تنوع الابتلاء للرسل والأنبياء
يضرب لنا المثل تلو المثل بأنبيائه ورسله :وقد نوع عليهم ألوان البلاء حتى لا تظن أنك وحدك الذي أفردت بالبلاء فلك مثل وأسوة وقدوة في كل بلاء بعباد الله المرسلين والنبيين وليس الأتقياء فقط ،
فإذا أدخلت السجن ظلماً فإن يوسف دخل السجن ظلماً ،
وإذا حرمت من الأب والأم صغيراً بغير جريرة ولا سبب فإن رسول الله وكذلك يوسف قد حرما من الأب والأم بلا ذنب ولا جريرة ، وإذا تعرضت لجبارين فإن كل أنبياء الله تعرضوا لأعتى الجبابرة ، إبراهيم للنمروذ وموسى لفرعون ورسول الله لأبي جهل وقد قال فيه: فرعوني أشد علىَّ من فرعون أخي موسى عليه .
وإذا كنت قد حرمت من نعمة الولد فإن إبراهيم لم يحصل على الولد إلا عند الثمانين عاماً ، وبعد أن أعطاه الله مناه أمره أن يأخذه وأمه ويجعلهم في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا أنيس ولا ماء ، وبعد أن بلغ ريعان الشباب وأصبح يسر الناظرين أمره أن يذبحه حتى لا تبقى في قلبه شعبة لغير رب العالمين ، لكي لا ينشغل إلا بالله جل في علاه ،
وهنا سر آخر من أسرار البلاء أن الله يريد من العبد ألا ينشغل إلا بمولاه فإذا مال القلب لأي ناحية من الأنحاء سلط الله عليه البلاء ليرجع إلى الله ويقول :
يا رب ادفع عني هذا أو سهل لي هذا، فيرجع إلى الله فلا يرد العبد إلى مولاه إلا البلاء الذي يتعرض له في هذه الحياة .. لكن لو غطى بالنعيم:
{إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَ}(العلق)
وإذا كنت لم ترزق إلا بالبنات فإن نبي الله لوط لم يرزق إلا بالبنات ،
وحبيبنا صلى الله عليه وسلم لم يعش له من جملة أولاده إلا البنات ،
وإن كنت تقول الدنيا ومشاغلها تشغلني عن طاعة الله فما عذرك الذي تقدمه إلى الله إن أقام عليك الحجة وقال لك : أيهما كان أشغل أنت أم النبي الملك سليمان على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم السلام ، الذي سخر الله له الريح، وسخر الله له الجن وأتاه ملكا لم يأته أحداً من الأولين والآخرين ، ومع ذلك لم ينشغل عن الله طرفة عين .
وإن كانت تحدثك نفسك أنك مشغول بالعبادة فلا يجب أن تسعى لتحصيل القوت وعلى الخلق أن يعينوك ويكفونك القوت ، فقل لها وهل بلغت في العبادة مبلغ داود عليه السلام وقد قال في شأنه نبينا صلى الله عليه وسلم :
{ ما أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده }(1)
وإن زعمت أنك تيأس من رحمة الله لأنك لا تجد من يعينك في بلدتك على طاعة الله ولا تجد إخواناً فقد قال الله في شأن لوط:
{فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ}( 36 الزاريات}
ومع ذلك لم ينشغل عن عبادة الله لحظة أو أقل.
(1)صحيح البخاري
من كتاب أسرار خلة إبراهيم عليه السلام
لفضيلة الشيخ/فوزي محمد أبو زيد
يضرب لنا المثل تلو المثل بأنبيائه ورسله :وقد نوع عليهم ألوان البلاء حتى لا تظن أنك وحدك الذي أفردت بالبلاء فلك مثل وأسوة وقدوة في كل بلاء بعباد الله المرسلين والنبيين وليس الأتقياء فقط ،
فإذا أدخلت السجن ظلماً فإن يوسف دخل السجن ظلماً ،
وإذا حرمت من الأب والأم صغيراً بغير جريرة ولا سبب فإن رسول الله وكذلك يوسف قد حرما من الأب والأم بلا ذنب ولا جريرة ، وإذا تعرضت لجبارين فإن كل أنبياء الله تعرضوا لأعتى الجبابرة ، إبراهيم للنمروذ وموسى لفرعون ورسول الله لأبي جهل وقد قال فيه: فرعوني أشد علىَّ من فرعون أخي موسى عليه .
وإذا كنت قد حرمت من نعمة الولد فإن إبراهيم لم يحصل على الولد إلا عند الثمانين عاماً ، وبعد أن أعطاه الله مناه أمره أن يأخذه وأمه ويجعلهم في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا أنيس ولا ماء ، وبعد أن بلغ ريعان الشباب وأصبح يسر الناظرين أمره أن يذبحه حتى لا تبقى في قلبه شعبة لغير رب العالمين ، لكي لا ينشغل إلا بالله جل في علاه ،
وهنا سر آخر من أسرار البلاء أن الله يريد من العبد ألا ينشغل إلا بمولاه فإذا مال القلب لأي ناحية من الأنحاء سلط الله عليه البلاء ليرجع إلى الله ويقول :
يا رب ادفع عني هذا أو سهل لي هذا، فيرجع إلى الله فلا يرد العبد إلى مولاه إلا البلاء الذي يتعرض له في هذه الحياة .. لكن لو غطى بالنعيم:
{إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَ}(العلق)
وإذا كنت لم ترزق إلا بالبنات فإن نبي الله لوط لم يرزق إلا بالبنات ،
وحبيبنا صلى الله عليه وسلم لم يعش له من جملة أولاده إلا البنات ،
وإن كنت تقول الدنيا ومشاغلها تشغلني عن طاعة الله فما عذرك الذي تقدمه إلى الله إن أقام عليك الحجة وقال لك : أيهما كان أشغل أنت أم النبي الملك سليمان على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم السلام ، الذي سخر الله له الريح، وسخر الله له الجن وأتاه ملكا لم يأته أحداً من الأولين والآخرين ، ومع ذلك لم ينشغل عن الله طرفة عين .
وإن كانت تحدثك نفسك أنك مشغول بالعبادة فلا يجب أن تسعى لتحصيل القوت وعلى الخلق أن يعينوك ويكفونك القوت ، فقل لها وهل بلغت في العبادة مبلغ داود عليه السلام وقد قال في شأنه نبينا صلى الله عليه وسلم :
{ ما أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده }(1)
وإن زعمت أنك تيأس من رحمة الله لأنك لا تجد من يعينك في بلدتك على طاعة الله ولا تجد إخواناً فقد قال الله في شأن لوط:
{فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ}( 36 الزاريات}
ومع ذلك لم ينشغل عن عبادة الله لحظة أو أقل.
(1)صحيح البخاري
من كتاب أسرار خلة إبراهيم عليه السلام
لفضيلة الشيخ/فوزي محمد أبو زيد