حرمة المال العام وثواب صيانته وتنميته
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
____________________________
الحمد لله رب العالمين خلق الكون بقدرته ودبره بأمره ومشيئته وجعل كل ما في الكون من عاليه ودانيه مرهونا بمشيئته . سبحانه سبحانه!!
لا يحدث في كونه إلا ما يريد لأنه عز وجل هو الفعال لما يريد
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اختار لنا خير دين اختاره لخلقه وهو دين الإسلام
جعل فيه لمن اتبعه العز في الدنيا والسعادة الدائمة يوم لقاء الملك العلام
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله و رسوله. النبي الأمي الذي أعجز الحكماء والمتعلمين والعلماء والمفكرين بما جاء به في كتاب رب العالمين
اللهم صل وسلم و بارك علي سيدنا محمد وارزقنا هداه ووفقنا جميعاً للعمل بما جاء به من شرع الله يا الله نحن وأبناءنا وإخواننا والمسلمين أجمعين
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
ونحن في هذا الوقت العصيب من الزمن نحتاج إلى العودة إلى المبادئ القرآنية التي رسخها نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فقد كان صلى الله عليه و سلم يرسخ مبادئ ثابتة لا تتزلزل بها الأمم و لا تتقلب بها المجتمعات وإنما يكونون في سعادة وارفة في الدنيا و في هناءة و مسرات وخيرات ومن جملة هذه المبادئ التي لا غنى لنا عنها جميعا الآن
المبدأ الذي يشير إليه صلى الله عليه و سلم في عدة حوادث في السنن النبوية
فقد أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم
غلاماً يقال له: مِدْعم،
فبينما مدعم يحط رحلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أصابه سهم عائر، فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة،
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه ناراً. فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " شراك من نار أو شراكان من نار "
(متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه )
استأثر بشيء لنفسه دون سائر المسلمين فبيّن صلى الله عليه وسلم أن المال الخاص بالمسلمين والأمة لا ينبغي أن يستأثر به فرد منهم أو عدة أفراد فإذا أخذ لنفسه واستأثر بذلك دون غيره طالبته الأمة جميعاً بحقها يوم لقاء الله
انظر إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
( كان معيقب رضي الله عنه خازن بيت المال في عهد عمر رضي الله عنه، ففي أحد الأيام وهو يكنس بيت المال فوجد درهماً، فأعطاه أحد أبناء عمر رضي الله عنه.
يقول معيقب ثم ذهبت إلى البيت، فهي لحظات فإذا برسول من عمر يطلبني، فلما ذهبت بيته فوجدت عمر والدرهم بيده،
فقال لي: ويحك يا معيقب، أوجدت عليَّ في نفسك سببا؟!، مالي ومالك؟.
فقلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟
فقال: أردت أن تخاصمني أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة؟
كانوا على هذا العهد سائرين ولهذا المبدأ محافظين تولى خلافة المسلمين بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلي أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان تاجراً للخز والحرير فلما تولى الخلافة أصبح حاملاً بضاعته على كتفه ومتوجها بها إلى السوق فقال له عمر إلى أين يا خليفة رسول الله؟ قال إلى السوق قال ولم؟ قال فمن أين أطعم أهلي؟ قال ارجع .
ثم جلس مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقالوا نفرض له فريضة من بيت المال تكفيه و أولاده فقرروا أن يخرجوا له ناقة ذات لبن يأخذون لبنها ليأكلوه وجفنة أي وعاء ليأكلوا فيه و قطيفة جيدة يلتحف بها ويضعها على كتفه وينام عليها فلما ورد عليه وارد الموت استدعى عائشة ابنته
وقال يا عائشة قد علمت اللقحة أي الناقة التي خصصوها لي والوعاء الذي خصصوه لي والقطيفة التي خصصوها لي إذا أنا مت فردوها إلى بيت مال المسلمين لا حاجة لي بها ولا أنتم أيضا لكم بها حاجة فلما ردوها
قال عمر رضي الله عنه. رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك
و سار عمر على هذا المنوال فكان يحاسب أهله حتى على القليل والكثير جاءه من البحرين مسك و عنبر فقال أريد امرأة تجيد الوزن ليوزعه على المسلمين فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد يا أمير المؤمنين أنا أجيد الوزن فقال لها رضي الله عنه أخشى أن تلطخي يديك بالمسك ثم تضعينه على خديك وعلي عارضيك فتكونين قد استأثرت به دون المسلمين
بل إنه رضي الله عنه طلبت منه زوجته أن يشتري لها حلوى فقال لا أجد قالت إني قد ادخرت ثمنها فقال رضي الله عنه وكم ثمنها؟ وأمر أن يقتطع من نصيبه من بيت المال القدر الذي كانت تدخره لتأكل هذه الحلوى
ومع ذلك لم يترك أبناءه فكان يذهب إلى السوق و ينظر إلي ما فيه فنظر ذات يوم فوجد إبلا سمينة فقال لمن هذه قالوا لعبد الله بن عمر فاستدعاه وقال من أين لك هذا يا عبد الله؟ قال اشتريت إبلا هزيلة و تركتها ترعى في المراعي مع إبل المسلمين و المرعى كان عاما يرده كل المسلمين
قال بخ بخ !!
يقول المسلمون وسّعوا لإبل ابن أمير المؤمنين أطعموا إبل ابن أمير المؤمنين اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين
يا عبد الله انظر كم دفعت فيها من الثمن فخذه ورد الباقي إلى بيت مال المسلمين
ولعلنا نقول إن هذا كان في العصر الفاضل فقط
لكن تعالوا بنا إلى عمر بن عبد العزيز يجلس مع أحد الولاة يحدثه في شؤون الرعية وكان موقدا شمعة فلما انتهيا من حديث الرعية و أخذا يتحدثان عن شؤونهم الخاصة فقام عمر وأطفأ الشمعة فقال الرجل لم أطفأت الشمعة يا أمير المؤمنين؟
فقال رضي الله عنه إن هذه الشمعة من بيت مال المسلمين فحينما كنا نتكلم في أمر المسلمين تركتها موقدة
فلما انشغلنا بالحديث الخاص لا يحق لنا أن نستضيء بها وهي من بيت مال المسلمين
هذه الحقيقة يا جماعة المؤمنين نحن أحق بها الآن لكي يرتفع شأننا و لكي تقوم بلادنا و لكي تنهض شؤوننا حتى نكون كما قال الله عز وجل في شأننا
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ " (55 النور)
ظن كثير من الناس في زماننا أنه لا حرمة في المال العام.
والمال العام ملك لجميع الأنام في الدولة وأمانة في عنق الجميع
فالذي يعتدي على الكهرباء فإنما يعتدي على جميع الساكنين في هذه الدولة الآمنين لأن لهم نصيبا فيها, والذي يعتدي على المياه , والذي يعتدي على أي مؤسسة عامة كالمستشفيات والمدارس والجامعات وكل هذه البنايات. والذي ينتفع بمنصبه ويستغل به أهل هذا الوطن فإن إثمه كبير .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين.
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين
الذي أكرمنا بالإسلام وجعلنا من عباده المؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحب من خلقه من كان على خُلقه.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد خير النبيين وإمام المرسلين والشفيع الأعظم لجميع الخلائق يوم الدين.
وبعد أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
إن من أهم الواجبات للمحافظة على المال العام ، أن يولَّى أهل الأمانة قيادة المسلمين، وأن يكون كل والٍ يختار بطانته والعاملين معه من الأمناء من المؤمنين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:
(إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة ـ قالوا: وما وسِّد الأمر لغير أهله يا رسول الله؟ قال: إذا تولَّى من لا يستطيع حمل الأمانة)[1].
ونوَّه النبي صلى الله عليه وسلَّم لكل حاكمٍ ولكل إمامٍ في عمله بأن يختار الأمناء في العمل الذي تحت يديه، وقال لهم مُحذِّراً صلوات ربي وتسليماته عليه:
(من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولَّى عليهم غير أهل لها فقد خان الله ورسوله والمؤمنين)[2].
انظر إلي الأمناء من أمة النبي وكيف كان حالهم وحال أممهم من الخلفاء الراشدين بعد عصر النبي:
هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبعث جيوشه إلى بلاد فارس ويفتح الله على جيشه جيش المؤمنين مدينة المدائن عاصمة بلاد فارس، وهي موطن كسرى وموضع قصوره وكنوزه فدخل الجُند فاتحين، واستولوا على كل شيءٍ وجدوه في القصور وفي الكنوز وأتوا به إلى قائدهم، لم يُخبِّئ واحدٌ منهم حتى إبرةً وجدها فمشت القوافل تحمل هذه الغنائم على الإبل، وكان أولها في المدينة المنورة، وآخرها في بلاد فارس، فعندما رأى أصحاب النبي في المدينة هذه الكنوز وما تحويه من غرائب لم يسمعوا عنها من قبل، قال الإمام عمر:
(إن قوماً أدُّوا هذا لأمناء). فقال الإمام عليٌّ: (عففت فعفَّت رعيتك يا أمير المؤمنين)[3].
وهذا عليُّ رضى الله عنه عندما تولَّى الخلافة، جاءه أخوه لأبيه وأمه عُقيل بن أبي طالب، ومعه ولدٌ من أولاده يطمع في عطاءٍ مما تحت يديه من أموال المسلمين، وعندما جلس وكان قد كُفَّ بصره أمر ابنه أن يتنحَّى عنهما، وقال: يا عقيل خذ، قال عقيل: ففرحت وظننتُ أنه سيُعطيني صُرةً كبيرةً مليئةً بالأموال، وإذا به يضع في يدي حديدة ساخنة، ففزعت وصحت وخُرت كما يخور الثور، وقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟!!. قال: عجباً لك، لا تتحمَّل حديدةً حمَّيناها بنار الدنيا، فكيف تتحمَّل سلاسل وأغلالاً أعدها الله في الآخرة لمن خان الله ورسوله وخان المسلمين؟!!، ليس لك عندي إلا ما رأيت، اذهب ولا أراك مرةً ثانية[4].
ما أعدل هؤلاء الذين ربَّاهم أمير الرسل والأنبياء
فينبغي أن يكون كل فرد منا على هذه الأخلاق !!
فإذا كنا كذلك فإن الله عز وجل سيُصلح أحوالنا، وينزِّل خيراتٍ وبركاتٍ من السماء علينا ولنا، ويجعلنا في الدنيا سعداء وصالحين، وفي الآخرة فائزين …
… ثم الدعاء
_________________
[1] روى البخاري عن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: (فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال كيف إضاعتها؟ قال: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)}.
[2] روى الحاكم عن عمر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من ولي من أمر المسلمين شيئا ، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله)، وفي رواية: (من قلد رجلا عملا على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه ، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين).
[3] ابن كثير - البداية والنهاية – الجزء السابع، ذكر فتح المدائن.
[4] ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة. حرمة المال العام وثواب صيانته وتنميته
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
____________________________
الحمد لله رب العالمين خلق الكون بقدرته ودبره بأمره ومشيئته وجعل كل ما في الكون من عاليه ودانيه مرهونا بمشيئته . سبحانه سبحانه!!
لا يحدث في كونه إلا ما يريد لأنه عز وجل هو الفعال لما يريد
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اختار لنا خير دين اختاره لخلقه وهو دين الإسلام
جعل فيه لمن اتبعه العز في الدنيا والسعادة الدائمة يوم لقاء الملك العلام
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله و رسوله. النبي الأمي الذي أعجز الحكماء والمتعلمين والعلماء والمفكرين بما جاء به في كتاب رب العالمين
اللهم صل وسلم و بارك علي سيدنا محمد وارزقنا هداه ووفقنا جميعاً للعمل بما جاء به من شرع الله يا الله نحن وأبناءنا وإخواننا والمسلمين أجمعين
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
ونحن في هذا الوقت العصيب من الزمن نحتاج إلى العودة إلى المبادئ القرآنية التي رسخها نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فقد كان صلى الله عليه و سلم يرسخ مبادئ ثابتة لا تتزلزل بها الأمم و لا تتقلب بها المجتمعات وإنما يكونون في سعادة وارفة في الدنيا و في هناءة و مسرات وخيرات ومن جملة هذه المبادئ التي لا غنى لنا عنها جميعا الآن
المبدأ الذي يشير إليه صلى الله عليه و سلم في عدة حوادث في السنن النبوية
فقد أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم
غلاماً يقال له: مِدْعم،
فبينما مدعم يحط رحلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أصابه سهم عائر، فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة،
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه ناراً. فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " شراك من نار أو شراكان من نار "
(متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه )
استأثر بشيء لنفسه دون سائر المسلمين فبيّن صلى الله عليه وسلم أن المال الخاص بالمسلمين والأمة لا ينبغي أن يستأثر به فرد منهم أو عدة أفراد فإذا أخذ لنفسه واستأثر بذلك دون غيره طالبته الأمة جميعاً بحقها يوم لقاء الله
انظر إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
( كان معيقب رضي الله عنه خازن بيت المال في عهد عمر رضي الله عنه، ففي أحد الأيام وهو يكنس بيت المال فوجد درهماً، فأعطاه أحد أبناء عمر رضي الله عنه.
يقول معيقب ثم ذهبت إلى البيت، فهي لحظات فإذا برسول من عمر يطلبني، فلما ذهبت بيته فوجدت عمر والدرهم بيده،
فقال لي: ويحك يا معيقب، أوجدت عليَّ في نفسك سببا؟!، مالي ومالك؟.
فقلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟
فقال: أردت أن تخاصمني أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة؟
كانوا على هذا العهد سائرين ولهذا المبدأ محافظين تولى خلافة المسلمين بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلي أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان تاجراً للخز والحرير فلما تولى الخلافة أصبح حاملاً بضاعته على كتفه ومتوجها بها إلى السوق فقال له عمر إلى أين يا خليفة رسول الله؟ قال إلى السوق قال ولم؟ قال فمن أين أطعم أهلي؟ قال ارجع .
ثم جلس مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقالوا نفرض له فريضة من بيت المال تكفيه و أولاده فقرروا أن يخرجوا له ناقة ذات لبن يأخذون لبنها ليأكلوه وجفنة أي وعاء ليأكلوا فيه و قطيفة جيدة يلتحف بها ويضعها على كتفه وينام عليها فلما ورد عليه وارد الموت استدعى عائشة ابنته
وقال يا عائشة قد علمت اللقحة أي الناقة التي خصصوها لي والوعاء الذي خصصوه لي والقطيفة التي خصصوها لي إذا أنا مت فردوها إلى بيت مال المسلمين لا حاجة لي بها ولا أنتم أيضا لكم بها حاجة فلما ردوها
قال عمر رضي الله عنه. رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك
و سار عمر على هذا المنوال فكان يحاسب أهله حتى على القليل والكثير جاءه من البحرين مسك و عنبر فقال أريد امرأة تجيد الوزن ليوزعه على المسلمين فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد يا أمير المؤمنين أنا أجيد الوزن فقال لها رضي الله عنه أخشى أن تلطخي يديك بالمسك ثم تضعينه على خديك وعلي عارضيك فتكونين قد استأثرت به دون المسلمين
بل إنه رضي الله عنه طلبت منه زوجته أن يشتري لها حلوى فقال لا أجد قالت إني قد ادخرت ثمنها فقال رضي الله عنه وكم ثمنها؟ وأمر أن يقتطع من نصيبه من بيت المال القدر الذي كانت تدخره لتأكل هذه الحلوى
ومع ذلك لم يترك أبناءه فكان يذهب إلى السوق و ينظر إلي ما فيه فنظر ذات يوم فوجد إبلا سمينة فقال لمن هذه قالوا لعبد الله بن عمر فاستدعاه وقال من أين لك هذا يا عبد الله؟ قال اشتريت إبلا هزيلة و تركتها ترعى في المراعي مع إبل المسلمين و المرعى كان عاما يرده كل المسلمين
قال بخ بخ !!
يقول المسلمون وسّعوا لإبل ابن أمير المؤمنين أطعموا إبل ابن أمير المؤمنين اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين
يا عبد الله انظر كم دفعت فيها من الثمن فخذه ورد الباقي إلى بيت مال المسلمين
ولعلنا نقول إن هذا كان في العصر الفاضل فقط
لكن تعالوا بنا إلى عمر بن عبد العزيز يجلس مع أحد الولاة يحدثه في شؤون الرعية وكان موقدا شمعة فلما انتهيا من حديث الرعية و أخذا يتحدثان عن شؤونهم الخاصة فقام عمر وأطفأ الشمعة فقال الرجل لم أطفأت الشمعة يا أمير المؤمنين؟
فقال رضي الله عنه إن هذه الشمعة من بيت مال المسلمين فحينما كنا نتكلم في أمر المسلمين تركتها موقدة
فلما انشغلنا بالحديث الخاص لا يحق لنا أن نستضيء بها وهي من بيت مال المسلمين
هذه الحقيقة يا جماعة المؤمنين نحن أحق بها الآن لكي يرتفع شأننا و لكي تقوم بلادنا و لكي تنهض شؤوننا حتى نكون كما قال الله عز وجل في شأننا
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ " (55 النور)
ظن كثير من الناس في زماننا أنه لا حرمة في المال العام.
والمال العام ملك لجميع الأنام في الدولة وأمانة في عنق الجميع
فالذي يعتدي على الكهرباء فإنما يعتدي على جميع الساكنين في هذه الدولة الآمنين لأن لهم نصيبا فيها, والذي يعتدي على المياه , والذي يعتدي على أي مؤسسة عامة كالمستشفيات والمدارس والجامعات وكل هذه البنايات. والذي ينتفع بمنصبه ويستغل به أهل هذا الوطن فإن إثمه كبير .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين.
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين
الذي أكرمنا بالإسلام وجعلنا من عباده المؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحب من خلقه من كان على خُلقه.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد خير النبيين وإمام المرسلين والشفيع الأعظم لجميع الخلائق يوم الدين.
وبعد أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
إن من أهم الواجبات للمحافظة على المال العام ، أن يولَّى أهل الأمانة قيادة المسلمين، وأن يكون كل والٍ يختار بطانته والعاملين معه من الأمناء من المؤمنين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:
(إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة ـ قالوا: وما وسِّد الأمر لغير أهله يا رسول الله؟ قال: إذا تولَّى من لا يستطيع حمل الأمانة)[1].
ونوَّه النبي صلى الله عليه وسلَّم لكل حاكمٍ ولكل إمامٍ في عمله بأن يختار الأمناء في العمل الذي تحت يديه، وقال لهم مُحذِّراً صلوات ربي وتسليماته عليه:
(من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولَّى عليهم غير أهل لها فقد خان الله ورسوله والمؤمنين)[2].
انظر إلي الأمناء من أمة النبي وكيف كان حالهم وحال أممهم من الخلفاء الراشدين بعد عصر النبي:
هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبعث جيوشه إلى بلاد فارس ويفتح الله على جيشه جيش المؤمنين مدينة المدائن عاصمة بلاد فارس، وهي موطن كسرى وموضع قصوره وكنوزه فدخل الجُند فاتحين، واستولوا على كل شيءٍ وجدوه في القصور وفي الكنوز وأتوا به إلى قائدهم، لم يُخبِّئ واحدٌ منهم حتى إبرةً وجدها فمشت القوافل تحمل هذه الغنائم على الإبل، وكان أولها في المدينة المنورة، وآخرها في بلاد فارس، فعندما رأى أصحاب النبي في المدينة هذه الكنوز وما تحويه من غرائب لم يسمعوا عنها من قبل، قال الإمام عمر:
(إن قوماً أدُّوا هذا لأمناء). فقال الإمام عليٌّ: (عففت فعفَّت رعيتك يا أمير المؤمنين)[3].
وهذا عليُّ رضى الله عنه عندما تولَّى الخلافة، جاءه أخوه لأبيه وأمه عُقيل بن أبي طالب، ومعه ولدٌ من أولاده يطمع في عطاءٍ مما تحت يديه من أموال المسلمين، وعندما جلس وكان قد كُفَّ بصره أمر ابنه أن يتنحَّى عنهما، وقال: يا عقيل خذ، قال عقيل: ففرحت وظننتُ أنه سيُعطيني صُرةً كبيرةً مليئةً بالأموال، وإذا به يضع في يدي حديدة ساخنة، ففزعت وصحت وخُرت كما يخور الثور، وقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟!!. قال: عجباً لك، لا تتحمَّل حديدةً حمَّيناها بنار الدنيا، فكيف تتحمَّل سلاسل وأغلالاً أعدها الله في الآخرة لمن خان الله ورسوله وخان المسلمين؟!!، ليس لك عندي إلا ما رأيت، اذهب ولا أراك مرةً ثانية[4].
ما أعدل هؤلاء الذين ربَّاهم أمير الرسل والأنبياء
فينبغي أن يكون كل فرد منا على هذه الأخلاق !!
فإذا كنا كذلك فإن الله عز وجل سيُصلح أحوالنا، وينزِّل خيراتٍ وبركاتٍ من السماء علينا ولنا، ويجعلنا في الدنيا سعداء وصالحين، وفي الآخرة فائزين …
… ثم الدعاء
_________________
[1] روى البخاري عن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: (فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال كيف إضاعتها؟ قال: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)}.
[2] روى الحاكم عن عمر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من ولي من أمر المسلمين شيئا ، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله)، وفي رواية: (من قلد رجلا عملا على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه ، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين).
[3] ابن كثير - البداية والنهاية – الجزء السابع، ذكر فتح المدائن.
[4] ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة.
*********************************
للمزيد من الخطب الدخول على الرابط التالي
http://www.fawzyabuzeid.com/…/%d8%ae%d8%b7%d8%a8-%d8%a7%d9…/
*********************************
للمزيد من الخطب الدخول على الرابط التالي
http://www.fawzyabuzeid.com/…/%d8%ae%d8%b7%d8%a8-%d8%a7%d9…/
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
____________________________
الحمد لله رب العالمين خلق الكون بقدرته ودبره بأمره ومشيئته وجعل كل ما في الكون من عاليه ودانيه مرهونا بمشيئته . سبحانه سبحانه!!
لا يحدث في كونه إلا ما يريد لأنه عز وجل هو الفعال لما يريد
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اختار لنا خير دين اختاره لخلقه وهو دين الإسلام
جعل فيه لمن اتبعه العز في الدنيا والسعادة الدائمة يوم لقاء الملك العلام
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله و رسوله. النبي الأمي الذي أعجز الحكماء والمتعلمين والعلماء والمفكرين بما جاء به في كتاب رب العالمين
اللهم صل وسلم و بارك علي سيدنا محمد وارزقنا هداه ووفقنا جميعاً للعمل بما جاء به من شرع الله يا الله نحن وأبناءنا وإخواننا والمسلمين أجمعين
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
ونحن في هذا الوقت العصيب من الزمن نحتاج إلى العودة إلى المبادئ القرآنية التي رسخها نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فقد كان صلى الله عليه و سلم يرسخ مبادئ ثابتة لا تتزلزل بها الأمم و لا تتقلب بها المجتمعات وإنما يكونون في سعادة وارفة في الدنيا و في هناءة و مسرات وخيرات ومن جملة هذه المبادئ التي لا غنى لنا عنها جميعا الآن
المبدأ الذي يشير إليه صلى الله عليه و سلم في عدة حوادث في السنن النبوية
فقد أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم
غلاماً يقال له: مِدْعم،
فبينما مدعم يحط رحلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أصابه سهم عائر، فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة،
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه ناراً. فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " شراك من نار أو شراكان من نار "
(متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه )
استأثر بشيء لنفسه دون سائر المسلمين فبيّن صلى الله عليه وسلم أن المال الخاص بالمسلمين والأمة لا ينبغي أن يستأثر به فرد منهم أو عدة أفراد فإذا أخذ لنفسه واستأثر بذلك دون غيره طالبته الأمة جميعاً بحقها يوم لقاء الله
انظر إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
( كان معيقب رضي الله عنه خازن بيت المال في عهد عمر رضي الله عنه، ففي أحد الأيام وهو يكنس بيت المال فوجد درهماً، فأعطاه أحد أبناء عمر رضي الله عنه.
يقول معيقب ثم ذهبت إلى البيت، فهي لحظات فإذا برسول من عمر يطلبني، فلما ذهبت بيته فوجدت عمر والدرهم بيده،
فقال لي: ويحك يا معيقب، أوجدت عليَّ في نفسك سببا؟!، مالي ومالك؟.
فقلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟
فقال: أردت أن تخاصمني أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة؟
كانوا على هذا العهد سائرين ولهذا المبدأ محافظين تولى خلافة المسلمين بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلي أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان تاجراً للخز والحرير فلما تولى الخلافة أصبح حاملاً بضاعته على كتفه ومتوجها بها إلى السوق فقال له عمر إلى أين يا خليفة رسول الله؟ قال إلى السوق قال ولم؟ قال فمن أين أطعم أهلي؟ قال ارجع .
ثم جلس مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقالوا نفرض له فريضة من بيت المال تكفيه و أولاده فقرروا أن يخرجوا له ناقة ذات لبن يأخذون لبنها ليأكلوه وجفنة أي وعاء ليأكلوا فيه و قطيفة جيدة يلتحف بها ويضعها على كتفه وينام عليها فلما ورد عليه وارد الموت استدعى عائشة ابنته
وقال يا عائشة قد علمت اللقحة أي الناقة التي خصصوها لي والوعاء الذي خصصوه لي والقطيفة التي خصصوها لي إذا أنا مت فردوها إلى بيت مال المسلمين لا حاجة لي بها ولا أنتم أيضا لكم بها حاجة فلما ردوها
قال عمر رضي الله عنه. رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك
و سار عمر على هذا المنوال فكان يحاسب أهله حتى على القليل والكثير جاءه من البحرين مسك و عنبر فقال أريد امرأة تجيد الوزن ليوزعه على المسلمين فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد يا أمير المؤمنين أنا أجيد الوزن فقال لها رضي الله عنه أخشى أن تلطخي يديك بالمسك ثم تضعينه على خديك وعلي عارضيك فتكونين قد استأثرت به دون المسلمين
بل إنه رضي الله عنه طلبت منه زوجته أن يشتري لها حلوى فقال لا أجد قالت إني قد ادخرت ثمنها فقال رضي الله عنه وكم ثمنها؟ وأمر أن يقتطع من نصيبه من بيت المال القدر الذي كانت تدخره لتأكل هذه الحلوى
ومع ذلك لم يترك أبناءه فكان يذهب إلى السوق و ينظر إلي ما فيه فنظر ذات يوم فوجد إبلا سمينة فقال لمن هذه قالوا لعبد الله بن عمر فاستدعاه وقال من أين لك هذا يا عبد الله؟ قال اشتريت إبلا هزيلة و تركتها ترعى في المراعي مع إبل المسلمين و المرعى كان عاما يرده كل المسلمين
قال بخ بخ !!
يقول المسلمون وسّعوا لإبل ابن أمير المؤمنين أطعموا إبل ابن أمير المؤمنين اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين
يا عبد الله انظر كم دفعت فيها من الثمن فخذه ورد الباقي إلى بيت مال المسلمين
ولعلنا نقول إن هذا كان في العصر الفاضل فقط
لكن تعالوا بنا إلى عمر بن عبد العزيز يجلس مع أحد الولاة يحدثه في شؤون الرعية وكان موقدا شمعة فلما انتهيا من حديث الرعية و أخذا يتحدثان عن شؤونهم الخاصة فقام عمر وأطفأ الشمعة فقال الرجل لم أطفأت الشمعة يا أمير المؤمنين؟
فقال رضي الله عنه إن هذه الشمعة من بيت مال المسلمين فحينما كنا نتكلم في أمر المسلمين تركتها موقدة
فلما انشغلنا بالحديث الخاص لا يحق لنا أن نستضيء بها وهي من بيت مال المسلمين
هذه الحقيقة يا جماعة المؤمنين نحن أحق بها الآن لكي يرتفع شأننا و لكي تقوم بلادنا و لكي تنهض شؤوننا حتى نكون كما قال الله عز وجل في شأننا
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ " (55 النور)
ظن كثير من الناس في زماننا أنه لا حرمة في المال العام.
والمال العام ملك لجميع الأنام في الدولة وأمانة في عنق الجميع
فالذي يعتدي على الكهرباء فإنما يعتدي على جميع الساكنين في هذه الدولة الآمنين لأن لهم نصيبا فيها, والذي يعتدي على المياه , والذي يعتدي على أي مؤسسة عامة كالمستشفيات والمدارس والجامعات وكل هذه البنايات. والذي ينتفع بمنصبه ويستغل به أهل هذا الوطن فإن إثمه كبير .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين.
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين
الذي أكرمنا بالإسلام وجعلنا من عباده المؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحب من خلقه من كان على خُلقه.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد خير النبيين وإمام المرسلين والشفيع الأعظم لجميع الخلائق يوم الدين.
وبعد أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
إن من أهم الواجبات للمحافظة على المال العام ، أن يولَّى أهل الأمانة قيادة المسلمين، وأن يكون كل والٍ يختار بطانته والعاملين معه من الأمناء من المؤمنين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:
(إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة ـ قالوا: وما وسِّد الأمر لغير أهله يا رسول الله؟ قال: إذا تولَّى من لا يستطيع حمل الأمانة)[1].
ونوَّه النبي صلى الله عليه وسلَّم لكل حاكمٍ ولكل إمامٍ في عمله بأن يختار الأمناء في العمل الذي تحت يديه، وقال لهم مُحذِّراً صلوات ربي وتسليماته عليه:
(من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولَّى عليهم غير أهل لها فقد خان الله ورسوله والمؤمنين)[2].
انظر إلي الأمناء من أمة النبي وكيف كان حالهم وحال أممهم من الخلفاء الراشدين بعد عصر النبي:
هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبعث جيوشه إلى بلاد فارس ويفتح الله على جيشه جيش المؤمنين مدينة المدائن عاصمة بلاد فارس، وهي موطن كسرى وموضع قصوره وكنوزه فدخل الجُند فاتحين، واستولوا على كل شيءٍ وجدوه في القصور وفي الكنوز وأتوا به إلى قائدهم، لم يُخبِّئ واحدٌ منهم حتى إبرةً وجدها فمشت القوافل تحمل هذه الغنائم على الإبل، وكان أولها في المدينة المنورة، وآخرها في بلاد فارس، فعندما رأى أصحاب النبي في المدينة هذه الكنوز وما تحويه من غرائب لم يسمعوا عنها من قبل، قال الإمام عمر:
(إن قوماً أدُّوا هذا لأمناء). فقال الإمام عليٌّ: (عففت فعفَّت رعيتك يا أمير المؤمنين)[3].
وهذا عليُّ رضى الله عنه عندما تولَّى الخلافة، جاءه أخوه لأبيه وأمه عُقيل بن أبي طالب، ومعه ولدٌ من أولاده يطمع في عطاءٍ مما تحت يديه من أموال المسلمين، وعندما جلس وكان قد كُفَّ بصره أمر ابنه أن يتنحَّى عنهما، وقال: يا عقيل خذ، قال عقيل: ففرحت وظننتُ أنه سيُعطيني صُرةً كبيرةً مليئةً بالأموال، وإذا به يضع في يدي حديدة ساخنة، ففزعت وصحت وخُرت كما يخور الثور، وقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟!!. قال: عجباً لك، لا تتحمَّل حديدةً حمَّيناها بنار الدنيا، فكيف تتحمَّل سلاسل وأغلالاً أعدها الله في الآخرة لمن خان الله ورسوله وخان المسلمين؟!!، ليس لك عندي إلا ما رأيت، اذهب ولا أراك مرةً ثانية[4].
ما أعدل هؤلاء الذين ربَّاهم أمير الرسل والأنبياء
فينبغي أن يكون كل فرد منا على هذه الأخلاق !!
فإذا كنا كذلك فإن الله عز وجل سيُصلح أحوالنا، وينزِّل خيراتٍ وبركاتٍ من السماء علينا ولنا، ويجعلنا في الدنيا سعداء وصالحين، وفي الآخرة فائزين …
… ثم الدعاء
_________________
[1] روى البخاري عن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: (فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال كيف إضاعتها؟ قال: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)}.
[2] روى الحاكم عن عمر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من ولي من أمر المسلمين شيئا ، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله)، وفي رواية: (من قلد رجلا عملا على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه ، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين).
[3] ابن كثير - البداية والنهاية – الجزء السابع، ذكر فتح المدائن.
[4] ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة. حرمة المال العام وثواب صيانته وتنميته
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
____________________________
الحمد لله رب العالمين خلق الكون بقدرته ودبره بأمره ومشيئته وجعل كل ما في الكون من عاليه ودانيه مرهونا بمشيئته . سبحانه سبحانه!!
لا يحدث في كونه إلا ما يريد لأنه عز وجل هو الفعال لما يريد
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اختار لنا خير دين اختاره لخلقه وهو دين الإسلام
جعل فيه لمن اتبعه العز في الدنيا والسعادة الدائمة يوم لقاء الملك العلام
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله و رسوله. النبي الأمي الذي أعجز الحكماء والمتعلمين والعلماء والمفكرين بما جاء به في كتاب رب العالمين
اللهم صل وسلم و بارك علي سيدنا محمد وارزقنا هداه ووفقنا جميعاً للعمل بما جاء به من شرع الله يا الله نحن وأبناءنا وإخواننا والمسلمين أجمعين
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
ونحن في هذا الوقت العصيب من الزمن نحتاج إلى العودة إلى المبادئ القرآنية التي رسخها نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فقد كان صلى الله عليه و سلم يرسخ مبادئ ثابتة لا تتزلزل بها الأمم و لا تتقلب بها المجتمعات وإنما يكونون في سعادة وارفة في الدنيا و في هناءة و مسرات وخيرات ومن جملة هذه المبادئ التي لا غنى لنا عنها جميعا الآن
المبدأ الذي يشير إليه صلى الله عليه و سلم في عدة حوادث في السنن النبوية
فقد أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم
غلاماً يقال له: مِدْعم،
فبينما مدعم يحط رحلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أصابه سهم عائر، فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة،
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه ناراً. فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " شراك من نار أو شراكان من نار "
(متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه )
استأثر بشيء لنفسه دون سائر المسلمين فبيّن صلى الله عليه وسلم أن المال الخاص بالمسلمين والأمة لا ينبغي أن يستأثر به فرد منهم أو عدة أفراد فإذا أخذ لنفسه واستأثر بذلك دون غيره طالبته الأمة جميعاً بحقها يوم لقاء الله
انظر إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
( كان معيقب رضي الله عنه خازن بيت المال في عهد عمر رضي الله عنه، ففي أحد الأيام وهو يكنس بيت المال فوجد درهماً، فأعطاه أحد أبناء عمر رضي الله عنه.
يقول معيقب ثم ذهبت إلى البيت، فهي لحظات فإذا برسول من عمر يطلبني، فلما ذهبت بيته فوجدت عمر والدرهم بيده،
فقال لي: ويحك يا معيقب، أوجدت عليَّ في نفسك سببا؟!، مالي ومالك؟.
فقلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟
فقال: أردت أن تخاصمني أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة؟
كانوا على هذا العهد سائرين ولهذا المبدأ محافظين تولى خلافة المسلمين بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلي أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان تاجراً للخز والحرير فلما تولى الخلافة أصبح حاملاً بضاعته على كتفه ومتوجها بها إلى السوق فقال له عمر إلى أين يا خليفة رسول الله؟ قال إلى السوق قال ولم؟ قال فمن أين أطعم أهلي؟ قال ارجع .
ثم جلس مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقالوا نفرض له فريضة من بيت المال تكفيه و أولاده فقرروا أن يخرجوا له ناقة ذات لبن يأخذون لبنها ليأكلوه وجفنة أي وعاء ليأكلوا فيه و قطيفة جيدة يلتحف بها ويضعها على كتفه وينام عليها فلما ورد عليه وارد الموت استدعى عائشة ابنته
وقال يا عائشة قد علمت اللقحة أي الناقة التي خصصوها لي والوعاء الذي خصصوه لي والقطيفة التي خصصوها لي إذا أنا مت فردوها إلى بيت مال المسلمين لا حاجة لي بها ولا أنتم أيضا لكم بها حاجة فلما ردوها
قال عمر رضي الله عنه. رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك
و سار عمر على هذا المنوال فكان يحاسب أهله حتى على القليل والكثير جاءه من البحرين مسك و عنبر فقال أريد امرأة تجيد الوزن ليوزعه على المسلمين فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد يا أمير المؤمنين أنا أجيد الوزن فقال لها رضي الله عنه أخشى أن تلطخي يديك بالمسك ثم تضعينه على خديك وعلي عارضيك فتكونين قد استأثرت به دون المسلمين
بل إنه رضي الله عنه طلبت منه زوجته أن يشتري لها حلوى فقال لا أجد قالت إني قد ادخرت ثمنها فقال رضي الله عنه وكم ثمنها؟ وأمر أن يقتطع من نصيبه من بيت المال القدر الذي كانت تدخره لتأكل هذه الحلوى
ومع ذلك لم يترك أبناءه فكان يذهب إلى السوق و ينظر إلي ما فيه فنظر ذات يوم فوجد إبلا سمينة فقال لمن هذه قالوا لعبد الله بن عمر فاستدعاه وقال من أين لك هذا يا عبد الله؟ قال اشتريت إبلا هزيلة و تركتها ترعى في المراعي مع إبل المسلمين و المرعى كان عاما يرده كل المسلمين
قال بخ بخ !!
يقول المسلمون وسّعوا لإبل ابن أمير المؤمنين أطعموا إبل ابن أمير المؤمنين اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين
يا عبد الله انظر كم دفعت فيها من الثمن فخذه ورد الباقي إلى بيت مال المسلمين
ولعلنا نقول إن هذا كان في العصر الفاضل فقط
لكن تعالوا بنا إلى عمر بن عبد العزيز يجلس مع أحد الولاة يحدثه في شؤون الرعية وكان موقدا شمعة فلما انتهيا من حديث الرعية و أخذا يتحدثان عن شؤونهم الخاصة فقام عمر وأطفأ الشمعة فقال الرجل لم أطفأت الشمعة يا أمير المؤمنين؟
فقال رضي الله عنه إن هذه الشمعة من بيت مال المسلمين فحينما كنا نتكلم في أمر المسلمين تركتها موقدة
فلما انشغلنا بالحديث الخاص لا يحق لنا أن نستضيء بها وهي من بيت مال المسلمين
هذه الحقيقة يا جماعة المؤمنين نحن أحق بها الآن لكي يرتفع شأننا و لكي تقوم بلادنا و لكي تنهض شؤوننا حتى نكون كما قال الله عز وجل في شأننا
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ " (55 النور)
ظن كثير من الناس في زماننا أنه لا حرمة في المال العام.
والمال العام ملك لجميع الأنام في الدولة وأمانة في عنق الجميع
فالذي يعتدي على الكهرباء فإنما يعتدي على جميع الساكنين في هذه الدولة الآمنين لأن لهم نصيبا فيها, والذي يعتدي على المياه , والذي يعتدي على أي مؤسسة عامة كالمستشفيات والمدارس والجامعات وكل هذه البنايات. والذي ينتفع بمنصبه ويستغل به أهل هذا الوطن فإن إثمه كبير .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين.
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين
الذي أكرمنا بالإسلام وجعلنا من عباده المؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحب من خلقه من كان على خُلقه.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد خير النبيين وإمام المرسلين والشفيع الأعظم لجميع الخلائق يوم الدين.
وبعد أيها الأحبة جماعة المؤمنين:
إن من أهم الواجبات للمحافظة على المال العام ، أن يولَّى أهل الأمانة قيادة المسلمين، وأن يكون كل والٍ يختار بطانته والعاملين معه من الأمناء من المؤمنين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:
(إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة ـ قالوا: وما وسِّد الأمر لغير أهله يا رسول الله؟ قال: إذا تولَّى من لا يستطيع حمل الأمانة)[1].
ونوَّه النبي صلى الله عليه وسلَّم لكل حاكمٍ ولكل إمامٍ في عمله بأن يختار الأمناء في العمل الذي تحت يديه، وقال لهم مُحذِّراً صلوات ربي وتسليماته عليه:
(من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولَّى عليهم غير أهل لها فقد خان الله ورسوله والمؤمنين)[2].
انظر إلي الأمناء من أمة النبي وكيف كان حالهم وحال أممهم من الخلفاء الراشدين بعد عصر النبي:
هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبعث جيوشه إلى بلاد فارس ويفتح الله على جيشه جيش المؤمنين مدينة المدائن عاصمة بلاد فارس، وهي موطن كسرى وموضع قصوره وكنوزه فدخل الجُند فاتحين، واستولوا على كل شيءٍ وجدوه في القصور وفي الكنوز وأتوا به إلى قائدهم، لم يُخبِّئ واحدٌ منهم حتى إبرةً وجدها فمشت القوافل تحمل هذه الغنائم على الإبل، وكان أولها في المدينة المنورة، وآخرها في بلاد فارس، فعندما رأى أصحاب النبي في المدينة هذه الكنوز وما تحويه من غرائب لم يسمعوا عنها من قبل، قال الإمام عمر:
(إن قوماً أدُّوا هذا لأمناء). فقال الإمام عليٌّ: (عففت فعفَّت رعيتك يا أمير المؤمنين)[3].
وهذا عليُّ رضى الله عنه عندما تولَّى الخلافة، جاءه أخوه لأبيه وأمه عُقيل بن أبي طالب، ومعه ولدٌ من أولاده يطمع في عطاءٍ مما تحت يديه من أموال المسلمين، وعندما جلس وكان قد كُفَّ بصره أمر ابنه أن يتنحَّى عنهما، وقال: يا عقيل خذ، قال عقيل: ففرحت وظننتُ أنه سيُعطيني صُرةً كبيرةً مليئةً بالأموال، وإذا به يضع في يدي حديدة ساخنة، ففزعت وصحت وخُرت كما يخور الثور، وقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟!!. قال: عجباً لك، لا تتحمَّل حديدةً حمَّيناها بنار الدنيا، فكيف تتحمَّل سلاسل وأغلالاً أعدها الله في الآخرة لمن خان الله ورسوله وخان المسلمين؟!!، ليس لك عندي إلا ما رأيت، اذهب ولا أراك مرةً ثانية[4].
ما أعدل هؤلاء الذين ربَّاهم أمير الرسل والأنبياء
فينبغي أن يكون كل فرد منا على هذه الأخلاق !!
فإذا كنا كذلك فإن الله عز وجل سيُصلح أحوالنا، وينزِّل خيراتٍ وبركاتٍ من السماء علينا ولنا، ويجعلنا في الدنيا سعداء وصالحين، وفي الآخرة فائزين …
… ثم الدعاء
_________________
[1] روى البخاري عن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: (فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال كيف إضاعتها؟ قال: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)}.
[2] روى الحاكم عن عمر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من ولي من أمر المسلمين شيئا ، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله)، وفي رواية: (من قلد رجلا عملا على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه ، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين).
[3] ابن كثير - البداية والنهاية – الجزء السابع، ذكر فتح المدائن.
[4] ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة.
*********************************
للمزيد من الخطب الدخول على الرابط التالي
http://www.fawzyabuzeid.com/…/%d8%ae%d8%b7%d8%a8-%d8%a7%d9…/
*********************************
للمزيد من الخطب الدخول على الرابط التالي
http://www.fawzyabuzeid.com/…/%d8%ae%d8%b7%d8%a8-%d8%a7%d9…/