النعمة العظمى
كل الذي نحن فيه من نور الهداية، ومن العناية، ومن ذكاء النفس، ومن صفاء السرِّ، ومن طهارة القلب، ومن منازل الأنس، ومن مقاعد الصدق، كل هذا سبَبُهُ المنَّة العظمى والرحمة الكبرى لجميع المؤمنين، سيِّدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
ولذلك فأهل الأدب في هذا المقام من كُمَّلْ الصالحين ،وأهل الكمال من الموحدين والعلماء العاملين، كلُّ فضل، وكلُّ مدد، وكلُّ فتح، وكلُّ رضوان، وكلُّ هناء وسرور عمَّهم من الله، يعترفون في كل أناتهم بأن سبَبَهُ سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
ومولانا الإمام أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه عبَّر عن هذه الحقيقة فقال:
وَمِنْ قَبْلُ كُنَّا ظَلاماً وَجَهْلاً
فَصِرْنَا بِطَهَ رِجَالاً فُحُولاً
والآية التي تقول:
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ}
عَيْنُ أهل العناية عليها باستمرار، حتى لا يحجبوا عن الأنوار في لحظة أو أقل من ليل أو نهار، فينسبون كل فضل لرسول الله، ورسول الله ينسب كلَّ فضل لحضرة الله:
{وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [113النساء]
ولماذا لا ننسب الفضل لله مباشرة؟ لأنه هو الذي علمنا عز وجل في حديثه القدسي حيث يقول ما معناه:
{ عبدي لم تشكرني إذا لم تشكر من أجريت لك النعمة على يديه }(1)
أي لابد لك أن تشكر السبب، فإذا كان سبب الوجود الظاهر الجسماني الفاني جعله في المرتبة بعد توحيده عز وجل وقال لنا:
{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [14:لقمان]
فطلب منك أن تشكر الوالدين .. لأنهما السبب في وجودك الظاهر
فما بالك بسبب الهداية والعناية، والتوفيق والصلاح، والنجاح والجنة والأرباح من الكريم الفتاح، سيِّدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
إذن لابد لنا أن نعمل بما أشار إليه الإمام البوصيري رضي الله عنه حيث يقول:
وَانْسِبْ إِلَى ذَاتِهِ مَا شِئتَ مِنْ شَرَفٍ
وانّسُبْ إلى قَدْرِه ما شئتَ من عِظَمِ
لأن كل شرف ينالك، وكل فضل أتى لك، فبسببه وبواسطته أفيض من الله عز وجل عليك - صلوات الله وسلامه عليه - وهذا السِّرُّ هو الذي حفظ لأهل المنازل العالية أحوالهم، لأنهم يرون أنهم لا يوجد معهم شيء، والمَخَازِنُ الظاهرة والباطنة فارغةٌ إلاَّ إذا أمدَّها بمدده، والأَنْوَارُ مَكْسُوفَةٌ إلا إذا أوصلها بنور حضرته، واللسانُ والبيانُ عاجزٌ إلا إذا أنطقها بحكمته:
كُلُّ الذِي أَنَا فِيهِ فَضْلُ مُحَمَّدٍ
مِنْهُ بَدا وَإِلَيْهِ كَانَ وُصُولِيَ
وحقيقة ما نحن فيه يشير إليها هذا المثل: فالذي يجلس على البحر ويرمي شبكته، هل ضمن كم كيلو من الأسماك يأتيه؟ وكم من الأنواع والأصناف تجمعها شبكته؟ كذلك العارفون يلقون بشباك قلوبهم - التي صنعوا حبالها بمحبة حبيبهم، ووثَّقوها بمودة إخوانهم - في بحر الجود الإلهي والكمال الربَّاني، وتعود محمَّلة بالأصداف الروحانية، واللآليء النورانية القرآنية، فيفضونها ويعطونها للمحبين، وهم واثقون وعالمون وموقنون بأنه فضل الله ساقه لعباد الله عز وجل .
هل الصياد هو الذي زرع السمك أو غذَّاه أو ربَّاه؟كلاَّ، وإنما هو وسيلة جاء به من عند الله لعباد الله. وهكذا يا إخواني أهل معرفة الله في كل زمان ومكان.
(1)إعانة الطالبين على حل ألفاظ المعين، وكاشفة السجا للنووى الحاوى، و يؤيد ذلك ما رواه البيهقي في شعب الإيمان قال صلي الله عليه وسلم: {أخبرني جبريل أنه إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين، يقول الله لعبده: عبدي هل شكرت فلاناً على ما كان منه إليك؟ فيقول: لا، يا رب شكرتك لأن النعمة كانت منك قال: فيقول الله: (ما شكرتني إذ لم تشكر من أديت النعمة لك على يديه)}.
الرحمة المهداة
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد
كل الذي نحن فيه من نور الهداية، ومن العناية، ومن ذكاء النفس، ومن صفاء السرِّ، ومن طهارة القلب، ومن منازل الأنس، ومن مقاعد الصدق، كل هذا سبَبُهُ المنَّة العظمى والرحمة الكبرى لجميع المؤمنين، سيِّدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
ولذلك فأهل الأدب في هذا المقام من كُمَّلْ الصالحين ،وأهل الكمال من الموحدين والعلماء العاملين، كلُّ فضل، وكلُّ مدد، وكلُّ فتح، وكلُّ رضوان، وكلُّ هناء وسرور عمَّهم من الله، يعترفون في كل أناتهم بأن سبَبَهُ سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
ومولانا الإمام أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه عبَّر عن هذه الحقيقة فقال:
وَمِنْ قَبْلُ كُنَّا ظَلاماً وَجَهْلاً
فَصِرْنَا بِطَهَ رِجَالاً فُحُولاً
والآية التي تقول:
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ}
عَيْنُ أهل العناية عليها باستمرار، حتى لا يحجبوا عن الأنوار في لحظة أو أقل من ليل أو نهار، فينسبون كل فضل لرسول الله، ورسول الله ينسب كلَّ فضل لحضرة الله:
{وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [113النساء]
ولماذا لا ننسب الفضل لله مباشرة؟ لأنه هو الذي علمنا عز وجل في حديثه القدسي حيث يقول ما معناه:
{ عبدي لم تشكرني إذا لم تشكر من أجريت لك النعمة على يديه }(1)
أي لابد لك أن تشكر السبب، فإذا كان سبب الوجود الظاهر الجسماني الفاني جعله في المرتبة بعد توحيده عز وجل وقال لنا:
{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [14:لقمان]
فطلب منك أن تشكر الوالدين .. لأنهما السبب في وجودك الظاهر
فما بالك بسبب الهداية والعناية، والتوفيق والصلاح، والنجاح والجنة والأرباح من الكريم الفتاح، سيِّدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
إذن لابد لنا أن نعمل بما أشار إليه الإمام البوصيري رضي الله عنه حيث يقول:
وَانْسِبْ إِلَى ذَاتِهِ مَا شِئتَ مِنْ شَرَفٍ
وانّسُبْ إلى قَدْرِه ما شئتَ من عِظَمِ
لأن كل شرف ينالك، وكل فضل أتى لك، فبسببه وبواسطته أفيض من الله عز وجل عليك - صلوات الله وسلامه عليه - وهذا السِّرُّ هو الذي حفظ لأهل المنازل العالية أحوالهم، لأنهم يرون أنهم لا يوجد معهم شيء، والمَخَازِنُ الظاهرة والباطنة فارغةٌ إلاَّ إذا أمدَّها بمدده، والأَنْوَارُ مَكْسُوفَةٌ إلا إذا أوصلها بنور حضرته، واللسانُ والبيانُ عاجزٌ إلا إذا أنطقها بحكمته:
كُلُّ الذِي أَنَا فِيهِ فَضْلُ مُحَمَّدٍ
مِنْهُ بَدا وَإِلَيْهِ كَانَ وُصُولِيَ
وحقيقة ما نحن فيه يشير إليها هذا المثل: فالذي يجلس على البحر ويرمي شبكته، هل ضمن كم كيلو من الأسماك يأتيه؟ وكم من الأنواع والأصناف تجمعها شبكته؟ كذلك العارفون يلقون بشباك قلوبهم - التي صنعوا حبالها بمحبة حبيبهم، ووثَّقوها بمودة إخوانهم - في بحر الجود الإلهي والكمال الربَّاني، وتعود محمَّلة بالأصداف الروحانية، واللآليء النورانية القرآنية، فيفضونها ويعطونها للمحبين، وهم واثقون وعالمون وموقنون بأنه فضل الله ساقه لعباد الله عز وجل .
هل الصياد هو الذي زرع السمك أو غذَّاه أو ربَّاه؟كلاَّ، وإنما هو وسيلة جاء به من عند الله لعباد الله. وهكذا يا إخواني أهل معرفة الله في كل زمان ومكان.
(1)إعانة الطالبين على حل ألفاظ المعين، وكاشفة السجا للنووى الحاوى، و يؤيد ذلك ما رواه البيهقي في شعب الإيمان قال صلي الله عليه وسلم: {أخبرني جبريل أنه إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين، يقول الله لعبده: عبدي هل شكرت فلاناً على ما كان منه إليك؟ فيقول: لا، يا رب شكرتك لأن النعمة كانت منك قال: فيقول الله: (ما شكرتني إذ لم تشكر من أديت النعمة لك على يديه)}.
الرحمة المهداة
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد