الأخلاق والمعاملات
سبيل إصلاح المجتمعات
------ خطبة الجمعة-------
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
⚘الحمد لله رب العالمين أنزل لنا ديناً قيّماً . جامعاً لكا ما يحتاجه الإنسان فى نفسه وفى مجتمعه وفى وطنه فى الدنيا والآخرة لأنه الدين الجامع الخاتم :
﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الاسْلامُ ﴾ ( آل عمران:19 )
⚘وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل لنا ما يصلح نفوسنا وما به إصلاح شئوننا ومابه نهوض ورُقىّ مجتمعنا حتى نكون فى الدنيا ونحن من اتباع سيدنا رسول الله يُشار إلينا بقول الله جلّ فى عُلاه :
﴿ وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ ( المنافقون:8 ) .
⚘وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله ، أسس ديننا ودولة الحق على كتاب الله وعلى المنهج القويم المستقيم .
⚘اللهم صل وسلّم وبارك على سيدنا محمد الذى جعلته النموذج الأقوم للعمل بالقرآن.
⚘صلّى اللهم وسلم وبارك على هذا النبى وآله وصحبه والناهجين على سبيله إلى يوم الدين وعلينا معهم أجمعين
آمين .. آمين يا رب العالمين .
أيها الإخوة جماعة المؤمنين :
قضيّة تشغل كل مسلم غيور على الإسلام
لما تقدّم أهل الغرب فى العلوم والصناعات والإنتاج والزراعات وكل أنواع التكنولوجيا .. وتأخرنا ونحن أصحاب الدين الحق ؟
لما أصبحنا نمّد أيدينا للكافرين والمشركين واعداء الله واعداء الدين، نأخذ منهم كل ما نحتاجه فى امورنا الدنيا بل ونأخذ منهم ما يُعيننا على القيام بالعبادات فى هذا الدين ؟
فالسجادة التى نُصلّى عليها من الصين، والمسبحة التى نسبّح بها من الصين والملابس التى تأتينا من الصين والبوصلة التى تُحدد لنا إتجاه الكعبة أيضاً تأتينا من الصين ..
فما السّر فى ذلك ؟
وما السبب فى ذلك ؟
وكيف نتدارك ذلك ؟
إن الله عزوجلّ جعل الدين جامعاً لكل ما يحتاجه الإنسان وما يُقرّب المرء إلى الله، ومايعلّو به شأن المرء فى هذه الحياة، ومايُصلح العلاقات الإجتماعية فى أىّ مجتمعٍ يؤمن بالله
فجعل لإصلاح المجتمعات المعاملات الإسلامية النازلة فى الآيات القرآنية والتى وضّحها الحبيب صلى الله عليه وسلّم فى سنته العملية
فجعل لتقدم الأمم والمجتمعات والشعوب الأخلاق الإلهية والأخلاق القرآنية والأخلاق النبوية .
وأهل الغرب الذين نحسدهم الآن ومن يذهب من المسلمين إلى بلادهم يتحسّر على ماهم فيه من تقدم وإزدهار، أخذوا قيمنا التى دعا إليها نبيُنا وقرآنّنا وتمسكوا بها ومشوا على هديها فتقدموا كما رأينا الآن، وكان دينهم يأمرهم بالعمل للآخرة وترك الدنيا بالكلية، فلم يجدوا لأنفسهم سبيل إلا إتباع هذا الأستاذ النبيل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم .
فتمسكوا بقيمة الوقت وندارة الوقت فيما ينفع الإنسان وأنتم تعرفون جميعاً هذه القيمة،وأوّل من رسّخها فى الكون هو النبى العدنان صلى الله عليه وسلّم، فجعل الله عزوجلّ الصلوات فى اوقات محددات ليُعلمنا قيمة الوقت، والمحافظة والحرص على الوقت :
﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ (النساء:103) وأمرنا الله عزوجلّ أن نستغلّ وقت الصلاة وبعدها فى عمل نافع للمرء فى نفسه وماله فى الدنيا أو فى عملٍ رافع فى الآخرة من ذكر لله أو تدّبر فى كتاب الله أو أىّ عمل فى برٍّ وخيرٍ لعباد الله حتى يكون وقته كله نافع له فى دنياه وفى أخراه
حتى أن النبى صلى الله عليه وسلّم بيّن للمسلمين أجمعين أن المسلم الذى يدخل الجنة يوم القيامة وقد تسامح مع نفسه فى بعض الأوقات فى الغفلات أو فى اللهو أو فى اللعب فى الدنيا حتى ولو دخل الجنة فإنه سيتحّسر على ذلك، فقال صلى الله عليه وسلّم :
( ليس يَتَحَسَّرُ أهلُ الجنَّةِ على شيءٍ إلَّا على ساعةٍ مرَّتْ بهم لم يذكروا اللهَ عزَّ وجلَّ فيها ) (ابن السنى والطبراني والبيهقي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه)
أسس النبى صلى الله عليه وسلّم أعمال المؤمنين فُراداً وجماعات، إن كان فى الزرعة أو فى الصناعة او في التجارة أو فى الجهاد على الإخلاص فى العمل، وعلى إتقان العمل :
( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً ان يتقنه )
وعلى نشر العدالة والمساواة بين الجميع وعلى عدم الغش فى قليل أو فى كثير،
بل كان صلوات ربّى وتسليماته عليه يذهب بنفسه ليردع الغشّاش ويقول لهم ولنا وللمسلمين أجمعين إلى يوم الدين :
( من غشّنا فليس منا ) (مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه )وفى رواية أخرى ( من غشّ أمتى فليس منا )
أخذوا هذه القيم فتقدمّوا ونهضوا فى علوم الدنيا وفى الحضارة
وفى المدنية واجتهدوا فيه.
والمسلمون الأن وقفوا عند باب العبادات
والمعاملات والأخلاق مشوا فيها على أهوائهم وجعلوا شرع ربهم خلف ظهورهم فكان الرجل يحج بيت الله الحرام بل ويعتمر أكثر من مرة فى العام ثم لا يتوّرع أن يغّش فى بيعه او فى كيله أو وزنه أو فى سعرة
أو فى صنعة ويظنّ أن ذلك لا يؤّثر على طاعته لعبادته لربه وعلى سلامة دينه عند الله عزوجلّ
وترى الصانع يُصلّى فى المسجد فى كل وقت ويظهر بمظهر التدين الشكلى التى نعرفها فى عصرنا فإذا أخذته ليكمل لك صنعة فى بيتك لا يؤديها بإتقان ولا يراقب فيها حضرة الرحمن، فبمجرّد ما ينتهى من العمل ويوّلى ظهره، تجد كل ما عمله يحتاج إلى نقده وعمله من جديد .
ماذا صنع المسلم لأخيه المسلم ؟
هل نستورد عُمّالاً كافرين ومشركين مٌتقنين للعمل يعملوا لدى المسلمين فى بلد كله مسلمين،
جعلوا خصاماً بين المعاملات والعبادات وإعتقدوا أن العبادات هى غاية الغايات وهى تحوى التشريعات يقول وهو بين يدى ربه فى كل ركعة من الركعات :
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) مثل من ؟ .. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ ( الفاتحة:7 ) والذين هم من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، ثم بعد السلام يكلّم رجلاً بجواره ويكذب فى الكلام، وهل الإسلام أباح الكذب يا مسلمين وقد كان صلى الله عليه وسلمّ يُرسّخ خلق الصدق لأن الله قال فى شأن هذه الأمة :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ (التوبة:119)
أمة الصادقين التى جعلت حضرة النبى ( عندما سُئل صلى الله عليه وسلم فيما أخرج الخرائطي عن عبد الله بن جراد، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هل يزني المؤمن؟ قال: قد يكون من ذلك، قال : يا رسول الله، هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يكون من ذلك، قال: يا نبي الله هل يكذب المؤمن؟ قال: لا، ثم أتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذه الكلمة: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون.
لايوجد مؤمن يكذب لا فى لهو ولا فى لعب فضلاً عن المعاملات بينه وبين إخوانه المسلمين أو إخوانه فى الإنسانية أجمعين .
المؤمن تراه فى البدء كأنه مَلكٌ وأعلى فإذا رأيت سلوكياته بعد أن يخرج من المسجد تعجب،
ماهذا وما ذاك ؟
هل هذا الذى كان يترنّم بالقرآن فى بيت الله ويُطيل فى السجود والركوع ويتظاهر بالخشوع لمولاه، أين سلوكه الذى حدده وبينه الله والذى وضّحه وزاده إيضاحاً سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ،
لابد لنا جماعة المؤمنين أن نأخذ الدين كله لا نأخذ جزءاً منه ونترك بقية الأجزاء .
إذا أردنا أن يكرمنا الكريم ويُعلى شأننا فى الدنيا ويُسعدنا فى يوم الدين، ولن يحلّ الله لنا مشكلاتنا بدعُائنا فقط وإنما بتراحمنا فيما بيننا، فإن خلق الرحمة يقول فيه النبى العدنان :
( الرحمون يرحمهم الرحمن إرحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء ) او كما قال : أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة .
الخطبة الثانية :
⚘الحمد لله رب العالمين الذى أغنانا بفضله وجوده وكرمه على الخلق أجمعين وجعل لنا فى كتابه منهجاً مبيناً لو إتبعناه لسعدنا فى حياتنا ولم يعد بيننا مشاكل أجمعين قال فيه عزّ شأنه :
﴿ ولو أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالارْضِ ﴾ ( الأعراف:96 )
⚘وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يُحب عباده المؤمنين أن يكونوا متخلقين بأخلاقه العلية عاملين بأوامره القرآنية متآسِّين فى كل أحوالهم بالحبيب الأكرم خير البرية صلى الله عليه وسلّم .
⚘وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الذى أعلا شأنه مولاه وكرّمه وحاباه وادناه حتى جعل طاعته من طاعة الله عزوجلّ فقال لنا أجمعين :
﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله ﴾ ( النساء:80 )
⚘اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هُداه ووفقنا جميعاً لعمل بسنته يا ألله وغيّر أحوالنا إلى الحال الذى تحبه وترضاه .
----- اما بعد ..-------
أيها الأخوة جماعة المؤمنين :
كان كل إهتمام الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلّم هو التركيز على سلوكيات المؤمنين مع بعضهم، واعلمهم أنها من أكبر النوافل والقربات،
فأنت يا أخى المسلم إذا مشيت فى حاجة لأخيك المسلم إبتغاء وجه الله فلك من الأجر ما يقول فيه حبيب الله ومصطفاه :
( من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين )(رواه الطبراني عن ابن عمر)
إذا قضيتَ ليلة فى الصُلح بين متخاصمين فهى خيرٌ فى الأجر والثواب ممن يقضى هذه الليلة فى تهجُد لله أو فى تلاوة كتاب الله
يقول الحبيب صلى الله عليه وسلّم :
ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلى .. قال إصلاح ذات البين . وفساد ذات البين هي الحالقة (رواه أحمد والترمذي وأبو داوود عن أبي الدرداء رضي الله)
فرّطنا فى هذه القيم الإيمانية، فرطنا فى صلة الأرحام، فرطنا فى المودّة والمحبّة بين إخواننا المسلمين، فرّطنا فى قضايا حوائج المسلمين طلباً لمرضاة الله، فرطنا فى جمع شمل إخواننا المسلمين فى الصُلح بينهم حتى يكونوا متآلفين متعاونينن وعشنا فى الدنيا وكأننا نمشى على أهواء انفسنا لا يحكمنا شرع ولا ترهبنا قوانين، وهذا هو الذى ضيّع وضيّق الحياة علينا جماعة المسلمين .... ثم الدعاء
وللمزيد من الخطب الدخول على موقع
فضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
سبيل إصلاح المجتمعات
------ خطبة الجمعة-------
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
⚘الحمد لله رب العالمين أنزل لنا ديناً قيّماً . جامعاً لكا ما يحتاجه الإنسان فى نفسه وفى مجتمعه وفى وطنه فى الدنيا والآخرة لأنه الدين الجامع الخاتم :
﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الاسْلامُ ﴾ ( آل عمران:19 )
⚘وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل لنا ما يصلح نفوسنا وما به إصلاح شئوننا ومابه نهوض ورُقىّ مجتمعنا حتى نكون فى الدنيا ونحن من اتباع سيدنا رسول الله يُشار إلينا بقول الله جلّ فى عُلاه :
﴿ وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ ( المنافقون:8 ) .
⚘وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله ، أسس ديننا ودولة الحق على كتاب الله وعلى المنهج القويم المستقيم .
⚘اللهم صل وسلّم وبارك على سيدنا محمد الذى جعلته النموذج الأقوم للعمل بالقرآن.
⚘صلّى اللهم وسلم وبارك على هذا النبى وآله وصحبه والناهجين على سبيله إلى يوم الدين وعلينا معهم أجمعين
آمين .. آمين يا رب العالمين .
أيها الإخوة جماعة المؤمنين :
قضيّة تشغل كل مسلم غيور على الإسلام
لما تقدّم أهل الغرب فى العلوم والصناعات والإنتاج والزراعات وكل أنواع التكنولوجيا .. وتأخرنا ونحن أصحاب الدين الحق ؟
لما أصبحنا نمّد أيدينا للكافرين والمشركين واعداء الله واعداء الدين، نأخذ منهم كل ما نحتاجه فى امورنا الدنيا بل ونأخذ منهم ما يُعيننا على القيام بالعبادات فى هذا الدين ؟
فالسجادة التى نُصلّى عليها من الصين، والمسبحة التى نسبّح بها من الصين والملابس التى تأتينا من الصين والبوصلة التى تُحدد لنا إتجاه الكعبة أيضاً تأتينا من الصين ..
فما السّر فى ذلك ؟
وما السبب فى ذلك ؟
وكيف نتدارك ذلك ؟
إن الله عزوجلّ جعل الدين جامعاً لكل ما يحتاجه الإنسان وما يُقرّب المرء إلى الله، ومايعلّو به شأن المرء فى هذه الحياة، ومايُصلح العلاقات الإجتماعية فى أىّ مجتمعٍ يؤمن بالله
فجعل لإصلاح المجتمعات المعاملات الإسلامية النازلة فى الآيات القرآنية والتى وضّحها الحبيب صلى الله عليه وسلّم فى سنته العملية
فجعل لتقدم الأمم والمجتمعات والشعوب الأخلاق الإلهية والأخلاق القرآنية والأخلاق النبوية .
وأهل الغرب الذين نحسدهم الآن ومن يذهب من المسلمين إلى بلادهم يتحسّر على ماهم فيه من تقدم وإزدهار، أخذوا قيمنا التى دعا إليها نبيُنا وقرآنّنا وتمسكوا بها ومشوا على هديها فتقدموا كما رأينا الآن، وكان دينهم يأمرهم بالعمل للآخرة وترك الدنيا بالكلية، فلم يجدوا لأنفسهم سبيل إلا إتباع هذا الأستاذ النبيل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم .
فتمسكوا بقيمة الوقت وندارة الوقت فيما ينفع الإنسان وأنتم تعرفون جميعاً هذه القيمة،وأوّل من رسّخها فى الكون هو النبى العدنان صلى الله عليه وسلّم، فجعل الله عزوجلّ الصلوات فى اوقات محددات ليُعلمنا قيمة الوقت، والمحافظة والحرص على الوقت :
﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ (النساء:103) وأمرنا الله عزوجلّ أن نستغلّ وقت الصلاة وبعدها فى عمل نافع للمرء فى نفسه وماله فى الدنيا أو فى عملٍ رافع فى الآخرة من ذكر لله أو تدّبر فى كتاب الله أو أىّ عمل فى برٍّ وخيرٍ لعباد الله حتى يكون وقته كله نافع له فى دنياه وفى أخراه
حتى أن النبى صلى الله عليه وسلّم بيّن للمسلمين أجمعين أن المسلم الذى يدخل الجنة يوم القيامة وقد تسامح مع نفسه فى بعض الأوقات فى الغفلات أو فى اللهو أو فى اللعب فى الدنيا حتى ولو دخل الجنة فإنه سيتحّسر على ذلك، فقال صلى الله عليه وسلّم :
( ليس يَتَحَسَّرُ أهلُ الجنَّةِ على شيءٍ إلَّا على ساعةٍ مرَّتْ بهم لم يذكروا اللهَ عزَّ وجلَّ فيها ) (ابن السنى والطبراني والبيهقي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه)
أسس النبى صلى الله عليه وسلّم أعمال المؤمنين فُراداً وجماعات، إن كان فى الزرعة أو فى الصناعة او في التجارة أو فى الجهاد على الإخلاص فى العمل، وعلى إتقان العمل :
( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً ان يتقنه )
وعلى نشر العدالة والمساواة بين الجميع وعلى عدم الغش فى قليل أو فى كثير،
بل كان صلوات ربّى وتسليماته عليه يذهب بنفسه ليردع الغشّاش ويقول لهم ولنا وللمسلمين أجمعين إلى يوم الدين :
( من غشّنا فليس منا ) (مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه )وفى رواية أخرى ( من غشّ أمتى فليس منا )
أخذوا هذه القيم فتقدمّوا ونهضوا فى علوم الدنيا وفى الحضارة
وفى المدنية واجتهدوا فيه.
والمسلمون الأن وقفوا عند باب العبادات
والمعاملات والأخلاق مشوا فيها على أهوائهم وجعلوا شرع ربهم خلف ظهورهم فكان الرجل يحج بيت الله الحرام بل ويعتمر أكثر من مرة فى العام ثم لا يتوّرع أن يغّش فى بيعه او فى كيله أو وزنه أو فى سعرة
أو فى صنعة ويظنّ أن ذلك لا يؤّثر على طاعته لعبادته لربه وعلى سلامة دينه عند الله عزوجلّ
وترى الصانع يُصلّى فى المسجد فى كل وقت ويظهر بمظهر التدين الشكلى التى نعرفها فى عصرنا فإذا أخذته ليكمل لك صنعة فى بيتك لا يؤديها بإتقان ولا يراقب فيها حضرة الرحمن، فبمجرّد ما ينتهى من العمل ويوّلى ظهره، تجد كل ما عمله يحتاج إلى نقده وعمله من جديد .
ماذا صنع المسلم لأخيه المسلم ؟
هل نستورد عُمّالاً كافرين ومشركين مٌتقنين للعمل يعملوا لدى المسلمين فى بلد كله مسلمين،
جعلوا خصاماً بين المعاملات والعبادات وإعتقدوا أن العبادات هى غاية الغايات وهى تحوى التشريعات يقول وهو بين يدى ربه فى كل ركعة من الركعات :
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) مثل من ؟ .. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ ( الفاتحة:7 ) والذين هم من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، ثم بعد السلام يكلّم رجلاً بجواره ويكذب فى الكلام، وهل الإسلام أباح الكذب يا مسلمين وقد كان صلى الله عليه وسلمّ يُرسّخ خلق الصدق لأن الله قال فى شأن هذه الأمة :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ (التوبة:119)
أمة الصادقين التى جعلت حضرة النبى ( عندما سُئل صلى الله عليه وسلم فيما أخرج الخرائطي عن عبد الله بن جراد، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هل يزني المؤمن؟ قال: قد يكون من ذلك، قال : يا رسول الله، هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يكون من ذلك، قال: يا نبي الله هل يكذب المؤمن؟ قال: لا، ثم أتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذه الكلمة: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون.
لايوجد مؤمن يكذب لا فى لهو ولا فى لعب فضلاً عن المعاملات بينه وبين إخوانه المسلمين أو إخوانه فى الإنسانية أجمعين .
المؤمن تراه فى البدء كأنه مَلكٌ وأعلى فإذا رأيت سلوكياته بعد أن يخرج من المسجد تعجب،
ماهذا وما ذاك ؟
هل هذا الذى كان يترنّم بالقرآن فى بيت الله ويُطيل فى السجود والركوع ويتظاهر بالخشوع لمولاه، أين سلوكه الذى حدده وبينه الله والذى وضّحه وزاده إيضاحاً سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ،
لابد لنا جماعة المؤمنين أن نأخذ الدين كله لا نأخذ جزءاً منه ونترك بقية الأجزاء .
إذا أردنا أن يكرمنا الكريم ويُعلى شأننا فى الدنيا ويُسعدنا فى يوم الدين، ولن يحلّ الله لنا مشكلاتنا بدعُائنا فقط وإنما بتراحمنا فيما بيننا، فإن خلق الرحمة يقول فيه النبى العدنان :
( الرحمون يرحمهم الرحمن إرحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء ) او كما قال : أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة .
الخطبة الثانية :
⚘الحمد لله رب العالمين الذى أغنانا بفضله وجوده وكرمه على الخلق أجمعين وجعل لنا فى كتابه منهجاً مبيناً لو إتبعناه لسعدنا فى حياتنا ولم يعد بيننا مشاكل أجمعين قال فيه عزّ شأنه :
﴿ ولو أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالارْضِ ﴾ ( الأعراف:96 )
⚘وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يُحب عباده المؤمنين أن يكونوا متخلقين بأخلاقه العلية عاملين بأوامره القرآنية متآسِّين فى كل أحوالهم بالحبيب الأكرم خير البرية صلى الله عليه وسلّم .
⚘وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الذى أعلا شأنه مولاه وكرّمه وحاباه وادناه حتى جعل طاعته من طاعة الله عزوجلّ فقال لنا أجمعين :
﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله ﴾ ( النساء:80 )
⚘اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هُداه ووفقنا جميعاً لعمل بسنته يا ألله وغيّر أحوالنا إلى الحال الذى تحبه وترضاه .
----- اما بعد ..-------
أيها الأخوة جماعة المؤمنين :
كان كل إهتمام الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلّم هو التركيز على سلوكيات المؤمنين مع بعضهم، واعلمهم أنها من أكبر النوافل والقربات،
فأنت يا أخى المسلم إذا مشيت فى حاجة لأخيك المسلم إبتغاء وجه الله فلك من الأجر ما يقول فيه حبيب الله ومصطفاه :
( من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين )(رواه الطبراني عن ابن عمر)
إذا قضيتَ ليلة فى الصُلح بين متخاصمين فهى خيرٌ فى الأجر والثواب ممن يقضى هذه الليلة فى تهجُد لله أو فى تلاوة كتاب الله
يقول الحبيب صلى الله عليه وسلّم :
ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلى .. قال إصلاح ذات البين . وفساد ذات البين هي الحالقة (رواه أحمد والترمذي وأبو داوود عن أبي الدرداء رضي الله)
فرّطنا فى هذه القيم الإيمانية، فرطنا فى صلة الأرحام، فرطنا فى المودّة والمحبّة بين إخواننا المسلمين، فرّطنا فى قضايا حوائج المسلمين طلباً لمرضاة الله، فرطنا فى جمع شمل إخواننا المسلمين فى الصُلح بينهم حتى يكونوا متآلفين متعاونينن وعشنا فى الدنيا وكأننا نمشى على أهواء انفسنا لا يحكمنا شرع ولا ترهبنا قوانين، وهذا هو الذى ضيّع وضيّق الحياة علينا جماعة المسلمين .... ثم الدعاء
وللمزيد من الخطب الدخول على موقع
فضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد