فوائد الصوم وحكمة
أولاً: وقاية الجسم من الأمراض وذلك يكون بالامتناع عن الأكل والشرب مدة طويلة من الزمن تبدأ من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، فان الجوع والعطش يكون بمثابة صيانة للجهاز الهضمى فى الإنسان من رمضان إلى رمضان حيث تستريح المعدة والأمعاء من الحركة الشديدة التى تقوم بها طول العام نتيجة الأكل والشرب المتواصل قال صلى الله عليه وسلم:
{المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء}
(رواه مسلم)
والحمية هي الوقاية من الشبع ومن كثرة تناول الطعام والشراب.
ثانياً: أن الطعام يتخلف فى جدران المعدة طول السنة وذلك بسبب إدخال الطعام على هذه الفضلات المتبقية فى المعدة فإذا ما صام المؤمن فى رمضان واشتد به الجوع، شدت المعدة هذه الفضلات المتخلفة بها وهضمتها ودفعتها إلى الأجهزة الأخرى، وعلى ذلك تتخلص المعدة من هذه الفضلات التى تسبب كثيراً من الأمراض لو استمرت فى جدران المعدة أكثر من عام.
ثالثاً: تجف المعدة من الرطوبات والسوائل التى تؤثر على قوتها فى هضم الطعام، وكذلك تموت الجراثيم والميكروبات التى تعيش على هذه الرطوبات والسوائل، وذلك مثل الأرض التى يجففها المزارعون ليقتلوا ما بها من حشرات وهوام تفتك بالزراعة، وليزيدوا من إخصاب الأرض وقوتها.
رابعاً: أن القلب يزداد قوة بالصوم، لأنه يستريح من الحركة القوية التى يقوم بها فى تنقية الدم الغليظ المتدفق إليه من المعدة بسبب كثرة الأكل والشرب، فيعمل أثناء الصوم عملاً خفيفاً ويتحرك حركة هادئة مما يجعله يتنفس الصعداء من تلك الزحمة التى يعيش فيها طول العام، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{صوموا تصحوا}
(ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة)
فإن القلب والمعدة يعملان بانتظام طوال النهار والليل من غير أن يتوقفا لحظة واحدة، فكان فى الصوم صيانة لهما، وراحة لهما وذلك لهدوء حركتهما، والتمهل فى سيرهما أما باقى أعضاء الجسم، فإنها تستريح وقت النوم ووقت قعودها عن العمل وسكونها عن الحركة.
خامساً: إحساس الصائم بالبائسين والمحرومين، وعطفه عليهم وإحسانه إليهم، وذلك لأن الصائم يتأثر بالحرمان من الأكل والشرب، ويتأثر بالجوع والعطش، فيدرك أن له إخوة يعيشون فى الحرمان وفى الجوع والعطش طول العام، فتنعطف نفسه نحوهم، ويميل قلبه بالشفقة عليهم فيعطيهم مما أعطاه الله بنفس مسرورة، وصدر منشرح فإنه لا يشعر بالمحرومين إلا من ذاق مرارة الحرمان، ولا يحس بالجائعين إلا من خلت معدته من الطعام، وباتت تتلوى من الطوى والمسغبة.
سادساً: أن الصائم بتركه شهوة الجنس طول النهار، يجعل الدم النقى يتوفر لديه، وذلك يزيد من قوته وعافيته، وكما ورد فى الحكمة: (أن المنى نور العينين ومخ الساقين) فعلى العاقل أن يصرف منه باعتدال وتوسط.
سابعاً: أن الصوم يمرن المسلم ويدربه على الصبر، وعلى مجاهدة نفسه وحظه وشهوته حتى يكون لديه طاقة قوية فى مصابرة الأهوال والشدائد التى تمر عليه فى هذه الحياة.
فإن من لا يقدر على مجاهدة نفسه فى الصوم لا يقدر على الصبر على مجاهدة الكافرين والمنافقين، ولا يقدر على الصمود أمام المحن والمصائب.
ثامناً: وقاية الصائم نفسه من سخط الله وعقابه، وذلك لأنه يمتثل أمر الله بأداء فريضة الصوم ويسعد برضوان الله الأكبر والفوز بالنعيم المقيم فى دار الخلود قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
(آية 183 من سورة البقرة)
يعنى تتقون شدائد الدنيا وأهوال الآخرة. وتتقون غضب الله وعذابه، أو لعلكم تبلغون بصومكم هذا درجات المتقين فى فردوس الله الأعلى.
تاسعاً: الصيام شكر لله عزَّ وجلَّ على نعمة الصحة والعافية التى أكرم الله بها المسلم.
وشكر لله عزَّ وجلَّ على المطاعم والمشارب والخيرات والنعم، التى يتغذى بها الانسان، ويتفكه ويتلذذ بها من المأكولات والمشروبات.
وكذلك شكر لله على نعمة الجماع والشهوة الحلال التى امتن الله بها على المسلم، ليتنعم بها فى هذه الحياة الدنيا فإن الصيام عن كل هذه النعم والآلاء فى نهار رمضان عبادة لله عزَّ وجلَّ وتقرب إليه، وذلك هو حقيقة الشكر الفعلى لله سبحانه وتعالى قال تعالى:
﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾
(آية 13 من سورة سبأ)
فإن الشكر يتنوع بتنوع النعم التى خلقها الله للإنسان، حتى يحدث المؤمن شكرا الله على كل نعمة أنعم الله بها عليه من النعم الظاهرة والباطنة، قال الله تعالى:
﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾
(آية 185 من سورة البقرة)
أي تكملون صيام الأيام التى عدها الله لكم وفرضها عليكم، وهى شهر رمضان المبارك وتكبرون الله على هدايته لكم لعبادة الصوم، وتشكرونه جلَّ جلاله على معونته اياكم للقيام بها، قال الله تعالى فى وصف سيدنا إبراهيم عليه السلام:
﴿شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ﴾
(آية 121 من سورة النحل)
والمسلمون على ملة أبيهم إبراهيم وإنهم يشكرون الله عزَّ وجلَّ على كل نعمة من نعمه تأسياً بأبيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال صلى الله عليه وسلم لمن قال له قد تورمت قدماك يا رسول الله من طول القيام، وقد ربطت الأحجار على بطنك من طول الصيام فهلا أبقيت على نفسك رحمة بها فقال صلى الله عليه وسلم:
{أفلا أكون عبدا شكورا}
(متفق عليه من حديث عائشة)
وقد تبين من هذا الحديث الشريف أن العبادة هى غاية الشكر لله عزَّ وجلَّ على نعمه الظاهرة والباطنة. وإن أعظم الناس شكرا لله عزَّ وجلَّ هم العابدون.
عاشراً: إن الصوم تزكو به نفس الصائم وتتطهر من مقتضيات البشرية، ولوازم الحيوانية من الأكل والشرب وشهوة الجنس، ومن الطمع والأمل والحرص، ونحو ذلك مما يعوق الإنسان عن كماله الإنسانى وكذلك يتطهر الصائم بصومه من الأمراض الإبليسية كالحسد والحقد والبغضاء والكبر والرياء والظلم والخصام، وتعدى حدود الله حتى يصبح الصائم أشبه بالملائكة المقربين وعمار ملكوت الله الأعلى، وعند ذلك تسبح روحه فى رياض الملكوت وتقتبس من أسراره وغيوبه ومعارفه وعلومه، ما به يدوم أنسها، ويتعاظم سرورها، ويزداد علمها، ومن هناك تعود إلى إخوانه من بنى الانسان فتشرق الروح بأنوارها عليهم، وتفيض عليهم بما تفضل الله به عليها فى سياحتها الملكوتية.
حادى عشر: أن الصائم يتشبه فى صومه بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا التشبه يجعل له قسطاً ونصيباً وافر من روحانية رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن توجهاته ونظراته له فى هذا الصوم حتى يترقى الصائم فى معارج الكمال المحمدى، فيتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتأدب بأدابه، ويتحلى بجمالاته حتى يكون بهذا الصوم محبوبا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وهذا مقام لا يبلغه إلا خاصة الخاصة، من عباد الله المقربين ورجال الله المخلصين.
وللصوم حكم وفوائد جلت عن الحصر والعد، وتسامت عن البيان والحد، يذوقها أهل الله وخاصته ويشهدها أولياء الله وصفوته، وخصوصاً إذا دخلوا فى ميقات الصوم، وهو شهر رمضان المعظم وأحرموا به لله عزَّ وجلَّ، فإن لهم فيه أحوالاً شريفة وعالية، ومقامات راقية وسامية حتى أنهم يتمنون أن يكون الدهر كله رمضان، لما تنجلى لهم فيه من الأسرار، وتلوح لهم فيه من الأنوار، فسبحان من فرض علينا الصوم ليكرمنا بما أكرم به أحبابه، وليسعدنا بما أسعد به أولياءه، نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا الصيام الذى ننال به أعلى الدرجات إنه مجيب الدعاء، وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى، وعلى آله وصحبه وسلم.
*******************************
من كتاب: (الصوم عبادة ومجاهدة)
لفضيلة الشيخ محمد علي سلامة
أولاً: وقاية الجسم من الأمراض وذلك يكون بالامتناع عن الأكل والشرب مدة طويلة من الزمن تبدأ من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، فان الجوع والعطش يكون بمثابة صيانة للجهاز الهضمى فى الإنسان من رمضان إلى رمضان حيث تستريح المعدة والأمعاء من الحركة الشديدة التى تقوم بها طول العام نتيجة الأكل والشرب المتواصل قال صلى الله عليه وسلم:
{المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء}
(رواه مسلم)
والحمية هي الوقاية من الشبع ومن كثرة تناول الطعام والشراب.
ثانياً: أن الطعام يتخلف فى جدران المعدة طول السنة وذلك بسبب إدخال الطعام على هذه الفضلات المتبقية فى المعدة فإذا ما صام المؤمن فى رمضان واشتد به الجوع، شدت المعدة هذه الفضلات المتخلفة بها وهضمتها ودفعتها إلى الأجهزة الأخرى، وعلى ذلك تتخلص المعدة من هذه الفضلات التى تسبب كثيراً من الأمراض لو استمرت فى جدران المعدة أكثر من عام.
ثالثاً: تجف المعدة من الرطوبات والسوائل التى تؤثر على قوتها فى هضم الطعام، وكذلك تموت الجراثيم والميكروبات التى تعيش على هذه الرطوبات والسوائل، وذلك مثل الأرض التى يجففها المزارعون ليقتلوا ما بها من حشرات وهوام تفتك بالزراعة، وليزيدوا من إخصاب الأرض وقوتها.
رابعاً: أن القلب يزداد قوة بالصوم، لأنه يستريح من الحركة القوية التى يقوم بها فى تنقية الدم الغليظ المتدفق إليه من المعدة بسبب كثرة الأكل والشرب، فيعمل أثناء الصوم عملاً خفيفاً ويتحرك حركة هادئة مما يجعله يتنفس الصعداء من تلك الزحمة التى يعيش فيها طول العام، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{صوموا تصحوا}
(ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة)
فإن القلب والمعدة يعملان بانتظام طوال النهار والليل من غير أن يتوقفا لحظة واحدة، فكان فى الصوم صيانة لهما، وراحة لهما وذلك لهدوء حركتهما، والتمهل فى سيرهما أما باقى أعضاء الجسم، فإنها تستريح وقت النوم ووقت قعودها عن العمل وسكونها عن الحركة.
خامساً: إحساس الصائم بالبائسين والمحرومين، وعطفه عليهم وإحسانه إليهم، وذلك لأن الصائم يتأثر بالحرمان من الأكل والشرب، ويتأثر بالجوع والعطش، فيدرك أن له إخوة يعيشون فى الحرمان وفى الجوع والعطش طول العام، فتنعطف نفسه نحوهم، ويميل قلبه بالشفقة عليهم فيعطيهم مما أعطاه الله بنفس مسرورة، وصدر منشرح فإنه لا يشعر بالمحرومين إلا من ذاق مرارة الحرمان، ولا يحس بالجائعين إلا من خلت معدته من الطعام، وباتت تتلوى من الطوى والمسغبة.
سادساً: أن الصائم بتركه شهوة الجنس طول النهار، يجعل الدم النقى يتوفر لديه، وذلك يزيد من قوته وعافيته، وكما ورد فى الحكمة: (أن المنى نور العينين ومخ الساقين) فعلى العاقل أن يصرف منه باعتدال وتوسط.
سابعاً: أن الصوم يمرن المسلم ويدربه على الصبر، وعلى مجاهدة نفسه وحظه وشهوته حتى يكون لديه طاقة قوية فى مصابرة الأهوال والشدائد التى تمر عليه فى هذه الحياة.
فإن من لا يقدر على مجاهدة نفسه فى الصوم لا يقدر على الصبر على مجاهدة الكافرين والمنافقين، ولا يقدر على الصمود أمام المحن والمصائب.
ثامناً: وقاية الصائم نفسه من سخط الله وعقابه، وذلك لأنه يمتثل أمر الله بأداء فريضة الصوم ويسعد برضوان الله الأكبر والفوز بالنعيم المقيم فى دار الخلود قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
(آية 183 من سورة البقرة)
يعنى تتقون شدائد الدنيا وأهوال الآخرة. وتتقون غضب الله وعذابه، أو لعلكم تبلغون بصومكم هذا درجات المتقين فى فردوس الله الأعلى.
تاسعاً: الصيام شكر لله عزَّ وجلَّ على نعمة الصحة والعافية التى أكرم الله بها المسلم.
وشكر لله عزَّ وجلَّ على المطاعم والمشارب والخيرات والنعم، التى يتغذى بها الانسان، ويتفكه ويتلذذ بها من المأكولات والمشروبات.
وكذلك شكر لله على نعمة الجماع والشهوة الحلال التى امتن الله بها على المسلم، ليتنعم بها فى هذه الحياة الدنيا فإن الصيام عن كل هذه النعم والآلاء فى نهار رمضان عبادة لله عزَّ وجلَّ وتقرب إليه، وذلك هو حقيقة الشكر الفعلى لله سبحانه وتعالى قال تعالى:
﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾
(آية 13 من سورة سبأ)
فإن الشكر يتنوع بتنوع النعم التى خلقها الله للإنسان، حتى يحدث المؤمن شكرا الله على كل نعمة أنعم الله بها عليه من النعم الظاهرة والباطنة، قال الله تعالى:
﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾
(آية 185 من سورة البقرة)
أي تكملون صيام الأيام التى عدها الله لكم وفرضها عليكم، وهى شهر رمضان المبارك وتكبرون الله على هدايته لكم لعبادة الصوم، وتشكرونه جلَّ جلاله على معونته اياكم للقيام بها، قال الله تعالى فى وصف سيدنا إبراهيم عليه السلام:
﴿شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ﴾
(آية 121 من سورة النحل)
والمسلمون على ملة أبيهم إبراهيم وإنهم يشكرون الله عزَّ وجلَّ على كل نعمة من نعمه تأسياً بأبيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال صلى الله عليه وسلم لمن قال له قد تورمت قدماك يا رسول الله من طول القيام، وقد ربطت الأحجار على بطنك من طول الصيام فهلا أبقيت على نفسك رحمة بها فقال صلى الله عليه وسلم:
{أفلا أكون عبدا شكورا}
(متفق عليه من حديث عائشة)
وقد تبين من هذا الحديث الشريف أن العبادة هى غاية الشكر لله عزَّ وجلَّ على نعمه الظاهرة والباطنة. وإن أعظم الناس شكرا لله عزَّ وجلَّ هم العابدون.
عاشراً: إن الصوم تزكو به نفس الصائم وتتطهر من مقتضيات البشرية، ولوازم الحيوانية من الأكل والشرب وشهوة الجنس، ومن الطمع والأمل والحرص، ونحو ذلك مما يعوق الإنسان عن كماله الإنسانى وكذلك يتطهر الصائم بصومه من الأمراض الإبليسية كالحسد والحقد والبغضاء والكبر والرياء والظلم والخصام، وتعدى حدود الله حتى يصبح الصائم أشبه بالملائكة المقربين وعمار ملكوت الله الأعلى، وعند ذلك تسبح روحه فى رياض الملكوت وتقتبس من أسراره وغيوبه ومعارفه وعلومه، ما به يدوم أنسها، ويتعاظم سرورها، ويزداد علمها، ومن هناك تعود إلى إخوانه من بنى الانسان فتشرق الروح بأنوارها عليهم، وتفيض عليهم بما تفضل الله به عليها فى سياحتها الملكوتية.
حادى عشر: أن الصائم يتشبه فى صومه بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا التشبه يجعل له قسطاً ونصيباً وافر من روحانية رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن توجهاته ونظراته له فى هذا الصوم حتى يترقى الصائم فى معارج الكمال المحمدى، فيتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتأدب بأدابه، ويتحلى بجمالاته حتى يكون بهذا الصوم محبوبا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وهذا مقام لا يبلغه إلا خاصة الخاصة، من عباد الله المقربين ورجال الله المخلصين.
وللصوم حكم وفوائد جلت عن الحصر والعد، وتسامت عن البيان والحد، يذوقها أهل الله وخاصته ويشهدها أولياء الله وصفوته، وخصوصاً إذا دخلوا فى ميقات الصوم، وهو شهر رمضان المعظم وأحرموا به لله عزَّ وجلَّ، فإن لهم فيه أحوالاً شريفة وعالية، ومقامات راقية وسامية حتى أنهم يتمنون أن يكون الدهر كله رمضان، لما تنجلى لهم فيه من الأسرار، وتلوح لهم فيه من الأنوار، فسبحان من فرض علينا الصوم ليكرمنا بما أكرم به أحبابه، وليسعدنا بما أسعد به أولياءه، نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا الصيام الذى ننال به أعلى الدرجات إنه مجيب الدعاء، وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى، وعلى آله وصحبه وسلم.
*******************************
من كتاب: (الصوم عبادة ومجاهدة)
لفضيلة الشيخ محمد علي سلامة