سبحان من على فتعالى، سبحان العلى الأعلى دو دنو الأدنى. هكذا كان يفتتح بايزيد البسطامى قدس الله روحه كتاباته, فأنعم به إستهلال. و كتب شعراً يقول : أشار سرى إليك حتى فنيت عنى و دمت أنت. محوت إسمى و رسم جسمى سألت عنى فقلت: أنت. فأنت تسلو خيال عينى فحيثما درت كنت أنت. كتاب لا بد و أن يقرأ بقلب صوفى خالص لما فيه من شطحات يخيل إلى القارئ أنها شرك، و لكنها فى الحقيقة عين التوحيد و الفناء فى الكل. لشد ما أعجبنى الحالة الروحية للبسطامى و كيف صاغ اللغة ليعبر عن تلك الحالة.
يتناول الكتاب أقوال لابي يزيد البسطامي والتي جمعت من مخطوطات حقق بعضها الكاتب ولم يحقق البعض الآخر ... ويعتبر أبي يزيد البسطامي موجد الشطحات الصوفية والتي عند قرائتها يعتقد فيها من لم يتذوق معناها أنها كفر بيّن وصريح وقد استهل الكاتب بها فصله الاول .... ولكن المميز في الكتاب واكثر ما جذبني هو القسم الآخر منه والذي قام فيه الكاتب بشرح بعض تلك الشطحات
لا يمكن ان نحلل ونفسر الكلمات علي انها بين شخص وإله بالنظر اليها هكذا هي كُفر !
ولكن بالنظر علي انه مُحب وعاشق فهذه نظرة آخري !!!!!
العلاقة بين المحبين في الحياة العادية غير باقي البشر غير باقي حياتهم لهم قوانينهم وجنونهم الخاص , فما بالك بمن أحب وعشق " الله " وسمح له الله بهذا الحب وقذف في قلبه نوره !!!!!!
عندما كان قيس يتحدث عن حبيبته ليلي كان يقول انا ليلي !! تخيل فقط تخيل فهما كيان واحد .
ولا مجال للمقارنة اساسا من اي جهة ولا في اي اتجاه ! البعض قد يري في الشطحات كُفر صريح في كلام البسطامي مثل " انا اللوح المحفوظ " و " انا ربي الأعلي " " طاعتك لي يارب أعظم من طاعتي لك " , عجيب كلامه
الكتاب مُقسم في البداية تفسير لبعض كلمات الشطحات وتبسيط من المؤلف ثم نصوص البسطامي وهي عبارة عن حوار ومناجاة بينه وبين الله عزوجل من أروع ما يكون ونصوص الشطحات ومن أهم ما في الكتاب شرح الفرق بين اسم الذات " الله " واسماء الصفات مثل الرحيم والكريم , وحوار رائع بين ابو يزيد ومجموعة من الرهبان
للاقتباس
• قال لي : من علّمك ؟ قلت : السائل أعلم من المسؤول , انت المجيب وانت المجاب , انت السائل وانت المسؤول , لا اله غيرك . فقال لي : سل ما شئت من فضلي أعطيته . قلت : أنت أفضل من فضلك , وانت اكرم من كرمك , رضيت منك بك , وانتهيت اليك لا تعرض عليّ غيرك , ولا تردني عنك بشئ دونك , لاتغرني بلطفك ولا بكرمك ولا بفضلك , فالفضل منك ابدا , واليك يعود , انت المعيد وانت المعاد , وانت المريد وانت المراد . قال : حق ما قلت , وحق ما سمعت , وحق ما رايت , وحق ما حققت . فقلت : بل انت الحق , وبالحق يري الحق , انت الحق وبالحق يتحقق الحق , والي الحق وبالحق يسمع الحق , انت السامع وانت المسمع , وانت الحق وانت المُحق , لا اله غيرك
• أنت عيني في عيني , وعلمي في جهلي !!!
• أنت العالم وانت المعلوم , انت المفرد وانت الفرد , تفردّ بفردانيتك , وتوحدّ بواحدانيتك , لا تشغلني بك عنك !
• إذا جاء حبُ الله يغلب كل شئ , لا حلاوة للدنيا ولا حلاوة للآخرة , الحلاوة حلاوة الرحمن !
• إن لله خواص من عباده لو حجبهم في الجنة من رؤيته ساعة استغاثوا بالخروج من الجنة كما يستغيث أهل النار بالخروج من النار !!!
• الجنة هي الحجاب الأكبر , لأن أهل الجنة سكنوا الي الجنة وكل من سكن الي الجنة سكن إلي سواه , فهو محجوب!
• خُضتُ بحراً وقف الانبياء بساحله !!
• اذا علموه هربوا من الخلق !
• أنت المسؤول عن جميع اعمالك , فشمّر لذلك واستعد لمعادك , ولا تغفل وانتبه عن رقدة الغفلة , وتيقظ من نومة الغافلين , وألقِ كتفك بين سيدك كل صباح مساء والزم ذكره , واحفظ خدمته وأحسن ظنك به ولا تؤثر أحدا عليه , واصبر علي ما أصابك من البلاء , وارض بحكم الله وقضائه وقدرته وبحسن اختياره لعبده واقنع بعطيته وثق به , وآمن لموعده وأيقن بوعده ووعيده , وتوكل علي الحي الذي لا يموت
• عرفت الله بالله , وعرفت ما دون الله بنور الله !!!
• ليس العجب من حبي لك وانا عبد فقير .. وانما العجب من حبك لي وانت ملك قدير !
• عالجت كل شئ فما عالجت أصعب من معالجة نفسي , وما شئ أهون عليّ منها !!
• إن الله هداني للزراعة فزرعت في نفسي أنواع العبادة !
• كن فارس القلب , راجل النفس !
• الجوع سحاب , فإذا جاع العبد مطر القلب الحكمة !!!
• إذا رأيت الرجل يقيم علي حالة واحدة أربعين يوماً فاعلم انه مرائي !!!!!!!!!!!!!!!