نار الغرام
___
س-ما الذي يؤجِّج نار الغرام في قلب المريد؟
الجواب
الحب، ما الذي يجعل الإنسان يميل لإنسانة مثله وينشغل بها بالكلية؟ إذا أحبها، وهذا حبٌ ظاهر جسماني، فما بالنا لو كان الحب إيماني ونوراني؟
ما الذي جعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقراء والمساكين يتعرضون لأشد أنواع الأذى وأفتك أنواع التعذيب، ولا يتغيرون ولا يتبدلون ولا يتحولون؟! شدة الحب التي يقول فيها الله واصفاً حب المؤمنين لله، إذا رأيت أي حُبٍّ في الكون فاعلم قول الله: " وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لله " (165البقرة) أكثر من هذا الحب كله حب المؤمنين لله تبارك وتعالى.
سيدنا بلال يُخرجوه في حر الظهيرة، وساعة الظهيرة في مكة شديدة جداً، ويوضع على الرمل الذي هو كالجمر في الصحراء، ويُوضع على صدره صخرة كبيرة، ويُضرب، وهو لا يزيد عن قوله: أحدٌ، أحدٌ، أحدٌ، يعني ماذا يفعل؟ يذكر الله، ولا يشعر بألم هذا العذاب ولا هذا التعذيب، لأن قلبه انشغل كله بحب الله تبارك وتعالى الحب الذي لا يخيب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم واصفاً لنا هذا الطريق:
{ أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي }
يعني تَفكُّرِكَ في نعم الله عليك في نفسك، وفيما حولك وفي الأكوان، يدفعك إلى زيادة الحب في حضرة الرحمن سبحانه وتعالى.
فوضح لنا الطريق الذي يوصِّلنا إلى هذا الحب الإلهي الذي به تتحقق لنا الآمال، وتنصلح لنا الأحوال، ونبلغ به مبلغ كُمَّل الرجال، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلَّم، وصحبه الكرام.
وفي الحقيقة الروايات الموثوقة الواردة عن أصحاب حضرة النبي في هذا المجال تحتاج إلى وقت طويل، والروايات الواردة عن الصالحين تحتاج إلى وقت طويل، وكلها في الحب.
والحب أن ينشغل الإنسان بالله، ومهما كانت مشاغله الكونية تكون أقل في المرتبة وفي الدرجة من حبه لله، ومن حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، قال صلى الله عليه وسلَّم:
{ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } سنن النسائي
قال عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ لَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
{ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ عِنْدَهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ، قَالَ عُمَرُ: فَلَأَنْتَ الْآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْآنَ يَا عُمَرُ } صحيح البخاري
فهذا الحب الصحيح، ولو لم يصل الحب إلى هذه الدرجة، فسيكون فيه خطورة، فانظر إلى التحذير الشديد والوعيد في كتاب الله: " قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا " (24التوبة) يعني انتظروا ما يصيبكم من أذى أو شر أو ضر أو غيره.
فلا بد أن يكون حب الله ورسوله الأعلى من كل ما ذكره الله في هذه الآية الكريمة في كتاب الله سبحانه وتعالى.
حتى أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلَّم كان يُضرب بهم المثل في ذلك، حتى النساء!، عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ:
{كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي دِينَارٍ قَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمَّا نُعُوْا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أَمَّ فُلَانٍ، فَقَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَأَشَارُوا لَهَا إِلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ} سير أعلام النبلاء
وجلل يعني صغيرة، يعني ما دام أنت حي وبخير فلا يهمني كل ما حدث، ما هذا؟!!، وهذه امرأة!!: " وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا " (69النساء).
هذه الآية الكاملة نزلت من أجل خادم عند حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم، وليس قائداً أو وزيراً أو محافظاً، بل خادم عند حضرة النبي وكان اسمه ثوبان رضي الله عنه، رآه حضرة النبي وقد ظهر عليه علامات المرض، وجهه أصفر، وجسمه ضعفان ونحيف، فقال رسول الله:
{ يَا ثَوبَان، مَا غيَّر لَونك؟ فَقَال: يَا رسُولَ الله مَا بِي مِن ضُرِ ولا وَجَع، غَيْر أَنِّي إَذَا لَم أَرَك اشْتَقتُ إِلَيْكَ، واسْتوحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَة حَتَّى أَلقَاك، ثمَّ ذَكرتُ الآخِرة وأَخافُ أَن لا أَرَاك هُنَاك، لأَنِّي أَعرفُ أَنَّك تُرفَع مَعَ النَبِيِّينَ، وأَنِّي إِن دَخلتُ الجنَّة كُنْت في مَنزِلة أَدْنَى مِن مَنزِلَتَكَ، وإِن لَم أدخُل الجَّنَّة فَذَاكَ أحْرَى أَن لا أَرَاكَ أَبَداً، فَنَزَل قَول الله تَعَالى: " وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً " } ذكر الواحدي هذه القصة في كتابه أسباب النزول
هذا الحب جعل الصدِّيق رضي الله عنه يكون مع رسول الله بالليل، وكان ساكناً خارج المدينة، وبعد أن يرجع إلى بيته، يقول: اشتقتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، ردُّوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.
بمجرد أن يمشي الطريق فقط، لكنه لا يريد أن يتركه طرفة عين ولا أقل، من أين هذا؟!! من الحب؛ الحب الذي تمثَّل به بقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
أُحبك حباً لو يُفاض يسيره على
الناس مات الناس من شدة الحب
وما أنا موفٍ بالذي أنت أهله
لأنك في أعلى المراتب من قلبي
فدرجات المؤمنين على حسب حبهم لله، وحبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، والذي يُؤجِّج هذا الحب أن يرى أفضال الله عليه، ونعم الله فيه، ونعم الله المحيطة به، وإكرام الله له باتِّباع الحبيب، وما أتى الله به من نعم لا تُعد، وجعله بعد ذلك منه يُمد، عندما يرى هذه الأحوال يزيد الحب في قلبه لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلَّم.
============================================
من كتاب القول السديد
لفضيلة الشيخ /فوزي محمد أبوزيد
___
س-ما الذي يؤجِّج نار الغرام في قلب المريد؟
الجواب
الحب، ما الذي يجعل الإنسان يميل لإنسانة مثله وينشغل بها بالكلية؟ إذا أحبها، وهذا حبٌ ظاهر جسماني، فما بالنا لو كان الحب إيماني ونوراني؟
ما الذي جعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقراء والمساكين يتعرضون لأشد أنواع الأذى وأفتك أنواع التعذيب، ولا يتغيرون ولا يتبدلون ولا يتحولون؟! شدة الحب التي يقول فيها الله واصفاً حب المؤمنين لله، إذا رأيت أي حُبٍّ في الكون فاعلم قول الله: " وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لله " (165البقرة) أكثر من هذا الحب كله حب المؤمنين لله تبارك وتعالى.
سيدنا بلال يُخرجوه في حر الظهيرة، وساعة الظهيرة في مكة شديدة جداً، ويوضع على الرمل الذي هو كالجمر في الصحراء، ويُوضع على صدره صخرة كبيرة، ويُضرب، وهو لا يزيد عن قوله: أحدٌ، أحدٌ، أحدٌ، يعني ماذا يفعل؟ يذكر الله، ولا يشعر بألم هذا العذاب ولا هذا التعذيب، لأن قلبه انشغل كله بحب الله تبارك وتعالى الحب الذي لا يخيب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم واصفاً لنا هذا الطريق:
{ أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي }
يعني تَفكُّرِكَ في نعم الله عليك في نفسك، وفيما حولك وفي الأكوان، يدفعك إلى زيادة الحب في حضرة الرحمن سبحانه وتعالى.
فوضح لنا الطريق الذي يوصِّلنا إلى هذا الحب الإلهي الذي به تتحقق لنا الآمال، وتنصلح لنا الأحوال، ونبلغ به مبلغ كُمَّل الرجال، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلَّم، وصحبه الكرام.
وفي الحقيقة الروايات الموثوقة الواردة عن أصحاب حضرة النبي في هذا المجال تحتاج إلى وقت طويل، والروايات الواردة عن الصالحين تحتاج إلى وقت طويل، وكلها في الحب.
والحب أن ينشغل الإنسان بالله، ومهما كانت مشاغله الكونية تكون أقل في المرتبة وفي الدرجة من حبه لله، ومن حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، قال صلى الله عليه وسلَّم:
{ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } سنن النسائي
قال عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ لَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
{ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ عِنْدَهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ، قَالَ عُمَرُ: فَلَأَنْتَ الْآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْآنَ يَا عُمَرُ } صحيح البخاري
فهذا الحب الصحيح، ولو لم يصل الحب إلى هذه الدرجة، فسيكون فيه خطورة، فانظر إلى التحذير الشديد والوعيد في كتاب الله: " قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا " (24التوبة) يعني انتظروا ما يصيبكم من أذى أو شر أو ضر أو غيره.
فلا بد أن يكون حب الله ورسوله الأعلى من كل ما ذكره الله في هذه الآية الكريمة في كتاب الله سبحانه وتعالى.
حتى أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلَّم كان يُضرب بهم المثل في ذلك، حتى النساء!، عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ:
{كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي دِينَارٍ قَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمَّا نُعُوْا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أَمَّ فُلَانٍ، فَقَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَأَشَارُوا لَهَا إِلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ} سير أعلام النبلاء
وجلل يعني صغيرة، يعني ما دام أنت حي وبخير فلا يهمني كل ما حدث، ما هذا؟!!، وهذه امرأة!!: " وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا " (69النساء).
هذه الآية الكاملة نزلت من أجل خادم عند حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم، وليس قائداً أو وزيراً أو محافظاً، بل خادم عند حضرة النبي وكان اسمه ثوبان رضي الله عنه، رآه حضرة النبي وقد ظهر عليه علامات المرض، وجهه أصفر، وجسمه ضعفان ونحيف، فقال رسول الله:
{ يَا ثَوبَان، مَا غيَّر لَونك؟ فَقَال: يَا رسُولَ الله مَا بِي مِن ضُرِ ولا وَجَع، غَيْر أَنِّي إَذَا لَم أَرَك اشْتَقتُ إِلَيْكَ، واسْتوحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَة حَتَّى أَلقَاك، ثمَّ ذَكرتُ الآخِرة وأَخافُ أَن لا أَرَاك هُنَاك، لأَنِّي أَعرفُ أَنَّك تُرفَع مَعَ النَبِيِّينَ، وأَنِّي إِن دَخلتُ الجنَّة كُنْت في مَنزِلة أَدْنَى مِن مَنزِلَتَكَ، وإِن لَم أدخُل الجَّنَّة فَذَاكَ أحْرَى أَن لا أَرَاكَ أَبَداً، فَنَزَل قَول الله تَعَالى: " وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً " } ذكر الواحدي هذه القصة في كتابه أسباب النزول
هذا الحب جعل الصدِّيق رضي الله عنه يكون مع رسول الله بالليل، وكان ساكناً خارج المدينة، وبعد أن يرجع إلى بيته، يقول: اشتقتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، ردُّوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.
بمجرد أن يمشي الطريق فقط، لكنه لا يريد أن يتركه طرفة عين ولا أقل، من أين هذا؟!! من الحب؛ الحب الذي تمثَّل به بقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
أُحبك حباً لو يُفاض يسيره على
الناس مات الناس من شدة الحب
وما أنا موفٍ بالذي أنت أهله
لأنك في أعلى المراتب من قلبي
فدرجات المؤمنين على حسب حبهم لله، وحبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، والذي يُؤجِّج هذا الحب أن يرى أفضال الله عليه، ونعم الله فيه، ونعم الله المحيطة به، وإكرام الله له باتِّباع الحبيب، وما أتى الله به من نعم لا تُعد، وجعله بعد ذلك منه يُمد، عندما يرى هذه الأحوال يزيد الحب في قلبه لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلَّم.
============================================
من كتاب القول السديد
لفضيلة الشيخ /فوزي محمد أبوزيد