المؤمن له قلبٌ، يعني حقيقة باطنية فيها كل أسرار الحياة الإنسانية ؛وهي التي بها تتحرك الأجساد في عالم الأرض، وهذه فيها هذه الحقائق.
الحقيقة الإنسانية التي فينا كلنا جماعة المؤمنين قال الله فيها في القرآن للملائكة المقربين:{ فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ} (29-الحجر).
آدم عندما أراد الله أن يُظهره في الأكوان أمر الملائكة أن تنزل وتأتي له بتراب من الأرض ليُكوِّن منه ويصور آدم،
كما ورد بتفسير ابن كثير:
{ فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا، فَقَالَتِ الْأَرْضُ: إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَقْبِضَ مِنِّي أَوْ تَشِينَنِي فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ، وَقَالَ: رَبِّ مِنِّي عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتُهَا، فَبَعَثَ مِيكَائِيلُ، فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا، فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَبَعَثَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ، فَقَالَ: وَأَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أُنَفِّذْ أَمْرَهُ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَخَلَطَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ، فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفِينَ } "تفسير ابن كثير"
فأخذ من كل عناصر الأرض، وأخذها الله وخلقها بماء التسنيم، وصارت هيكلاً ولكن ليس فيه روح، جسم ليس فيه حركة ولا حياة، تمر عليه الملائكة صاعدة وهابطة، إلى أن قال لهم الله:{ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ } (30-البقرة) فقالت الملائكة:
{ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ } (30-البقرة) كيف يكون خليفة وليس فيه شيء أبداً؟ فقال لهم: { إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (البقرة) ثم أمرهم بالسجود له: {فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ} (29-الحجر).
السر ليس في الطين، لكن السر في نفخة رب العالمين!!
فهل سجدوا للطين أم لسرِّ رب العالين؟!!
سجدوا لسرِّ الله الذي وضعه الله في الإنسان.
فأرواحنا كلنا جماعة المؤمنين من أسرار رب العالمين ، وفيها سر الهداية؛ قطرة من نور سيد الأولين والآخرين ﷺ ،
قال ﷺ:
{ إِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ،
فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ } "جامع الترمذي"
سر الهداية، وسر العناية، وسر الإسلام، وسر حبنا للعمل بما يرضي الله، وسر غرامنا بكتاب الله، وسر شوقنا إلى أداء الحج والعمرة وزيارة سيدنا رسول الله .. كل هذه الطاعات والقربات سرها ما فينا من خميرة النور من سيدنا رسول الله ﷺ، ولذلك قال لنا الله في القرآن حتى لا نتوه:
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ } (7-الحجرات)
الرسول بداخلكم!!
ليس في الجسم ولكن في الحقيقة !!
فالنور الموجود والشعاع الموجود في فضاء القلب من نور النبي ﷺ.
فعندما يريد الإنسان أن يتصل قلبه بقلب رسول الله ﷺ ، ما الذي يحجبه؟ ... كل ما يحجب الإنسان عن الأنوار العلية، وعن الحضرات البهية هو ما تحصله هذه الجوارح في الهيكل الطيني من العوالم الأرضية.
طوال النهار العين تصور مناظر، أين تذهب هذه المناظر؟
إلى القلب!!
وكذلك الأذن تسجل كلام ومواقف، وعندما يُصلي الإنسان تشتغل هذه التسجيلات فيسهو عن الله وهو في الصلاة، فيتذكر المحادثة التي دارت بينه وبين فلان، والكلام الذي دار بينه وبين فلان، أو ينشغل وهو في الصلاة بمنظر رآه بعينه، فهل هذا سيرى شيء من نور الله أو جمال الله أو من إكرام الله تبارك في علاه؟ لا.
من الذي يرى؟
الذي يحافظ على هذه الكاميرات أنها لا تنظر إلا بأمر من يقول للشيء كن فيكون، وغير ذلك يقول لها: { قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ } (30-النور) ويمنع الأذن عن سماع ما لم يحله الله، وهذا الإنسان عندما ينام ؛
فإن الروح لا تجد شيئاً يقيدها ولا يحبسها، فتصعد إلى الملأ الأعلى، فيتهنَّى في المنام، ويقول: أنا رأيت هذه الليلة كذا وكذا، أو أنا رأيت أني في الجنة وقابلت فلان وفلان، أو رأيت أني في الملكوت الأعلى وكلمني فلان وفلان، أو ذهبت إلى الروضة الشريفة وظهر لي سيد الأولين والآخرين وألقيت عليه السلام، ورد علي السلام، ودار بيننا حديث وكلام،
️ لماذا هذا؟
لأنه فك القيود التي تحجبه عن هذه المشاهد العالية ...
وسخر الجوارح كلها لشريعة الله، والاقتداء برسول الله ﷺ .
والآخر الذي يترك عينه ترى ما تشاء، والأذن تسمع ما تشاء، فإن الروح تريد الصعود بعد أن ينام فتجد من يشدها ويجذبها ويجعلها في الأرض، فماذا يرى في المنام؟
تأتي له بالصور التي كان يعيش فيها طوال النهار، ... فما رآه بالنهار يراه في الليل، أو تأتي له بصور تخيفه، أو تأتي له بمناظر تزعجه، لماذا؟ لأن الروح مقيدة بالمناظر الأرضية الطينية، ... والسماع الذي لا يُرضي رب البرية، فلا تستطيع أن تتحرك!!
لكن إذا تحقق الصفاء:
تجذب الروح الهياكل
في الصفا أعلى المنازل
إن أداروا الراح صرفاً
أسكرت عالٍ وسافل
ولذلك أصحاب حضرة النبي لأنهم كانوا يعيشون في هذا الصفاء، كان ﷺ عندما ينتهي من السلام في صلاة الفجر يلتفت إليهم، ويقول لهم:
{ أَيُّكُمْ رَأَى اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟ }" مسند أحمد "
فيحكي كل واحد منهم مارآه في هذه الليلة في العوالم العلوية.
فبالله عليكم لو التفت إمام لمن خلفه بعد صلاة الفجر حتى ولو كان في البيت الحرام، وقال لهم: احكوا لي ما رأيتموه الليلة في المنام، فلن يحكوا شيئاً، لانهم لا يرون إلا المناظر الشهوانية التي تشغل عن القرب من ربِّ البرية تبارك وتعالى.
️من كتاب
( جواب العارفين على اسئلة الصادقين )
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبو زيد
الحقيقة الإنسانية التي فينا كلنا جماعة المؤمنين قال الله فيها في القرآن للملائكة المقربين:{ فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ} (29-الحجر).
آدم عندما أراد الله أن يُظهره في الأكوان أمر الملائكة أن تنزل وتأتي له بتراب من الأرض ليُكوِّن منه ويصور آدم،
كما ورد بتفسير ابن كثير:
{ فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا، فَقَالَتِ الْأَرْضُ: إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَقْبِضَ مِنِّي أَوْ تَشِينَنِي فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ، وَقَالَ: رَبِّ مِنِّي عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتُهَا، فَبَعَثَ مِيكَائِيلُ، فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا، فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَبَعَثَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ، فَقَالَ: وَأَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أُنَفِّذْ أَمْرَهُ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَخَلَطَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ، فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفِينَ } "تفسير ابن كثير"
فأخذ من كل عناصر الأرض، وأخذها الله وخلقها بماء التسنيم، وصارت هيكلاً ولكن ليس فيه روح، جسم ليس فيه حركة ولا حياة، تمر عليه الملائكة صاعدة وهابطة، إلى أن قال لهم الله:{ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ } (30-البقرة) فقالت الملائكة:
{ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ } (30-البقرة) كيف يكون خليفة وليس فيه شيء أبداً؟ فقال لهم: { إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (البقرة) ثم أمرهم بالسجود له: {فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ} (29-الحجر).
السر ليس في الطين، لكن السر في نفخة رب العالمين!!
فهل سجدوا للطين أم لسرِّ رب العالين؟!!
سجدوا لسرِّ الله الذي وضعه الله في الإنسان.
فأرواحنا كلنا جماعة المؤمنين من أسرار رب العالمين ، وفيها سر الهداية؛ قطرة من نور سيد الأولين والآخرين ﷺ ،
قال ﷺ:
{ إِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ،
فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ } "جامع الترمذي"
سر الهداية، وسر العناية، وسر الإسلام، وسر حبنا للعمل بما يرضي الله، وسر غرامنا بكتاب الله، وسر شوقنا إلى أداء الحج والعمرة وزيارة سيدنا رسول الله .. كل هذه الطاعات والقربات سرها ما فينا من خميرة النور من سيدنا رسول الله ﷺ، ولذلك قال لنا الله في القرآن حتى لا نتوه:
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ } (7-الحجرات)
الرسول بداخلكم!!
ليس في الجسم ولكن في الحقيقة !!
فالنور الموجود والشعاع الموجود في فضاء القلب من نور النبي ﷺ.
فعندما يريد الإنسان أن يتصل قلبه بقلب رسول الله ﷺ ، ما الذي يحجبه؟ ... كل ما يحجب الإنسان عن الأنوار العلية، وعن الحضرات البهية هو ما تحصله هذه الجوارح في الهيكل الطيني من العوالم الأرضية.
طوال النهار العين تصور مناظر، أين تذهب هذه المناظر؟
إلى القلب!!
وكذلك الأذن تسجل كلام ومواقف، وعندما يُصلي الإنسان تشتغل هذه التسجيلات فيسهو عن الله وهو في الصلاة، فيتذكر المحادثة التي دارت بينه وبين فلان، والكلام الذي دار بينه وبين فلان، أو ينشغل وهو في الصلاة بمنظر رآه بعينه، فهل هذا سيرى شيء من نور الله أو جمال الله أو من إكرام الله تبارك في علاه؟ لا.
من الذي يرى؟
الذي يحافظ على هذه الكاميرات أنها لا تنظر إلا بأمر من يقول للشيء كن فيكون، وغير ذلك يقول لها: { قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ } (30-النور) ويمنع الأذن عن سماع ما لم يحله الله، وهذا الإنسان عندما ينام ؛
فإن الروح لا تجد شيئاً يقيدها ولا يحبسها، فتصعد إلى الملأ الأعلى، فيتهنَّى في المنام، ويقول: أنا رأيت هذه الليلة كذا وكذا، أو أنا رأيت أني في الجنة وقابلت فلان وفلان، أو رأيت أني في الملكوت الأعلى وكلمني فلان وفلان، أو ذهبت إلى الروضة الشريفة وظهر لي سيد الأولين والآخرين وألقيت عليه السلام، ورد علي السلام، ودار بيننا حديث وكلام،
️ لماذا هذا؟
لأنه فك القيود التي تحجبه عن هذه المشاهد العالية ...
وسخر الجوارح كلها لشريعة الله، والاقتداء برسول الله ﷺ .
والآخر الذي يترك عينه ترى ما تشاء، والأذن تسمع ما تشاء، فإن الروح تريد الصعود بعد أن ينام فتجد من يشدها ويجذبها ويجعلها في الأرض، فماذا يرى في المنام؟
تأتي له بالصور التي كان يعيش فيها طوال النهار، ... فما رآه بالنهار يراه في الليل، أو تأتي له بصور تخيفه، أو تأتي له بمناظر تزعجه، لماذا؟ لأن الروح مقيدة بالمناظر الأرضية الطينية، ... والسماع الذي لا يُرضي رب البرية، فلا تستطيع أن تتحرك!!
لكن إذا تحقق الصفاء:
تجذب الروح الهياكل
في الصفا أعلى المنازل
إن أداروا الراح صرفاً
أسكرت عالٍ وسافل
ولذلك أصحاب حضرة النبي لأنهم كانوا يعيشون في هذا الصفاء، كان ﷺ عندما ينتهي من السلام في صلاة الفجر يلتفت إليهم، ويقول لهم:
{ أَيُّكُمْ رَأَى اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟ }" مسند أحمد "
فيحكي كل واحد منهم مارآه في هذه الليلة في العوالم العلوية.
فبالله عليكم لو التفت إمام لمن خلفه بعد صلاة الفجر حتى ولو كان في البيت الحرام، وقال لهم: احكوا لي ما رأيتموه الليلة في المنام، فلن يحكوا شيئاً، لانهم لا يرون إلا المناظر الشهوانية التي تشغل عن القرب من ربِّ البرية تبارك وتعالى.
️من كتاب
( جواب العارفين على اسئلة الصادقين )
لفضيلة الشيخ / فوزي محمد أبو زيد