ما معنى قوله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ) (14، 15الحجر)؟
-----------------
هذا السؤال تحدي للكافرين، فبعضهم كان يقول كما قال بنو اسرائيل لموسى: (أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً) (153النساء)، فلما قالوا ذلك قال لهم موسى: اختاروا سبعين من خياركم، وأخذهم وذهب بهم إلى الجبل، ولما تجلى ربه للجبل صُعقوا جميعاً وماتوا، ولم يستطيعوا أن يروا شيئاً لأنهم لا يستطيعون أن يتحملوا ذلك.
وموسى نفسه عندما طلب أن يرى وجه الله: (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ) (143الأعراف) قال له الله: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) (146الأعراف) هذا مقامك، ولما أصر قال له الله: (لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا) (143الأعراف)، لم يتحمل ذلك. الذي خلقه الله، وأمدَّه وقواه ليتحمل ذلك فردٌ واحدٌ في الوجود، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فطلب بعض الكافرين من رسول الله أن يفتح لهم أبواب السماء ليروا من فيها حتى يؤمنوا به، فقال له الله: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ) (14، 15الحجر)، لأنهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى ذلك، ولن يبلغوا ذلك.
ولذلك من إعجاز الله عزَّ وجلَّ في العصر الحديث أن الله عزَّ وجلَّ فتح لأهل الكفر ولأهل الإلحاد أبواباً على قدر علمهم إلى السماء، منهم من هداه الله، ومنهم من لم يزده ذلك إلا غيًّا وضلالاً. أول رائد للفضاء روسي إسمه جاجارين، بعدما دار حول الكرة الأرضية ونزل قال: لم أجد الله الذي يتحدثون عنه!!، والرجل الآخر الأمريكي أرمسترونج بعدما نزل وجاء لزيارة مصر سمع الأذان، قال: أنا سمعت ذلك وأنا في الفضاء الخارجي وأسلم. الأول زاد ضلالاً وغيًّا، والثاني هداه الله إلى الخير. فهذا الأمر لا ينبغي، لأن الرسل يدعون إلى الهداية، لا إلى رؤية الآية، ولذلك حتى بالنسبة للصالحين يقول إمامنا أبو العزائم رضي الله عنه: ((من قال لا أؤمن إلا بالآية فقل له لست من أهل العناية)).
البعض يبحث في المشايخ عن الكرامة، وهل هناك كرامة أعلى من الاستقامة؟! فالاستقامة خير من ألف كرامة!!، سيمشي على الماء، أو سيطير في الهواء، هذه الأشياء قد يفعلها الجن، لكن لا يوجد كرامة أعلى من الاستقامة ومن توفيق الله ورعاية الله جلَّ في علاه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AA%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%AC
منقول من كتاب {تجليات المعراج} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
[flash1=http://www.fawzyabuzeid.com/wp-content/uploads/data/20150413_id2664.mp3]WIDTH=0 HEIGHT=0[/flash1]