الأخذ بالأسباب في
الهجرة النبوية
خطبة الجمعة
لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
الحمد لله الذي أعزَّ حبيبه ومصطفاه ولحَظَهُ بعين عنايته، وسخَّر له جميع الأكوان ، وجعله فاتحاً خاتماً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العزيز الحكيم، العليُّ العليم، المُنزَّهُ في ملكه وملكوته عن الحادث والقديم.
وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، قَلْبُهُ بباب مولاه مُقيم، وفؤادُهٌ متعلق بِشُهُودِ وَجْهِهِ ونورِهِ العظيم.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ الله، الذي ألَّف الله به بين القلوب، وأزال به الإحن والأضغان بَيْنَ النفوس، وبيَّنَ به الطريق المستقيم الموصل إلى رياض الفردوس.
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وكل من انتمى إليه وسار على هديه، إلى يوم الدين.
أما بعد
ونحن في أيام هجره النبي صلى الله عليه وسلم ينظر كثير من المسلمين إلى احوال المسلمين المعاصرين فيتعجبون وبعضهم يسخرون ويستهزئون من حال المسلمين اليوم بين الكافرين والمشركين.
ولو نظرنا الى درس واحد من دروس الهجرة لسيد الاولين والاخرين لكنا اكرم الأمم في الدنيا واسعدها يوم الدين كما وعدنا رب العالمين وقال لنا عز شانه في قرانه الكريم
"لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (21 الأحزاب)
قبل الهجرة بقليل كان الاسراء والمعراج وفيه ذهب النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى بيت المقدس راكبا البراق وصعد الى السماوات العلى' راكبا المعراج وكما اخبر صلى الله عليه وسلم :
"هل تَدْرونَ ما هذه الَّتي فوقَكم؟ فقالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: فإنَّها الرَّفيعُ: سقفٌ محفوظٌ، وموجٌ مكفوفٌ، هل تدرونَ كم بينَكم وبينَها؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال فإنَّ بينَكم وبينَها مسيرةَ خَمسِ مِئةِ عامٍ، وبينَها وبينَ السَّماءِ الأخرى مِثلُ ذلكَ، حتَّى عَدَّ سبعَ سمواتٍ، وغِلَظُ كلِّ سماءٍ مسيرةُ خَمسِ مِئةِ عامٍ، ثمَّ قال: هل تدرونَ ما فوقَ ذلك؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: فإنَّ فوقَ ذلك العرشُ، وبينَه وبينَ السَّماءِ السابعةِ مسيرةُ خَمسِ مِئةِ عامٍ" (البيهقي عن ابي هريرة رضي الله عنه)
فقطع كل هذه المسافات ودخل جنات وشاهد فيها ما اعده الله للصالحين والصالحات ورأى ما اعده الله في النار للفجار ثم صعد الى حيث قاب قوسين أو أدنى حيث قال له الله
" فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ" (10 النجم)
ثم نزل الى الارض وفراشه لم يبرد بعد كل هذه الرحلة لم تستغرق سوى لحظات معدودة.
اذاً إذا اراد الهجرة من مكة الى المدينة لماذا لم يأخذ بهذه الوسائل ولماذا لم يطوي له الارض كما امرها الله له ويضع قدما في المدينة وهو في مكة ويقطع المسافة كلها في خطوه واحده وكان ذلك بإمكانه صلى الله عليه وسلم بتسخير الله عز وجل له فان الله أمر جبريل ان يقول له يا محمد الارض طوع امرك أمرها ان تقبض على سراقه عندما لحق به فقبضت عليه وعلى اقدام فرسه فاستغاث بحضرته فقال لها دعيه وتكرر ذاك الامر ثلاث مرات لأن الارض كانت طوع امره بإذن من ربها تبارك وتعالى
**************
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم اراد أن يعلم أهل ملته اجمعين أن النجاح في أي امر أو أي عمل قرين بالتخطيط السليم كالسيد السند العظيم صلى الله عليه وسلم
فمن اراد النجاح لأولاده لابد من وضع خطه سديدة يشتركون فيها معا
ومن اراد الفلاح في حياته لابد أن يضع خطه تطابق شرع الله لا يستحل فيها الحرمات ولا يتناول فيها الممنوعات وتكون مطابقه لكتاب الله وسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدخل في قول الله جل في علاه:
" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (97 النحل )
إن عدم التخطيط السليم هو الذي تسبب في المعاناة التي يعانيها المسلمون إن كانت في بيوتهم أو مع زوجاتهم أو مع اولادهم أو في اجسامهم أو في أي شيء في حياتهم.
لأن المؤمن يجب عليه أن يخطط ويدبر. لأن الله عز وجل وهو العلي القدير دبر كل شيء واحسن تدبيره مع أنه إذا قال لشيء كن فيكون
لكنه سبحانه اقام الوجود كله على الأسباب والأسباب تقتضي التدبير المحكم من جماهير المسلمين كسيد الاولين والاخرين صلى الله عليه وسلم
لما اراد أن يخرج الى المدينة اخذ بأسباب النجاة .
كيف كان أخذه بالأسباب صلى الله عليه وسلم؟
جعل اول الأمر أمره في الكتمان فلم يخبر به احدا حتى اقرب الناس اليه الا الذين لهم دور في هذه الرحلة المباركة ولم يخبرهم قبلها بكثير ولكن في وقتها
فقد ذهب الى أبي بكر رضي الله عنه وكان كلما اراد أبو بكر أن يهاجر الى المدينة يقول له انتظر لعل الله يجعل لك صاحبا ولم يذكر هذا الصاحب
ذهب اليه في وقت لم يكن يذهب اليه في ذاك الوقت واخبره بانه سيخرج من بيته في هذه الليلة.
واستدعى علي بن أبي طالب في وقتها وكان ربيبه في بيته وقال هاك أمانات الناس فلا تخرج حتى تؤديها ولا تؤديها إلا بعد ثلاث أي بعد أن يطمئن في مسيرته صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة
ولم يتجه باتجاه المدينة فعما على الكفار واتجه تجاه اليمن. المدينة في الشمال واليمن في الجنوب
اتجه الى اليمن حيث لا يفكر احدا من عتاة الكفار أنه سيهاجر إلى اليمن لأنهم يعلمون أن اصحابه سبقوه الى المدينة المنورة
واختبا في الغار ثلاثة ايام
ودبر خطه محكمه لهذه الايام
أن يجلس عبد الله بن ابي بكر في البيت الحرام طوال النهار يتسمع الأخبار من الكفار
وأسماء بنت أبي بكر تجهز الطعام ويمشيان معا
وحتى لا يظهر أثر اقدامهم يمشي خلفهما راعي غنم أبي بكر عبد الله بن فهيره بغنمه فلا يظهر أثر اقدامهم للكفار
فيذهبون الى الغار بالطعام الذي تحمله أسماء ويتعرف اخبار القوم من عبد الله بن أبي بكر حتى لا يعرف احدا طريقه ولا سبيله
واستأجر رجلا خبير بالطريق وإن كان غير مسلم لكنه كان أمين في عمله واعطاه راحلتين وأمره ألا يأتي الا بعد ثلاث
وبعد أن بحث الكفار في كل طريق وبعد أن يئسوا من البحث عنه اخذ طريقا غير معتاد غير الطريق الذي يمشي فيه عامه الناس فسلك طريقا بجوار البحر حتى لا يعرف القوم خبرهم ولا يلحقون بهم
تخطيط محكم وتدبر وأخذ بكل اسباب النجاح من سيد البشر صلى الله عليه وسلم
حتى نتعلم جميعا ألا نعمل عملا إلا بعد حسن التخطيط والبركة في التخطيط السليم والبركة في التخطيط الذي على سنه النبي الرشيد صلى الله عليه وسلم
قال صلى الله عليه وسلم:
"إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي" (رواه الحاكم والبيهقي وغيرهم عن ابي هريرة رضي الله عنه)
او كما قال ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابه
***** الخطبة الثانية *****
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي اختار لنا الإسلام ديناً، والقرآن كتاباً، وسيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الحكيم.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُهُ ورسوله الرؤوف الرحيم.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، لسان الكمال والصدق، النَّبِيِّ الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وعلينا معهم أجمعين يا ربَّ العالمين.
أما بعد
إخواني وأحبابي:
ليست البركة في ترك التخطيط وترك الاسباب وترك الأمور تمشي بعشوائية كما نرى في معظم المسلمين الأن فانهم يمشون بعشوائية لا تناسب ما أمرهم به رب البريه تبارك وتعالى
يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الامور الذي يجريها المسلم لابد أن تكون على تخطيط دقيق
فاذا رأيت بعد الطلاب يترك الاستذكار ولا يستعد ولا يأخذ بالأسباب ويقول كما يقول البعض اتركها على الله إذا كان الله كتب لي النجاح سوف انجح بدون شيء وإن لم يكتب لي النجاح فلن انجح مهما عملت ليس هذا قول المسلمين هذا قول يقول فيه رب العالمين
"شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ" (112 الأنعام )
يعلمنا صلى الله عليه وسلم كيف التوكل على الله فيقول:
{ اعقلها وتوكّل } (الترمذي عن أنس رضي الله عنه).
أي دبّر أمرك خير تدبير، وأحسن غاية الإحسان، وضع خطة محكمة، ثم بعد ذلك توكل على الله، واضرع إلي الله، واستعن بالله، وأسند ظهرك إلي الله، تكون بذلك قد اتّبَعت سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
من فعل ذلك من الأمة كان معه نصر الله في كل أموره، وكان معه تأييد الله في كل أحواله، وكان معه عناية الله في كل مواقفه، كما كانت عناية الله ونصرته مع حضرة النَّبِيِّ
بهر النبي صلى الله عليه وسلم العالم اجمع بحسن تخطيطه ليس في الهجرة وحدها ولكن في الغزوات وفي تبليغ دعوه الله وفي القضاء على المشاكل الاقتصادية في المدينة المنورة بعد هجره المهاجرين إليها وقله ذات اليد عند الانصار اصحاب الدار وغيرها من المشكلات فليكن لنا في حياته صلى الله عليه وسلم نبراس
🤲نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينظر إلينا نظر عطفٍ وحنان، وأن يُبدّل أحوالنا، ويُغير أخلاقنا ويرزقنا الهُدى والتُقى والعفاف والغني، وأن يجعلنا لخير المرسلين من خيار المتبعين، ويجعلنا أن نتأسى به في كل وقتٍ وحين، وأن يجعلنا بشريعته عز وجلّ عاملين وبسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم آخذين ....
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب متابعة
صفحة الخطب الإلهامية
أو
الدخول على موقع فضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد
الهجرة النبوية
خطبة الجمعة
لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد
الحمد لله الذي أعزَّ حبيبه ومصطفاه ولحَظَهُ بعين عنايته، وسخَّر له جميع الأكوان ، وجعله فاتحاً خاتماً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العزيز الحكيم، العليُّ العليم، المُنزَّهُ في ملكه وملكوته عن الحادث والقديم.
وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، قَلْبُهُ بباب مولاه مُقيم، وفؤادُهٌ متعلق بِشُهُودِ وَجْهِهِ ونورِهِ العظيم.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ الله، الذي ألَّف الله به بين القلوب، وأزال به الإحن والأضغان بَيْنَ النفوس، وبيَّنَ به الطريق المستقيم الموصل إلى رياض الفردوس.
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وكل من انتمى إليه وسار على هديه، إلى يوم الدين.
أما بعد
ونحن في أيام هجره النبي صلى الله عليه وسلم ينظر كثير من المسلمين إلى احوال المسلمين المعاصرين فيتعجبون وبعضهم يسخرون ويستهزئون من حال المسلمين اليوم بين الكافرين والمشركين.
ولو نظرنا الى درس واحد من دروس الهجرة لسيد الاولين والاخرين لكنا اكرم الأمم في الدنيا واسعدها يوم الدين كما وعدنا رب العالمين وقال لنا عز شانه في قرانه الكريم
"لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (21 الأحزاب)
قبل الهجرة بقليل كان الاسراء والمعراج وفيه ذهب النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى بيت المقدس راكبا البراق وصعد الى السماوات العلى' راكبا المعراج وكما اخبر صلى الله عليه وسلم :
"هل تَدْرونَ ما هذه الَّتي فوقَكم؟ فقالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: فإنَّها الرَّفيعُ: سقفٌ محفوظٌ، وموجٌ مكفوفٌ، هل تدرونَ كم بينَكم وبينَها؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال فإنَّ بينَكم وبينَها مسيرةَ خَمسِ مِئةِ عامٍ، وبينَها وبينَ السَّماءِ الأخرى مِثلُ ذلكَ، حتَّى عَدَّ سبعَ سمواتٍ، وغِلَظُ كلِّ سماءٍ مسيرةُ خَمسِ مِئةِ عامٍ، ثمَّ قال: هل تدرونَ ما فوقَ ذلك؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: فإنَّ فوقَ ذلك العرشُ، وبينَه وبينَ السَّماءِ السابعةِ مسيرةُ خَمسِ مِئةِ عامٍ" (البيهقي عن ابي هريرة رضي الله عنه)
فقطع كل هذه المسافات ودخل جنات وشاهد فيها ما اعده الله للصالحين والصالحات ورأى ما اعده الله في النار للفجار ثم صعد الى حيث قاب قوسين أو أدنى حيث قال له الله
" فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ" (10 النجم)
ثم نزل الى الارض وفراشه لم يبرد بعد كل هذه الرحلة لم تستغرق سوى لحظات معدودة.
اذاً إذا اراد الهجرة من مكة الى المدينة لماذا لم يأخذ بهذه الوسائل ولماذا لم يطوي له الارض كما امرها الله له ويضع قدما في المدينة وهو في مكة ويقطع المسافة كلها في خطوه واحده وكان ذلك بإمكانه صلى الله عليه وسلم بتسخير الله عز وجل له فان الله أمر جبريل ان يقول له يا محمد الارض طوع امرك أمرها ان تقبض على سراقه عندما لحق به فقبضت عليه وعلى اقدام فرسه فاستغاث بحضرته فقال لها دعيه وتكرر ذاك الامر ثلاث مرات لأن الارض كانت طوع امره بإذن من ربها تبارك وتعالى
**************
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم اراد أن يعلم أهل ملته اجمعين أن النجاح في أي امر أو أي عمل قرين بالتخطيط السليم كالسيد السند العظيم صلى الله عليه وسلم
فمن اراد النجاح لأولاده لابد من وضع خطه سديدة يشتركون فيها معا
ومن اراد الفلاح في حياته لابد أن يضع خطه تطابق شرع الله لا يستحل فيها الحرمات ولا يتناول فيها الممنوعات وتكون مطابقه لكتاب الله وسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدخل في قول الله جل في علاه:
" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (97 النحل )
إن عدم التخطيط السليم هو الذي تسبب في المعاناة التي يعانيها المسلمون إن كانت في بيوتهم أو مع زوجاتهم أو مع اولادهم أو في اجسامهم أو في أي شيء في حياتهم.
لأن المؤمن يجب عليه أن يخطط ويدبر. لأن الله عز وجل وهو العلي القدير دبر كل شيء واحسن تدبيره مع أنه إذا قال لشيء كن فيكون
لكنه سبحانه اقام الوجود كله على الأسباب والأسباب تقتضي التدبير المحكم من جماهير المسلمين كسيد الاولين والاخرين صلى الله عليه وسلم
لما اراد أن يخرج الى المدينة اخذ بأسباب النجاة .
كيف كان أخذه بالأسباب صلى الله عليه وسلم؟
جعل اول الأمر أمره في الكتمان فلم يخبر به احدا حتى اقرب الناس اليه الا الذين لهم دور في هذه الرحلة المباركة ولم يخبرهم قبلها بكثير ولكن في وقتها
فقد ذهب الى أبي بكر رضي الله عنه وكان كلما اراد أبو بكر أن يهاجر الى المدينة يقول له انتظر لعل الله يجعل لك صاحبا ولم يذكر هذا الصاحب
ذهب اليه في وقت لم يكن يذهب اليه في ذاك الوقت واخبره بانه سيخرج من بيته في هذه الليلة.
واستدعى علي بن أبي طالب في وقتها وكان ربيبه في بيته وقال هاك أمانات الناس فلا تخرج حتى تؤديها ولا تؤديها إلا بعد ثلاث أي بعد أن يطمئن في مسيرته صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة
ولم يتجه باتجاه المدينة فعما على الكفار واتجه تجاه اليمن. المدينة في الشمال واليمن في الجنوب
اتجه الى اليمن حيث لا يفكر احدا من عتاة الكفار أنه سيهاجر إلى اليمن لأنهم يعلمون أن اصحابه سبقوه الى المدينة المنورة
واختبا في الغار ثلاثة ايام
ودبر خطه محكمه لهذه الايام
أن يجلس عبد الله بن ابي بكر في البيت الحرام طوال النهار يتسمع الأخبار من الكفار
وأسماء بنت أبي بكر تجهز الطعام ويمشيان معا
وحتى لا يظهر أثر اقدامهم يمشي خلفهما راعي غنم أبي بكر عبد الله بن فهيره بغنمه فلا يظهر أثر اقدامهم للكفار
فيذهبون الى الغار بالطعام الذي تحمله أسماء ويتعرف اخبار القوم من عبد الله بن أبي بكر حتى لا يعرف احدا طريقه ولا سبيله
واستأجر رجلا خبير بالطريق وإن كان غير مسلم لكنه كان أمين في عمله واعطاه راحلتين وأمره ألا يأتي الا بعد ثلاث
وبعد أن بحث الكفار في كل طريق وبعد أن يئسوا من البحث عنه اخذ طريقا غير معتاد غير الطريق الذي يمشي فيه عامه الناس فسلك طريقا بجوار البحر حتى لا يعرف القوم خبرهم ولا يلحقون بهم
تخطيط محكم وتدبر وأخذ بكل اسباب النجاح من سيد البشر صلى الله عليه وسلم
حتى نتعلم جميعا ألا نعمل عملا إلا بعد حسن التخطيط والبركة في التخطيط السليم والبركة في التخطيط الذي على سنه النبي الرشيد صلى الله عليه وسلم
قال صلى الله عليه وسلم:
"إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي" (رواه الحاكم والبيهقي وغيرهم عن ابي هريرة رضي الله عنه)
او كما قال ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابه
***** الخطبة الثانية *****
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي اختار لنا الإسلام ديناً، والقرآن كتاباً، وسيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الحكيم.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُهُ ورسوله الرؤوف الرحيم.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، لسان الكمال والصدق، النَّبِيِّ الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وعلينا معهم أجمعين يا ربَّ العالمين.
أما بعد
إخواني وأحبابي:
ليست البركة في ترك التخطيط وترك الاسباب وترك الأمور تمشي بعشوائية كما نرى في معظم المسلمين الأن فانهم يمشون بعشوائية لا تناسب ما أمرهم به رب البريه تبارك وتعالى
يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الامور الذي يجريها المسلم لابد أن تكون على تخطيط دقيق
فاذا رأيت بعد الطلاب يترك الاستذكار ولا يستعد ولا يأخذ بالأسباب ويقول كما يقول البعض اتركها على الله إذا كان الله كتب لي النجاح سوف انجح بدون شيء وإن لم يكتب لي النجاح فلن انجح مهما عملت ليس هذا قول المسلمين هذا قول يقول فيه رب العالمين
"شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ" (112 الأنعام )
يعلمنا صلى الله عليه وسلم كيف التوكل على الله فيقول:
{ اعقلها وتوكّل } (الترمذي عن أنس رضي الله عنه).
أي دبّر أمرك خير تدبير، وأحسن غاية الإحسان، وضع خطة محكمة، ثم بعد ذلك توكل على الله، واضرع إلي الله، واستعن بالله، وأسند ظهرك إلي الله، تكون بذلك قد اتّبَعت سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
من فعل ذلك من الأمة كان معه نصر الله في كل أموره، وكان معه تأييد الله في كل أحواله، وكان معه عناية الله في كل مواقفه، كما كانت عناية الله ونصرته مع حضرة النَّبِيِّ
بهر النبي صلى الله عليه وسلم العالم اجمع بحسن تخطيطه ليس في الهجرة وحدها ولكن في الغزوات وفي تبليغ دعوه الله وفي القضاء على المشاكل الاقتصادية في المدينة المنورة بعد هجره المهاجرين إليها وقله ذات اليد عند الانصار اصحاب الدار وغيرها من المشكلات فليكن لنا في حياته صلى الله عليه وسلم نبراس
🤲نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينظر إلينا نظر عطفٍ وحنان، وأن يُبدّل أحوالنا، ويُغير أخلاقنا ويرزقنا الهُدى والتُقى والعفاف والغني، وأن يجعلنا لخير المرسلين من خيار المتبعين، ويجعلنا أن نتأسى به في كل وقتٍ وحين، وأن يجعلنا بشريعته عز وجلّ عاملين وبسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم آخذين ....
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب متابعة
صفحة الخطب الإلهامية
أو
الدخول على موقع فضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد