سعة أبواب الخير
ــــــــــــــ خطبة الجمعة ــــــــــــــ
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
الحمد لله رب العالمين، خلقنا بقدرته، ودبَّر أمورنا كلها ظاهراً وباطناً بحكمته، وأمرنا أن نشكره على ذلك جل وعلا بحُسن عبادته
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الغني بذاته وصفاته عن جميع مخلوقاته،
سبحانه .. سبحانه لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضرُّه معصية العاصين، والأمر في ذلك كما قال كتابه المبين: ☆﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (15الجاثية).
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، أول العابدين، وحامل لواء الحمد للخلائق أجمعين يوم الدين.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد، واجعلنا به مقتدين، وعلى هديه سائرين، وارزقنا شفاعته واجعلنا تحت لواء حمده وكرمه يوم الدين، واجعلنا من أهل جواره في جنة الفردوس أجمعين .. آمين يا رب العالمين.🤲
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
تعالوا معي ننظر إلى حكمة هذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم الذى جعله مولاه عز وجل معجزة للعلماء والمتعلمين من بدء الدنيا إلى يوم الدين؛
تلا صلى الله عليه وسلم على أصحابه - وهو يعلم مقدار شغفهم بحب الله ومبلغ تعلقهم بالقرب من حضرة الله - خطاب الله عز وجل في الحديث القدسي الذى يبين فيه الله الطريق المستقيم السوى لكل تقى يريد أن ينال محبة الله جلَّ في علاه،
هذا الخطاب يقول فيه الله لأولى الألباب:
"وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأعْطِيَنَّهُ، وَإِنِ اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ"(البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه)
سمع الأصحاب هذا الخطاب - وهم كما ذكرت يريدون أن ينالوا محبة العلىّ الوهاب فسارعوا في نوافل العبادات،
منهم من سارع في قيام الليل،
ومنهم من ابتدر صيام الأيام المتتالية من النهار،
ومنهم من واصل تلاوة القرآن ليل نهار حتى كان بعضهم يختمه في ثلاث وبعضهم يختمه في كل يوم وليلة مرة،
وبعضهم سارع في الأذكار ...
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم بعين بصيرته النورانية الربانية ولفت أنظارهم ووجَّه أبصارهم الي واسع ابواب الخير
وقال لهم:
"لَيْسَ مِنْ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ فِي كُل يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمِنْ أَيْنَ لَنَا صَدَقَةٌ ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ:
التَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُمِيطُ الأَذَىٰ عَنِ الطَّرِيقِ، وَتُسْمِعُ الأَصَمَّ، وَتَهْدِي الأَعْمَىٰ، وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ، وَتَسْعَىٰ بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ، فَهَذَا كُلـُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ، وَتَبَسـُّمَكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَإمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشـَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنْ طَرِيقِ النـَّاسِ صَدَقَةٌ، وَهَدْيُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضـَّالَّة صَدَقَةٌ" (رواه البيهقي عن أبى ذر رضي الله عنه)
فعدَّد أبواب العبادات للمؤمنين،
بل جعل كل أعمال المؤمنين إن كان لأنفسهم أو كان لغيرهم إذا سبقتها نيَّة طيِّبة لله فهي عبادة يتقرب بها المرء إلى مولاه عز وجل
حتى من خرج في كل صباح يسعى ليُحصِّل قوته وقوت أولاده، يقول فيه صلوات ربى وتسليماته عليه:
"أَيُّمَا رَجُلٍ كَسَبَ مالاً مِن حلالٍ، فأَطْعَمَ نفسَهُ، أو كَسَاهَا، فمَنْ دونَه مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فإنَّ لَهُ بها زكاةً" (رواه ابن حبان عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه)
وقال في حديث آخر:
"إذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ "(البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه)
فنفقته على نفسه صدقة، وكذا على أهله وهى واجبة عليه لا مفر! ولكنه إذا احتسبها عند الله وأداها بنفس طيبة .. كانت صدقة!
إذا رفع الأذى من طريق المسلمين فتلكمُ عبادة
وإذا أرشد ضالاً ولو إلى أين الطريق أي لو كان يريد أن يصل إلى عنوان ولا يعلم الشارع الموصِّل إليه فأرشده فهذا له عبادة
وإذا قاد أعمى واسمع للأجر يقول فيه صلى الله عليه وسلم:
"مَن قادَ أعمىً أربعينَ خَطوةً وَجَبَتْ لَهُ الجنَّةُ" (رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما)
فجعل أعظم العبادات وأكبر النوافل التي يتقرب بها العبد إلى رب البريات هي النوافل التي تتعلق بعباد الله المسلمين
يقف البعض عن قول الله تبارك وتعالى؟
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ (56الذاريات).
فيجعلون سر خلقتنا
إن الله خلقنا لعبادته وهو كلامٌ صحيح،
ولكنهم يقصرون ابواب الخير في العبادات المفروضة،
من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحج، ويدعون الناس إلى التفرغ لها وترك ما دونها، وهذا خطأٌ بينٌ في فهم آيات كلام الله
فإن اعظم ابواب الخير التي فتحها لنا الله تبارك وتعالى في هذه الآية عباداتٌ تتعلق بخلق الله، ولها أجرها ولها ثوابها، وكان حريصاً عليها نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه الكرام رضوان الله تبارك وتعالى عليهم أجمعين،
وقال في ذلك صلى الله عليه وسلم:
"كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقة" (البخاري عن جابر رضي الله عنه)
ومن اعظم ابواب الخير
من ألَّف بين مسلمين وأصلح متخاصمين وجعلهما إخوةً متآلفين، جعل هذه النافلة صلى الله عليه وسلَّم أعلى من كل العبادات النفلية، من صلاةٍ تطوعاً من صيامٍ تطوعاً من حجٍ تطوعاً لله تبارك وتعالى.
قال صلى الله عليه وسلَّم:
"ألا أخبرُكم بأفضلِ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ ؟ قالوا: بلى، قال: إصلاحُ ذاتِ البينِ ، وفسادُ ذاتِ البينِ الحالِقةُ" (رواه أبو داود والترمذي عن أبو الدرداء)
كل أبواب الخير في الدنيا عبادات لله،
زيارة المريض
تشييع الجنازة
صلة الأرحام،
كل الأعمال التي يقصد بها الإنسان الخير هي عملٌ من أعمال البر والخير، عبادةٌ له،
ولكنها لكي يُحتسب له أجرها وثوابها، لابد أن يستحضر النية في قلبه قبل أدائها.
ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئٍ ما نوى" [الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه]
فالمهم النية والنية تجعل أعمال الإنسان كلها عبادات لله حتى النوم، فلو نام مثلاً بعد صلاة العشاء مبكراً ليؤدي صلاة الفجر أو قبلها صلاة القيام، فظل يذكر الله تبارك وتعالى حتى نام، ورد في الأثر:
"من نام على ذكر لله، كُتب طوال ليلته هذه ذاكراً قائماً، فإذا استيقظ قالت له الملائكة: أدعُ فإن لك دعوةٌ لا تُرد"
قال صلى الله عليه وسلَّم عندما سُئل: أي الأعمال أحب إلى الله، قال:
"أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً ، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا ، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا " (رواه بن حبان عن جابر بن عبد الله)
أو كما قال:
🤲أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.🤲
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، واعطنا الخير وادفع عنا الشر ونجنا واشفنا وانصرنا على أعدائنا يا رب العالمين.
إذاً ياجماعة المؤمنين العبادة التي كلفنا بها الله عبادةٌ في كل أبواب الخير وأصناف المعروف، وهذه مع خلق الله.
وعبادةٌ لله وهي الصلاة والصيام والزكاة والحج،
وجعل الله تبارك وتعالى هذه العبادات التي لله لها ثمرة إذا لم تُخرج هذه الثمرة، فهي غير مقبولة عند الله تبارك وتعالى.
وثمرتها - في جملتها: الأخلاق الكريمة، فمن قام بالعبادات كلها لله، وكانت أخلاقه غير كريمة مع خلق الله، فإن الله لا يقبل منه عملاً، قال الله تبارك وتعالى في الصلاة: ☆ ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ (45العنكبوت).
قال بن مسعود رضي الله عنه: ♡ "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من الله إلا بعدا"
قال صلى الله عليه وسلَّم في الصيام: ♡"إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" (متفق عليه عن ابي هريرة رضي الله عنه)
وقال الله تبارك وتعالى في الصدقات والزكاة: ☆ ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ (103التوبة).
يطهرهم من الشُح، ومن البُخل، فإذا لم يتطهر الإنسان من داء الشح ومرض البخل، فلا عبرة لصدقته عند مولاه تبارك وتعالى.
أما الحج: ☆"الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ" (197البقرة)
فالغاية من العبادات لله أن تهذب نفوسنا، وترقي أخلاقنا، حتى نُحسن التعامل فيما بيننا وبين خلق الله.
🤲نسأل الله تبارك وتعالى ان يحبب إلينا فعل الخيرات
واستباق النوافل والقربات،
واحفظنا بحفظك من جميع المعاصي والمخالفات.
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب
١- متابعة صفحة الخطب الإلهامية
ـــــــــــــــــــ او ــــــــــــــــــــ
الدخول على موقع فضيلة
الشيخ فوزي محمد ابوزيد
ــــــــــــــ خطبة الجمعة ــــــــــــــ
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
الحمد لله رب العالمين، خلقنا بقدرته، ودبَّر أمورنا كلها ظاهراً وباطناً بحكمته، وأمرنا أن نشكره على ذلك جل وعلا بحُسن عبادته
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الغني بذاته وصفاته عن جميع مخلوقاته،
سبحانه .. سبحانه لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضرُّه معصية العاصين، والأمر في ذلك كما قال كتابه المبين: ☆﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (15الجاثية).
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، أول العابدين، وحامل لواء الحمد للخلائق أجمعين يوم الدين.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد، واجعلنا به مقتدين، وعلى هديه سائرين، وارزقنا شفاعته واجعلنا تحت لواء حمده وكرمه يوم الدين، واجعلنا من أهل جواره في جنة الفردوس أجمعين .. آمين يا رب العالمين.🤲
أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
تعالوا معي ننظر إلى حكمة هذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم الذى جعله مولاه عز وجل معجزة للعلماء والمتعلمين من بدء الدنيا إلى يوم الدين؛
تلا صلى الله عليه وسلم على أصحابه - وهو يعلم مقدار شغفهم بحب الله ومبلغ تعلقهم بالقرب من حضرة الله - خطاب الله عز وجل في الحديث القدسي الذى يبين فيه الله الطريق المستقيم السوى لكل تقى يريد أن ينال محبة الله جلَّ في علاه،
هذا الخطاب يقول فيه الله لأولى الألباب:
"وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأعْطِيَنَّهُ، وَإِنِ اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ"(البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه)
سمع الأصحاب هذا الخطاب - وهم كما ذكرت يريدون أن ينالوا محبة العلىّ الوهاب فسارعوا في نوافل العبادات،
منهم من سارع في قيام الليل،
ومنهم من ابتدر صيام الأيام المتتالية من النهار،
ومنهم من واصل تلاوة القرآن ليل نهار حتى كان بعضهم يختمه في ثلاث وبعضهم يختمه في كل يوم وليلة مرة،
وبعضهم سارع في الأذكار ...
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم بعين بصيرته النورانية الربانية ولفت أنظارهم ووجَّه أبصارهم الي واسع ابواب الخير
وقال لهم:
"لَيْسَ مِنْ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ فِي كُل يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمِنْ أَيْنَ لَنَا صَدَقَةٌ ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ:
التَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُمِيطُ الأَذَىٰ عَنِ الطَّرِيقِ، وَتُسْمِعُ الأَصَمَّ، وَتَهْدِي الأَعْمَىٰ، وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ، وَتَسْعَىٰ بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ، فَهَذَا كُلـُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ، وَتَبَسـُّمَكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَإمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشـَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنْ طَرِيقِ النـَّاسِ صَدَقَةٌ، وَهَدْيُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضـَّالَّة صَدَقَةٌ" (رواه البيهقي عن أبى ذر رضي الله عنه)
فعدَّد أبواب العبادات للمؤمنين،
بل جعل كل أعمال المؤمنين إن كان لأنفسهم أو كان لغيرهم إذا سبقتها نيَّة طيِّبة لله فهي عبادة يتقرب بها المرء إلى مولاه عز وجل
حتى من خرج في كل صباح يسعى ليُحصِّل قوته وقوت أولاده، يقول فيه صلوات ربى وتسليماته عليه:
"أَيُّمَا رَجُلٍ كَسَبَ مالاً مِن حلالٍ، فأَطْعَمَ نفسَهُ، أو كَسَاهَا، فمَنْ دونَه مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فإنَّ لَهُ بها زكاةً" (رواه ابن حبان عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه)
وقال في حديث آخر:
"إذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ "(البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه)
فنفقته على نفسه صدقة، وكذا على أهله وهى واجبة عليه لا مفر! ولكنه إذا احتسبها عند الله وأداها بنفس طيبة .. كانت صدقة!
إذا رفع الأذى من طريق المسلمين فتلكمُ عبادة
وإذا أرشد ضالاً ولو إلى أين الطريق أي لو كان يريد أن يصل إلى عنوان ولا يعلم الشارع الموصِّل إليه فأرشده فهذا له عبادة
وإذا قاد أعمى واسمع للأجر يقول فيه صلى الله عليه وسلم:
"مَن قادَ أعمىً أربعينَ خَطوةً وَجَبَتْ لَهُ الجنَّةُ" (رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما)
فجعل أعظم العبادات وأكبر النوافل التي يتقرب بها العبد إلى رب البريات هي النوافل التي تتعلق بعباد الله المسلمين
يقف البعض عن قول الله تبارك وتعالى؟
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ (56الذاريات).
فيجعلون سر خلقتنا
إن الله خلقنا لعبادته وهو كلامٌ صحيح،
ولكنهم يقصرون ابواب الخير في العبادات المفروضة،
من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحج، ويدعون الناس إلى التفرغ لها وترك ما دونها، وهذا خطأٌ بينٌ في فهم آيات كلام الله
فإن اعظم ابواب الخير التي فتحها لنا الله تبارك وتعالى في هذه الآية عباداتٌ تتعلق بخلق الله، ولها أجرها ولها ثوابها، وكان حريصاً عليها نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه الكرام رضوان الله تبارك وتعالى عليهم أجمعين،
وقال في ذلك صلى الله عليه وسلم:
"كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقة" (البخاري عن جابر رضي الله عنه)
ومن اعظم ابواب الخير
من ألَّف بين مسلمين وأصلح متخاصمين وجعلهما إخوةً متآلفين، جعل هذه النافلة صلى الله عليه وسلَّم أعلى من كل العبادات النفلية، من صلاةٍ تطوعاً من صيامٍ تطوعاً من حجٍ تطوعاً لله تبارك وتعالى.
قال صلى الله عليه وسلَّم:
"ألا أخبرُكم بأفضلِ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ ؟ قالوا: بلى، قال: إصلاحُ ذاتِ البينِ ، وفسادُ ذاتِ البينِ الحالِقةُ" (رواه أبو داود والترمذي عن أبو الدرداء)
كل أبواب الخير في الدنيا عبادات لله،
زيارة المريض
تشييع الجنازة
صلة الأرحام،
كل الأعمال التي يقصد بها الإنسان الخير هي عملٌ من أعمال البر والخير، عبادةٌ له،
ولكنها لكي يُحتسب له أجرها وثوابها، لابد أن يستحضر النية في قلبه قبل أدائها.
ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئٍ ما نوى" [الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه]
فالمهم النية والنية تجعل أعمال الإنسان كلها عبادات لله حتى النوم، فلو نام مثلاً بعد صلاة العشاء مبكراً ليؤدي صلاة الفجر أو قبلها صلاة القيام، فظل يذكر الله تبارك وتعالى حتى نام، ورد في الأثر:
"من نام على ذكر لله، كُتب طوال ليلته هذه ذاكراً قائماً، فإذا استيقظ قالت له الملائكة: أدعُ فإن لك دعوةٌ لا تُرد"
قال صلى الله عليه وسلَّم عندما سُئل: أي الأعمال أحب إلى الله، قال:
"أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً ، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا ، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا " (رواه بن حبان عن جابر بن عبد الله)
أو كما قال:
🤲أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.🤲
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، واعطنا الخير وادفع عنا الشر ونجنا واشفنا وانصرنا على أعدائنا يا رب العالمين.
إذاً ياجماعة المؤمنين العبادة التي كلفنا بها الله عبادةٌ في كل أبواب الخير وأصناف المعروف، وهذه مع خلق الله.
وعبادةٌ لله وهي الصلاة والصيام والزكاة والحج،
وجعل الله تبارك وتعالى هذه العبادات التي لله لها ثمرة إذا لم تُخرج هذه الثمرة، فهي غير مقبولة عند الله تبارك وتعالى.
وثمرتها - في جملتها: الأخلاق الكريمة، فمن قام بالعبادات كلها لله، وكانت أخلاقه غير كريمة مع خلق الله، فإن الله لا يقبل منه عملاً، قال الله تبارك وتعالى في الصلاة: ☆ ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ (45العنكبوت).
قال بن مسعود رضي الله عنه: ♡ "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من الله إلا بعدا"
قال صلى الله عليه وسلَّم في الصيام: ♡"إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" (متفق عليه عن ابي هريرة رضي الله عنه)
وقال الله تبارك وتعالى في الصدقات والزكاة: ☆ ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ (103التوبة).
يطهرهم من الشُح، ومن البُخل، فإذا لم يتطهر الإنسان من داء الشح ومرض البخل، فلا عبرة لصدقته عند مولاه تبارك وتعالى.
أما الحج: ☆"الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ" (197البقرة)
فالغاية من العبادات لله أن تهذب نفوسنا، وترقي أخلاقنا، حتى نُحسن التعامل فيما بيننا وبين خلق الله.
🤲نسأل الله تبارك وتعالى ان يحبب إلينا فعل الخيرات
واستباق النوافل والقربات،
واحفظنا بحفظك من جميع المعاصي والمخالفات.
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب
١- متابعة صفحة الخطب الإلهامية
ـــــــــــــــــــ او ــــــــــــــــــــ
الدخول على موقع فضيلة
الشيخ فوزي محمد ابوزيد