روى حديثٌ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول فيه:
(رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ وَشَعْبَانُ شَهْرِي وَرَمَضَانُ شَهْرُ أُمَّتِي)
(أبو الفتح بن أبي الفوارس في آماليه عن الحسن مرسلاً في كتاب جامع الأحاديث والفتح الكبير).
فَلِمَ نسب الحبيب صلَّى الله عليه وسلَّم هذا الشهر بالذات إلى الله؟ مع أن الأشهر كلَّها والليالي والأيام جميعها، والخَلْقَ والزمان والمكان، بل والملائكة والإنس والجان كلَّها مِلْكٌ للرحمن عزَّ وجلَّ؟
فَلِمَ نسب هذا الشهر بالذات إلى الله؟ لأنه شهر التوبة، وهو الشهر الذي يخصُّه الله عزَّ وجلَّ بمزيد مِنْ المغفرة والرحمة لعباده المؤمنين، يفتح فيه أبواب التوبة وكنوز العفو، ويسع الناس جميعاً باسمه الغفور الرحيم، إذا أتوا حضرته مبادرين تائبين منيبين إلى الله عزَّ وجلَّ.
فهذا الشهر هو شهر التوبة، فالمؤمن الكامل الإيمان الذي يسمع عن الله كلامه في القرآن وسمع الله عزَّ وجلَّ وهو يقول:
(إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (222البقرة)،
يرعى سمعه هذا الخطاب فلم يَقُلْ الله عزَّ وجلَّ إن الله يحب التائبين، لأنه لو قال
(إن الله يحب التائبين) كانت التوبة لمرة واحدة في العمر،
فإذا تاب ثم رجع إلى المعاصي وتاب لم يقبل الله منه
لكن الله فتح الباب للأحباب، وقال: (التوَّابين)، أي: بصيغة المبالغة، يعنى: كثيرى التوبة المداومين على التوبة، كلما أذنبوا ذنباً علموا أن هناك ربًّا يغفر الذنوب، فرجعوا إليه تائبين، فيغفر لهم هذا الذنب، فإذا ضاقت بهم نفوسهم، وساقتهم جوارحهم بعد التوبة للذنوب، رجعوا مرة أخرى إلى الله، وتابوا وأنابوا، فيَمُنُّ عليهم بالتوبة عزَّ وجلَّ إلى ما شاء الله. قال صلَّى الله عليه وسلَّم قال الله عزَّ وجلَّ في حديثه القدسي:
(لَوْلاَ أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ، مَا خَلَّيْتُ بَيْنَ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الذَّنْب)
(جامع الأحاديث والمراسيل ورواه الشيخ عن كليب الجهني).