اهل الاستجابة
في القرآن والسنة
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيد
الحمد لله ربِّ العالمين، أنزل علينا فيض فضله وعظيم عطائه، ووضح لنا كنوز خيره وبرِّه، لأننا من عباده المؤمنين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُعطي الدنيا لمن يُحب ومن لا يحب، ولا يُعطي الآخرة والدِّين إلا لمن يحب.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، مبعوث العناية الإلهية، وعين العناية الربانية، الذي دلَّنا الله عزَّ وجلَّ به على أحوال أهل التُقى العلية، وبيَّن لنا على لسانه أعلى الدرجات الجنانية، وبين لنا في بيانه كيفية النجاة في الدنيا والحياة الأخروية.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد نبي الهُدى والرشاد، وانفعنا بشرعه وقرآنه وسنَّته واجعلنا معه في الدنيا ويوم الميعاد.
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
يقول الله سيحانه وتعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ " (24الأنفال)
القرآن الكريم فيه خطاب لكل الناس، وهي خطابات يبدأها الله بقوله سبحانه
يأيها الناس، فهي خطابات للناس كلهم،
وهناك خطابات لبني آدم:
يا بني آدم.
لكن الخطابات العالية والغالية التي يبدأها بيا أيها الذين آمنوا،
وأنظر عندما ربنا ينادينا يُعظمنا ويُفخمنا، ويُبجلنا ويكرمنا ويقول لنا:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا "
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوان الله تبارك عنهم أجمعين عندما يسمعون النداء يقولون:
🤲لبيك اللهم لبيك، يعني نحن مسرعين إلى تلبية النداء والاستجابة إلى كلام رب الأرض والسماء عز وجل
"اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" (24الأنفال).
كيف نستجيب لله وللرسول؟
للأوامر التي جاء بها الله وبلغها لنا رسول الله، وهي الاستجابة،
فكل ما أمرنا به الله وبلغه لنا رسول الله، فلابد لنا أن نستجيب يعني ننفِّذ مطالب الحضرة الإلهية التي كان يبلغها للحضرة المحمدية.
أمرنا الله بالصلاة، فنستجيب لله، ولكن كيف تُصلي؟
(صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي)(البخاري عن مالك بن الحويرث)
فالكيفية عند الحضرة لمحمدية،
وكل ما طلبه منا الله عز وجل هو أن نستجيب له، يعني أن نسارع إلى تنفيذه ونسارع إلى العمل به، على المنهج الذي كان الحبيب صلى الله عليه وسلَّم يؤديه به ويعمله به لأن الله عز وجل جعله ميزان الأحوال وميزان الأعمال للمسلمين في كل زمانٍ ومكان.
فكان المجتمع كله يتنافس في الاستجابة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم في فعل الخيرات وعمل الصالحات، وليس كما نرى الآن يتنافسون في الفانيات والأمور التي لم يأخذوا منها شيئاً معهم بعد الممات، ويُحاسبُون عليها حساباً شديداً يوم الميقات.
فكان جُلة أصحاب النبي يعملون بقول الله جلَّ في علاه:
(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (133آل عمران).
كانوا دائماً وأبداً على أُهبةٍ تامةٍ وعلى يقظةٍ وانتباه، لأي أمرٍ يصدر من رسول الله، أو لأي آية تنزل من كتاب الله ليسارعوا بالعمل بها فوراً رغبةً فيما عند الله.
نزل قول الله عز وجل وتلاه الحبيب على أسماعهم:
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ) (245البقرة). فذهب رجل منهم وهو سيدنا أبو الدحداح رضي الله عنه إلى الرسول، وقال: يا رسول الله أيطلب الله عزَّ وجلَّ منا قرضاً؟
قال: نعم ولك الجزاء الذي استمعت إليه في الآية إن صنعت ذلك. فقال عند ذلك: إنِّي أقرضتُ ربي حائطي أو بستاني
وكان له بستان له فيه ستمائة نخلة من أجود نخيل المدينة - وجعلته لله عزَّ وجلَّ. ثم ذهب إلى البستان فوجد فيه زوجته وصبيانه، فقال: يا أم الدحداح أُخرجي أنتي وصبيانك واجمعي متاعك فإني أقرضتُ هذا البستان لله عز وجل، قالت المرأة المؤمنة التقية: ربح البيع يا أبا الدحداح وخرجت وهي فرحةٌ مستبشرة (رواه ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقد رواه ابن مردويه عن عمر مرفوعا بنحوه)
وبعدها نزل قول الله عز وجل:
(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (92آل عمران).
فجاء أغني رجلٍ في المدينة في هذا الوقت واسمه أبو طلحة، وقال: يا رسول الله، لن ننال البر حتى ننفق مما نحب؟،
وكان بئر ماءٍ أمام مسجد حضرة النبي، وكان النبي صلى الله عليه وسلَّم يدخلها ويشرب من مائها ويُثني عليه،
فقال: يا رسول الله أُشهدك أن بئر حاء وهي أحب أموالي إليَّ صدقة على فقراء المسلمين(أحمد عن أنس رضي الله عنه)
تنزل الآية فيسارع أهل العناية استجابة لله ورسوله ورغبةً فيما أعدَّه الله عز وجل لمن عمل بهذه الآية،
نزل قول الله تعالى:
{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (90المائدة).
فلما قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم أسرعوا لِكَسْر زُجاجات الخمر المنتشرة في بيوتهم، حتى غرقت شوارع المدينة من كثرة ما أُريق فيها من خمر. استجابة لله فيما امر
فإذا أشار الحبيب صلى الله عليه وسلَّم تجدهم فرحين ومستبشرين ومسارعين.
طلب منهم ذات يومٍ أن يتصدقوا بفضول أموالهم، ونسمع القصة من الصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال
(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ فقلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال يا أبا بكر: ما أبقيت لأهلك؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً) [رواه أبو داود والترمذي والحاكم].
ولم يكن مقتصراً على ذلك بل كانت الاستجابة في كل أبواب الخير،
جلس صلى الله عليه وسلَّم مع أصحابه بعد صلاة الفجر ينظر إلى تنافسهم في فعل الخير، فقال:
أيكم تصدَّق الليلة بصدقة؟، قال أبو بكر: أنا،
أيكم زار الليلة مريضاً، قال أبوبكر: أنا
قال: أيكم الليلة شيَّع جنازة، فقال أبو بكرٍ أنا، وأنا آتٍ إلى المسجد وجدت بعض الأنصار يشيِّعون لهم ميتاً في البقيع فشاركتهم في تشييعه، فقال صلى الله عليه وسلَّم:
(ما اجتمعن في رجل قط إلا ودخل من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء)[ أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه]
او كما قال
🤲ادعوا الله وانتم موقنون بالإجابة🤲
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الذي أكرمنا بالهدى واليقين وجعلنا من عباده المؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من المهالك في الدنيا وترفع درجته يوم لقاء رب العالمين.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، إمام الأتقياء، وسيد الأجواد الأسخياء،
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد سيد ولد آدم حتى النبيين، وإمام المرسلين والآل والصحب ومن اتبعهم إلى يوم الدين، واجعلنا منهم ومعهم أجمعين،
🤲🤲آمين يا ربَّ العالمين🤲🤲
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
إذا وفّق الله عز وجلّ العبد بأن يمشى ويسعى ويتحرّك ويعمل في مرضاة مولاه، ولا همّ له إلا تحقيق رضاه ولا سعى له إلا فيما يريده الله .. فإن هذا العبد يتولاّه مولاه، ويصنع له في الدنيا كل ما يتمناه ويجعله في الآخرة من أهل قربه عز وجلّ ورضاه ولا يخشى فقراً ولا سطوةً ولا جبروتاً لأن الله عز وجلّ معه ومن كان الله معه سخّر له كل شيء وكما قيل
" إسعى فيما يُرضى الله يُحقق الله عز وجلّ لك ما تتمناه "
فمن فضل الله عز وجلّ علينا أن جعل الإيمان في قلوبنا وجعل العمل من أجله جُلّ همِّنا وجعله عِزّنا وجعله سعادتنا فجعل الواحد منا يسعد إذا قام في جُنح الظلام مستجيبا لمولاه مع أنه لا أحد يراه إلا الله، ولا يطلب بعمله شيئاً من شهوات هذه الحياة، لكنه يطلب بذلك رضاء الله جلّ في عُلاه
وجعل الرجل يفرح أعظم الفرح إذا طلبه الله لزيارته في بيته الحرام ويطلب التهنئة في ذلك من جميع الأنام مع أنه لا يسعى لجمع هذا الحطام بل يصرف من ماله الخاص ومن أعزّ أمواله وكرائم خيره وبرّه .
لكنه يرجو رضاء الله والاستجابة لأمر الله والفوز بجنّة عرضها السماوات والأرض أعدّها الله عز وجلّ لأحباب الله الذين يفرحون بطاعة الله ويسعون في كل أنفاسهم إلى عمل الخير وإلى نيل البر تقرُباً إلى حضرة الله لا يبغون بذلك شهوة عند الخلق ولا سمعةً عند الناس وإنما يرجون من وراء ذلك رضاء الله جلّ في عُلاه .
وكأنهم في أعمالهم يرّن في آذانهم قول الله جلّ في عُلاه :
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ ( البينة:5 ) فهذا فضل الله عز وجلّ يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
🤲نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المبادرين إلى الخيرات، ومن المسارعين إلى الطاعات ومن المتسابقين في فعل الصالحات، وأن يجعلنا من عباده المنفقين والمنفقات.، 🤲
🤲🤲ثم الدعاء 🤲🤲
وللمزيد من الخطب متابعة
صفحة الخطب الإلهامية
او
الدخول على موقع فضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيد
في القرآن والسنة
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيد
الحمد لله ربِّ العالمين، أنزل علينا فيض فضله وعظيم عطائه، ووضح لنا كنوز خيره وبرِّه، لأننا من عباده المؤمنين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُعطي الدنيا لمن يُحب ومن لا يحب، ولا يُعطي الآخرة والدِّين إلا لمن يحب.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، مبعوث العناية الإلهية، وعين العناية الربانية، الذي دلَّنا الله عزَّ وجلَّ به على أحوال أهل التُقى العلية، وبيَّن لنا على لسانه أعلى الدرجات الجنانية، وبين لنا في بيانه كيفية النجاة في الدنيا والحياة الأخروية.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد نبي الهُدى والرشاد، وانفعنا بشرعه وقرآنه وسنَّته واجعلنا معه في الدنيا ويوم الميعاد.
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
يقول الله سيحانه وتعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ " (24الأنفال)
القرآن الكريم فيه خطاب لكل الناس، وهي خطابات يبدأها الله بقوله سبحانه
يأيها الناس، فهي خطابات للناس كلهم،
وهناك خطابات لبني آدم:
يا بني آدم.
لكن الخطابات العالية والغالية التي يبدأها بيا أيها الذين آمنوا،
وأنظر عندما ربنا ينادينا يُعظمنا ويُفخمنا، ويُبجلنا ويكرمنا ويقول لنا:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا "
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوان الله تبارك عنهم أجمعين عندما يسمعون النداء يقولون:
🤲لبيك اللهم لبيك، يعني نحن مسرعين إلى تلبية النداء والاستجابة إلى كلام رب الأرض والسماء عز وجل
"اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" (24الأنفال).
كيف نستجيب لله وللرسول؟
للأوامر التي جاء بها الله وبلغها لنا رسول الله، وهي الاستجابة،
فكل ما أمرنا به الله وبلغه لنا رسول الله، فلابد لنا أن نستجيب يعني ننفِّذ مطالب الحضرة الإلهية التي كان يبلغها للحضرة المحمدية.
أمرنا الله بالصلاة، فنستجيب لله، ولكن كيف تُصلي؟
(صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي)(البخاري عن مالك بن الحويرث)
فالكيفية عند الحضرة لمحمدية،
وكل ما طلبه منا الله عز وجل هو أن نستجيب له، يعني أن نسارع إلى تنفيذه ونسارع إلى العمل به، على المنهج الذي كان الحبيب صلى الله عليه وسلَّم يؤديه به ويعمله به لأن الله عز وجل جعله ميزان الأحوال وميزان الأعمال للمسلمين في كل زمانٍ ومكان.
فكان المجتمع كله يتنافس في الاستجابة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم في فعل الخيرات وعمل الصالحات، وليس كما نرى الآن يتنافسون في الفانيات والأمور التي لم يأخذوا منها شيئاً معهم بعد الممات، ويُحاسبُون عليها حساباً شديداً يوم الميقات.
فكان جُلة أصحاب النبي يعملون بقول الله جلَّ في علاه:
(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (133آل عمران).
كانوا دائماً وأبداً على أُهبةٍ تامةٍ وعلى يقظةٍ وانتباه، لأي أمرٍ يصدر من رسول الله، أو لأي آية تنزل من كتاب الله ليسارعوا بالعمل بها فوراً رغبةً فيما عند الله.
نزل قول الله عز وجل وتلاه الحبيب على أسماعهم:
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ) (245البقرة). فذهب رجل منهم وهو سيدنا أبو الدحداح رضي الله عنه إلى الرسول، وقال: يا رسول الله أيطلب الله عزَّ وجلَّ منا قرضاً؟
قال: نعم ولك الجزاء الذي استمعت إليه في الآية إن صنعت ذلك. فقال عند ذلك: إنِّي أقرضتُ ربي حائطي أو بستاني
وكان له بستان له فيه ستمائة نخلة من أجود نخيل المدينة - وجعلته لله عزَّ وجلَّ. ثم ذهب إلى البستان فوجد فيه زوجته وصبيانه، فقال: يا أم الدحداح أُخرجي أنتي وصبيانك واجمعي متاعك فإني أقرضتُ هذا البستان لله عز وجل، قالت المرأة المؤمنة التقية: ربح البيع يا أبا الدحداح وخرجت وهي فرحةٌ مستبشرة (رواه ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقد رواه ابن مردويه عن عمر مرفوعا بنحوه)
وبعدها نزل قول الله عز وجل:
(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (92آل عمران).
فجاء أغني رجلٍ في المدينة في هذا الوقت واسمه أبو طلحة، وقال: يا رسول الله، لن ننال البر حتى ننفق مما نحب؟،
وكان بئر ماءٍ أمام مسجد حضرة النبي، وكان النبي صلى الله عليه وسلَّم يدخلها ويشرب من مائها ويُثني عليه،
فقال: يا رسول الله أُشهدك أن بئر حاء وهي أحب أموالي إليَّ صدقة على فقراء المسلمين(أحمد عن أنس رضي الله عنه)
تنزل الآية فيسارع أهل العناية استجابة لله ورسوله ورغبةً فيما أعدَّه الله عز وجل لمن عمل بهذه الآية،
نزل قول الله تعالى:
{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (90المائدة).
فلما قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم أسرعوا لِكَسْر زُجاجات الخمر المنتشرة في بيوتهم، حتى غرقت شوارع المدينة من كثرة ما أُريق فيها من خمر. استجابة لله فيما امر
فإذا أشار الحبيب صلى الله عليه وسلَّم تجدهم فرحين ومستبشرين ومسارعين.
طلب منهم ذات يومٍ أن يتصدقوا بفضول أموالهم، ونسمع القصة من الصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال
(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ فقلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال يا أبا بكر: ما أبقيت لأهلك؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً) [رواه أبو داود والترمذي والحاكم].
ولم يكن مقتصراً على ذلك بل كانت الاستجابة في كل أبواب الخير،
جلس صلى الله عليه وسلَّم مع أصحابه بعد صلاة الفجر ينظر إلى تنافسهم في فعل الخير، فقال:
أيكم تصدَّق الليلة بصدقة؟، قال أبو بكر: أنا،
أيكم زار الليلة مريضاً، قال أبوبكر: أنا
قال: أيكم الليلة شيَّع جنازة، فقال أبو بكرٍ أنا، وأنا آتٍ إلى المسجد وجدت بعض الأنصار يشيِّعون لهم ميتاً في البقيع فشاركتهم في تشييعه، فقال صلى الله عليه وسلَّم:
(ما اجتمعن في رجل قط إلا ودخل من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء)[ أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه]
او كما قال
🤲ادعوا الله وانتم موقنون بالإجابة🤲
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الذي أكرمنا بالهدى واليقين وجعلنا من عباده المؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من المهالك في الدنيا وترفع درجته يوم لقاء رب العالمين.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، إمام الأتقياء، وسيد الأجواد الأسخياء،
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد سيد ولد آدم حتى النبيين، وإمام المرسلين والآل والصحب ومن اتبعهم إلى يوم الدين، واجعلنا منهم ومعهم أجمعين،
🤲🤲آمين يا ربَّ العالمين🤲🤲
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
إذا وفّق الله عز وجلّ العبد بأن يمشى ويسعى ويتحرّك ويعمل في مرضاة مولاه، ولا همّ له إلا تحقيق رضاه ولا سعى له إلا فيما يريده الله .. فإن هذا العبد يتولاّه مولاه، ويصنع له في الدنيا كل ما يتمناه ويجعله في الآخرة من أهل قربه عز وجلّ ورضاه ولا يخشى فقراً ولا سطوةً ولا جبروتاً لأن الله عز وجلّ معه ومن كان الله معه سخّر له كل شيء وكما قيل
" إسعى فيما يُرضى الله يُحقق الله عز وجلّ لك ما تتمناه "
فمن فضل الله عز وجلّ علينا أن جعل الإيمان في قلوبنا وجعل العمل من أجله جُلّ همِّنا وجعله عِزّنا وجعله سعادتنا فجعل الواحد منا يسعد إذا قام في جُنح الظلام مستجيبا لمولاه مع أنه لا أحد يراه إلا الله، ولا يطلب بعمله شيئاً من شهوات هذه الحياة، لكنه يطلب بذلك رضاء الله جلّ في عُلاه
وجعل الرجل يفرح أعظم الفرح إذا طلبه الله لزيارته في بيته الحرام ويطلب التهنئة في ذلك من جميع الأنام مع أنه لا يسعى لجمع هذا الحطام بل يصرف من ماله الخاص ومن أعزّ أمواله وكرائم خيره وبرّه .
لكنه يرجو رضاء الله والاستجابة لأمر الله والفوز بجنّة عرضها السماوات والأرض أعدّها الله عز وجلّ لأحباب الله الذين يفرحون بطاعة الله ويسعون في كل أنفاسهم إلى عمل الخير وإلى نيل البر تقرُباً إلى حضرة الله لا يبغون بذلك شهوة عند الخلق ولا سمعةً عند الناس وإنما يرجون من وراء ذلك رضاء الله جلّ في عُلاه .
وكأنهم في أعمالهم يرّن في آذانهم قول الله جلّ في عُلاه :
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ ( البينة:5 ) فهذا فضل الله عز وجلّ يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
🤲نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المبادرين إلى الخيرات، ومن المسارعين إلى الطاعات ومن المتسابقين في فعل الصالحات، وأن يجعلنا من عباده المنفقين والمنفقات.، 🤲
🤲🤲ثم الدعاء 🤲🤲
وللمزيد من الخطب متابعة
صفحة الخطب الإلهامية
او
الدخول على موقع فضيلة الشيخ
فوزي محمد أبوزيد