المال الطيب
-----
السؤال: قال (ﷺ): {لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ}[1]نرجوا توضيح ذلك؟
===============================
مَن أذكى إنسانٌ ظهر في الوجود؟
سيدنا ومولانا رسول الله (ﷺ).
ومن أذكى الناس بعده؟
الأنبياء والمرسلين عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
ومن أذكى الناس بعدهم؟
-----------الصالحين (رضي الله عنهم) أجمعين.
لكن توجد نبرة موجودة في المجتمع، وهي مصيبة لو أُصيب بها السالكين، فيظنون أن الصالحين لأنهم يتظاهرون بالطيبة، ومن أخلاقهم الطيِّبة التغاضي، فيعرف أن هذا كذا وكذا ويتغاضى، لماذا؟
-----------لأنه قد يرجع وقد يتوب.
والمصيبة الكبرى أنهم يظنون أنهم أناس طيبين ولا يعرفون شيئًا، ويقولون قد نضحك عليهم ونأخذ منهم كذا، ونأخذ من ورائهم كذا، لكن هذه مصيبة عُظمى لو وقع فيها المريد يبكي على نفسه دمًا، وليس دمعًا.
سيدنا رسول الله (ﷺ) بعد فتح مكة توجَّه إلى فتح الطائف، وفي غزوة حُنين غنم مغانم كثيرة، فكان فيها اختبار، وهو (ﷺ) كان له سلاح لتأليف القلوب، فكان يُعطي الذين لم تنشرح صدورهم للإسلام بعد ليزيل غصة الكفر التي عندهم ويدخلون في الإسلام.
حتى أعطى رجلًا غنمًا بين جبلين، والرجل عندما أخذ الغنم قال:
{ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ } [2]
وفي رواية أخرى:
{ مَا طَابَتْ نَفْسُ أَحَدٍ بِمِثْلِ هَذَا إِلَّا نَفْسَ نَبِيٍّ }[3]
لا تجود بهذا إلا نفس نبي، لأن النبي يريد أن يصل إلى هذه، فلا يوجد أحدٌ من البشر يُعطي أحدًا غنمًا بين جبلين، صفوان بن أمية يقول:
{ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَوْمَ حُنَيْنٍ وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ }[4]
------- يعرف أن هذا السلاح هو الذي سيجذب هذا الرجل.
فبعض الصادقين من عشمه رأى أنها فرصة ليأخذ كما يأخذون، فأحد المؤمنين الصادقين وكان اسمه حكيم بن حزام (رضي الله عنه )، قال:
{ سَأَلْتُ النَّبِيَّ (ﷺ) فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى }[5]
طلب من النبي فأعطاه، وكرر الطلب، وهذا لا يصح لأن له حال، وهم لهم أحوال ،وهذه الجزئية التي أريد أن أنصح نفسي وإخواني بها، فمعظم أفراد المجتمع واقعين في هذه الخطيئة، فهو يريد المال سواء بطيب نفس، أو رغمًا عنه ليس مهمًا، لكن الإسلام ليس هكذا، فهذا المال لا يحل إلا بطيب نفس.
كما يحدث الآن من بعض الأصدقاء، يعملون في مكان وأحدهم عنده ظروف، أو يريدون عمل حفل له لأنه سيُحال إلى التقاعد أو ما شابه ذلك، فيأتي بعض زملائه ويجمعون له مال، يا فلان نريد منك كذا، ويا فلان نريد منك كذا، لكن كما ورد بالأثر: ((كل ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام)).
لماذا تحرجهم؟ تريد أن تعمل حفلًا تقول: أيها الناس أريد أن أعمل حفلًا لفلان، والذي يُريد أن يتبرع يتبرع بما تجود به نفسه، وأنا لن أُطلع أحدًا على الكشف الذي فيه التبرعات، وهذا هو الإسلام، كل واحد يجود بما تجود به نفسه.
لكن هل أقول: يا فلان هات خمسين جنيهًا، فيُخرج خمسين، ثم أقول له: أنت رجل ميسور فاجعلهم مائة جنيهًا، فيخرجها وهو غير راض عن هذه المائة.
أمر عادي يحدث من أحبابنا كلهم عندما يكونوا مسافرين في طريق، ومشايخنا رضي الله عنهم كانوا يوصوننا عند السفر فيقولون: كل واحد يدفع أجرته عن نفسه، ولا أحد يحرج أحدًا، لكن البعض في السفر يقولون: حاسب يا فلان وسنحاسبك، فيحاسب فلان، ثم يهربون من الحساب ويميتوا الأمر، ومن يفعل ذلك ما شأنه وشأن شميم الصالحين؟!
------------لا ينفع هذا في طريق القوم، فالظلم ظلماتٌ يوم القيامة.
يكونوا راكبين سيارة أجرة، فيجامل أحدهم ويقول: سوف أدفع لك يا فلان، أو يا فلان ادفع لي، فيدفع له، ثم يحاول أن يعطيه فيقول له مجاملة خلي، فيوافق، فهل يصح هذا الكلام في طريق الله!؟
------------ هذا سُحت والعياذ بالله، هذا الذي يقول فيه الحديث:
{ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ }[6]
------------ لا بد للإنسان الذي يُخرج هذا المال أو الذي نأخذ منه هذا المال أن يكون راضيًا.
============================
[1] سنن الدارقطني ومسند أحمدعن أنس رضي عنه
[2] صحيح مسلم ومسند أحمد عن أنس رضي الله عنه
[3] سير أعلام النبلاء
[4] سنن الترمذي ومسند أحمد
[5] البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام رضي الله عنه
[6] سنن الدارقطني ومسند أحمدعن أنس رضي عنه
============================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله
===============
-----
السؤال: قال (ﷺ): {لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ}[1]نرجوا توضيح ذلك؟
===============================
مَن أذكى إنسانٌ ظهر في الوجود؟
سيدنا ومولانا رسول الله (ﷺ).
ومن أذكى الناس بعده؟
الأنبياء والمرسلين عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
ومن أذكى الناس بعدهم؟
-----------الصالحين (رضي الله عنهم) أجمعين.
لكن توجد نبرة موجودة في المجتمع، وهي مصيبة لو أُصيب بها السالكين، فيظنون أن الصالحين لأنهم يتظاهرون بالطيبة، ومن أخلاقهم الطيِّبة التغاضي، فيعرف أن هذا كذا وكذا ويتغاضى، لماذا؟
-----------لأنه قد يرجع وقد يتوب.
والمصيبة الكبرى أنهم يظنون أنهم أناس طيبين ولا يعرفون شيئًا، ويقولون قد نضحك عليهم ونأخذ منهم كذا، ونأخذ من ورائهم كذا، لكن هذه مصيبة عُظمى لو وقع فيها المريد يبكي على نفسه دمًا، وليس دمعًا.
سيدنا رسول الله (ﷺ) بعد فتح مكة توجَّه إلى فتح الطائف، وفي غزوة حُنين غنم مغانم كثيرة، فكان فيها اختبار، وهو (ﷺ) كان له سلاح لتأليف القلوب، فكان يُعطي الذين لم تنشرح صدورهم للإسلام بعد ليزيل غصة الكفر التي عندهم ويدخلون في الإسلام.
حتى أعطى رجلًا غنمًا بين جبلين، والرجل عندما أخذ الغنم قال:
{ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ } [2]
وفي رواية أخرى:
{ مَا طَابَتْ نَفْسُ أَحَدٍ بِمِثْلِ هَذَا إِلَّا نَفْسَ نَبِيٍّ }[3]
لا تجود بهذا إلا نفس نبي، لأن النبي يريد أن يصل إلى هذه، فلا يوجد أحدٌ من البشر يُعطي أحدًا غنمًا بين جبلين، صفوان بن أمية يقول:
{ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَوْمَ حُنَيْنٍ وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ }[4]
------- يعرف أن هذا السلاح هو الذي سيجذب هذا الرجل.
فبعض الصادقين من عشمه رأى أنها فرصة ليأخذ كما يأخذون، فأحد المؤمنين الصادقين وكان اسمه حكيم بن حزام (رضي الله عنه )، قال:
{ سَأَلْتُ النَّبِيَّ (ﷺ) فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى }[5]
طلب من النبي فأعطاه، وكرر الطلب، وهذا لا يصح لأن له حال، وهم لهم أحوال ،وهذه الجزئية التي أريد أن أنصح نفسي وإخواني بها، فمعظم أفراد المجتمع واقعين في هذه الخطيئة، فهو يريد المال سواء بطيب نفس، أو رغمًا عنه ليس مهمًا، لكن الإسلام ليس هكذا، فهذا المال لا يحل إلا بطيب نفس.
كما يحدث الآن من بعض الأصدقاء، يعملون في مكان وأحدهم عنده ظروف، أو يريدون عمل حفل له لأنه سيُحال إلى التقاعد أو ما شابه ذلك، فيأتي بعض زملائه ويجمعون له مال، يا فلان نريد منك كذا، ويا فلان نريد منك كذا، لكن كما ورد بالأثر: ((كل ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام)).
لماذا تحرجهم؟ تريد أن تعمل حفلًا تقول: أيها الناس أريد أن أعمل حفلًا لفلان، والذي يُريد أن يتبرع يتبرع بما تجود به نفسه، وأنا لن أُطلع أحدًا على الكشف الذي فيه التبرعات، وهذا هو الإسلام، كل واحد يجود بما تجود به نفسه.
لكن هل أقول: يا فلان هات خمسين جنيهًا، فيُخرج خمسين، ثم أقول له: أنت رجل ميسور فاجعلهم مائة جنيهًا، فيخرجها وهو غير راض عن هذه المائة.
أمر عادي يحدث من أحبابنا كلهم عندما يكونوا مسافرين في طريق، ومشايخنا رضي الله عنهم كانوا يوصوننا عند السفر فيقولون: كل واحد يدفع أجرته عن نفسه، ولا أحد يحرج أحدًا، لكن البعض في السفر يقولون: حاسب يا فلان وسنحاسبك، فيحاسب فلان، ثم يهربون من الحساب ويميتوا الأمر، ومن يفعل ذلك ما شأنه وشأن شميم الصالحين؟!
------------لا ينفع هذا في طريق القوم، فالظلم ظلماتٌ يوم القيامة.
يكونوا راكبين سيارة أجرة، فيجامل أحدهم ويقول: سوف أدفع لك يا فلان، أو يا فلان ادفع لي، فيدفع له، ثم يحاول أن يعطيه فيقول له مجاملة خلي، فيوافق، فهل يصح هذا الكلام في طريق الله!؟
------------ هذا سُحت والعياذ بالله، هذا الذي يقول فيه الحديث:
{ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ }[6]
------------ لا بد للإنسان الذي يُخرج هذا المال أو الذي نأخذ منه هذا المال أن يكون راضيًا.
============================
[1] سنن الدارقطني ومسند أحمدعن أنس رضي عنه
[2] صحيح مسلم ومسند أحمد عن أنس رضي الله عنه
[3] سير أعلام النبلاء
[4] سنن الترمذي ومسند أحمد
[5] البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام رضي الله عنه
[6] سنن الدارقطني ومسند أحمدعن أنس رضي عنه
============================
كتاب الإلهام في أجوبة الكرام
لفضيلة الشيخ/فوزى محمد أبوزيد
إمام الجمعية العامـة للدعـوة إلى الله
===============