة وملأها علماً وحالاً، وخرج منها ولم يعزم أحدٌ من أهل البلدة عليه بكوب شاي، لو تغيَّر ؟! يحتاج إلى أن يرجع إلى اسطبل الدواب!! )).
لأني لست قادماً للطعام والشراب، ولكني ذاهبٌ لأداء رسالتي لله!!
فلو أطعموني أو سقوني فهذا أمر لا يلزمني.
والآن أنزل إلى أي بلد من بلادنا في فندق، وآكل على حسابي، ولكن البعض يدَّعي أنه مريد صادق في الجهاد، وينزل إلى بلد من بلاد الله لمصلحة تخصه، فيتصل بالتليفون على إخوانه من هذه البلدة ويقول لهم أنا هنا، حتى يضيفه هذا مرة، وهذا يضيفه مرة، وهذا يضيفه مرة، فهل هذا مشى على نهج الشيخ أم على هواه؟
على هواه، ومن مشى على هواه لا ينال مناه.
أنا آكل معكم في اللقاءات، وغذائي يكون نصف رغيف وبيضة، أو فول وطعمية، لأن القوة من الله وليست من الطعام، فإن لم تكن الشهوات تحت قدميّ الإنسان فكيف يصل إلى فضل الله وكرم الله وعطاء الله؟!!.
فالذي إذا رأى الطعام الشهي يتحرك لسانه، ويزيد لعابه في فمه، ويظهر عليه الفرح والسرور لرؤية الطعام، فهذا يكون عبد البطنة، وعبد البطنة هل يكون عبداً لله؟ لا، ولذلك قالوا:
(( لا يصير الرجل إماماً للمتقين حتى لا يفرق بين الحجر والذهب ))
هذا مثل هذا، وقد يكون الحجر له منفعة أفضل من الذهب.
هذه أمثلة علَّمها لنا الشيخ، والمفروض أن نتعلمها من مشايخنا، نتعلم العزة وعفة النفس، فأول شيء نتعلمه من الصالحين العزة: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ .} (8المنافقون) المؤمنين الصادقين.
بعد ذلك العفِّة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يُطعم كل من حوله حتى تشبع بطونهم، بينما هو لم يتناول قدر درهم من الطعام، ويتظاهر أنه يأكل ليطعمهم، ما هذا؟!!
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }(9الحشر).
قد ترونها أمور بسيطة، لكن هذه الأمور هي البرهان على حُسن الاقتداء بأحباب الرحمن عز وجل ، فلا بد للإنسان أن يمشي على هذا المنوال.
يكون أحد الأحباب بيننا كأنه مَلَك، وعندما يدخل البيت كأنه شيطان، وكل من في البيت يتوارى خوفاً من سلاطة اللسان!!، ولمن سلاطة اللسان هذه؟!!..
لماذا لا تتشبه بمن قال:
{ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ } (1)
وقال الله فيه: { لَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ} (159آل عمران) فكيف تكون فظاً في التعامل مع من حولك، وغليظ القلب في التعامل مع الذي يليك، ثم تطمع في فضل الله؟!! لا يحدث ذلك!!، لكن لا بد أن تكون صورة على قدرك من شيخك، وشيخك صورة على قدره من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
وأَعجب أحياناً عندما أسمع أحد الأحباب يقول: فلان اليوم كان يلبس جلباباً شكله كذا!، وفلان كان يلبس بدلة شكلها كذا!، فأنا لو سألتوني عن الحاضرين ماذا يلبسون؟ لا أعرف، فأنا لا أرى الصور الظاهرية، ولكن أرى القلوب الباطنية، فما شأني وما يلبسه؟!! المهم ماذا يلبس بالداخل؟
هل يلبس بالباطن الحب والود والخشوع أم غير ذلك؟.
لكن الظاهر لا شأن لنا به، فغاية ما يُبدع أن يلبس الثياب التي صنعها الإنجليز من الصوف، وهل هذا شيء يفتخر به؟!!، ولكن أنا أريد:{ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } (26الأعراف).
لكي يمشي الإنسان في طريق الله
لا بد أن يتواصل مع شيخه، يعني مثلاً: الذي يُحب إنسانة ألا يكون بينهما تواصل، إما عن طريق التليفون، أو عن طريق الخطابات، أو عن طريق المراسلات، ولا يستطيع أن يصبر شهر دون أن يراسلها أو أو يتصل بها، كذلك نفس الأمر، كيف تدَّعي أنك تُحب شيخك وتمشي معه ولا يوجد تواصل ظاهر أو باطن؟!!
.لو وصلت للتواصل الباطني على بركة الله، والتواصل الباطني - والحمد لله - كنا إذا عمل منا أحدٌ عمل خطأ أو ما شابه، يأتيني الشيخ في المنام ويعاتبني:
لماذا عملت كذا؟! .. لأن هذا تواصل.
لكن أنت تواصلك كله ظاهري مع أهل الظاهر، والشيخ نراه ونجلس معه مثلاً كل شهر مرة، وهل هذه المرة تكفي؟! لا، بل لا بد أن يكون هناك تواصل باطني معه.
والمصيبة الأعظم أن الإنسان يلتمس لنفسه الأعذار، لأنه يظن أنه من المقربين والأخيار، ويقول: أظن الشيخ مشغول، وأنا لا أريد أن أشغله، لكن من الذي قال هذا الكلام؟!! لا بد أن يكون هناك تواصل.
فنظل في التواصل الظاهري مؤقتاً حتى يفتح الفتاح، ويأتي التواصل الباطني وتنتهي المهمة، والتواصل الباطني إما مناماً وإما يقظة، لكن لا بد من التواصل.
==================================
من كتاب ( همة المريد الصادق )
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد