ما علاج مشكلات مجتمعنا؟
ما علاج مشكلات مجتمعنا؟ وما علاج مشكلات نفوسنا؟
لو دعونا كل فلاسفة الأرض واجتمعوا ما شاء الله لهم أن يجتمعوا، وبحثوا في نفوس طبقات المجتمع، لم يستطيعوا أن يهتدوا إلى الحلِّ الصحيح
لأنهم لا يعرفون ما توسوس به الصدور، ولا يقرأون ما يجول في العقول
لكن الله وحده الذي يعلم سرائرنا، ويعلم خفيات ضمائرنا، هو الذي يملك الحلَّ الوحيد لكل ما نحن فيه من متاعب وآلام، والله عزَّ وجلّ لأنه خلقنا يعلم ما يدور في زماننا، كما يعلم ما يدور في الزمان الذي بعدنا، وكما يعلم ما كان في الزمان الذي قبلنا، لأن علَّمه بما سيكون وبما هو كائن كعلمه بما هو كان جلَّ وعلا، لأنه ينظر بعينه، وهو وحده السميع البصير عزَّ وجلّ. ماذا علَّم لنبيِّنا من أجواءِ ومشكلاتِ مجتمعنا؟
إن كل ما نحن فيه من متاعب في الطرقات، أو في الأعمال، أو في البيوت، أو في القرى أو في المدن أرجعها الله لنبيِّه إلى أربعة أشياء: ومنها: الكلمة،
(فقد رأى ثوراً عظيماً يخرج من جُحْرٍ ضيق في صخرة، ثم يحاول أن يرجع مرة أخرى فلا يستطيع، فقال: ما هذا يا أخي يا جبريل؟ قال: هذه الكلمة العظيمة يتفوه بها الرجل من أمتك، ثم يندم عليها ويحاول أن يرجع فيها فلا يستطيع).
الكلمة! وأكثر مشكلات مجتمعنا من الكلمة، فَبِهَا الوشاية من المرءوسين إلى الرؤساء، وبها النميمة والوقيعة بين الإخوة والأصدقاء، وبها تتغير النفوس، وتتغير القلوب، وتمتلئ بالحقد والضغينة على الأحباب. يكون الإنسان يضمر لأخيه غاية المحبة، فيأتي واشٍ أو نمَّام ويبلغه عن أخيه كلمة - سمعها أو لم يسمعها فيتغير في الحال، وينقلب الحب إلى بغضاء، وينقلب بعد ذلك إذا زاد إلى حقد وشحناء، حتى أنه ربما ينقلب إلى كراهية وعداء، فيفكر في كيفية تحطيمه والقضاء عليه، بعدما كان يفكر في تيسير السبيل له وتهيئته كل الأمور له للمحبة التي بينهما
لو نتَّبع هَدْىَ الإسلام وقوانين الإسلام في الكلام
ويسأل سائل: وهل للإسلام قوانين في الكلام؟ نعم، لكننا لا نسأل عنها ولا نبحث عنها اسمع معي إلى قوانين الإسلام في الكلام:
أما القانون الأول مع الناس جميعاً، مشركهم وكافرهم وجاحدهم، كلِّ الناس يقول لنا فيهم ربُّ الناس: (قُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) (83البقرة).
كلِّمُوهم بالحسن، وليس بالكلام القبيح، وليس بالكلام الكريه لأنه حتى ولو كان عدوك فقد قيل في الأثر: (اتقوا غيظ القلوب ولو في البهائم).
لا تجعل أحداً يغتاظ منك، والغيظ في العادة يكون بسبب كلمة أو سلوك غير مرغوب فيه، فأمرنا الله أن نحسن الكلمة حتى مع غير المؤمنين. أما مع المؤمنين:
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) (24الحج)
هذا هو الأمر الأول، تخفف عنهم عند الضيق، ونرفع روحهم المعنوية من اليأس، ونزيل الهموم والغموم من صدورهم، ونرفع الحزن والأسى من قلوبهم، ونعينهم على مشاكلهم، كل هذا من ماذا؟ من الكلمة.
وهذه الكلمة الطيبة جعلها الله عزَّ وجلّ من رياض الجنة، وأعطانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مبشراً لأهميتها فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: { إِنَّ العبدَ لَـيَتَكَلَّـمُ بالكلمةِ من رضوانِ الله - الكلمة الطيبة الصالحة يرفعه الله بها في الجنة سبعين خريفاً
يعني سبعين سنة وإِنَّ العبدَ لَـيَتَكَلَّـمُ بالكلـمةِ من سَخَطِ الله لا يُلْقِـي لَهَا بالاً - من فتنة أو وقيعة أو خديعة يَهْوَى بِهَا فـي جَهَنَّـم سبعين خريفاً -أي سبعين سنة} (1)
والسبب الأول في فساد المجتمع وإصلاحه، والمؤمن وصفه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال في شأنه:{رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً قَالَ خَيْرَاً فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ} (2)
لا يتكلم إلا بحساب لأن الله يقول: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (18ق)
فهو يعلم أن كل كلمة ستسجَّل عليه، إما في ميزان حسناته وإما في صحف سيئاته، فلا يتفوه بكلمة قبل أن يزنها بالميزان الذي أنزله له الحنان المنان وهو العقل، فيعرض الكلمة على عقله، وعقله مستضيئ بشريعة ربِّه، فإذا وافقت شرع الله ووافقت عادة الناس المرعية التي يعرفها العقل أخرجها وتفوه بها،
وإذا كانت مخالفة لشرع الله ولا تلائم العادات المتبعة في أعراض الناس لم يتفوه بها، وأمسك لسانه حتى لا يكون على هذه الصورة القبيحة التي وصفها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
(1) (صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله ع
(2) (في الفتح الكبير وجامع الأحاديث في الزهد عن خالد بن أبي عمران مرسلاً)
مكتبة فضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
ما علاج مشكلات مجتمعنا؟ وما علاج مشكلات نفوسنا؟
لو دعونا كل فلاسفة الأرض واجتمعوا ما شاء الله لهم أن يجتمعوا، وبحثوا في نفوس طبقات المجتمع، لم يستطيعوا أن يهتدوا إلى الحلِّ الصحيح
لأنهم لا يعرفون ما توسوس به الصدور، ولا يقرأون ما يجول في العقول
لكن الله وحده الذي يعلم سرائرنا، ويعلم خفيات ضمائرنا، هو الذي يملك الحلَّ الوحيد لكل ما نحن فيه من متاعب وآلام، والله عزَّ وجلّ لأنه خلقنا يعلم ما يدور في زماننا، كما يعلم ما يدور في الزمان الذي بعدنا، وكما يعلم ما كان في الزمان الذي قبلنا، لأن علَّمه بما سيكون وبما هو كائن كعلمه بما هو كان جلَّ وعلا، لأنه ينظر بعينه، وهو وحده السميع البصير عزَّ وجلّ. ماذا علَّم لنبيِّنا من أجواءِ ومشكلاتِ مجتمعنا؟
إن كل ما نحن فيه من متاعب في الطرقات، أو في الأعمال، أو في البيوت، أو في القرى أو في المدن أرجعها الله لنبيِّه إلى أربعة أشياء: ومنها: الكلمة،
(فقد رأى ثوراً عظيماً يخرج من جُحْرٍ ضيق في صخرة، ثم يحاول أن يرجع مرة أخرى فلا يستطيع، فقال: ما هذا يا أخي يا جبريل؟ قال: هذه الكلمة العظيمة يتفوه بها الرجل من أمتك، ثم يندم عليها ويحاول أن يرجع فيها فلا يستطيع).
الكلمة! وأكثر مشكلات مجتمعنا من الكلمة، فَبِهَا الوشاية من المرءوسين إلى الرؤساء، وبها النميمة والوقيعة بين الإخوة والأصدقاء، وبها تتغير النفوس، وتتغير القلوب، وتمتلئ بالحقد والضغينة على الأحباب. يكون الإنسان يضمر لأخيه غاية المحبة، فيأتي واشٍ أو نمَّام ويبلغه عن أخيه كلمة - سمعها أو لم يسمعها فيتغير في الحال، وينقلب الحب إلى بغضاء، وينقلب بعد ذلك إذا زاد إلى حقد وشحناء، حتى أنه ربما ينقلب إلى كراهية وعداء، فيفكر في كيفية تحطيمه والقضاء عليه، بعدما كان يفكر في تيسير السبيل له وتهيئته كل الأمور له للمحبة التي بينهما
لو نتَّبع هَدْىَ الإسلام وقوانين الإسلام في الكلام
ويسأل سائل: وهل للإسلام قوانين في الكلام؟ نعم، لكننا لا نسأل عنها ولا نبحث عنها اسمع معي إلى قوانين الإسلام في الكلام:
أما القانون الأول مع الناس جميعاً، مشركهم وكافرهم وجاحدهم، كلِّ الناس يقول لنا فيهم ربُّ الناس: (قُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) (83البقرة).
كلِّمُوهم بالحسن، وليس بالكلام القبيح، وليس بالكلام الكريه لأنه حتى ولو كان عدوك فقد قيل في الأثر: (اتقوا غيظ القلوب ولو في البهائم).
لا تجعل أحداً يغتاظ منك، والغيظ في العادة يكون بسبب كلمة أو سلوك غير مرغوب فيه، فأمرنا الله أن نحسن الكلمة حتى مع غير المؤمنين. أما مع المؤمنين:
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) (24الحج)
هذا هو الأمر الأول، تخفف عنهم عند الضيق، ونرفع روحهم المعنوية من اليأس، ونزيل الهموم والغموم من صدورهم، ونرفع الحزن والأسى من قلوبهم، ونعينهم على مشاكلهم، كل هذا من ماذا؟ من الكلمة.
وهذه الكلمة الطيبة جعلها الله عزَّ وجلّ من رياض الجنة، وأعطانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مبشراً لأهميتها فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: { إِنَّ العبدَ لَـيَتَكَلَّـمُ بالكلمةِ من رضوانِ الله - الكلمة الطيبة الصالحة يرفعه الله بها في الجنة سبعين خريفاً
يعني سبعين سنة وإِنَّ العبدَ لَـيَتَكَلَّـمُ بالكلـمةِ من سَخَطِ الله لا يُلْقِـي لَهَا بالاً - من فتنة أو وقيعة أو خديعة يَهْوَى بِهَا فـي جَهَنَّـم سبعين خريفاً -أي سبعين سنة} (1)
والسبب الأول في فساد المجتمع وإصلاحه، والمؤمن وصفه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال في شأنه:{رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً قَالَ خَيْرَاً فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ} (2)
لا يتكلم إلا بحساب لأن الله يقول: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (18ق)
فهو يعلم أن كل كلمة ستسجَّل عليه، إما في ميزان حسناته وإما في صحف سيئاته، فلا يتفوه بكلمة قبل أن يزنها بالميزان الذي أنزله له الحنان المنان وهو العقل، فيعرض الكلمة على عقله، وعقله مستضيئ بشريعة ربِّه، فإذا وافقت شرع الله ووافقت عادة الناس المرعية التي يعرفها العقل أخرجها وتفوه بها،
وإذا كانت مخالفة لشرع الله ولا تلائم العادات المتبعة في أعراض الناس لم يتفوه بها، وأمسك لسانه حتى لا يكون على هذه الصورة القبيحة التي وصفها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
(1) (صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله ع
(2) (في الفتح الكبير وجامع الأحاديث في الزهد عن خالد بن أبي عمران مرسلاً)
مكتبة فضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد