منح ليلةالقدر
منح إلهية وعطايا ربانية تعجز الكلمات في اللسان عن عد بعض ما أمر به لنا حضرة الرحمن ناهيك عن ليلة القدر والإنسان فينا إذا أحيا العشر الأواخر بصلاة الفجر والعشاء في جماعة كُتبت له عبادة ألف شهر لله غير ما تتنزل به الملائكة الكرام وأمين الوحي جبريل عليه السلام وأنواع المنح والعطايا الإلهية التي تتنزل للقائمين والراكعين والساجدين بين يدي الله في هذه الليالي المباركة والمنحة الإلهية في آخر الشهر إذا كان آخر الشهر يقول الله للملائكة الكرام {مَا جَزَاءُ الأَجِيرِ إذَا عَمِلَ عَمَلَهُ؟ قَالَ: فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ: إلهَنَا وَسَيِّدَنَا جَزَاؤُهُ أَنْ تُوَفِّيَهُ أَجْرَهُ قَالَ: فَيَقُولُ: فَإنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَلاَئِكَتِي أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ ثَوَابَهُمْ مِنْ صِيَامِهِمْ شَهْرَ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِمْ رِضَايَ وَمَغْفِرَتِي} [1] وقال صلى الله عليه وسلم{ أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ بَرَكَةٍ فِيهِ خَيْرٌ يُغَشيكُمُ اللَّهُ فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةَ وَيَحُطُّ فِيهِ الْخَطَايَا وَيَسْتَجِيبُ فِيهِ الدُّعَاءَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ وَيُبَاهِي بِكُمْ مَلاَئِكَتَهُ فَأَرُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرَاً فَإنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ }[2] أما أجر الصائم في الآخرة فنذكر ترويحاً للقلوب شيئاً منه لنستشعر رحمة الله بنا أجمعين فإن الصائم في يوم مقداره خمسون ألف سنة تشتد فيه الحرارة حتى يتصبب الناس عرقاً وتنزل الألسنة لهثاً من شدة العطش الوحيد الذي لا يعطش في هذا المقام الصائم من أمة الحبيب المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فقد جهز الله للصائمين حوضاً اسمه حوض الكوثر يقول فيه النبي{حَوْضِي كَمَا بَيْنَ عَدَنَ وَعَمَّان أبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وأَحْلَى مِنَ العَسْلِ وَأَطْيَبُ رِيحاً مِنْ المِسْكِ أَكْوَابُهُ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةَ لَمْ يَظْمَأ بَعْدَهَا أَبَداً}[3] فالصائمون إذا قاموا للعرض يوم الحساب أول ما يُبدأ لهم {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً}تحمل الملائكة لكل واحد منهم شربة بعضهم يسقيه الملائكة وبعضهم يسقيه جبريل عليه السلام وبعضهم يسقيه السيد الأعظم المصطفي صلى الله عليه وسلم المهم من شرب شربة لا يظمأ بعدها أبداً وتكون أفواههم في الموقف رائحتها كرائحة المسك ليعلم الناس منزلتهم وقدرهم عند رب العباد فإذا حضرت الخلائق خصهم الله بباب من أبواب الجنة يُسمي باب الريان وينادي مناد الرحمن أين الصائمون؟ فيقومون فيأمر بإدخالهم الجنة من باب الريان فإذا دخلوا غُلِّق فلم يدخل منه أحد فأول من يدخل الجنة هم الصائمون من باب خاص لمنزلتهم عند الله ومن رحمة الله بعباده الصائمين وقد عَلِم أن { كلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاء وَخيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ}[4] عَلِم أننا لا نسلم في صيامنا من لغو أو رفث أو خطأ ففرض علينا الحبيب زكاة الفطر تجبر صيام المسلم وتستر عثراته وهفواته قال فيها سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما{فَرَضَ رَسُولُ الله زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصِّائمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً للْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ }[5] وقد أباح العلماء أن تخرج هذه الصدقة من أول يوم في شهر رمضان حتى تكون أنفع للفقير ويُخرج الإنسان عن كل من يعوله عن زوجته وعن أولاده وعن خادمه إن كان عنده خادم والطفل الذي يولد في رمضان حتى ولو في ليلة العيد نُخرج عنه زكاة الفطر وأيضاً الذين يأخذون الزكاة يجب عليهم إخراج الزكاة مما يأخذون من عباد الله ليتمرنوا علي الإنفاق لقول رسول الله{أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ فِي رَمَضَان}[6] الصدقة في رمضان خير أنواع البر والإحسان وهي غير زكاة الفطر فتنافسوا في البر وتنافسوا في الخير وتنافسوا في الصالحات واعلموا أن هذا الشهر الكريم كله خير وبر ونفحات فلا تُضيعوا أوقاته في الغفلات ولا تجلسوا أمام الفضائيات والمسليات والتلفزيونات لتضييع الأوقات بل اقطعوه في العبادة وفي تلاوة القرآن وفي ذكر الله وفي الاستغفار لله وفي صلة الأرحام وفي المسح علي رءوس الأيتام وفي إزالة الضر والبؤس عن الفقراء والمساكين وفي مســـح الألم عن المرضي والبائســين اجعلوه شهر خير تكونوا فيه من السعداء يوم الدين
[1] رواه الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، والبيهقى واللفظ له
[2] (الطبراني وابن النجار) عن عبادة بن الصَّامِتِ
[3] مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما