







س-ما الذي يؤجِّج نار الغرام في قلب المريد؟








{ أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي }

فوضح لنا الطريق الذي يوصِّلنا إلى هذا الحب الإلهي الذي به تتحقق لنا الآمال، وتنصلح لنا الأحوال، ونبلغ به مبلغ كُمَّل الرجال، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلَّم، وصحبه الكرام.

والحب أن ينشغل الإنسان بالله، ومهما كانت مشاغله الكونية تكون أقل في المرتبة وفي الدرجة من حبه لله، ومن حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، قال صلى الله عليه وسلَّم:
{ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } سنن النسائي
قال عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ لَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
{ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ عِنْدَهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ، قَالَ عُمَرُ: فَلَأَنْتَ الْآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْآنَ يَا عُمَرُ } صحيح البخاري






{كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي دِينَارٍ قَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمَّا نُعُوْا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أَمَّ فُلَانٍ، فَقَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَأَشَارُوا لَهَا إِلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ} سير أعلام النبلاء
وجلل يعني صغيرة، يعني ما دام أنت حي وبخير فلا يهمني كل ما حدث، ما هذا؟!!، وهذه امرأة!!: " وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا " (69النساء).
هذه الآية الكاملة نزلت من أجل خادم عند حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم، وليس قائداً أو وزيراً أو محافظاً، بل خادم عند حضرة النبي وكان اسمه ثوبان رضي الله عنه، رآه حضرة النبي وقد ظهر عليه علامات المرض، وجهه أصفر، وجسمه ضعفان ونحيف، فقال رسول الله:
{ يَا ثَوبَان، مَا غيَّر لَونك؟ فَقَال: يَا رسُولَ الله مَا بِي مِن ضُرِ ولا وَجَع، غَيْر أَنِّي إَذَا لَم أَرَك اشْتَقتُ إِلَيْكَ، واسْتوحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَة حَتَّى أَلقَاك، ثمَّ ذَكرتُ الآخِرة وأَخافُ أَن لا أَرَاك هُنَاك، لأَنِّي أَعرفُ أَنَّك تُرفَع مَعَ النَبِيِّينَ، وأَنِّي إِن دَخلتُ الجنَّة كُنْت في مَنزِلة أَدْنَى مِن مَنزِلَتَكَ، وإِن لَم أدخُل الجَّنَّة فَذَاكَ أحْرَى أَن لا أَرَاكَ أَبَداً، فَنَزَل قَول الله تَعَالى: " وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً " } ذكر الواحدي هذه القصة في كتابه أسباب النزول


بمجرد أن يمشي الطريق فقط، لكنه لا يريد أن يتركه طرفة عين ولا أقل، من أين هذا؟!! من الحب؛ الحب الذي تمثَّل به بقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
أُحبك حباً لو يُفاض يسيره على
الناس مات الناس من شدة الحب
وما أنا موفٍ بالذي أنت أهله
لأنك في أعلى المراتب من قلبي


============================================






