كتاب الصوم عبادة ومجاهدة
مُقَدِّمَة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى فرض الصوم على المسلمين ليكون لهم حصناً وجنة من كل مكروه ومن كل سوء ومن كل خزى فى الدنيا والآخرة وجعله سبحانه صحة لأجسامهم من الأسقام ومن الأمراض، وتصفية لقلوبهم من الهم والغم والحزن وتزكية لنفوسهم من الغل والحقد والحسد، وتجميلاً لهم بمكارم الأخلاق العلية من الرحمة والإحسان ومن الصبر والحلم والإيثار حتى يسمو الصوم بالصائمين إلى مراتب الأنس والبهجة والكمال ومنازل القرب والإكرام من الله عزَّ وجلَّ ومن معية رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا وإنني أنا العبد الذليل الفقير قد طلب إلىَّ إخواني رضي الله عنهم أن أكتب لهم رسالة فى الصوم أوضح لهم فيها أحكام الصوم وحكمته وآدابه وما يتعلق به، على قدر ما يفتح الله به علىَّ من العلم والمواهب التى يمن بها سبحانه وتعالى على هذا العبد الضعيف، وقد استعنت بالله على إجابة مطلبهم وطلبت المدد والنظر من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أكون ملحوظاً بالعينين مرعياً من الحضرتين، وقد أحس العبد المسكين بأنه محظوظ بتوفيق الله وعنايته وتوجيهات سيدنا رسول الله وولايته فإنه صلى الله عليه وسلم:
﴿أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾
(آية 6 من سورة الأحزاب)
وقد أسميت هذه الرسالة:
(( الصوم عبادة ومجاهدة ))
وها هى ذى بين يدى القارئ الكريم لعله يجد فيها ما يغنيه عن الرجوع إلى المطولات من الكتب وكلى عشم أن تبلغ هذه الرسالة منه مبلغ القبول والرضى على أنه إن عثر فيها على بعض السقطات فإنى أرجو منه أن يسامحنى وأن يستغفر الله لى فإننى لست معصوماً من الخطأ والزلل، ولكننى عبد خطاء، وأرجو أن أكون من خير الخطائين الذين يصححون أخطائهم ويتوبون منها الى الله عزَّ وجلَّ، إنه سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين.
وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله وصحبه وسلم
العبد المنكسر القلب الى الله ورسوله
محمد على سلامة