ميزان الأعمال
لا بد أن نستجمع هذه الصورة في تجاويف قلوبنا، ونُعلقها في حنايا صدورنا حتى نقتدي به في كل حركاتنا وسكناتنا، لأنه ميزان أعمالنا عند ربنا عزوجل، كيف يوزن العمل؟ بميزان رسول الله صل الله عليه وسلم، فالذي يريد أن يُصلي صلاة مضبوطة، كيف يعملها؟ ينظر إلى رسول الله كيف كان يُصلي:{ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي }
وقس على ذلك كل الأمور، إذاً الذي يريد العطاء الإلهي، والذي يريد أن يكون من أهل القرب، ومن أهل الود، ومن أهل سابقة العناية عند الله لا بد أن يتشبه برسول الله صل الله عليه وسلم. يتشبه به في ظاهره؛ في مشيه، وفي جلوسه، وفي أكله، وفي شربه، وفي نومه، وفي مجالسه، وفي منطقه، وفي مدخله، وفي مخرجه، وفي معاملته للخلق.
ثم يرتقي فيتشبه به باطناً في أخلاقه المعنوية، في كرمه، وفي تواضعه، وفي شجاعته، وفي هيبته، وفي عفوه، وفي صفحه، وفي لطفه، وفي شفقته، وفي حنانته، وفي رحمته، وفي أنسه، وفي مودته، فإذا أكرمه الكريم وتحلى بهذا الخُلُق الكريم أكرمه الله عزوجل فتفضل عليه وجعله يُشبهه باطناً، في خشيته، وفي خوفه من الله، وفي إقباله على مولاه، وفي حبه لله، وفي زهده في الدنيا، وفي ورعه، وفي سكينته، وفي تقلب قلبه في الحضرة الإلهية، يتشبه به في كل ذلك، فيُكرمه الكريم بعد ذلك ويُعطيه من العطاءات التي خصَّ بها حبيبه ومصطفاه، وفى الأثر:
{ ما صُبَّ في صدري شيء إلا وصببته في صدر أبي بكر }
ماذا يصبُّ في صدره؟ من العلم، ومن الإلهام، ومن النور، ومن الحكمة ...
يُفيض عليه من العطاءات التي اختصه بها الله عزوجل.
هذا طريق أهل العزائم، وأصحاب الهمم القوية، الذين يريدون أن يكونوا من الداخلين في قول رب العالمين فى سورة الواقعة: ( فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)
( وهناك قراءة أخرى: ) فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَاحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ( يشربون خمرة القرب من يد الحبيب، فيغيبون عن كل شيء في هذه الحياة، إلا ذكر الله وما والاه، وما يُقربهم إلى حضرة الله، ويعيشون مهيمين في قول الله:
( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)) ( الأنعام).
هذا الكلام يجب أن يراه الغير فينا سلوكاً وخُلُقاً كريماً!!فإذا جمَّلوك بالأحوال أقبلوا عليك بكُمَّل الرجال ...لتعلو بهم بهمتك إلى مقام القرب من الواحد المتعال.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%8A/