اتقان العبادة واتقان العمل

 ·
اتقان العبادة واتقان العمل
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ
فوزي محمد ابوزيد

الحمد لله رب العالمين خلق الخلق وهو اعلم بهم، وبين في كتابه وعلى لسان نبيه ما يصلح به شئونهم، ويجعل به أحوالهم في الدنيا في سعادة وارفة وفى الآخرة في جنة عالية قطوفها دانية،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهٌ تعالى في كبريائه وسما في علوه وبهائه ، وتولىّ بولايته وحفظه وصيانته الصالحين والمتقين من أوليائه .
واشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله أقام الله عز وجلّ به الملة العوجاء، وأخرج به الأمة من ظلمات الجاهلية والعصبية إلى نور كتاب الله وإلى العمل النافع في الدنيا والرافع يوم لقاء الله،
اللهم صل وسلمّ وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هداه ووفقنا جميعا للأخذ بسنته والعمل بشريعته يا الله نحن وإخواننا المسلمين اجمعين ..
🤲آمين آمين يا رب العالمين 🤲
وبعد
فيا أيها الأخوة جماعة المؤمنين :
آية واحدة في كتاب الله تجد فيها حلا لكل مشكلات المجتمع
ومبدأ من أهم مبادئ الإسلام قال لنا فيها الله سبحانه وتعالى:
"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (105 التوبة)
" وَقُلِ اعْمَلُوا.....
لله أو للآخرة أو للدنيا ولاحظ !!
فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ"
إن الذي يطلع عليك ويراك هو الله والذي يحاسبك على كل فعل أو صنيع إن كان لنفسك أو لغيرك هو الله فالمؤمن يعمل دائما وفي داخل قلبه قول الله :
"أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ" (العلق 14)
يعلم ان الله يراه فإذا علم ان الله يراه يحسن العمل الذي كلفه به مولاه
الله عزَّ وجلَّ جعل شرط قبول هذه الأعمال عند حضرته أن تتحقق النتائج الطيبة والآثار الملموسة بعد أداء هذه العبادات في المجتمعات بين خلق الله الذين أتعايش بينهم.
فإذا صليت لله عزَّ وجلَّ، ما علامة قبول الصلاة واتقانها ؟
يقول لنا فيها الله:
"إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ" [45العنكبوت]
إذا انتهى المصلي - قبل وبعد الصلاة - عن جميع الفحشاء، وعن فعل المنكرات، وعن الإساءة للمسلمين والمسلمات، كان هذا دليلاً على أن الله تقبَّل عمله، وادى هذا العمل بإتقان لله
أما الزكاة فقد قال فيها الله:
"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا" [103التوبة].
فهي طهرة للقلب، وطهرة للنفس، فالعبادات تُطهِّر باطن الإنسان، فيتعلق بالقيم القرآنية، والأخلاق المحمدية، فيحرص على ودِّ إخوانه، ويحرص على صلة أرحامه، ويحرص على برِّ أبويه، ويحرص على منفعة جميع المؤمنين، لأنه يريد رضاء ربِّ العالمين عزَّ وجلَّ.
وجعل فريضة الزكاة .. فيها فرض فرضه الله للفقراء والمساكين - لم يجعله صدقة تطوعية متروكة للأريحية، لأن الإنسان طبيعته البخل في الإنفاق، لكنه جعله فريضة وحق يحاسبه عليه مولاه - أن يُعطي نصيباً مما أفاء عليه مولاه للفقراء والمساكين، ويعلم علم اليقين أن هذا حقُّهم، فلا يَمُنُّ عليهم بالإعطاء، ولا يُجرح وجوههم بالمعايرة بأنه قدَّم لهم شيئاً، لأن هذا حقُّهم قد أخذوه، والذي فرض الحق هو رب العالمين عزَّ وجلَّ
والصيام  كذاك... سُئل نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام: لِمَ تصوم وأنت على خزائن الأرض؟
قال: (حتى لا أنسى الجائع).
أمرنا الله أن نصوم لنجوع فنحس بإخواننا الجائعين، ونستشعر إخواننا الفقراء والمساكين، نسوق إليهم شيئاً من الخير الذي وكَّلنا بإنفاقه ربُّ العالمين ،
والمال مال الله، والعبيد عبيد الله، والذي يُنفق يعمل بقول الله: "وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ" [7الحديد].
فتتم المشاركة بين المؤمنين!!
حتى أن النبيَّ جعل مَنْ لا يشعر بأخيه الجائع إيمانه غير تام!!
فقال عليه أفضل الصلاة وأتم السلام:
"لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ وَجَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ" (البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنها).
وجعل الحج مؤتمراً عاماً لتعارف المؤمنين في كل القارات والأقطار، وجعل أساس هذا الاجتماع العام صفاء النيَّة، وإخلاص الطويَّة، وخلاص القلب من جميع الأمراض والأحقاد والأحساد الدنيوية، حتى يكون المؤمنون على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وألسنتهم كأنهم رَجُلٌ واحد،
فقال للحُجاج المسافرين:
"فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ" [197البقرة].
منعهم عن الحديث عن النساء أو مع النساء بالكلية، وعن جميع المعاصي الظاهرة والباطنة، حتى أنه لا يحاسب على الهمِّ بالمعصية إلاَّ في البيت الحرام، إذا همَّ الإنسان هناك بمعصية حوسب عليها:
"وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" [25الحج]
ونهى عن الجدال لأنه يثير الشحناء، ويؤجج البغضاء، ويجعل الأخوة متنافرين بعد أن كانوا متآلفين.فكل الاعمال التي كلفنا بها الواحد المتعال سبحانه وتعالي لا بد للإنسان من اتقانها لأن الله سبحانه وتعالى يقول
"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (105 التوبة)
وانت تعلم ان عملك سيعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم
"حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم، تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم" (رواه البزار عن ابن مسعود رضي الله عنه)
فكيف بك يا اخي إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ملفك مالا يسر الخاطر والبال
"وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (التوبة 105)
يرجع الإنسان بعد ذلك الى الله ويحاسبه على ما قدم في الدنيا
إذن المؤمن إذا عمل أي عمل لابد أن ينتبه كما علمنا ربنا في القرآن أن الله يطلع عليه ويراه، ويعلم ظاهره وخفاياه، فلو جمَّل ظاهره للناس والنية غير خالصة للناس، فربنا يراه:
يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى" (7طه)"
يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ" (19غافر).
والنبي سيُعرض عليه العمل،
والمؤمنين الذين يشهدون عند الله سيطلعون ويرون هذا العمل.
هذا المشهد لو أننا جماعة المؤمنين استحضرناه في كل عمل،
فهل يوجد واحد منا يُقصِّر في عمل؟
وهل يوجد واحد منها يعمل عملاً يُغضب الله؟
ولذا أحْسِن القيام بكل عمل يوكل اليك إن كان لنفسك أو لأهل بيتك أو لغيرك فالمؤمن كلفه الله أن يحسن ويتقن أي عمل واخبره الله عز وجل ان هذا العمل الذي يتقنه لن يضيع له اجره ولم يحرم ثوابه فقال سبحانه :
"إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلً" (الكهف 30)
لم يقل إنا لا نضيع اجر من عمل
وإنما قال من أحسن عملا
ايها المؤمنون يا ورثة القرآن ويا حملة لواء النبي العدنان
اعلموا علم اليقين
أنه لن يكون لهذه الأمة شأن في الأرض إلا إذا اتقنت الأعمال المكلفة بها فإذا اتقنا اعمالنا كنا كسلفنا الصالح
قال صلى الله عليه وسلم :
"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" (رواه الطبراني عن عائشة رضي الله عنها)
اوكما قال
🤲 ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة🤲
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الذى هدانا به إليه، وعرفنا به عليه، وأنزل لنا كتاباً هادياً جامعاً فيه كل ما يقربنا إليه
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد ان سيدنا محمداً عبد الله ورسوله النبي المختار الذى بعثه الله عز وجلّ فجعل الأمة التي هي .. كان أفرادها حفاة عراة جوعى لا يستظلون بظل ولا يسكنون في بيت ساسة العالم وامراء الوجود
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الغُرّ الميامين وصحابته الهادين المهديين وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد ..
فيا أيها الأخوة جماعة المؤمنين
كان احرص ما يحرص عليه نبينا صلى الله عليه وسلم تربية الأمة الإسلامية وافرادها على مراقبة الله وتقواه لأنها سر الخير في الدنيا وسبب الفلاح والنجاح يوم لقاء الله
اذا نسي الانسان في طرفة عين أو اقل أن الله مطلع عليه ويراه تلعب به النفس ويميل به الهوى فيفعل ما يغضب الله ويقع في معاصي الله لأنه وقع في غفلة قال فيها الله
"نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ" (الحشر 19)
أما المؤمن فهو يعمل في كل عمل ملاحظا ما جاء في الحديث
"أن تخشى الله كأنك تراه، فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك" (رواه مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه)
يعمل أي عمل على أنه مُشَاهد بقلبه عظمة الله وقدرة الله وتدبير الله
أو يعمل ويعلم أن الله مطلع على ظاهره وباطنه ويعلم ظاهره وخفاياه ويعلم كل ما تسول له به نفسه لأنه عز وجل رقيب علينا في كل احوالنا وتصرفاتنا ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث احبابه واخوانه على اتقان العمل
علينا معاشر المسلمين أن نربي على ذلك ابنائنا وبناتنا على اتقان أي عمل يسند اليهم فإن في ذلك فلاحهم ونجاحهم فيخرجون بعد ذلك قادة وسادة للعباد وللبلاد
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا صالح العمل والعمل الصالح وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه
🤲🤲ثم الدعاء🤲🤲
وللمزيد من الخطب
متابعة صفحة الخطب الإلهامية
—————أو —————
الدخول علي موقع فضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد