تأسيس حضرة النبي
صلى الله عليه وسلم
للمجتمع الإسلامي
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد
--------------------------------------------
الحمد لله رب العالمين أحيا قلوبنا بنور الإيمان وجعل أفئدتنا متعلقة دوماً بكلمات القرآن ورزقنا بمنّه وفضله حُسن الإتباع للنبي العدنان
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله قوى الفعال شديد المحال لا يعجزه شيءٌ في السماوات ولا في الأرض .
وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله أيده الله عز وجلّ بتأييده، ونصره بنصره وأحاطه برعايته وسخّر الوجود كله علواً وسفلاً لحضرته ..
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي التقي النقي الذى خلّص العرب من شرورها وقسوتها وغلظتها وآثامها وجعلها خير أمة تعبد الله وتنفذ كتاب الله ..
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على هديه ومشى على دربه إلى يوم الدين وعلينا معهم أجمعين
🤲آمين آمين يا رب العالمين 🤲
أيها الخوة جماعة المؤمنين :
تعالوا بنا ننظر إلى ترتيب حضرة النبي صلّى الله عليه وسلّم للمجتمعات وتأسيسه للمدن والجماعات، هذا التأسيس الذى جعل المؤمنين أجمعين مع تباعد أنسابهم وتباعد أوطانهم، واختلاف لغاتهم وأشكالهم معنيين بقول الله في كتاب الله :
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ ( الحجرات:10 )
فآخى النبي صلّى الله عليه وسلّم بين صحابته من الأنصار وبين المهاجرين من كل الأقطار،
وأسّس مدينة الأبرار على هدى العزيز الغفار عز وجلّ،
ما الأسس التي أسس النبي صلى الله عليه وسلم هذه المدينة حتى كانوا فيما بينهم لا مشكلات فردية ولا خصومات جماعية ولا غشٌ ولا تدليس في الأسواق ولا مكان فيها للكذابين والفساق، بل كانوا جميعا كما قال في شأنهم :
( ترى المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عُضوٌ منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى (البخاري عن النعمان بن بشير)
نظر النبي صلى الله عليه وسلم صلّى الله عليه وسلّم ببصيرته النورانية فوجد أعتى المشكلات التي تؤدى إلى الخلافات والمنازعات، وتؤدى لزيادة المشكلات وتؤدى الى الفرقة فوضّحها وبينّها ثم عالج مجتمع المدينة منها،
اسمع إليه صلوات ربى وتسليماته عليه وهو يُشخّص الداء ويصف الدواء قال صلّى الله عليه وسلّم :
" دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ" ــ
هذا هو الداء
وهو البغض والحسد ..
ثم استرسل فوصف الشفاء فقال صلّى الله عليه وسلّم :
"وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ" (الترمذي عن الزبير بن العوام)
الداء هو البغضاء من الإنسان لأخيه أو من المرء لأحد ذويه أو من الجار لجاره أو من الزميل لزميله في العمل
والمؤمنون في كل زمان ومكان صدورهم يقول فيها الرحمن :
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ (الحجر:47)
لا ينبغي لأى مسلم أن يكون في قلبه غلٌ ولو قليل لأى رجل من المسلمين ولو كان يتنافس معه في تجارة أو يتنافس معه في عملٍ من أعمال الآخرة فإن التنافس لا يوجد التباغض ولا التحاسد، والبغضاء تجعل في الصدر شحناء وتجعل الصدر يعمر الأعضاء فتعبّر عن هذه الشحناء فيحصل التوتر ويزيد العداء ويحدث ما نراه في كل وقت وحين من منازعات من سُباب من شتائم من خلافات من تعديات من شكاوى في الأقسام أو في القضاء كل ذاك سببه الأول هو الشحناء والبغضاء التي وجدت في صدر المؤمن لأخيه
مع أن صدور المؤمنين يجب أن تكون دوماً سليمة من هذا الداء .
قال صلّى الله عليه وسلّم موصياً أنس بن مالك رضى الله عنه :
يا بُنَيَّ ! إِنْ قدَرْتَ أنْ تُصْبِحَ وتُمْسِي ، ليس في قلْبِكَ غِشٌّ لأحدٍ فافعَلْ ، ثُمَّ قال : يا بُنَيَّ ! وذلِكَ مِنْ سُنَّتِي ، ومَنْ أحبَّ سُنَّتِي ؛ فقدْ أحبَّنِي ؛ ومَنْ أحبَّنِي ؛ كان مَعِيَ في الجنَّةِ) (رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه)
هنيئاً لأصحاب هذا المقام
من يريد أن يكون مع الحبيب المختار في الآخرة وجنة النعيم؟
لابد أن يكون معياره الأول ووصفه الأوحد :
﴿ إِلا مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ (الشعراء:89)
لابد أن يكون قلبه سليماً من البغض والكره والحقد لإخوانه المؤمنين أجمعين ويجعل مكان ذاك المحبة والمودة والصِلات والشفقة والعطف والحنان والمعاملة بالخير والإحسان لجميع بنى الإنسان فضلا عن المؤمنين الذين أوصى بهم الله وبين حقوقهم في أحاديثه سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
وشرط الحبيب صلّى الله عليه وسلّم الإيمان بشرط الحب الذي يكون بيننا وبين بعضنا لأننا جميعا أخوة في الله ولله عز وجلّ
قال صلى الله عليه وسلم
"وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ" (الترمذي عن الزبير بن العوام))
وقال صلّى الله عليه وسلّم :
"التائب حبيب الرحمن والتائب من الذنب كمن لا ذنب له" (ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)
او كما قال
🤲أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الذى أكرمنا بالهُدى واليقين وجعلنا في الدنيا من عباده المسلمين ونسأله عز وجلّ أن يتوفانا مسلمين ويُلحقنا بالصالحين .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يُحق الحق وببطل الباطل ولو كره المجرمون ..
وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين،
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وأرزفنا هُداه ووفقنا للعمل بسنته يا ألله نحن وإخواننا المسلمين أجمعين ..
أما بعد فيا عباد الله جماعة المؤمنين :
اسس النبي صلى الله عليه وسلم مجتمع المؤمنين على
المحبة والمودة
ولذا نجد أن الله قد مدح..
فبم مدحهم الله ؟
لم يمدحهم بالصلاة، مع أنهم كانوا أكثر الناس صلاةً وطاعةً لله،
ولم يمدحهم بالصيام
ولم يمدحهم بتلاوة القرآن
ولم يمدحهم بمواطن العبادات لأن كل هذه الأعمال يقول فيها الله جلّ في علاه :
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ (الجاثية:15)
لكن مدحهم بالوجه الذى بدا منهم للخلق بتعاملهم مع إخوانهم اسمع معي إلى وصف الله عز وجلّ لهم :
﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالايمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ (الحشر:9)
مدحهم بالحب ومدحهم عز وجلّ بسلامة الصدور ومدحهم بخلق الإيثار أخلاقٌ كريمة لا تظهر إلا مع الخلق وفي التعامل بين الناس لأن هذه هي الروشتة القرآنية لسعادة أي بيئة وأي جماعة لن ينصلح حالها إلا إذا طبقّت هذه الروشتة القرآنية الإلهية .
أن تؤسس العلاقات أولاً على الحب،
والحب هو حبٌ لله وحبٌ لرسول الله وحبٌ لخلق الله لا يكون الإنسان محباً لحضرة الله إلا إذا آثَرَ الله عز وجلّ وشرعه وأحكامه على جميع من سواه،
ولا يكون المرء محباً صادقاً لرسول الله إلا إذا عمل بقوله صلوات ربى وتسليماته عليه :
لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِهِ ، ووالدِهِ ، والناسِ أجمعينَ)(البخاري عن أنس رضي اله عنه)
وحب الناس جعل النبي صلى الله عليه وسلم له ترمومترٌ نبوي نعلم به قدر الإيمان في قلوبنا ودرجتنا في القرب عند ربنا اسمع إلى هذا الحديث وقس نفسك لتعرف مالك عند الله عز وجلّ من المقام الكريم،
قال صلّى الله عليه وسلّم :
"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه)
فإذا كان يحب نفسه ويحب الخير لنفسه فقط ويحب الضر والشر لإخوانه المؤمنين فإيمانه فيه دخن وإيمانه فيه نقصٌ وزللٌ، ويحتاج إلى تجديد الإيمان على هدى النبي صلى الله عليه وسلم العدنان حتى يُحب الخير لنفسه ولجميع إخوانه المؤمنين،
وإذا وصلنا إلى هذه الغاية لا نحتاج إلى أمنٍ له موظفين، ولا نحتاج في أي أمرٍ إلى مفتشين ولا نحتاج في خلافاتٍ إلى مصلحين لأن الأمور ستكون دائماً بين الصلاح والإصلاح كما كان مجتمع المؤمنين .
ولذا عندما تولّى أبو بكرٍ الصديق رضى الله عنه الخلافة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عين عمر بن الخطاب رضى الله عنه قاضياً على المسلمين وكان الأجر والراتب يُصرف كل عام، وبعد أن انقضى عامٌ في عمله، دعاه ليصرف الأجر له فرفض عمر أخذ أجره قال له أبو بكر : ولم ؟ قال عمر : لأنه لم يُعرض علىّ خلال هذا العام قضية واحدة .
لا شكاية ولا خصومة ولا خلاف لأن الكل يسعى بقول الحبيب :
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
نحن في هذا الزمان أحوج ما نكون الآن إلى الحب الذى بينه القرآن ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم العدنان حتى نقضى على الأمراض التي فرقّت المجتمعات، وشقّت صفوف الجماعات وأكثرت فيما بيننا الخلافات وجعلت المجتمع كأنه يمشى في طريقٍ مسدود ..
قال صلّى الله عليه وسلّم :
"ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ : أنْ يكونَ اللهُ و رسولُهُ أحبُّ إليه مِمَّا سِواهُما ، و أنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ ، و أنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ"
(البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه)
🤲نسأل الله عز وجلّ أن يرزقنا حبه وحب رسوله وحب كتابه وحب المؤمنين أجمعين🤲
🤲🤲ثم الدعاء 🤲🤲
وللمزيد من الخطب
متابعة صفحة الخطب الإلهامية
او
الدخول على موقع فضيلة الشيخفوزي محمد أبوزيد
صلى الله عليه وسلم
للمجتمع الإسلامي
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد
--------------------------------------------
الحمد لله رب العالمين أحيا قلوبنا بنور الإيمان وجعل أفئدتنا متعلقة دوماً بكلمات القرآن ورزقنا بمنّه وفضله حُسن الإتباع للنبي العدنان
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله قوى الفعال شديد المحال لا يعجزه شيءٌ في السماوات ولا في الأرض .
وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله أيده الله عز وجلّ بتأييده، ونصره بنصره وأحاطه برعايته وسخّر الوجود كله علواً وسفلاً لحضرته ..
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي التقي النقي الذى خلّص العرب من شرورها وقسوتها وغلظتها وآثامها وجعلها خير أمة تعبد الله وتنفذ كتاب الله ..
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على هديه ومشى على دربه إلى يوم الدين وعلينا معهم أجمعين
🤲آمين آمين يا رب العالمين 🤲
أيها الخوة جماعة المؤمنين :
تعالوا بنا ننظر إلى ترتيب حضرة النبي صلّى الله عليه وسلّم للمجتمعات وتأسيسه للمدن والجماعات، هذا التأسيس الذى جعل المؤمنين أجمعين مع تباعد أنسابهم وتباعد أوطانهم، واختلاف لغاتهم وأشكالهم معنيين بقول الله في كتاب الله :
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ ( الحجرات:10 )
فآخى النبي صلّى الله عليه وسلّم بين صحابته من الأنصار وبين المهاجرين من كل الأقطار،
وأسّس مدينة الأبرار على هدى العزيز الغفار عز وجلّ،
ما الأسس التي أسس النبي صلى الله عليه وسلم هذه المدينة حتى كانوا فيما بينهم لا مشكلات فردية ولا خصومات جماعية ولا غشٌ ولا تدليس في الأسواق ولا مكان فيها للكذابين والفساق، بل كانوا جميعا كما قال في شأنهم :
( ترى المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عُضوٌ منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى (البخاري عن النعمان بن بشير)
نظر النبي صلى الله عليه وسلم صلّى الله عليه وسلّم ببصيرته النورانية فوجد أعتى المشكلات التي تؤدى إلى الخلافات والمنازعات، وتؤدى لزيادة المشكلات وتؤدى الى الفرقة فوضّحها وبينّها ثم عالج مجتمع المدينة منها،
اسمع إليه صلوات ربى وتسليماته عليه وهو يُشخّص الداء ويصف الدواء قال صلّى الله عليه وسلّم :
" دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ" ــ
هذا هو الداء
وهو البغض والحسد ..
ثم استرسل فوصف الشفاء فقال صلّى الله عليه وسلّم :
"وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ" (الترمذي عن الزبير بن العوام)
الداء هو البغضاء من الإنسان لأخيه أو من المرء لأحد ذويه أو من الجار لجاره أو من الزميل لزميله في العمل
والمؤمنون في كل زمان ومكان صدورهم يقول فيها الرحمن :
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ (الحجر:47)
لا ينبغي لأى مسلم أن يكون في قلبه غلٌ ولو قليل لأى رجل من المسلمين ولو كان يتنافس معه في تجارة أو يتنافس معه في عملٍ من أعمال الآخرة فإن التنافس لا يوجد التباغض ولا التحاسد، والبغضاء تجعل في الصدر شحناء وتجعل الصدر يعمر الأعضاء فتعبّر عن هذه الشحناء فيحصل التوتر ويزيد العداء ويحدث ما نراه في كل وقت وحين من منازعات من سُباب من شتائم من خلافات من تعديات من شكاوى في الأقسام أو في القضاء كل ذاك سببه الأول هو الشحناء والبغضاء التي وجدت في صدر المؤمن لأخيه
مع أن صدور المؤمنين يجب أن تكون دوماً سليمة من هذا الداء .
قال صلّى الله عليه وسلّم موصياً أنس بن مالك رضى الله عنه :
يا بُنَيَّ ! إِنْ قدَرْتَ أنْ تُصْبِحَ وتُمْسِي ، ليس في قلْبِكَ غِشٌّ لأحدٍ فافعَلْ ، ثُمَّ قال : يا بُنَيَّ ! وذلِكَ مِنْ سُنَّتِي ، ومَنْ أحبَّ سُنَّتِي ؛ فقدْ أحبَّنِي ؛ ومَنْ أحبَّنِي ؛ كان مَعِيَ في الجنَّةِ) (رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه)
هنيئاً لأصحاب هذا المقام
من يريد أن يكون مع الحبيب المختار في الآخرة وجنة النعيم؟
لابد أن يكون معياره الأول ووصفه الأوحد :
﴿ إِلا مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ (الشعراء:89)
لابد أن يكون قلبه سليماً من البغض والكره والحقد لإخوانه المؤمنين أجمعين ويجعل مكان ذاك المحبة والمودة والصِلات والشفقة والعطف والحنان والمعاملة بالخير والإحسان لجميع بنى الإنسان فضلا عن المؤمنين الذين أوصى بهم الله وبين حقوقهم في أحاديثه سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
وشرط الحبيب صلّى الله عليه وسلّم الإيمان بشرط الحب الذي يكون بيننا وبين بعضنا لأننا جميعا أخوة في الله ولله عز وجلّ
قال صلى الله عليه وسلم
"وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ" (الترمذي عن الزبير بن العوام))
وقال صلّى الله عليه وسلّم :
"التائب حبيب الرحمن والتائب من الذنب كمن لا ذنب له" (ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)
او كما قال
🤲أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الذى أكرمنا بالهُدى واليقين وجعلنا في الدنيا من عباده المسلمين ونسأله عز وجلّ أن يتوفانا مسلمين ويُلحقنا بالصالحين .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يُحق الحق وببطل الباطل ولو كره المجرمون ..
وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين،
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وأرزفنا هُداه ووفقنا للعمل بسنته يا ألله نحن وإخواننا المسلمين أجمعين ..
أما بعد فيا عباد الله جماعة المؤمنين :
اسس النبي صلى الله عليه وسلم مجتمع المؤمنين على
المحبة والمودة
ولذا نجد أن الله قد مدح..
فبم مدحهم الله ؟
لم يمدحهم بالصلاة، مع أنهم كانوا أكثر الناس صلاةً وطاعةً لله،
ولم يمدحهم بالصيام
ولم يمدحهم بتلاوة القرآن
ولم يمدحهم بمواطن العبادات لأن كل هذه الأعمال يقول فيها الله جلّ في علاه :
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ (الجاثية:15)
لكن مدحهم بالوجه الذى بدا منهم للخلق بتعاملهم مع إخوانهم اسمع معي إلى وصف الله عز وجلّ لهم :
﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالايمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ (الحشر:9)
مدحهم بالحب ومدحهم عز وجلّ بسلامة الصدور ومدحهم بخلق الإيثار أخلاقٌ كريمة لا تظهر إلا مع الخلق وفي التعامل بين الناس لأن هذه هي الروشتة القرآنية لسعادة أي بيئة وأي جماعة لن ينصلح حالها إلا إذا طبقّت هذه الروشتة القرآنية الإلهية .
أن تؤسس العلاقات أولاً على الحب،
والحب هو حبٌ لله وحبٌ لرسول الله وحبٌ لخلق الله لا يكون الإنسان محباً لحضرة الله إلا إذا آثَرَ الله عز وجلّ وشرعه وأحكامه على جميع من سواه،
ولا يكون المرء محباً صادقاً لرسول الله إلا إذا عمل بقوله صلوات ربى وتسليماته عليه :
لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِهِ ، ووالدِهِ ، والناسِ أجمعينَ)(البخاري عن أنس رضي اله عنه)
وحب الناس جعل النبي صلى الله عليه وسلم له ترمومترٌ نبوي نعلم به قدر الإيمان في قلوبنا ودرجتنا في القرب عند ربنا اسمع إلى هذا الحديث وقس نفسك لتعرف مالك عند الله عز وجلّ من المقام الكريم،
قال صلّى الله عليه وسلّم :
"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه)
فإذا كان يحب نفسه ويحب الخير لنفسه فقط ويحب الضر والشر لإخوانه المؤمنين فإيمانه فيه دخن وإيمانه فيه نقصٌ وزللٌ، ويحتاج إلى تجديد الإيمان على هدى النبي صلى الله عليه وسلم العدنان حتى يُحب الخير لنفسه ولجميع إخوانه المؤمنين،
وإذا وصلنا إلى هذه الغاية لا نحتاج إلى أمنٍ له موظفين، ولا نحتاج في أي أمرٍ إلى مفتشين ولا نحتاج في خلافاتٍ إلى مصلحين لأن الأمور ستكون دائماً بين الصلاح والإصلاح كما كان مجتمع المؤمنين .
ولذا عندما تولّى أبو بكرٍ الصديق رضى الله عنه الخلافة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عين عمر بن الخطاب رضى الله عنه قاضياً على المسلمين وكان الأجر والراتب يُصرف كل عام، وبعد أن انقضى عامٌ في عمله، دعاه ليصرف الأجر له فرفض عمر أخذ أجره قال له أبو بكر : ولم ؟ قال عمر : لأنه لم يُعرض علىّ خلال هذا العام قضية واحدة .
لا شكاية ولا خصومة ولا خلاف لأن الكل يسعى بقول الحبيب :
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
نحن في هذا الزمان أحوج ما نكون الآن إلى الحب الذى بينه القرآن ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم العدنان حتى نقضى على الأمراض التي فرقّت المجتمعات، وشقّت صفوف الجماعات وأكثرت فيما بيننا الخلافات وجعلت المجتمع كأنه يمشى في طريقٍ مسدود ..
قال صلّى الله عليه وسلّم :
"ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ : أنْ يكونَ اللهُ و رسولُهُ أحبُّ إليه مِمَّا سِواهُما ، و أنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ ، و أنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ"
(البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه)
🤲نسأل الله عز وجلّ أن يرزقنا حبه وحب رسوله وحب كتابه وحب المؤمنين أجمعين🤲
🤲🤲ثم الدعاء 🤲🤲
وللمزيد من الخطب
متابعة صفحة الخطب الإلهامية
او
الدخول على موقع فضيلة الشيخفوزي محمد أبوزيد